أشرف بدر تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربى، بعدم إدراج ملف الإرهاب الذى يضرب العمق العربى كل ثانية فى مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن وتونس والبحرين ولبنان - على جدول أعمال القمة العربية بالكويت يومى 25 و26 من الشهر الجاري - يؤكد أن الجامعة العربية مصرة على تمييع حقائق الموقف الإستراتيجى والجيوإستراتيجى العربى والإقليمى، واستمرار حالة الانكفاء، وتهميش دورها عربيا ودوليا. كما أنها بإغفالها - عمدا - عدم تأصيل هذا الموضوع الحيوى والخطير، حتى ولو كان من اختصاص مجلسى وزراء العدل والداخلية العرب باعتبارهما الجهتين المعنيتين لمتابعة تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة من قبلهما عام 1998، يعطى انطباعا بأن النظام العربى عاجز عن تطوير آليات العمل الجماعى، وأنه مجرد نظام فضاءً لعبث العابثين، وأداة فى أيدى من ليست لديهم القدرة على تحمل المسئولية، فى ظل ما يحاك من مخططات لإعادة رسم ملامح ما يطلق عليه شرق أوسط جديد، ويؤكد أيضا تجاهل الحيرة المكتومة أمام التحدى الصهيونى الجارف الذى يمهد لتصفية القضية المركزية للعالم العربى والإسلامى وهى "القضية الفلسطينية". ولا شك أن قمة الكويت فى حال انعقادها ستكون مهمة ومفصلية، وتحتاج إلى مصارحة ومكاشفة، وقراءة أوراق الغد العربى بشفافية ونية صادقة وصريحة، وكفانا انعزالا وفرقة واختلافا، وأنه آن أوان توحيد المواقف إزاء مهددات الأمن القومى العربى فى هذه المرحلة الشائكة من تاريخنا، والمتغيرات التى تعصف بالمشهد من حولنا، بما فى ذلك التحولات غير المكتملة التى أتى بها الربيع العربى، خصوصا فى سوريا التى مازالت تئن تحت نظام «علوى فاشى» يزعم أنه يقتل ليثأر للإسلام وللحسين بن على رضى الله عنهما. ومن أسف أن يجد من يصدقه من الجهلة ب «الدين والتاريخ» فماذا حدث لأفغانستان التى كانت مسرحا للسلام، وبغداد عاصمة الخلافة الإسلامية ومنارة العلم والمعرفة، ودمشق مهد الحضارات على أيدى صعاليك الجهاد المزيف؟ إننا لم نعد ندرى أى حرب دائرة بين الجماعات الإرهابية فى سوريا.. هل هى حرب نفوذ وسلطة وسيطرة، أم حرب عقائد وتكفير وإمارة وخلافة ؟ أم حرب نكاح واغتصاب ولواط؟!! لا يتصور أحد ما يجرى بالتحديد بين هذه الجماعات، فكل شىء مباح لديهم، وليس أى طرف أكثر رحمة ورأفة ولديه دين أكثر من الآخر.. كلهم «تكفيريون» .. كلهم «إرهابيون».. كلهم «وجهان لعملة واحدة». وليس المخطط الإرهابى الدولى ببعيد عن مصر ، فقد اتحدت قوى الشر والظلام «قطر حماس إيران إسرائيل أمريكا -داعش- القاعدة –النصرة» ضد مصر والدول المساندة لها - وعلى رأى المثل الشعبى المصرى «ما جمع إلا ما وفق» - حيث خرجت حماس على لسان خالد مشعل بتصريحات تؤكد سعيها نحو استعادة روح الاستشهاد فى مواجهة أعداء المقاومة، ولا ندرى على أى مقاومة تتحدث بعد أن سلمتها ومعها شرفها وعرضها إلى نيتانياهو فى العقد الذى أبرم بينهما بمباركة «الإخوان مرسى والشاطر»!! كما تناقلت وكالات الأنباء اتصال هنية بأمير قطر السابق حمد الذى أعلن عدم تغيير موقف بلاده من دعم حماس، خصوصا بعد «التحالف الشيطانى» بين الحكومة الفلسطينية المنشقة وطهران وداعش والنصرة وحزب الله!! إن كل هؤلاء فتنة فى الأرض يشوهون صورة العروبة والإسلام، وكل كلمة ننطقها لندافع عنهم نشاركهم بجريمة الخيانة. إننا بحاجة - أولا - إلى ضرورة الإسراع فى إنشاء مركز دولى لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله وعناصره، وأن يحظى هذا المركز بالدعم والتأييد العربى. ثانيا: توحيد مفهوم الأمن القومى العربى، وتحديد المهددات التى سيواجهها، باعتبار ذلك أول الطريق للتعرف على مواقعنا فى خريطة الأحداث والتوازنات الإقليمية المقبلة. ثالثا: توسيع التعاون العربى البينى فى مجال مكافحة الإرهاب، الأمر الذى يمثل رسالة للمنظمات الدولية المعنية وشعوب العالم بأهمية التعاون الدولى فى الحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة، باعتبار أنها تنتهك الحق الأصيل للإنسان فى العيش الآمن الكريم . رابعا: تحقيق الأمن والاستقرار والتحديث الديمقراطى فى المنطقة، وهو ما ينعكس على الأمن والسلم الدوليين. إن الشعوب هى من تصنع الأوطان وليس العكس، وعليه لابد من إصلاح الجامعة العربية من الداخل، ونفض ما تراكم على أقسامها وإداراتها من غبار طوال سبعين سنة، ومراجعة كشوف البطالة المقنعة التى أرهقت ميزانيتها من دون تحقق أدنى ثمار العمل العربى المشترك، كما أن الأمر يحتاج إلى أن تتغير الوجوه فى الجامعة عملا بحتمية التاريخ. وفى غمرة كل هذا فإنه يجدر بنا أن نتوقف كما يتوقف الشعراء على الأطلال، كى نستخلص ما يمكن استخلاصه من دروس مفيدة تزاحمت على مدار عقد كامل من زمن المبادرات العربية التى فقدت زخمها وتأثيرها ، فهى كما قال علماء التطور إن الطبيعة احتاجت إلى 17 مليون سنة فى تطور القرد إلى إنسان, وعليه فإن علماء الدبلوماسية العربية بحاجة إلى 17 مليون سنة حتى يعرفوا أن أبواب مؤتمرات القمة مكتوب عليها الفشل!!