أحمد إسماعيل – أحمد أمين عرفات ما إن خرجت حكومة محلب للنور بعد الولادة المتعثرة لها نتيجة اعتذار العديدين عن شغل مناصب وزارية بها، مما جعلها تولد وهى تحمل ملامح الحكومة السابقة حيث ضمت 20 وزيرا من وزارة الببلاوى رغم تقليص عدد حقائبها، حتى فوجئ الجميع بتصريحات لفقهاء قانونيين مثل د. شوقى السيد ود. عصام الإسلامبولى بأن هذه الحكومة باطلة لأنها مخالفة للدستور الجديد، حيث لم يقم الوزراء بتقديم إقرار الذمة المالية ونشرها بالجريدة الرسمية حسبما جاء بالدستور، وما يزيد من بطلانها ويجعلها حكومة فى مهب الريح يجب الإطاحة بها، عودتها وبها حقيبة وزير الإعلام وهو ما يخالف الدستور الذى نص على إلغاء هذه الوزارة وإنشاء الهيئة الوطنية للإعلام، بديلا عنها . من جانبنا حاولنا طرح الأمر على مائدة الدستوريين لنعرف هل يتفقون مع هذه الكلام الذى بموجبه تصبح حكومة محلب باطلة ووجب عزل أعضائها، أم لديهم ما يدحض هذه الأسانيد؟ يقول د. عبد الله المغازى، أستاذ القانون الدستورى والبرلمانى السابق : ما يقال بشأن بطلان حكومة محلب غير صحيح، ويبدو أن من زعموا ذلك لم ينتبهوا لنصوص المواد الانتقالية فى الدستور والتى تعطى للرئيس المؤقت الحق فى الإبقاء على منصب وزير الإعلام إلى أن يتم تفعيل الدستور بشكل حقيقى مع وجود رئيس منتخب، لذلك أطالب الذين نظروا للأبواب الرئيسية فى الدستور أن يراجعوا جيدا الباب الانتقالى، خصوصا فيما يتعلق باختصاصات رئيس الجمهورية المؤقت، وسيجدون فيه أن الدستور يسمح له بتغيير الوزارة وإدارة شئون البلاد وفقا لما تتطلبه الضرورة، كما أقول لمثل هؤلاء ألا ينسوا وهم يتحدثون عن الدستور أن على رأس الدولة أكبر قاض دستورى فى مصر، لأنه رئيس المحكمة الدستورية العليا، ومن الصعب أن يقرر شيئا يجعلنا نشك فيما إذا كان دستوريا أم غير دستورى، كما أعتقد أنه لن يغامر بتاريخه القانونى الكبير. لذلك أعلنها على الجميع بأن حكومة محلب قانونية ودستورية 100% حتى لو لم يقدم الوزراء إقرارات الذمة المالية حتى الآن، لأن الوزارة الجديدة لم يمر عليها سوى أيام قليلة، علاوة على أن الدستور لم يحدد موعدا لتقديمها، وترك عملية التحديد هذه للقائمين على الأمر كناحية تنظيمية، وأتوقع تدارك ذلك فى الأيام المقبلة، وبشكل معلن حتى تبتعد الحكومة الجديدة عن شبهة عدم الدستورية. ويتفق الدكتور محمد الذهبى أستاذ القانون الدستورى مع ما قاله المغازى، مشيرا إلى أنه بالنسبة لشرط إقرار الذمة المالية فهذه مسألة يمكن تداركها بسهولة بتقديم إقرارات الذمة المالية ونشرها بالجريدة الرسمية، مؤكدا أنه لا يوجد بالفعل موعد محدد دستورى أو قانونى يلزم الحكومة فيه بتقديم هذه الإقرارات. أما فيما يتعلق بعودة منصب وزير الإعلام فى الوزارة الجديدة - والكلام على لسان د. الذهبى - فهذا لا يعد خروجا عن نصوص الدستور، وبالتالى لا يكون سببا فى بطلانه، لأن الدستور نفسه أعطى لرئيس الجمهورية الحق فى إقرار ما يراه ضروريا، علاوة على أنه لم يحدد له مثلا عددا معينا للوزارات ولم يقم بتسميتها له، مما يعطيه الحق فى إنشاء وزارات وإلغاء أخرى، وإذا كان هناك نص بالدستور يتعلق بإنشاء الهيئة الوطنية للإعلام لتحل محل وزارة الإعلام، فهذا أمر يقع على عاتق البرلمان المقبل والرئيس المنتخب، ولا يقع على عاتق الرئيس المؤقت وإلا فعليه تنفيذ كل ما جاء بالدستور والذى منحه وبموجب المادة 154 الحق فى إصدار قرارات بقوانين فى حالة الضرورة والتى تستوجب اتخاذ التدابير السريعة والتى لا يمكن تأخرها، كما حدث بالنسبة لقانون التظاهر الذى كان ضروريا بسبب العنف والتدمير الذى كان يصاحب التظاهرات، ونفس الشىء عندما تزايدت عمليات اغتيال الشهود فى القضايا التى تدين قيادات الإخوان فأصدر رئيس الجمهورية قراراً بقانون لحماية الشهود، وكذلك إصدار قانونى الانتخابات البرلمانية والرئاسية نظرا لأن الضرورة تقتضى ذلك، وبالتالى ليس من دور الرئيس المؤقت أن يجلس ليطبق مواد الدستور ويصدر قرارات بقوانين، لأن إرادة المشرع واضحة بأن القرارات بقوانين التى يجوز للرئيس إصدارها تكون فى حالة الضرورة فقط، ليس هذا فحسب، بل لابد وأن تعرض على مجلس النواب فى أول انعقاد له فى مدة أقصاها 15 يوما وإن لم تعرض فقد رتب المشرع جزاءا بأن يزول كل أثر رجعى لها بقوة القانون، وبالتالى فرئيس الجمهورية ليس لديه سلطة مطلقة لتنفيذ كل أحكام الدستور، وبالتالى فله الحق فى الإبقاء على وزارة الإعلام حتى يتم إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام، التى لا تعد من الضروريات فى الوقت الراهن، فنحن لا نعانى أزمة بسبب وجود هذه الوزارة حاليا .ولذلك أرى أن من يثير مثل هذه الأقاويل لا هدف له سوى الظهور فى الفضائيات وبالتالى عملية البطلان هذه ليست إلا «شو إعلامى» . أما عبد الغفار شكر - رئيس حزب التحالف الشعبى الإشتراكى - فيرى أن الادعاء بعدم دستورية الوزارة الجديدة لا أساس له من الصحة وكلام لا يستحق تضييع الوقت فى مناقشته، لأن رئيس الجمهورية من حقه تكليف من يراه بتشكيل الوزارة طالما أنه لم يتم بعد انتخاب مجلس النواب، كما أن الوزراء الذين تم اختيارهم فى الوزارة الجديدة عليهم أن يقدموا إقرارات الذمة المالية بعد تعيينهم بالوزارة وليس قبل ذلك لأنه إذا طلب منهم تقديم إقرار الذمة المالية قبل تعيينه بالوزارة ولم يتم التعيين فما العمل، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الإعلام فوضعها صحيح فى الوزارة الحالية لأن نص الدستور على تشكيل هيئة وطنية للإعلام يتطلب إصدار قانون لتنفيذ هذا النص، وطالما لم يصدر قانون بعد فلا غبار على ذلك .. ومن هنا فإن الكلام عن عدم دستورية الحكومة الجديدة غير صحيح بالمرة . من جانبه يتفق السياسى المخضرم أبو العز الحريرى القيادى بحزب التحالف الشعبى الاشتراكى مع الرأى السابق قائلا: إن الادعاء بعدم دستورية الحكومة الجديدة كلام فارغ لا يستحق أن نناقشه أو نرد عليه، لأننا لا نملك رفاهية الوقت للرد على مثل هذه «الخزعبلات» فالوقت الآن للعمل والإنجاز فقط من أجل مصلحة مصر وشعبها، ولا يجب على الصحافة أن تهتم بمثل هذه الأمور التى أقل ما توصف به أنها تافهة، ابحثوا وناقشوا برنامج الوزارة الجديدة وخطة عملها لحل مشاكل الناس ورفع مستوى معيشتهم فهذا أجدى. بينما يؤكد الدكتور مساعد عبد العاطى شتيوى - دكتوراة فى القانون الدولى - أن تشكيل الحكومة عمل من أعمال السيادة وحق أصيل لرئيس الجمهورية أن يكلف من يراه صالحا بتشكيل الحكومة، أما دعوى عدم دستورية الوزارة لأن الوزراء لم يقدموا إقرارات الذمة المالية قبل تعيينهم فهذا أمر مردود عليه وبديهى جدا أن أى وزير يتم تعيينه ويحلف اليمين يقوم بتقديم إقرار الذمة المالية وليس قبل ذلك وهذه من طبائع الأمور العادية ولا تستحق التوقف أمامها أو مناقشتها، وأنا أول مرة أسمع مثل هذا الكلام الذى لا يستحق الرد عليه.