أشرف بدر بعيدا عن الغموض الذى اكتنفها ...لا أرى سببا منطقيا ل «حرب الشماتة» التى يشنها أنصار جماعة الرئيس المعزول منذ تقديم حكومة الببلاوى استقالتها، وارتفاع سقف طموحاتهم وتوقعاتهم إلى الظن بعودة رئيسهم الذى يحاكم - فى سابقة تاريخية - بتهمة خيانة شعبه والتجسس على بلده! كما لا أجد مبررا لكثير من وسائل الإعلام فى شن حملات التشويه لحكومة أدت عملها فى فترة عصيبة من عمر البلاد، وتحملت الكثير من التبعات والتركة المثقلة بالديون.. وهذا ليس دفاعا عنها، أو عن أخطائها التى اعترف بها رئيسها د. حازم الببلاوى، وإنما لأننا لسنا فى ترف وقت جلد الذات والبكاء على اللبن المسكوب، فأمامنا استحقاقات عديدة فى خريطة الطريق التى تحتاج منا جميعا إلى تكاتف وبذل الجهد لإنجازها والعبور بمصر من محنتها التى طالت وتأزمت معها الكثير من قضايا الداخل والخارج. إن استقالة الحكومة المصرية لا تعنى فشل السلطة الحالية أو العدول عن خارطة الطريق كما يزعم البعض لكنها تمهد لحكومة جديدة تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتؤدى أداء اقتصاديا يتناسب مع الطبيعة الصعبة للمرحلة الراهنة. كما قد تكون فرصة لشباب «جماعة أنصار المعزول» الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء ويريدون تصحيح مسار جماعتهم والاندماج فى الواقع السياسى الجديد، وبشرط أن يتخذوا مسلكاً جديداً يتمثل فى التظاهر السلمى فقط دون اللجوء إلى العنف والتخريب، فستكون لدى الحكومة والقوى السياسية أيضاً الفرصة والمبرر للجلوس معهم وبحث كيفية إخراجهم من العزلة السياسية التى يعيشون فيها حالياً». إننا نعلم أن سعادة الشعوب وتحقيق طموحاتها يكمنان فى حكومة عادلة، تبذل قصارى جهدها لنشر الأمن، وتوفير الحياة الكريمة المتمثلة فى رعاية صحية واجتماعية طيبة. وتعليم يقوم على بيئة تربوية وعلمية بعيدة عن الحشو والحفظ والتلقين، وأن تكفل حرية مؤسسية بعيدة عن انغلاق أو تخندق كل فصيل وراء رؤاه وأجنداته. لذا فإن حكومة المهندس إبراهيم محلب مطالبة بالآتى : أن تكون حكومة "ثورة أو "أزمة" تعمل على استدراك الماضى والحاضر وتحقق طموحات المستقبل حتى ولو تم تغييرها بعد الانتخابات البرلمانية . تلتزم بخارطة الطريق ومنح أولوية مطلقة لملفات ثلاثة «الأمن - الاقتصاد - حسن الإدارة ومحاربة الفساد». توفر رغيف الخبز للمواطن البسيط الذى لم يجن من الثورة شيئًا حتى الآن، وأن يكون هذا «المواطن» محور اهتمامها، وتلبية مطالبه فى مقدمة أولوياتها، وأن الحفاظ على حياته أهم لديها من الحفاظ على كراسى وزرائها. ألا تعتمد على قروض خارجية حتى لا تقع فريسة لدولة صغيرة تمتلك الأموال وتسعى لأن تحتل دور مصر ومكانها فى قلب الأمة العربية، أو تخضع لدولة كبيرة "أمريكا" تسعى لتقسيمها ومن يرفض فجزاؤه الدفن فى الصحارى، أو التجميد فى كتل الثلج أو الذوبان فى براميل الأحماض، أو إثارة القلاقل مع دول الجوار، وحجز مياه المنابع فى شريان الحياة "نهر النيل "! تتبنى الاتفاق على «هدنة اجتماعية» لمدة محددة لا تقل عن 3 أشهر، تتوقف فيها تماما الإضرابات والمظاهرات والمطالب الفئوية التى تعطل حركة الإنتاج والاقتصاد، وبشرط التحكم فى التضخم وعدم زيادة الأسعار، وتضع لنفسها "برنامج طوارئ "لمواجهة الأزمات الجماهيرية المتلاحقة. أن تؤمن بأن عهد "تجريم و"تخوين" جميع المعارضين، ولَّى بغير رجعة، أو تتصور أنه يمكن قمعهم من جديد، وأن تتجنب التعامل مع نخب سياسية شديدة الانكفاء على مصالحها، ضعيفة الإحساس بأوجاع مواطنيها، لا أحد منهم يعى أن الصراع السياسى إذا لم يحتكم إلى الوسائل والأساليب السليمة، والتعبيرات النظيفة, فسيكون أقرب طريق لصناعة المأساة، وأن مشاكساتِهم السياسية َ أخطر على الحكومة من التنظيمات الإرهابية، حيث إن الذين يحاولون تعطيل شركائِهم فى العملية السياسية يعطلون خدمة البلاد. تمكن الشباب من تقلد المناصب، فهناك مجموعات شبابية وصلت إلى حالة من اليأس بعد مرور أكثر من 3 أعوام على الثورة ولم تشاهد ثمارا لها على أرض الواقع، بل هناك قطاع عريض من الشباب يكاد يثور على الثورة بسبب أنه لا يرى للثورتين - الأولى والثانية - أى نتائج . توجه خطابا سياسيا واعيا للمواطنين لتحفيزها على العمل من أجل الثورة ومطالبها. أن تبث فى الشعب الإيمان بدوره فى عملية التغيير والبناء، وأن دورَ المواطن فى إحداث عمليةِ التغيير بات يُجرى عبر صناديق الاقتراع، ويكون بذلك قد طوى صفحاتِ التغيير عبر التآمر والتدخلات الخارجية. أن تعى أنه إذا كانت السياسة - كما يقول الحكماء - هى فن تجنيب الشعوب الكوارث والأزمات، التى تفضى للمآسى والأحزان، وأن نموذج التغيير السائد فى المنطقة الإفريقية، الذى لا يأتى عبر أصوات المواطنين، ولكن عبر جثثهم المسافرة إلى الآخرة على بريد الرصاص، ومفاوضات" الباب الدوار "تقودك على ذات الطريق، الذى سلكته قبل قليل، نقطة البداية هى ذاتها نقطة النهاية، والدخول لقاعات التفاوض يتم عبر بوابات الخروج لا يستقيم مع الشعب المصرى، فالجميع فى دائرة من العنف المغلق. تطالب القيادات الدينية الإسلامية بالانضمام للتيار المعادى لحملة المتطرفين، وأصحاب التدين المغشوش، وفضح دعاويهم ومخططاتهم . تطمئن الشعب بأن ثورته مستمرة، وأن حرياته وحقوقه مصانة، وأن كرامته لن تهان مرة أخرى تحت أى ظرف أو لأى سبب، لأننا نريد أن نصدق أن القيادة الجديدة، سوف تحترم التزامها بإقامة حياة سياسية حقيقية وخلق الظروف المناسبة لإرساء قواعد ديمقراطية، وإقامة المؤسسات التى تستطيع التعامل مع الضرورات والقوى القاهرة وعدم انتظار البطل أو المنقذ. وأخيرا .. لقد آن الأوان للقوى الوطنية والديمقراطية فى مصر، وبمختلف مدارسها التقدم لبناء جبهة ديمقراطية عريضة للدفاع عن وطنهم، واستنهاض الشارع لخروج ملايين المصريين الشرفاء للتضامن ضد الإرهاب وتعطيل عجلة الإنتاج.