أجرى الحوار في طوكيو : أسامة عوض الله التحديات التي شهدها العالم العربي خلال 3 سنوات من اندلاع ما يسمى الربيع العربي، أطلقت عشرات الأسئلة حول دور الجامعة العربية وجدوى وجودها في المشهد العربي، والملفات كثيرة ليست فحسب فيما يتعلق ببلدان هذا الربيع، وإنما أيضا بمجال عمل الجامعة وأدوارها، وفي العاصمة اليابانية طوكيو وعلى هامش المنتدى العربي الياباني الاقتصادي الثالث، كانت الجامعة موجودة من خلال السيد أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية، و بعيدا عن العالم العربي بآلاف الأميال، قامت «الأهرام العربي» بمراجعة كشف إنجازات هذه المنظمة الإقليمية الأضخم في العالم العربي مع واحد من أبرز مسئوليها، وكان لنا هذا الحوار: بدأ ما يسمى بالربيع العربى منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم هناك عدم استقرار سياسى في دولة، وفي مقدمتها مصر، فكيف تنظر لهذه السنوات سياسيا؟ مسار التطور هو مسار حتمي لكل البشر والمناطق والدول، بمعنى أن التطوير والتغيير عملية ضرورية يفرضها التاريخ وتفرضها أوضاع الدول والحياة والتطوير هذا جزء من حياتنا، فإذا قلنا إن الدول العربية تشهد الآن التغيير وهى رياح عميقة وتحولات كبرى، فبدون شك أن هذا له ثمن ومهما كانت الظروف والملابسات وبعض الجوانب السلبية فنحن نعتقد أن عملية التغيير هذه لابد أن تؤدى إلى استقرار في مرحلة ما. لكن قراءتنا للأوضاع أن دول الربيع العربي هي الآن متفاوتة في خط السير والرؤية وخارطة الطريق، هناك دول استطاعت القيادة فيها أن تعالج الأمور على المستوى الداخلي وتستوعب التغيير، وهناك شعوب استطاعت أن تغير رأس الحكم، وهى الآن تتجه لإعادة ترتيب الوضع ولكن في آخر المطاف ما يهمني أمران، الأول: أن يبقى الصراع في إطار التغيير السلمي ولا ينزلق إلى العنف و الثاني أن يكون هناك فعلاً تضامن عربي حقيقي مع هذه الدول لمساعدتها خصوصا اقتصاديا، لأنها تأثرت ولابد أن يكون التضامن العربي سواء مع مصر أم تونس أم اليمن حاضرا لمساعدتها في هذه الفترة الانتقالية، الجانب الثالث هو أننا لابد أن تكون رسالتنا مع العالم الخارجي في إطار أن هذا تحول حتمي وضروري ولابد من المساهمة في إعادة الأمن والاستقرار لهذه الدول، طبعا هناك دول أخرى لكنها استطاعت أن تستوعب الأمر مثل المغرب، حيث استطاع ملكها أن يجد صيغة توافقية والأردن نفس الحكاية والموضوع هو بنسب متفاوتة وكيف عالجت كل دولة هذه التطورات والتغيرات. ألا تتفق معي أن الانفلات الأمني فى سوريا يمثل عائقا أمام الجامعة العربية لتقوم بدورها المفترض والمنوط بها؟ نعم "الانفلات الأمني" أحد المعوقات أمام الجامعة العربية برغم وجود الوسيط أو ممثل مشترك بين الجامعة العربية والأمم المتحدة هو الأخضر الإبراهيمي الذى يقوم بجهد كبير لإيجاد مخارج لهذه الأزمة. متى تقوم جامعة الدول العربية برفع تعليق عضوية سوريا؟ هذا قرار صادر عن وزراء الخارجية، ووزراء الخارجية العرب هم الذين يقررون ونعمل على إيجاد انفراجة قريبا إذا استطاع مؤتمر جنيف أن يتوصل إلى وجود حكومة انتقالية ذات اختصاصات كاملة، هذه الحكومة يمكن أن تعود إلى ممارسة نشاطاتها في جامعة الدول العربية لأن المعلق الآن نشاط الحكومة وليس عضوية سوريا، لأن سوريا الآن مازالت عضوا في الجامعة العربية ومؤسسا أساسيا لها، لكن ما هو مجمد هو نشاط الحكومة على المستوى الرسمي، أما على المستوى الشعبي فهنالك مؤسسات تشارك في هذه الانشطة. ما دور جامعة الدول العربية في جذب الأشقاء العرب للاستفادة من إمكانيات السودان وموارده العظيمة، لماذا لانرى دورا فاعلا من الجامعة في تفعيل هذا الأمر؟ أنا من العارفين بالسودان بحكم أنني كنت في فترة من الفترات سفيرا للجزائر لدى السودان، وأعرف الثروات الكبيرة التى حبا الله بها السودان، سواء أكانت المياه التى تزيد الحاجة إليها كلما مرت السنوات أم في الأراضى الشاسعة، فعدم إنجاز المشاريع التنموية التى كان مقررا إنجازها في السودان كان بسبب الظروف التى مر بها السودان، والآن بدأت الأمور تستتب وموضوع الجنوب حسم بالإرادة التى عبر عنها الجنوبيون، وهدأت الآن الأمور في دارفور وأصبحت في إطار الحل، أعتقد الآن لابد من إعادة فتح موضوع التنمية خصوصا الزراعية، وهناك مبادرة طيبة تقدم بها فخامة الرئيس البشير في قمة الدوحة عام 2013م وتتعلق بمشاريع الأمن الغذائى، وتم تكليف المجلس الاقتصادى والاجتماعى، وهو الجهاز الموكل إليه مثل هذه المهام التنموية، وسيجتمع بحضور وزراء الفلاحة والزراعة والأمن الغذائى في نهاية شهر يناير الجاري لوضع اللمسات للفنيين الذين عملوا منذ (10) أشهر على تحضيرها. كيف تنفذ هذه الخطوة، ومن هم المساهمون، وما الفرص التي قدمها السودان بالنسبة للأراضي؟ أعتقد أنهم سوف يمثلون إعادة الاهتمام والدور وبالنسبة للمشاريع التى يمكن أن تقام في السودان حتى نجسد عمليا الشعار المرفوع والذى بقى للأسف عنوانا يطرح دون أن ينفذ، وهو أن السودان هو سلة غذاء العالم العربي والإفريقي، وبالتالى نريد أن يجسد هذا الشعار عمليا وأعتقد أن وجود الوزراء المختصين وحضور الأمين العام في هذا الاجتماع لوضع اللمسات بهذا المشروع الزراعى التنموى سيعيد الاهتمام بالجانب الغذائى، لأننا إذا لم نتحرر من عملية استيراد الغذاء، فلن نكون مستقلين في قرارنا وفي اتجاهاتنا وفي مصيرنا، فيوم أن توفر غذاءك تقول إنك مستقل، وأما أن تستورد غذاءك ولباسك وحاجاتك فأنت غير مستقل وتحت رحمة الآخرين. على ذكر انفصال جنوب السودان، أليس في خطط الجامعة أن يتم قبول دولة جنوب السودان.. لماذا لا تتوسع الجامعة؟ سوف أجيب عن سؤالك من جانبين (إجرائى وسياسى)، الأول أن الأمانة العامة ميثاقها حتى الآن لا يسمح بدخول دول غير عربية بصفة مراقب ويعطى هذه الصفة للمنظمات الإقليمية والدولية وليس للدول، وهنا تأتى العقدة أننا لا يمكن أن نسمح لأى دولة غير عربية بأن تكون عضوا مراقبا في الجامعة العربية، هذا من الناحية القانونية والإجرائية، ومن هنا أقول إن إريتريا طلبت فعلا أن تكون مراقبا، ولكن نظرا لخلو الميثاق من مادة تسمح لمراقب غير عربى حال دون ذلك، وبالنسبة لجنوب السودان أنا معك أن اللغة العربية هى التى تجمع قبائل الجنوب ومازالت الثقافة والحضارة والانتماء وحتى الهوية العربية لها وجود في الجنوب، ونحن كجامعة عربية الآن موجودة لنا بعثة في جوبا وهى بعثة تابعة للجامعة لها مكتب ورئيس وهناك تواصل، لكن من حق جنوب السودان، وهى كانت جزءا من السودان العضو في الجامعة، من حقها أن تطلب العضوية الكاملة بحكم أن دستورها ينص على أن اللغة العربية من ضمن اللغات الرسمية، ولكن هذا يعود الى حكومةجنوب السودان وليس للجامعة العربية، ونحن أعلنا في عدة مناطق أننا نرحب بطلب انضمام جنوب السودان إلى الجامعة ويطرح الموضوع على حسب الآلية على وزراء الخارجية العرب لاتخاذ الموافقة، وفيما يتعلق بالجانب السياسى فعلا نحن الآن في تواصل كامل مع جنوب السودان، وهناك صناديق عربية ومشاريع عربية تنجز والجامعة تحض جميع الدول العربية على الاستثمار في جنوب السودان، خصوصا في بناء مقومات هذه الدولة التى مازالت في بدايتها، ونحن نأمل فقط أن تحل القضايا العالقة ما بين السودان وجنوب السودان، فلا بد من أن يكون هناك استقرار وعامل التقاء وثقة، فعندما تطوى هذه الملفات العالقة أعتقد أنه سيكون هناك إقبال واستثمارات عربية، وكما قلت من الناحية الإجرائية والقانونية إنه يحق لجنوب السودان أن يطلب انضمامه للجامعة بحكم تاريخه وارتباطه وبحكم المعايير التى تطبقها الجامعة. ماذا عن إريتريا؟ إريتريا وضعها مختلف لأنها دولة إفريقية وبرغم وجود العربية فيها وبرغم الانتماء ولكن لابد من تغيير الميثاق العربى وعلى فكرة هناك الآن نحو أربع لجان تعمل على تعديل الميثاق ليعطى صفة المراقب للدول غير العربية وهناك دول أوروبية طالبة أن تكون ملاحظا، حتى الولاياتالمتحدة نفسها في فترة من الفترات استفسرت عن مدى إمكانية أى دولة تكون مراقبا في الجامعة العربية. في إريتريا، اللغة العربية متوازية مع لغتها المحلية، والشعب الإريترى دمه وملامحه ولسانه عربى، فما العائق؟ هناك دولتان إفريقتان قريبتان جدا ويمكن قبولهما أعضاء في الجامعة العربية بحكم الميثاق (تشاد وإريتريا) لكن بصفتهما العربية يمكن أن يطرح الموضوع على الجامعة إذا طلبا العضوية الكاملة من الناحية القانونية وأعتقد أن المعايير والشروط متوافرة في هاتين الدولتين. فماذا عن جزر القمر؟ هى دخلت في التسعينيات وأصبحت عضوا كاملا، والآن أقول لكل بكل أمانة جزر القمر تحظى بتنمية عربية غير مسبوقة، فهناك أموال ضخت سواء فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية أو المشاريع الزراعية أو الصيد البحرى وبناء المستشفيات حتى أجهزة الإعلام، وهناك دول عربية مثل والإمارات والكويت وليبيا وقطر تنجز مشاريع كبيرة، ولحظت مدى التطور الذى حدث بعد انضمام جزر القمر إلى الجامعة العربية، والجامعة لها دور بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقى لمعالجة الأزمات السياسية وكانت هناك قوات سودانية لعبت دورا في إعادة الأمور والاستقرار إلى جزر القمر، وهى الآن عضو كامل وتحظى بنفس الصوت كأى دولة في الجامعة، فالأصوات والحقوق متساوية لأعضاء جامعة الدول العربية، وتلعب دورا بحكم نشاطها وتمثيلها ولا غبار على أى دور أو أى صفة بالنسبة لجزر القمر في الجامعة العربية. الصومال، أين دور الجامعة في توحيدها؟ الصومال هي عضو في الجامعة العربية وهي مرت بفترات صعبة جدا منذ أكثر من (22) سنة وكانت الجامعة العربية مواكبة لهذه الأزمات وعملت مع الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على معالجتها، وللجامعة العربية مكتب وبعثة في مقديشو وسفير الجامعة فيها من السودان، ومن الذين يعرفون المنطقة جيدا وله علاقة وطيدة مع القبائل الصومالية والصومال الآن هدأت الأمور فيها ولكن أمامها عدد من التحديات، التحدي الأول هو إعادة الوحدة الوطنية الى الصومال من خلال معالجة موضوع جوباوالصومال، والثاني هو كيف تستوعب هؤلاء المتطرفين للدخول في العملية السياسية ولابد من إيجاد حل لهؤلاء، لأن فقدان الناحية الأمنية قد يطيل الأزمة، ولكن لابد من البحث عن صيغة توافقية..و الثالث هو إعادة بناء الدولة فيما يتعلق بتكوين الجيش أو الشرطة ومعالجة أوضاع ميليشيات ويمكن استيعابها..ثم يأتي التحدي الأخير هو الانتخابات للرئيس والبرلمان و كيفية التوافق بين الجامعة والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة للمساهمة في دفع الأطراف للاتفاق على إجراء انتخابات تمثل مختلف مناطق الصومال، ولابد أن تسهم هذه الأطراف في بناء الدولة وتكوين الجيش الوطني والشرطة الوطنية، ويتم استيعاب جميع المناطق كما قلت، ورئيس بعثة الجامعة هناك يعمل بصورة ممتازة. ماذا عن إثيوبيا وسدها الذى أثار كثيرا من الجدل واللغط في مصر؟ هناك لجنة مشتركة ما بين مصر والسودان وإثيوبيا وأطراف أخرى ونحن على يقين بأن هؤلاء سيتوصلون إلى إزالة كل اللبس حول هذا الموضوع، وبما يحفظ لكل طرف حقه التاريخي والقانوني في المياه، ونحن ندعم هذا التوجه، وموضوع السد هو الآن في إطار لجنة ثلاثية ولم يخرج بعد إلى المنظمات الإقليمية ونحن ندعم أن تجد الأطراف المعنية معالجة لهذا الوضع.