هدية "القصر الطائر" من قطر لترامب تثير جدلًا دستوريًا في أمريكا    الإحصاء: 24.1 % ارتفاع قيمة الصادرات خلال شهر فبراير 2025    التدريب الإجباري للطلبة.. تفاصيل تعديلات قانون مزاولة مهنة الصيدلة    رسميًا.. أورلاندو بايرتس يعلن رحيل خوسيه ريفيرو من تدريب الفريق    الاتحاد ينتظر الحسم.. جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباراة الهلال والعروبة    في حملات على الأسواق.. ضبط 8 أطنان من الدقيق الأبيض والمدعَّم للتلاعب بالأسعار    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    إعلان الجوائز.. ختام مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية- صور    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية المتبادلة.. اعرف النسب الجديدة    سوريون يضرمون النار بمواد غذائية وزعتها قوات إسرائيلية    وزير الخارجية والهجرة يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني    النواب يحيل 33 تقريرا إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها    وزير الإسكان: تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع «جنة» للفائزين بمدينة القاهرة الجديدة    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    تأجيل محاكمة المتهم بقتل والده في مشاجرة بطوخ لجلسة أغسطس المقبل    مدير مزرعة يشرع في قتل عامل بالشيخ زايد    رئيس مياه القناة: حملة مكثفة لأعمال تطهير وصيانة بيارات المحطات وشبكات الصرف الصحي    التخطيط القومي يعقد برنامجا تدريبيا للإعلاميين حول مهارات قراءة وتحليل التقارير    عرض ومناقشة فيلم "سماء أكتوبر" في مكتبة المستقبل    هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إسرائيل ستوفر ممرا آمنا لإطلاق سراح عيدان    تكريم غادة جبارة ومنال سلامة خلال حفل افتتاح مهرجان المسرح العالمي بالإسكندرية    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي «الطائر الأزرق»    شون وصوامع المنيا تستقبل 266 ألف طن من القمح ضمن موسم توريد 2025    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق المصرية خلال تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    متحدث الصحة: الفريق الطبي يأتي على رأس أولويات الرئيس السيسي    محافظ أسوان: استكمال فرش وتجهيز مستشفى السباعية ونصر النوبة بالمعدات الطبية    جنوب سيناء.. فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يرصد مخالفات بمستشفى دهب    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    ضبط 50 طن قمح بمخزن حبوب غير مرخص بالمنوفية    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    استمرار الموجة جديدة الحرارة بالأقصر.. والعظمى 42    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    تمثيلية يؤديها مدمن كوكايين.. صحفية أمريكية تعلق على تصريحات زيلينسكي حول وقف إطلاق النار    السعودية تواجه الأردن وديًا استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    عباس شومان ينفي وفاة الدكتور نصر فريد واصل    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    رياضة ½ الليل| انتصار الطلائع.. عودة عواد.. البارسا يطيح بالريال.. وتطور أزمة زيزو    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    فتوح: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي بالضفة يهدف لترسيخ الاستعمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصبحت مسرحا للعناكب..قصور الثقافة «بيوت للأشباح»
نشر في الأهرام العربي يوم 02 - 12 - 2013


حسناء الجريسى
شنت جماعة المثقفين هجوما شديدا على الهيئة العامة لقصور الثقافة فى الآونة الأخيرة، وجاء ذلك واضحا فى مؤتمر «ثقافة مصر فى المواجهة» فكان من بين التوصيات التى خرج بها المؤتمر توصية تطالب بإعادة هيكلة الهيئة، بناء على رغبات المثقفين، وكانت لهم مبرراتهم فى ذلك.
«الأهرام العربي» تفتح ملف الهيئة العامة لقصور الثقافة للتعرف إلى رؤى وتصورات جماعة المثقفين بشأن إعادة هيكلتها، وتعرض إلى محاولات إجهاض مشروع، على قدر كبير من الأهمية، ظل المخرج أحمد إسماعيل يعمل عليه لسنوات، رغم اتساقه مع دور الهيئة فى الوصول إلى أكثر الفئات تهميشا فى القرى والنجوع، ولا يفوتنا أن نضع كل هذا بين يدى المسئول الأول عن الهيئة سعد عبد الرحمن.
يرى الفنان والناقد عز الدين نجيب أن السياسة التى كانت متبعة فى الهيئة لأكثر من ثلاثين عاما كانت قائمة على استكمال الشكل والمظهر أكثر من المضمون، لذلك كانت الهيئة قائمة على بناء مبان، وتعيين أشخاص فى مناصب، بمسميات كثيرة، تبدو فى الظاهر أنها تحقق أهداف العمل الثقافى للجماهير، والحقيقة على غير ذلك، لأن هؤلاء كان تتم الاستعانة بهم كنوع من المساعدات الاجتماعية، دون استعداد سابق لديهم للعمل الثقافي، ففاقد الشىء لا يعطيه – الكلام لنجيب - ولكن لم يكن بوسع هذا الجيش الضخم من العاملين أن يحمل رسالة إلى الجماهير، فضلا عن ذلك فإن الاعتمادات المالية التى كانت تخصص لإقامة المهرجانات والمؤتمرات ووجهات ثقافية براقة لا تقدم أى نشاط يذكر.
ويشير عز الدين إلى أن أهم هذه العوامل عدم وجود رؤية ثقافية لدى قيادات الهيئة العامة لقصور الثقافة، بل ربما لكل قيادات الوزارة، تحدد المستهدف من العمل الثقافى، هل هم الجماهير المحرومة فى أطراف الأقاليم المختلفة أم المراكز الحضارية التى تتمتع بوجود أنشطة ثقافية متنوعة سواء من جهات الوزارة أم من الجهات الأخرى؟
وهنا يأسف قائلا: لكن المسألة بالنسبة لهم نسبية، كما تدفعها الريح تتم، بدون خطة واضحة للعمل الثقافي، فكان أغلب هذه الأنشطة يكرس للمثقفين وللمحيطين بهم فى دوائر العمل الثقافي، ولا يتم النظر للمواطنين المحتاجين إلى العمل الثقافي، ومن ثم أخذت هذه القصور والمراكز تأفل أضواؤها شيئا فشيئا.
ومن وجهة نظر "عز الدين نجيب" فإن المرحلة الحالية هى نتاج لكل ما سبقها من سيئات القرن الماضي، هذا بالإضافة لعدم اعتراف الدولة بأن الثقافة مقوم أساسى لتنمية الوطن والمواطن، وبناء عليه كانت تخصص لها فتات الميزانية العامة للدولة، لافتا إلى وجود إحصائية تبين أن ما يصل إلى المواطن من وعى ثقافى يساوى 36 قرشا فى السنة، أما الباقى فيذهب إلى المبانى والأجور والمرتبات، بينما المنطقى أن يحدث العكس وأن يكون للعمل الثقافى النصيب الأكبر من أى ميزانية، وألا تأخذنا الأغراض السياسية لتعيين مئات الألوف من العاملين دون النظر إلى مؤهلاتهم فى العمل الثقافى، حتى أصبح أغلبهم عبئا على الثقافة الجماهيرية، فهم لا يجيدون العمل، لكنهم يمثلون عبئا.
ويقترح عز الدين أن نبدأ من النهاية، وهى إعادة هيكلة الهيئة العامة لقصور الثقافة أولا، وثانيا يعود لها اسمها الأصلي، وهو الثقافة الجماهيرية، فهذا هو الهدف من إنشائها عمليا، وهو ما يتطلب الإدارة الجيدة وتحديد الأهداف، وبناء على ذلك يختار العاملون بالهيئة بدءا من القيادات العليا حتى أصغر موظف فى الأقاليم، مع ضرورة إنشاء معهد لتدريب الكوادر على العمل، ويكون لديهم الاستعداد والإمكانات الثقافية، التى تسمح لهم بتحقيق الهدف. ويختتم عز الدين تصوراته لإعادة هيكلة الهيئة مطالبا بأن نستعيد التجربة التى قام بها د.ثروت عكاشة فى الستينيات لإقامة قصور الثقافة، وهى الاستعانة بقيادات من خارج الوزارة من فنانين وأدباء ومثقفين، يكونون بمثابة قائد القاطرة لفترة محدودة، حتى يقف القصر على قدميه، ويتم تدريب الكوادر المحلية التى تتولى مسئولية القيادة.
منطق السبوبة
يشاركه الرأى الشاعر سعيد شحاتة، مضيفا: لقد تم تدمير الكادر الفنى فى الهيئة وتحول إلى كادر وظيفى مرتبط بدفتر الحضور والانصراف، وهذا بدوره أثر على الأنشطة التى تقدمها الهيئة فلم تعد تقوم بدورها التنويري، والدليل على ذلك أن المواطن البسيط لا يعرف أى شيء عنها، فهى متقوقعة حول ذاتها، لافتا إلى أن كل ما يهم القيادات هو تسوية الأوراق فقط.
ويشير شحاتة إلى أنه طرح مبادرة" بيت ثقافة لكل قرية" لكن لم يهتم سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة، وبالتالى لم يلتفت وزير الثقافة د.صابر عرب للفكرة، مشيرا إلى أنه فى الهيئة يتعاملون مع المسرح بمنطق "السبوبة" والدليل على ذلك أنهم لم يقدموا مسرحية واحدة أثرت فى الشارع منذ ثورة 25 يناير حتى اللحظة الحالية، مطالبا بوجود إدارة رشيدة لديها القدرة على إدارة البنيان بالشكل الجيد، ومن يقصر لابد من محاسبته، فلم تعد قصور الثقافة تؤدى دورها، كما كانت تؤديه أيام سعد الدين وهبة، وإذا لم تستطع تأدية دورها، ففى هذه الحالة لابد من إلغاء وزارة الثقافة، مشيرا إلى أن المبدعين ضاع دورهم داخل الهيئة، فأصبحوا يعاملون كموظفين عاديين، وهذا ما جعل الكثيرين منهم يصابون بالجنون أو يكون الموت مصيرهم.
ويتفق معه الراوئى فؤاد قنديل فى الرأى قائلا : معظم ميزانيات الهيئة تذهب للمبانى ورواتب الموظفين بها، لكنها لا تؤدى دورها الأساسى وهو توعية وارتقاء الإنسان وزيادة الوعى الثقافى له، فالعمل فى الهيئة يتم من أجل الحصول على مكافآت وأجور وليس مهما نتيجة العمل أو تأثيره، فمهمة التثقيف بها لا تتم إلا بقدر محدود للغاية، وهذا ما يدفع "قنديل" إلى القول بأن كل الجهود التى تبذل من أجل ترميم القصور أو حتى إصلاحها لا يتم بالتوازى معه النزول إلى الجماهير فى الساحات ومراكز الشباب.
ويصف قنديل الهيئة بعربة نقل محملة بالحجارة تسير ببطء بسبب الحمولة الثقيلة، ويطالب بإعادة هيكلتها وتحديد مهامها فالمهمة المكلفة بها أصبحت أكبر من احتمال وقدرات الموظفين بها، فضلا عن صعوبة المهمة المتمثلة فى الوصول بالمنتج الثقافى إلى القرى والنجوع.
العنكبوت
يبرر د.أنور مغيث مطالبته بإعادة هيكلة الهيئة، لأن لديها إمكانات وبنية تحتية كبيرة لا تستغل، مشيرا إلى أن نشأتها كانت من أجل القيام بأنشطة ثقافية وفنون مسرحية تصل إلى القرى للاهتمام بالمواطن البسيط، فى كل ربوع مصر،هى الآن لم تعد تقوم بهذه المهمة بل تركز على النشر، وهناك أماكن كثيرة للنشر كالهيئة العامة للكتاب، وبناء على شهادات الكثيرين ممن يعملون فى قصور الثقافة فى القرى فإنها مهملة حتى أصبح العنكبوت يغطيها والحشرات تملؤها.
ويذكر د.مغيث أنه فى السبعينيات كان الشباب فى القرى هم من يقومون بالأعمال المسرحية وبالكثير من الفنون، موضحا أن المشكلة متعددة الأبعاد أولها قلة الأموال، ومثقفون لا يعرفون دورهم، بالإضافة إلى إدارة لا تعرف دورها أيضا، وليس لديها الثقافة الكافية لعملية النهوض بالهيئة،كما يدعو للابتعاد عن القرارات الفوقية وأن يحدد المبدعون خطة العمل.
علامات الشيخوخة
ويعترف الروائى والشاعر صبحى موسى بأن قصور الثقافة ككثير من المؤسسات تعانى شيخوخة مفرطة، وأنها كانت ومازالت واحدة من العلامات المهمة على شيخوخة الدولة، فأغلب أموال هذه الهيئة مهدرة بشكل قانوني، مبررا ذلك بأن ما تنتجه لا يشعر به غير بعض الموظفين بها بحكم عملهم، رغم أنها كجهة ثقافية اعتبرها الكثير من الوزراء المتعاقبين بعد الثورة وزارة الثقافة، ولم يخل خطاب لهم من ذكرها، لكن أياً منهم لم يفكر فى طريقة اختيار المسئولين الذين يعتمدهم، والجهات الرقابية مازالت تتعامل معها على أنها جهة ربحية، وتسعى لتصيد أى خطأ بغض النظر عن أى إنجاز، ومع كل وزارة تجيء تتحول الهيئة إلى حجرة كراكيب، تحتوى على قوانين لا معنى لها، وبطالة مقنعة لا حاجة لها، وبرامج مستنسخة من أجندات الأعوام السابقة، وقرارات آلية تنبنى على قوانين فاقدة الوعى والحياة، وطريقة أداء فى العمل هى مجرد سمسرة أو دهان لتلميع رئيس الهيئة وتأهيله لمكان أهم.
ويأسف "صبحى موسى" قائلا: لو أن نصف ما أنفق على مبانى الهيئة تم إنفاقه على نشاط حقيقى فى الشارع، لعرفنا معنى الثورة الثقافية، وفى النهاية لا أعرف ما ضرورة الإبقاء على الهيئة بشكلها القديم، الذى يجعل مسئولى المركز الرئيسى مشغولين بالورق أكثر من الثقافة والفن، جميعهم غارقون فى "تستيف" الورق والرد على المخاطبات أو حضور اجتماعات هنا وهناك، جميعهم مازالوا يظهرون لرؤسائهم التأمين التام على كل حرف ينطقون به، فى حين أنهم يكنون الدسائس لبعضهم البعض، والويل كل الويل لمن يبدى نشاطاً ملحوظاً، وكأنهم فى سباق السعى إلى الخلف وليس السير إلى الأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.