أشرف بدر دعونا نبتعد عن ملل السياسة، ورطانة النخب الزائفة والمتملقة بين قومي طافح، ويساري متطرف، وإسلامي مطبل بدفوف النفاق والكذب والتضليل والعهر السياسي، ونبتعد أيضا عن الصراعات والحروب المجانية أحيانا، والمأجورة فى أحيان كثيرة التي تنفذها جماعة "أعداء الوطن والدين"التى كانت تعرف ب"الإخوان المسلمين"!! دعونا ننظر من زاوية التفاؤل الأكثر اتساعا لمستقبل «مصر 30يونيو»، ونغض طرفنا عن النظر من زاوية التشاؤم الضيقة جدا...فمصرنا بخير بجيشها وقوات أمنها، برغم نفير حرب الشوارع والطائفية التى يقف وراءها أزلام وعبدة وأركان شرعية مرسى وإخوانه، الذين لم يفهموا أن استعمال سياسة الأرض المحروقة ثمن باهظ لحمقاتهم، بعد أن فاضت الساحة الوطنية بخداعهم ونفاقهم وكذبهم ورغبتهم المفضوحة للعودة إلى السلطة بشتى الحيل حتى لو بالوقوف فى صف إسرائيل، والاتحاد مع الكيان الصهيونى لضياع فرحة المصريين بذكرى النصر على عدو الله وعدوهم، وبفرحة عيد التضحية والفداء، وإفساد موسم الحج، فسحقا لنخبة كهذه وأفكار كهذه ووطنية كهذه!!. بعيدا عن ذلك كله .. ندعوهم، إلى الكف عن مراهقتهم السياسية والعدوانية، والعيش فى رحاب يوم عرفات، الذى أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيه حرمة الدماء والأموال والأعراض، وأعلن المساواة بين البشرية، عندما قال عليه السلام:"إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى. ووضع الحدود الدقيقة لحرمة الأموال والدماء والأعراض، فقال:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا". ولقد ارتبطت جميع مناسك الحج بفكرة السلام والأمان، فليس للمسلم في فترة إحرامه أن يقطع شجرا، أو يقلم ظفرا، أو يقص شعرا، وليس له أن يتدنى فيرفث أو يفسق أو يجادل، قال تعالى :"فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ"، بينما استحل الإخوان وأنصارهم هذه الحرمة، وراحوا يقتلون، ويعربدون، وينزلون بالأسر والأموال والأعراض التدمير والتخويف والانتهاك. إن ديننا الذى لا يعرفه أعضاء الجماعة المحظورة يقوم على قواعد أساسية، لا تستقيم أحوال البشرية إلا إذا ارتكزت عليها، منها: حب السلام، وإشاعة الأمن والأمان بين الناس، وحسن الصلة بالله العلي الكبير، ومقاومة الشر، ودفع الباطل، وهذه قواعد وأسس يقوم عليها الحج، وتطبق فى واقع عملى مشهود على جبل عرفات. إن حالنا الآن بحاجة إلى تضرع الحجاج وسعيهم وطوافهم، ودعاؤهم دعاء العبد الضعيف الواقف بباب ربه، الملبي لأوامره، المسارع لطاعته، والمحافظ على عهده، والمجند المجاهد الذى يسمع فيطيع، لإعلاء كلمة الحق، لا. لإعلاء شرعية منقوصة، ولا كرسى زائل، ولا قتل للنفس التى حرم الله إلا بالحق، ولنعلم أن ما عند الله لا ينال إلا بحسن طاعته وجميل اتباعه ودوام الصبر والمجاهدة. على جبل عرفات - التى فضل بعض الإخوان الوقوف ب"رابعة" عليه - ينكشف الغطاء، وتتفتح أبواب السماء، وتنزاح عن القلوب ظلمات الشهوات والأهواء، وتشرق عليها الأنوار، فترقى وتسمو، وهنا تفيض الألسنة بالدعاء:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك"، فتتجاوب بطاح عرفات وأرجاء الحرم، وتتنفس الإنسانية حريتها، فلا سيد ولا مسود، ولا كبير ولا صغير، ولا مأمور ولا أمير، ولا غني ولا فقير، هناك تتحقق المثل العليا؛ فتزول الشرور، وترتفع الأحقاد، وتعم المساواة، ويسود السلام، ويجتمع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم في صعيد واحد، لباسهم واحد، يتوجهون إلى رب واحد، ويدينون بدين واحد، هناك يتأكد أن وطن المسلم لا في التراب ولا فى الأحجار ، لكن في الإيمان: «إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ »، وفي الولاء لله ورسوله: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ"، وتتحقق تبعات هذا الولاء من الحب والإخوة والنصرة، ولا بد أن يتحقق هذا الولاء في حياة الأمة. وكان إبراهيم بن إسحاق يدعو «اللهم قد آويتنى من ضناى ، وبصرتنى من عماى، وأنقذتنى من جهلى وجفاى، أدعوك فى مواقف الأنبياء، ومناسك السعداء، ومشاهد الشهداء، أدعوك دعاء من ليس لذنبه سواك غافرا، ولا لعيبه غيرك مصلحا، ولا لضعفه غيرك مقويا، ولا لكسرة غيرك جابرا، ولا لمأمول خير غيرك معطيا .. اللهم وقد أصبحتُ فى بلدٍ حرامٍ ، فى يوم حرامٍ ، فى شهرٍ حرام ، فى قيام من خير الأنام، أسألك ألا تجعلنى أشقى خلقك المذنبين عندك، ولا أخيب الراجين لديك، ولا أحرم الآملين لرحمتك، ولا أخسر المنقلبين من بلادك، اللهم وقد كان من تقصيرى ما قد عرفت، ومن مظالمى ما قد أحصيت، فكم من كرب منه قد نجيت، ومن غم قد جليت، ومن هم قد فرجت، ودعاء قد استجبت، وشدةٍ قد أزلت، ورخاء قد أنلت، منك النعماء، وحسن القضاء، ومنى الجفاء، وطول الاستقصاء، والتقصير عن أداء شكرك».