صرف 40 ألف جنيه إعانة عاجلة لأسرة سائق سيارة المعلمين المتوفى في حادث المراقبين بقنا    «برج العرب التكنولوجية» تفتتح ثالث فروع جامعة الطفل بالشراكة مع نادي سموحة (صورة)    بالاسم ورقم الجلوس.. ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية ببنى سويف 2025    مجلس النواب يوافق نهائيا على مشروع قانون تنظيم ملكية الدولة فى الشركات    إخلاء وحدات الإيجار القديم فورا في هذه الحالات، تعرف عليها    حالات حصول مستأجري الإيجار القديم على وحدات سكنية من الدولة    رئيس الوزراء يلتقى الرئيس الإقليمى لمجموعة فنادق "حياة" العالمية    وكالة الطاقة الدولية تخفّض توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال 2025 و2026    محافظ المنوفية يستقبل وفد التحالف الوطنى على هامش قافلة "إيد واحدة" الشاملة بقرية العراقية    محافظ الجيزة: إزالة 27 حالة بناء مخالف وتعد على أملاك الدولة فى البدرشين    شراكة قوية بين الصين وآسيا الوسطى تدعم السلام والتنمية الاقتصادية فى العالم (صور)    ترامب يحذر إيران من استهداف المصالح الأمريكية ويتوعد برد حازم    سفير مصر بالكويت: البيان العربى الإسلامى يدعم الاستقرار الإقليمي    الحرس الثورى: ننتظر اللحظة المناسبة للكشف عن الجيل الجديد من الصواريخ المتطورة    CNN: ترامب يواجه ضغوطا متعارضة من إسرائيل وحركته الشعبوية    لموسمين إضافيين، بي إن سبورتس تعلن سيطرتها على حقوق بث الدوري الإنجليزي    جدول مباريات اليوم: مواجهات نارية في كأس العالم للأندية ومنافسات حاسمة في الكونكاكاف    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    الجهاز الطبى للزمالك يقترب من الرحيل.. وتغييرات إدارية مرتقبة    اتحاد الكرة يبحث عن وديتين قويتين لمنتخب مصر قبل أمم أفريقيا    إغماءات وتشنجات، ماذا فعلت امتحانات الثلاثاء بطلاب الثانوية العامة في الشرقية؟    رئيس منطقة الإسماعيليّة الأزهرية يتابع سير امتحانات الشهادة الثانوية    نقيب المعلمين: 40 ألف جنيه لأسرة سائق لقى مصرعه فى حادث مراقبين قنا    حملات تفتيش مفاجئة على 42 منشأة غذائية بالقاهرة    الداخلية تضبط 158 قطعة سلاح و392 قضية مخدرات خلال 24 ساعة    26 عرضا مسرحيا بالدورة 47 من المهرجان الختامي للفرق المسرحية    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    إقبال كبير على عروض مسرح الطفل المجانية    وزير الزراعة: المتحف الزراعي يقدم صورة مشرفة للتراث الزراعي المصري    محافظ أسيوط يستقبل سفير الهند بمصر لبحث سبل التعاون المشترك    أحمد فتحى ضيف معتز التونى فى خامس حلقات برنامج فضفضت أوى غداً    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    ما حكم الصلاة بالقراءات الشاذة.. دار الإفتاء تجيب    الجامع الأزهر: حب الوطن غريزة متأصلة والدفاع عن قضايا الأمة يجسد منهج النبوة    مستشفيات الدقهلية تستقبل 328 ألف مواطن خلال مايو (صور)    وزير التعليم العالي يفتتح مستشفى الجراحة ببنها الجامعي (فيديو وصور)    رئيس جامعة المنوفية يستقبل فريق تقييم الاعتماد المؤسسي للمستشفيات الجامعية    طريقة عمل البيتزا بعحينة هشة وطرية وسهلة التحضير    "الصحة" تواصل تقييم أداء القيادات الصحية بالمحافظات لضمان الكفاءة وتحقيق الأهداف    إسرائيل تعلن اغتيال أبرز مسؤول عسكري إيراني معين حديثا    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    طلاب المنوفية يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الثانية وسط إجراءات مشددة    «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    عميد طب قصر العينى يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    طقس اليوم الثلاثاء.. استمرار انخفاض الحرارة والأمطار تعود للسواحل المصرية    تغييران منتظران في تشكيل الأهلي أمام بالميراس    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    «غاضب ولا يبتسم».. أول ظهور ل تريزيجيه بعد عقوبة الأهلي القاسية (صور)    مسؤول أمريكي: ترامب يوجه فريقه لمحاولة ترتيب لقاء مع مسؤولين إيرانيين    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    مباحث الفيوم تتمكن من فك لغز العثور على جثة شاب مقتول بطلق ناري    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب جمال عبد الناصر غاب فى صمت ومعه أسرار الوحدة والانفصال.. رحيل «السلطان الأحمر» عبد الحميد السراج
نشر في الأهرام العربي يوم 29 - 09 - 2013


أسامة الألفى
بغياب السياسي السوري الأصل عبد الحميد السراج، نائب الرئيس جمال عبدالناصر، في أول تجربة وحدوية عربية شهدها العصر الحديث تحت اسم "الجمهورية العربية المتحدة"، تنطوي صفحة مجيدة من تاريخ إنسان آمن بوحدة أمته وعمل من أجلها حتى النفس الأخير.
مات السراج عن 88 عامًا، ورحل في صمت مثلما عاش سنواته الأخيرة، ومن المصادفات أن تجيء وفاته قبل ستة أيام من ذكرى رحيل قائده ومعلمه جمال عبدالناصر، ولم يكتب السراج مذكراته ولم يزايد على وطنيته كما فعل كثيرون غيره، وإنما ظل وفيًا للفكر الذي آمن به والقائد الذي اتخذه مثله الأعلى، وعاش في مصر حاملاً جنسيتها، رئيسًا لهيئة التأمينات والمعاشات إلى ما قبل سنوات حتى أجبره الزمن والعمر على التقاعد والتوارى في هدوء.
حكاية السراج مع عبد الناصر بدأت بنجاح الأول في إفشال ما عُرف ب"المؤامرة العراقية" لإسقاط الوحدويين في سوريا عام 1956، إذ لفت إخلاص الضابط الشاب عبد الحميد السراج، لحلم الوحدة انتباه الزعيم الذي كانت الوحدة الغاية التي كرس لها حياته، لهذا فما كادت الوحدة بين مصر وسوريا تتم عام 1958، حتى بادر ناصر بتعيينه وزيرا للداخلية، ليكون عينيه وأذنيه وذراعه الحديدية بالإقليم الشمالي، إيمانًا منه بقدراته البوليسية والاستخباراتية التي تبدت خلال رئاسته "المكتب الثاني"، وبالفعل نفذ السراج ما أراده عبد الناصر وبدأ نفوذه في الإقليم الشمالي يتنامى، ومع تناميه بدأ الصدام مع نائب عبدالناصر في حكم سوريا المشير عبد الحكيم عامر، مما حدا بناصر وقد أدرك بذكائه استحالة استمرار الرجلين العسكريين معا إلى التدخل، ولم يكن بمقدرته أن يتدخل ضد رفيق عمره ونائبه الأول وقائد جيشه، لذا كان قراره بإبعاد السراج إلى موقع آخر، عبر ترقيته نائبا لرئيس الجمهورية بصلاحيات بسيطة، أي أعطاه كما يقول المثل الإنجليزي "شلوت لفوق".
وقد سعى الكثيرون في محاولة لتبرئة ذمة عبد الناصر وعامر من تهمة التسبب في انفصال سوريا في 28 سبتمبر 1961، إلى إلصاق التهمة بالسراج مؤكدين أن سياسة القبضة الحديدية التي اتبعها، هي ما أدت إلى قيام الانقلاب ومن ثم فشل أول تجربة وحدوية عربية معاصرة، وهو اتهام يجانب الواقع والحقيقة، وينفيه أول ما ينفيه أن قائد الانقلاب عبد الكريم الحوراني، كان من أقرب مساعدي المشير عبد الحكيم عامر، إذ كان مدير مكتبه. وأنا هنا لست بصدد تبرئة السراج من الخطأ، فقد كانت له أخطاء بلا شك، ولكنها كانت من بين عوامل عدة أدت للانفصال، ولم تكن سببًا مباشرًا فيه، ويأتي في مقدمة هذه العوامل، أن الوحدة قامت على أسباب عاطفية أكثر منها عملية وعلمية، فلم تصمد لعوامل الزمن والممارسات السياسية الخاطئة والكيان البوليسي الذي كرسته قيادة دولة الوحدة، إذ لم يفهم النظام الناصري أن الوحدة لكي تستمر يجب أن تعطي للمواطن في الإقليمين نفس الدرجة من الاهتمام والاحترام، فنقل الوزارة السورية للقاهرة غير عابئ بما يمثله هذا من جرح لمشاعر السوريين، وعمد لتأمين حكمه عبر وضع مصريين في مواقع حساسة داخل السلطة المدنية والعسكرية بالإقليم الشمالي، وقد تعالى بعض هؤلاء على زملائهم السوريين، مما نشر السخط بين الأخيرين، بل إن حالة السخط تنامت حتى بلغت الجيش بعد حركة تصفية لكفاءات قديمة من الجيش السوري، ذلك الجيش الذي كانت قياداته سببًا في قيام الوحدة، كما تم نقل بعض المشروعات من الإقليم الشمالي للإقليم الجنوبي، وكذلك نقلت صفقات سلاح سوفيتية كانت مقررة للجيش السوري ووجهت للجيش المصري، وجاءت قرارات التأميم في يوليو 1961، لتضيف إلى أخطاء القيادة السياسية خطأ جديدًا، إذ إن هذه القرارات لم تأخذ في اعتبارها الاختلاف الحاصل في طبيعة القطرين الاقتصادية، فكان في هذه العوامل ما سرّع قيام قادة الانقلاب عبد الكريم النحلاوي، وحيدر الكزبري، وموفق عصاصة، بعمليتهم، وما استتبع هذا من حصار استراحة المشير عبد الحكيم عامر، ثم فك الحصار والسماح له بالعودة للقاهرة بعد إنذار قوي من ناصر.
ولعل في اعتقال قادة الانفصال لعبد الحميد السراج، ووضعهم إياه في سجن المزة ما يعطي انطباعًا بمدى تخوفهم منه، واستعدادهم لتصفيته في الوقت المناسب، وهو ما أدركه عبد الناصر، فبادر عبر معاونيه بتنفيذ خطة لتهريبه مع حارسه إلى بيروت ومنها إلى القاهرة، وكانت خطة ناجحة وضعها رجل المخابرات الكبير اللواء محمد نسيم (صانع رأفت الهجان) وشارك في تنفيذها وسامي شرف، وعبد المجيد فريد، تمت بموافقة رئيس لبنان اللواء فؤاد شهاب، وبمشاركة السياسي الوحدوي اللبناني كمال جنبلاط، ومن سجن المزة إلى مطار بيروت إلى القاهرة كانت رحلة الهروب الناجحة، واستفاق الشعب صبيحة اليوم التالي على خبر موجز نشرته جميع الصحف دون تفصيلات:"استقبل السيد الرئيس جمال عبدالناصر السيد عبد الحميد السراج".
يرحم الله السراج ويتجاوز عن أخطائه فقد وهب حياته لحلم الوحدة العربية، وحين مات حلمه ماتت آماله، فعاش في صمت ومات في صمت، وهكذا تكون مصارع الرجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.