حسناء الجريسى احتدم النقاش فى الشارع المصرى حول محاولات إقصاء جماعة الإخوان المسلمين عن المشاركة فى الحياة السياسية، كما دار السجال حول وجود حزب النور فى العملية السياسية وأنه سيكون البديل لتلك الجماعة التى فقدت مصداقيتها فى الشارع المصرى، خصوصا بعد العنف البين الذى ارتكبته فى حق الشعب المصرى واستهدافها لجهازى الشرطة والجيش. المفكر السياسى جمال أسعد من المفكرين الوطنيين الذين دائما ما توجه آراؤهم مصلحة الوطن، لذا كان أحد الداعين إلى وجود أجندة وطنية تبنى ولا تهدم. بداية كيف ترى الوضع الراهن فى مصر؟ بلا شك الوضع الراهن فى مصر يؤكد أن هناك استقطابا سياسيا واضحا ما أدى إلى قسمة الشعب، لذلك لابد أن نتوحد معا حتى نبنى مصر الجديدة، فالتجربة السابقة أثبتت لنا أنه لا يمكن لفصيل واحد حكم مصر فى المرحلة الحالية، ولا يصح دخول الدين فى السياسة فالشعب هو الذى اخترع ذلك، لا أحد يزايد على دينه، أؤمن بالتعددية وفصل المصالح الشخصية عن العمل السياسى، وحتى نعبر هذه المرحلة بسلام وتعود مصر لكل المصريين لابد من وضع أجندة وطنية واضحة يطلع عليها كل المصريين . هناك دعوات تنادى بإقصاء التيار الإسلامى عن المشاركة فى العملية السياسية.. كيف ترى هذا الأمر؟ التيار الإسلامى هو تيار موجود، ولا أحد يملك أو حتى يتصور أن بامكانه أن يمحو تياراً أو يلغيه، لكن هناك معايير فعلية هى التى يتم التوافق عليها حتى يحق للجميع المشاركة فى العملية السياسية، فعندما نتحدث عن التيار الإسلامى، لابد أن تكون خطة الطريق واضحة لكل مصرى أيا كان انتماؤه، لكن هذه المشاركة لابد أن تكون بناء على مباديء واضحة يوافق عليها الجميع. وأعتقد أنه لا يوجد فى الحياة السياسية ما يسمى بإقصاء الآخر، وهذا لايتفق مع المبادىء الثورية فإذا طالبنا بالإقصاء هنا نقول: إن ما قمنا به ليس ثورة، فالثورة تعنى حق المواطن فى الحرية والكرامة والمشاركة السياسية لكن بشروط قانونية، يمكن أن تسلب السلطة من جماعة الإخوان، لكن لايمكن لأحد إلغاء فكر موجود، فإذا لم نسمح لفكر معين أن يشارك فى الحياة السياسية ستكون هناك أمور تضر بمصلحة الوطن فلا إقصاء بلا قانون. قولك يدفعنى للتساؤل ما الفرق بين تجربة الإخوان المسلمين فى مصر ونظيرتها فى تركيا؟ علم السياسية يقول إن لكل بلد ظروفه ولكل وطن نشأته وهويته السياسية، وهو علم متصل بمجمل العلوم المختلفة والمرتبطة أيضا بالعادات والتقاليد، وعندما نتحدث عن الديمقراطية فى الشرق نؤكد تماما أنها تختلف عن الغرب، لذلك فالتجربة السياسية فى تركيا تختلف عن تجربة مصر، وذلك لأن ظروف تركيا مختلفة عنا، رجب طيب أردوغان عندما جاء إلى مصر إبان حكم "مبارك" ادعى أنه علمانى واليوم هو يتضامن مع الإخوان المسلمين. وماذا عن ماليزيا؟ تجربة ماليزيا تجربة فريدة من نوعها هى بلد استطاع النهوض بنفسه نتيجة الرؤى المتقدمة ولا أحد ينكر فضل مهاتير محمد بعد ما كانت فى القاع أصبحت ماليزيا من أوائل الدول المتقدمة. برغم الانقلابات العسكرية التى شهدتها تركيا فإن الإسلام السياسى هناك نما فى مناخات أكثر ديمقراطية من التى شهدتها مصر.. ما تفسيرك لهذا الأمر؟ أرى أن العادات والتقاليد والممارسات التاريخية هى جزء من نجاح النظام أو فشله، عندما نتحدث عن النظام التركى، فتركيا من خلال تراثها وتجربتها الديمقراطية وعلى الرغم من سيطرة القوات المسلحة على التيار السياسى بمجمله، لكن هذا التيار وتلك الممارسة هى التى أتت بتجربة حزب الحرية والعدالة، واستطاع أردوغان أن يستثمر هذا الحزب فى وصوله للسلطة، وبدأ يتعامل مع المواطن العادى لكسب مصداقيته، لذلك فإن فكرة العلمانية التى يرفع لواءها لا يستطيع أحد مواجهتها، وعلى المستوى المعاش هناك مد إسلامى فى المجتمع التركى يمكن فى المستقبل القريب أن يسقط العلمانية ويرفع الشعار الإسلامى، فالنموذج التركى والماليزى كل له تجربته الخاصة . الإخوان المسلمون فى سوريا والعراق والكثير من الدول العربية يعلنون ولاءهم للإخوان فى تركيا.. ما تعليقك؟ التنظيم الدولى لجماعة الإخوان هو تنظيم يعطى حرية الحركة لكل تنظيم محلى، جماعة الإخوان فى مصر وسوريا وتركيا لها حرية الحركة فى اتخاذ القرار مع أوضاع الدولة والعادات، لذلك نظرا للقرب الجغرافى لهذه الدول يمكن أن تكون متأثرة بالقرار السياسى التركى. هناك أقاويل تدور فى الشارع المصرى بأن حزب النور هو القادم بعد فشل نظامى "مبارك"و "مرسى" ما رأيك إذن؟ نحن لا ننكر أن الشعب المصرى متدين وأن العاطفة الدينية عند المسلمين والمسيحيين متأججة، ومن يتعامل مع العاطفة الدينية يكسب، ومن هنا لاننكر أن التيار الإسلامى بمجمله بعد ثورة 25يناير تعامل مع العاطفة الدينية، ومن هنا نقول لأى حزب سياسى لا هوية إسلامية إذا لعب على العاطفة الدينية، وأعتقد أن البرنامج السياسى هو الفيصل لاختيار المواطن للحزب الذى يريده، لذلك لابد أن يصدر قانون تلغى من خلاله الممارسات الدينية فى السياسة والشعارات الدينية فى الانتخابات، وأعتقد أن هذا سيكون مجالا خصبا لنجاح الديمقراطية فى الحياة السياسية. من قبل طالبت البابا تواضروس بالابتعاد عن السياسة لأن تدخل الكنيسة فى السياسة مشكلة كبيرة تسىء للأقباط .. لماذا؟ تدخل الكنيسة فى السياسة والادعاء بأنها تمثل الأقباط سياسيا يعطى فرصة للدولة أن تتنازل عن تقديم الخدمات وحل مشاكل الأقباط، بل تعتبرهم مواطنين تابعين للكنيسة وليسوا تابعين للدولة وبالتالى تنتهك حق المواطن . الأمر الثانى هو أن المواطن القبطى يهاجر إلى الكنيسة تاركا الوطن بعيدا عن المشاركة السياسية مما يجعله يتنازل عن حقه السياسى فى المشاركة السياسية. ظهور الكنيسة بمظهر المدافع عن مشاكل الأقباط يثير مناخا طائفيا لدى المواطن المسلم العادى الذى يعانى المشاكل ولا يجد أزهرا بديلا للكنيسة يدافع عنه ويحل مشاكله مما يزيد عملية الحقن من المسلمين للأقباط، لذلك تتكرس الطائفية ويترعرع المناخ الطائفى الذى وجد فرزا طائفيا وفرزا طائفيا ثانيا ووجود فرز مسلم ومسيحى بدلا من التعامل على فرز مصرى مصرى . ما تفسيرك لموقف الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا والدانمارك الداعم للإخوان المسلمين فى مصر برغم الأعمال الإرهابية التى يقومون بها؟ منذ ثلاثة عقود وأنا أقول بإننى ضد التدخل الأجنبى والتعاون معهم لأى سبب من الأسباب، وكان ذلك بحجة حماية مصالح الأقباط فى مصر ، فالتاريخ والواقع يؤكدان أن هذه كذبة كبيرة، وهذه الدول لا تعرف سوى مصلحتها ولا تسعى لغير ذاتها ولا تعيها مشاكل الآخرين، وإذا كانت أمريكا تهتم بمشاكل الأقباط ما كان حدث ما حدث، دائما كنت أقول إن أقباط المهجر غير وطنيين فهم يساعدون على التدخل الأجنبى فى مصر والتجربة أكدت أن هذه الدول كل ما يعنيها هو مصلحتها السياسية التى تراها مع جماعة الإخوان المسلمين وليس مع الشعب. كيف ترى موقف البرادعى؟ عندما جاء البرادعى إلى القاهرة قلت إنه ظاهرة إعلامية لا علاقة لها بالسياسة ومن يدعى أنه أيقونة الثورة فهؤلاء ليسوا ثوارا، ومن الغباء أن نقول إنه مفجر ثورة 25يناير، فالثورة عمل تراكمى تاريخى يؤدى إلى تغيير موضوعى يتفق مع الظرف الذاتى، والثورة بينت تراكمات نظام سياسى، مقالات معارضة للنظام، مظاهرات اعترضت على هذا النظام وكانت حركة كفاية أول من أعلنت شعار لا للتوريث ويسقط مبارك» فهذه هى أدوات الثورة التى لا علاقة لها بالبرادعى من قريب أو من بعيد، البرادعى لم يكن أيقونة الثورة وعندما وقع عليه الاختيار ليكون نائبا لرئيس الجمهورية فى الخارج لم يحرك ساكنا خارج القاهرة لتوضيح الصورة، هذا هو البرادعى وكفى عليه. من وجهة نظرك لمن الحكم فى الجمهورية الثالثة؟ قلت سابقا لا يمكن لفصيل واحد أن يحكم مصر، فإذا كان الشائع فى الشارع المصرى أن الجمهورية الثالثة ستكون لحزب النور فلن يتم هذا دون المشاركة والاتفاق بين كل القوى السياسية الموجودة على الساحة بأى طريقة كانت، ولا يمكن أن تترك الفرصة لأى فصيل سياسى يستغل مكانته حتى لا نعيد المأساة مرة ثالثة، وهنا أقول للأغلبية أن تحكم فى إطار القواعد العامة التى تحتوى الأقلية مع الأغلبية . ماذا عن الدستور المقبل من وجهة نظرك؟ الدستور هو المعركة الكبرى، فلا شك أن دستور 2012 كان مختطفا من التيارات الإسلامية، بلا شك لذلك فصلوا الدستور كما يريدون وركزوا على ما يسمى بالهوية الإسلامية سواء فى المواد 2و5و219، كل هذه المواد أكدت الهوية الدينية للدولة، بلا شك الدستور المقبل فى تعديلاته لابد أن يراعى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وبالتالى سيكون هناك صراع بين التيار الإسلامى الذى سيؤكد على هوية الدولة وبين التيار الآخر الذى يريد دولة مدنية، وهنا تبدأ المشاحنات والتساؤلات هل التيار الإسلامى سيشارك فى لجنة ال 50، وإذا لم يشارك هل سيكون هناك صعن مقدم منهم؟ هل سيكونون مع الاستفتاء لتأييد الدستور أم نقيض ذلك، هناك معركة حقيقة على إقرار الدستور لا يجب أن نغفلها.