فوز 3 طلاب بجامعة أسيوط بمنحة للدراسة بجامعة كاستامونو بتركيا    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع جولة الإعادة بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام المصري بالأكاديمية الوطنية للتدريب، الإثنين    مصر والولايات المتحدة الأمريكية تبحثان سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة    رئيس جهاز تنمية المشروعات: سنعمل على مضاعفة التمويلات لشباب بورسعيد خلال المرحلة المقبلة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القبرصي تفعيل وتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    أمم افريقيا 2025| التشكيل الرسمي لمنتخب بوركينا فاسو أمام غينيا الاستوائية    هيثم عثمان حكمًا لمباراة الزمالك وسموحة بكأس عاصمة مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    تليجراف: عمر مرموش يقترب من مغادرة مانشستر سيتي في يناير    تأجيل محاكمة كتيبة الإعدام لقتلهم سائق توك توك فى شبين القناطر لمارس المقبل    ريهام عبدالغفور تطالب بمحاسبة من انتهكوا خصوصيتها في العرض الخاص لفيلم خريطة رأس السنة    جامعة أسوان تشارك في احتفالية عالمية لعرض أكبر لوحة أطفال مرسومة في العالم    جامعة بني سويف تسلم أول مقررات دراسية بطريقة برايل لطالبة من ذوي الإعاقة البصرية    انفجار عبوة ناسفة بناقلة جند إسرائيلية في رفح الفلسطينية    بث مباشر.. الجزائر تبدأ مشوارها في كأس أمم إفريقيا 2025 بمواجهة نارية أمام السودان في افتتاح المجموعة الخامسة    تواصل الاشتباكات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    الحبس 3 أشهر للمتهمة بسب وقذف الفنان محمد نور    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم بحضور أحمد سعيد عبد الغنى    أصداء أبرز الأحداث العالمية 2025: افتتاح مهيب للمتحف الكبير يتصدر المشهد    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    السكة الحديد: تطبيق التمييز السعري على تذاكر الطوارئ لقطارات الدرجة الثالثة المكيفة.. ومصدر: زيادة 25%    سبق تداوله عام 2023.. كشفت ملابسات تداول فيديو تضمن ارتكاب شخص فعل فاضح أمام مدرسة ببولاق أبو العلا    أكاديمية مصر للطيران للتدريب و"سال" السعودية توقعان اتفاقية تعاون استراتيجي لتعزيز التدريب    «أبناؤنا في أمان».. كيف نبني جسور التواصل بين المدرسة والأهل؟    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    حسام بدراوي يهاجم إماما في المسجد بسبب معلومات مغلوطة عن الحمل    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    أمم أفريقيا 2025| تفوق تاريخي للجزائر على السودان قبل مواجهة اليوم    الداخلية تكشف حصاد 24 ساعة من الحملات المرورية وضبط أكثر من 123 ألف مخالفة    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى ويعقبه مؤتمر صحفي    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    بولندا: تفكيك شبكة إجرامية أصدرت تأشيرات دخول غير قانونية لأكثر من 7 آلاف مهاجر    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الإيراني أهمية خفض التصعيد وإتاحة فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد قدكت 3.5 مليون خدمة طبية وعلاجية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    دبابات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    محمد إمام يكشف كواليس مشهد عرضه للخطر في «الكينج»    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار أشرف العشماوى: القضاة لا يصلحون للعمل السياسى..ومرسي حفر قبره بيده!
نشر في الأهرام العربي يوم 13 - 08 - 2013


دينا توفيق
فى روايته زمن الضباع كانت له عبارة معناها هو ما نراه اليوم بعد أن حيك بليل دستور جامح وعاش الشعب المصرى يرزح لعام كامل تحت حكم لا يرى إلا نفسه وعشيرته .. العبارة هى «كلما غابت الأسود الحقيقية فى كل المجالات سوف تظهر الضباع حتما» وكأن روايته تلك ومن بعدها روايته «المرشد» – التى ليس بالطبع بطلها هو محمد بديع – ولكنها رسمت خطوطاً نفسية وفكرية عبقرية لما كان يجب أن نلتفت له، ونحن نبحث عن العدل والحرية والعدالة الاجتماعية بعد ثورة يناير .. ولكنه وكما قالها لى كما لو كان عرافاً فى حوار سابق لى معه منذ شهور بأن مصر ستعيش هذا العام «عام الحسم» وصدقت نبوءته .. وبكل الفخر ينزل 30 يونيو ويرفع رأسه كقاضٍ مصرى ويقول لى منبهاً وبحزم أتمنى أن يتم تنقيح جداول الانتخاب قبل انتخابات البرلمان، وإلغاء مجلس الشورى وإعادة النظر فى عدد الدوائر الانتخابية وإدخال التصويت الإلكترونى، وتفعيل القانون لتجريم الرشاوى الانتخابية، لأنه ببساطة كلما تعبنا فى وضع قواعد دستورية وقانونية حاكمة لمستقبلنا سنتلمس طريقنا بيسر وسهولة .. تلك كلمات المستشار أشرف العشماوى، قاضى التحقيق المُستقيل بشرف فى قضية التمويل الأجنبى .. إنه حوارنا مع قاض مصرى وروائى له آراء سياسية كملايين المصريين وله حساب على الفيس بوك يكتب فيه ما شاء من تعليقات ..
لابد وأن أستهل حديثنا يا سيادة المستشار بعلامات فارقة بالنسبة للشعب المصرى كله وبالنسبة لك أنت شخصياً كمصرى وكروائى وكقاضٍ .. والمقارنة بين ما حدث فى ثورة 25 يناير وما حدث يوم 30 يونيو.. أسألك عما حدث قضائياً وسياسياً؟
لست محللا سياسيا لكى أفيض فى الشرح بين الحدثين وإن كان كل منهما حدث جلل بالطبع، ولكن كمواطن وكقاض أقول إننى أؤمن بثورة يناير حتى الآن وسأظل مؤمناً بها ومنحازاً لها .. صحيح أننى لم أكن مشاركا منذ اليوم الأول مثلما فعلت فى 30 يونيو، ولكن لولا ثورة يناير ما كنا سنعرف حقيقة أشياء كثيرة .. وإذا ما كان لتلك الثورة فضل واحد فهو سقوط الأقنعة عن الكثيرين من الساسة والقضاة والإعلاميين والصحفيين وغيرهم .. حتى لو كانت هناك أخطاء أو اندفاع شباب فى الثورة الأولى، فهذا لا ينفى أبداً أن الشباب هم الذين حركوها وكانوا وقودها وهم الذين صححوا مسارها بعد عامين .. ويجب ألا ننسى فضل وائل غنيم وعمرو سلامة ومحمد دياب وشادى الغزالى ومصطفى النجار وغيرهم .. ولا يصح أبدا أن ننكر عليهم دورهم ووطنيتهم . حتى من اختاروا محمد مرسى يجب أن نحترم آراءهم فأنا ضد الإقصاء والتخوين، وكأن من يتحدث يملك الحقيقة المطلقة .. على سبيل المثال هناك من روج ومال رأيه لمحمد مرسى إيماناً منه بالتغيير وإعطاء الفرصة للغير وتداول الحكم، ثم عقب الإعلان الدستورى الكارثى تنبه وقال على الملأ أنا أخطأت وهذا نظام فاشى .. فهل من العدل أن نعلق له المشانق بعدها؟ بالعكس هذا رجل محترم فالرجوع للحق فضيلة .. نحن تنقصنا ثقافة الاختلاف حتى الآن ولو تحققت سيكون حوارنا أهدأ وأعمق وأكثر فائدة .. أما على المستوى القضائى، فهناك من تحفظ ولم يبح برأيه - بحكم طبيعة المهنة - على ثورة يناير وهذا أمر طبيعى تفرضه مهنة القاضى والتى تجعله بعيداً نحواً ما عن السياسة، ومن الصعب أن ينحاز بسرعة إلى طرف فى متغير كبير مثل يناير 2011 ..
وما الذى اختلف بعد ذلك ؟
مع ركوب الإخوان للثورة سرعان ما ظهر من يؤيدهم فى صفوف القضاء ثم انقلب التأييد إلى انحياز وشاهدنا قضاة يقفزون على المنصة بميدان التحرير ويعلنون نتيجة انتخابات رئاسة قبل إعلانها رسمياً، ثم تحول الأمر إلى عبث بتعيين نائب عام بطريق مخالف للقانون والدستور والأعراف والتقاليد والمنطق تماما .. وقد يكون هؤلاء القضاة قلة، ولكنهم للأسف كان لهم تأثيرهم بحكم نظرة المجتمع اليهم فعندما يتحدث القاضى ينصت الناس لأنهم يحسنون الظن بنا ويثقون فينا، ومن هنا أعتقد البعض أن حركة مثل قضاة من أجل مصر لها شعبية وتمثل غالبية القضاة فتولد لديهم شك فى المنظومة القضائية كلها خصوصا مع وجود بعض جوانب الخلل على الجانب الآخر تم تضخيمها .
وهنا ارسم لنا الصورة فى 30 يونيو؟
فى 30 يونيو تغير المشهد تماما يا سيدتى لأسباب كثيرة فى تقديرى أن أهمها اعتياد رئيس الجمهورية وجماعته وأفراد من عشيرته، كما كان يسميها الهجوم على القضاء وسبه ومحاولة النيل منه بالحق أو بالباطل، وهو أمر كنت أشعر معه بعدم موضوعية وقلة خبرة ودراية بأصول الحكم والسياسة وبتعمد إهانة مؤسسة عريقة بغرض هدمها، وفى ظنى أن تلك كانت واحدة من كبائر نظام محمد مرسى وتسببت فى القضاء عليه تماما، ومن سخرية القدر أن جاء بعده قاض يحكم مصر كلها لعله درس لمن يتدبر ويعمل عقله.
لك تاريخ مع الإخوان ؟
أنا بحكم عملى فى النيابة لسنوات طويلة أعرف الكثير من القيادات لتلك الجماعة وسبق لى التحقيق معهم، ولكن لم أكن أتصور أنهم يحملون فى داخلهم كل هذه الكراهية للقضاء، ولم يكونوا على هذه الدرجة من التطاول عليه يوما ما بل بالعكس كان يتظاهرون بود عظيم لنا أثناء التحقيقات، ويبدون سخطهم على نظام مبارك الذى يحيلهم إلى القضاء العسكرى بعضهم كان مذنباً بالفعل وبعضهم سيق للسجون لمجرد انتمائه لهذه الجماعة الدعوية التى ضلت الطريق بعد ما تولت عرش مصر -وهى جريمة فى قانون العقوبات، وإن كنت أرى أن عقوبتها مبالغ فيها نوعا ما - ولا أفهم سبب هذا التحول فى نفوسهم وعقولهم إلا أنهم كانوا يبدون غير ما يكتمون، وهو أمر صدمنى على المستوى الشخصى فى الكثيرين منهم فقد كنت أحسبهم غير ذلك .. إما أنهم بلا خبرة سياسية أو دراية بإدارة أمور الدولة، فهذا أمر كنت أعرفه عنهم مسبقا وسبق أن قلت لكِ تحديدا فى حوار سابق بجريدة الأهرام فى مارس الماضى إنهم لن يكملوا شهورا فى الحكم وسيخرجون من فشل إلى فشل أعظم حتى تكون نهايتهم، وسيكون 2013 عام الحسم وسيسقط هذا النظام للأبد وها هو قد سقط ولا أظنه سيتعافى أو يعود قبل سنوات طويلة جدا.
والتعليق على الأحكام القضائية ؟
أنا شخصياً لا أستطيع التعليق على أى أحكام صدرت بعد ثورة يناير، فلست ملماً أو مطلعاً على أوراق القضايا التى حكم فيها زملائى وأساتذتى من القضاة ولكن كلمة حق لا يريد الكثيرون أن يسمعوها ولكننى أرغب فى قولها، ألا وهى " لا تلوموا القاضى على حكم البراءة ولا تصفقوا له على حكم الإدانة، ففى الحالتين أنتم تسيئون للقضاء كله" لأن القاضى يؤدى مهنة ورسالة يحكمه فيها ضميره ووجدانه وأدلة الدعوى أمامه وغير مطلوب منه أكثر من ذلك .. القاضى لم ولن يحكم بعلمه الشخصى ولو فعل فإنه يكون قد أخطأ .
وماذا عن عبارة ترددت كثيراً فى الآونة الأخيرة ألا وهى تطهير القضاء ؟
ما يقال عن تطهير القضاء بعد ثورة يناير والآن بعد 30 يونيو أرى أن يتم التعامل معه مثلما هى الحال قبل الثورتين فمجلس القضاء الأعلى والتفتيش يحققان ومن يثبت إدانته يحال إلى لجنة عدم الصلاحية بعيدا عن الإعلام .. أما أن يقال هذا الكلام علنا فهو أمر يهز الثقة فى القضاء والقضاة وسنكون مثلما فعل رئيس الجمهورية السابق عندما وقف فى خطاب رسمى يهاجم قاضياً ويتهمه بالتزوير دون سند أو دليل ثم يتبين أنه حتى لم يقدم شكوى ضده هذه كانت مهزلة بكل المقاييس.
ما رأيك فيما جاء عن القضاة فى خطاب محمد مرسى الأخير ؟
أعتقد أن ما فعله الرئيس السابق مع القضاة لم يحدث فى أى بلد فى أى عصر حتى فى عصور الإنسان البدائى الأول، وعندما كنت أستمع إلى خطابه الأخير لم يكن عندى أدنى شك أنه يحفر قبره بيده فى سرعة وكأنه يستبق قدره قدر استطاعته !!
وما رأيك فيما يقال عن مشاركة القضاة فى السياسة على خلفية ما حدث قبل 25 يناير ونادى القضاة وترشيح البسطاويسى نفسه ثم ما حدث أثناء الثورة وحتى الآن ؟
عن مشاركة القضاة فى السياسة يجب التفرقة بين نوع هذه المشاركة، فأنا كمواطن يحق لى أن أشارك فى التصويت وأن أختار من يمثلنى والقانون لا يمنعنى حسبما يظن البعض، فمن حقى أن يكون لى رأى وأن أقوله، ولكن أن أسعى لكى أكون وزيرا أو أشارك فى الحياة السياسية من خلال حزب أو تيار أو حركة هذا أمر آخر لا يستقيم مع مهنة القضاء ومحظور قانونا بالتأكيد .. لذا تجدين أن المستشار هشام البسطاويسى قدم استقالته عندما ترشح للمنصب، لأنه يدرك معنى هذه القيم والتقاليد القضائية ويحترم القانون، وهو رجل مثقف وشديد الاحترام ولكن أنا على المستوى الشخصى أرى بصفة عامة أن القضاة لا يصلحون للعمل السياسى وقد أكون مخطئا، ولكننى مقتنع بأن تركيبة القاضى النفسية وطبيعة مهنته وتراكم خبراته القانونية على مر السنين تجعله حياديا رغما عنه، يميل للعدل بالفطرة يسعى لرد الحقوق لأصحابها ولا يجيد المناورة أو المراوغة ويحب الصراحة والصدق من أقصر الطرق، ولا يعقد صفقات ولا يقيم حسابا لتوازنات أو قوى أخرى .. وأنا هنا بالطبع أتحدث عن القاضى صاحب الفطرة السليمة والأصل الطيب وهم الغالبية العظمى، وبالتالى هل يمكن أن تتفق هذه الصفات مع مواصفات السياسى الذى يمتهن مهنة تقوم على فن الممكن ؟ أظن الإجابة واضحة ..
الأخوان مكى قبل وبعد الثورة أو قبل وبعد التجربة الرئاسية بمنتهى الصراحة ؟
لا أحب الحديث عن تقييم تجربة المستشار أحمد مكى، وزير العدل الأسبق والمستشار محمود مكى وإن كنت أحسب أن نواياهما كانت طيبة بحكم وطنيتهما وتاريخهما المشرف، ولكن ربما بحكم ارتباطهما معنويا أو أدبيا ببعض عناصر جماعة الإخوان قبِلا مناصب تنفيذية فى وقت صعب وظروف دقيقة بعد الثورة، ظناً منهما أنهما قد يفعلان شيئا لمصر أو وجدا فى نفسهما القدرة على ذلك ولكن واجهتهما صعوبات خارجة عن إرداتهما متمثلة ببساطة فى إرداة الجماعة ومكتب الإرشاد الذى كان يدير مصر ويحكمها، فقدما استقالتهما بعد ما تغلب ضمير القاضى على عقل السياسى .. وهو أمر يحسب لهما بالتأكيد ويؤكد ما قلته لكِ من أن القضاة لا يصلحون للسياسة.
هل تقبل منصباً سياسياً يغريك برغم كل ما قلته ؟
(يبتسم المستشار العشماوى ابتسامة لها معنى واضح )، بالمناسبة عندما يقول لى صديق أتمنى أن أراك وزيرا فهذا أمر يصيبنى بالإحباط لأن منصب القاضى أرفع وأسمى وفى أى بلد متحضر عندما أقدم نفسى بأننى قاض، أجد نظرة احترام لا تخطئها العين أبدا فلماذا أستبدل الأعلى بما هو أدنى ؟!
ماذا بشأن المجريات القضائية لسير قضية التمويل الأجنبى ومآخذك عليها فى تعليقات لم يتم نشرها على لسانك من قبل ؟
قضية التمويل الأجنبى التى شاركت فيها مع زميلى المستشار سامح أبوزيد كشفت حقائق كثيرة ربما باتت أوضح الآن لدى الكثيرين بعد صدور حكم فيها، ولكن أنا تركت القضية فى مارس 2012 منذ عام ونصف العام بعد واقعة تهريب الأجانب من مصر والقضية صدر فيها حكم من محكمة الجنايات وأنا لا شأن لى بها منذ أن تركت التحقيقات فيها، ولم يتعد دورى فيها التحقيق الجنائى وكنت مسئولا عن ملف المتهمين الأجانب فقط وأديت دورى وانتهت مهمتى ولم أظهر فى وسيلة إعلامية للتحدث عن خبايا أو كواليس تلك القضية ولا أظن أننى سأفعل يوما ما . فأنا لا أريد أن أكون فقرة مسائية فى سيرك الفضائيات المتجول لكى أحكى أسرارا أو أدعى بطولة ما، أنا أديت عملى وفقا للقانون المطبق فى مصر منذ عام 1946 ويجرم تلك الوقائع الخاصة بالمنظمات الدولية التى لا علاقة لها بحقوق الإنسان من قريب أو بعيد حتى لا نخلط الأمور ومن لديه اعتراض على حكم المحكمة فليطعن عليه أمام محكمة النقض، أما أنا فلن أتحدث عن ملابسات وظروف هذه القضية إعلاميا ولن أهاجم أى فصيل عبر وسائل الإعلام فهذا ليس دورى ولا من مبادئى.
ما رأيك فى معنى عودة المستشار عبد المجيد محمود وانصرافه عن المشهد بعد تسلمه عمله ومهامه ليوم أو بعض يوم؟
عودة المستشار عبد المجيد محمود كانت بحكم من محكمة النقض، وهو إن دل على شىء فإنما يدل على إعلاء قيمة وكلمة القانون فى الخلافات، وهو أمر حضارى لا شك فى ذلك، أما تنحيه بإرادته عن منصب النائب العام فأظن أنه أمر طيب حتى ينأى بنفسه عن الدخول فى خصومة مع من عزلوه .. وحسنا فعل.
كيف تقيم الوضع الراهن قضائيا وسياسيا بناء على موقف مؤيدى محمد مرسى والاتصالات التى يجرونها بالغرب وادعاءات عدم الشرعية؟
من وجهة نظرى أن ما حدث فى 30 يونيو ليس انقلابا عسكريا وإنما ثورة شعبية مبهرة بإرداة حقيقية على مدار أيام عزلت وخلعت نظاما فاشيا من جذوره وأراحت البلد من كابوس مخيف .. بصراحة هى أشبه بالمعجزة .. والحديث عن الشرعية والرئيس المنتخب والصندوق .. إلخ، هى كلمات حق يراد بها باطل فلا يمكن أن يأتى رئيس منتخب ويهدد أنصاره بحرق البلاد وإراقة الدماء قبل إعلان النتيجة ثم يصدر إعلانا كارثيا وليس دستوريا فى شىء، وهو قد اعترف بخطئه بالمناسبة فى هذا الإعلان، ولكن بعد فوات الأوان ثم يشكل لجنة غير محايدة لتضع أسوأ دستور شهدته مصر فى مهزلة عبثية على مدار ليلة كاملة لم تنم فيها مصر ولا غفت جفونها بعده، وصار العنف أشد بعد هذا الدستور الذى أدى إلى حالة انقسام غير مسبوقة فى المجتمع المصرى، برغم ما ادعاه الإخوان أن هدف الاستعجال فى الدستور هو الاستقرار !! لا شرعية لمن تحصن خلف إعلان دستورى وحصن قراراته ولا شرعية لمن يخرج 33 مليونا مطالبين برحيله وأكثر منهم لتفويض الجيش فى محاربة الإرهاب ولو كان هناك برلمان حقيقى منتخب لعزل مرسى فى جلسة لا تستغرق دقائق معدودات أما وإنه غير موجود، فإن الشعب قام بدور نوابه، والشعب أصدق لم تلوثه السياسة ولا تحركه الموائمات والمرونة والتوازانات، ولا شرعية لمن يتعمد إساءة استخدام السلطة ولو كانت هذه الأمور مقبولة فى عهود سابقة فيجب ألا تكون كذلك بعد ثورة ضحى فيها شباب بأرواحهم من أجل أن يجلس على عرش مصر من قفز على جثثهم قبل أن تبرد حتى دمائهم .. الحمد لله أننا تجاوزنا هذا الكابوس المخيف فى فترة وجيزة وأتمنى أن نتعلم من أخطاء الماضى وكفانا فترات انتقالية نريد أن نلتقط أنفاسنا ..
المحكمة الدستورية كغطاء للشرعية القانونية للبلاد كانت قد تم انتهاكها طويلا، وبعد أن أصبح رئيسها هو الرئيس الشرعى المؤقت للبلاد .. هل يمكن أن تتوقع أى تأثير لمؤيدى مرسى واتصالاتهم بالغرب لإسقاط تلك للشرعية ؟
دعينا نتحدث بالمنطق والقانون هل يوجد انقلاب عسكرى يأتى برئيس مدنى بل وقاض دستورى رئيسا لأكبر هيئة قضائية ؟! هل يوجد انقلاب يأتى بحكومة مدنية تكنوقراط؟ هل يوجد انقلاب عسكرى لا يحكم فيه العسكريون الذين قاموا به ؟ هل يوجد انقلاب يخرج فيه الشعب على مدار أيام وليال يبيت فى الميادين بالملايين ثم يتحرك الجيش كقوة لحمايتهم ثم نقول إن هذا انقلاب؟! فى ظنى أن من فى رابعة العدوية وميدان النهضة لديهم إحساس بالاغتراب عن المجتمع ويأس من التكيف معه مرة أخرى وهو سبب بقائهم أكثر من دفاعهم عن الشرعية أو عودة الرئيس السابق المشكلة بداخلهم أكبر وأعمق ويجب احتواؤهم بالتدريج لأنهم مثل من تجرد من ملابسه تماما أمام جمع غفير فلا يجد ما يتستر به من أعينهم، الجميع رأى سوءهم وفضائحهم وعلينا أن نتوقف ونحاول احتواء المسالمين منهم والمغيبين والمضطرين وأصحاب الحاجة الذين أجبرتهم ظروفهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية على المشاركة فى الاعتصام أما الإرهابيون منهم فلا حديث عن مصالحة مع إرهاب هذا أمر لا يقبله عقل أو منطق . نفس الشىء ينطبق على الإخوة السوريين المشاركين هم أصحاب حاجة فروا من بلادهم بسبب ما تعرضوا له من قمع وإرهاب فهل من المنطقى أن نسبهم لمشاركتهم فى اعتصام هم يدركون قبلنا أنهم قبلوه رغما عنهم فلا بديل أمامهم يجب على الدولة أن تحتويهم وتوفر لهم رعاية كريمة فى مخيمات أو منازل لائقة، بدلا من سبهم ليل نهار إعلاميا وكأنهم هم أنصار الرئيس المعزول ..
أنت قاض وروائى ولك وجهة نظر سياسية .. أريد أن تفسر لى تأثير كل دور منهم على الآخر ؟
القاضى يؤثر على الروائى لا شك ولكن العكس غير صحيح .. أنا أشعر بأننى أستقل عربة الأدب فى قطار القضاء وأنتظر أن تنفصل يوما ما .. الحمد لله لدى الآن قارئ يقرأ أعمالى وتعجبه ويمدحها ويبحث عنها ومبيعات كتبى فى زيادة وأثنى على أعمالى نقاد وكتاب كبار فى مصر وخارجها، وهو ما يلقى على بمسئولية يعاوننى فيها ناشر كتبى الأستاذ محمد رشاد الذى أعطانى فرصة ووقف بجانبى منذ أربع سنوات حتى الآن والكتابة بالنسبة لى هواية ولا تزال هى حياة أخرى موازية أعيشها كل يوم، أعلم أننى لن أرضى كل القراء بالطبع ولكننى أحاول أن أنقل أفكارى للآخرين لأكبر عدد ممكن بأسلوب بسيط ولا أدعى أبدا أننى أديب وإنما أنا روائى فقط وأقرأ كتابات الآخرين وأحترم من هم أصغر منى سنا وأرى فيهم موهبة كبيرة أقدرها لهم، وفى ذات الوقت أعتز بأسلوبى وطريقتى فى الكتابة وأجد متعة فيها أرجو أن تدوم .
الضباع يا سيدى .. كيف رأيتهم وتراهم .. لأنه قد مر بنا أنواع مختلفة منهم؟
روايتى الأولى زمن الضباع لم أقصد بها عصرا محددا بذاته، ولذا كتبت على غلافها عبارة تقول " عندما تغيب الأسود عن الغابة فاعلم أن مآل الأمر للضباع " وهذا ما حدث فى عصور كثيرة آخرها عندما أصدرنا إعلان 30 مارس بالاستفتاء المريب بنعم على رفض الدستور أولا، وحدث أن ظهرت أحزاب على مرجعية دينية غالبيتها متطرفة فى بلد يعانى الفقر والجهل أشد المعاناة - وأنا أقصد بالجهل انعدام الثقافة وليس التعليم بالمناسبة - ثم جثم الإخوان على أنفاس مصر حتى علا أنينها ولفظتهم فى يونيو الماضى .. وكلما غابت الأسود الحقيقية فى كل المجالات سوف تظهر الضباع حتما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.