تدخل مصر مرحلة جديدة، مهمة ومفصلية في تاريخها الوطني، فبعد ثورة يناير المجيدة، دخل شركاء الثورة في خلافات عقيمة، وانصرف الشباب من المشهد السياسي، وألقيت كل الأحجار علي القوات المسلحة التي لم يحسن مجلسها العسكري إدارة المرحلة الانتقالية، وان ذكر لة الفضل الكبير في الانحياز للشعب، وخلا المسرح السياسي بفعل سنوات طويلة من تجريف وتجفيف شرايين السياسة المصرية من أي قوة سياسية فاعلة، لكي ينتهي الأمر بتولي الإخوان سدة الحكم بإرادة شعبية وآمال عريضة، فإذا بهم يمارسون إقصاء منظما، وتمكينا متعسفا، وفشلا كبيرا في إدارة شئون الدولة، لكي يستفز هذا الوضع الذي لا يليق بمصر وثورتها المجيدة ملايين المصريين الذين استعادوا سريعا ذاكرتهم الثورية وانتفضوا هادرين في كل ميادين البلاد، محميين ومحصنين بقواتهم المسلحة العظيمة، وشرطتهم التي تسترد مكانتها في قلوب المصريين باضطراد، وهكذا جاءت ثورة 30 يونيو لتصحح انحراف المسار الذي انتاب ثورة 25 يناير، ولكي تبدأ صفحة جديدة ومرحلة واعدة من تاريخنا الوطني تلتقي فيها إرادة الشعب بالجيش بالشرطة، في ظل ترحيب ومباركة ودعم عربي غير مسبوق، وهو ما يبشر بانطلاقة مصرية كبيرة لو أحسن الجميع التعامل مع هذة الفترة الانتقالية الهامة التي ستؤسس للمستقبل بدرجة كبيرة . وفي الوقت الذي ندعو ونتمني أن ينجح السيد الرئيس المؤقت والحكومة المكلفة، المنوط بهما إدارة البلاد في الفترة الانتقالية، في ترجمة آمال وطموحات المواطنين، فإننا نرجو ألا تغالي القوي السياسية في سقف مطالبها، وان تحاول التركيز علي المشترك ونقاط الاتفاق بينها، وتقلل وتحد من أوجة الخلاف والشقاق، وان نتوقف جميعا عن الفكر التآمري، وترويج الإشاعات، ومحاربة النجاح، وأن نلتفت أكثر للعمل والإنتاج، وان نثق في قواتنا المسلحة بعد أن أثبتت المرة تلو الأخري انحيازها للشعب، وان نراقب الأطراف المسئولة عن الفترة الانتقالية ( رئيسا وحكومة وقواتٍ مسلحة ) مراقبة المعين الذي يتمني النجاح، لا مراقبة المتشكك والمترصد الذي يتوقع الفشل، ولنتذكر دوما أننا نحاول علاج آثار وتراكمات 30 سنة طويلة ترسخ فيها فساد كبير، وسنة كبيسة احتوت علي إقصاء وفشل فادح، بما يعني أنه لا توجد حلول سحرية، أو وصفات جاهزة، بل عمل وجهد وانتماء واجتهاد سيكلل بإذن الله بالنجاح في تحقيق الآمال، آمال الشعب في الحكم الرشيد، المبني علي الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.