عبدالخالق صبحى - عقود الصيانة والخدمات تشوبها مخالفات جسيمة، فكلها وفقاً للمادة الثانية من القانون 89 الصادر عام 1998، الخاص بالمناقصات والمزايدات باطلة، لأن من قام بالتوقيع عليها مدير إدارة المخازن والمشتريات بالوزارة، فيما نصت المادة على أن السلطة المختصة الممثلة فى الوزير شخصياً أو السلطة الأدنى منه مباشرة، هى المسئولة عن التوقيع على العقود وإبرامها، بما يعنى أن الوزير أو مساعده أو على أقل تقدير رئيس قطاع هم من يجوز لهم دون غيرهم التوقيع على أى عقود تتعلق بالوزارة. نتناول فى هذا التحقيق ثلاثة عقود تم إبرام اثنين منها بموجب مناقصة عام 2005، الأول عقد خدمات لأعمال النظافة والذى تمت ترسيته على الشركة العربية لأعمال النظافة، مع فرج محمد فرج بصفته مدير الشركة، بقيمة 36.7 ألف جنيه شهرياً، بإجمالى 440.400 جنيه سنوياً لأعمال نظافة مبنى القصر ومتحف التعليم ومكتبة الوزارة، وقاعة طه حسين والإدارة العامة للحاسب الآلى والمركز الاستكشافى للعلوم بحدائق القبة، والمركز الاستكشافى للعلوم بالملك الصالح والمركز الاستكشافى للعلوم بشبرا. العقد الثانى، يتعلق بأعمال نظافة فندق المدينة التعليمية بمدينة السادس من أكتوبر، والذى تمت ترسيته على مؤسسة جولدي تريد، ويمثلها مدحت عبدالودود عبدالحميد الحصرى، بصفته صاحب الشركة، وقيمته 39.899 ألف جنيه شهرياً بإجمالى 478.788جنيه سنوياً. العقد الثالث، والذى أبرم بناء على الممارسة العامة لاستئجار سعات فضائية على الأقمار الصناعية بسعة 20 ميجا هرتز لخدمة 1000 مدرسة عن طريق معدات اتصال VSAT فى جلسة 2010/7/18، وفقاً لكراسة الشروط والمواصفات التى قامت الوزارة بطرحها، والتى تمت ترسيته على شركة الكان للاتصالات ومقرها 8 شارع الجزائر بالمعادى الجديدة، وقام بالتوقيع عليه المهندس أحمد جلال، بصفته المدير التنفيذى للشركة، وبموجب العقد تلتزم الشركة بتأجير السعة القمرية 20ميجا هرتز فى الحزمة KU على القمر عربسات بدر 4 للطرف الأول (الوزارة) بقيمة إجمالية سنوية 5.5 ملايين جنيه، أو حوالى 460 ألف جنيه شهرياً، وتسدد القيمة الإيجارية بواقع دفعات ربع سنوية تسدد مقابل فواتير تقدمها الشركة كل 3 أشهر وتستحق السداد بحد أقصى 45 يوماً من تاريخ تسليم الفاتورة لإدارة المشتريات. عقود الصيانة والخدمات السالفة الذكر تعد كلها باطلة من الوجهة القانونية لتجاوز الاختصاص فى السلطة، لأن المادة الثانية من القانون 89 تشترط توقيع الوزير عليها كطرف أول أو من ينوب عنه وهو السلطة الأدنى منه مباشرة، بينما التوقيع عليها جاء من جانب منى عبدالعزيز محمود، مدير إدارة المشتريات والمخازن بالوزارة، وهى وفقاً للقانون غير مخولة بالتوقيع أو إبرام مثل هذه العقود، حتى لو صدر لها تفويض مباشر من الوزير بالتوقيع نيابة عنه، حيث يعد التفويض نفسه باطلاً إن وجد. المخالفة الثانية، تتمثل فى عدم قانونية استمرار العقود زيادة على 25٪ من مدة العقد، بينما العقود سارية وتجدد سنوياً من عام 2005 و 2010. فوفقاً لإفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، والتى أفتت بعدم جواز زيادة الكميات أو مدة التعاقد بما يجاوز 100٪ من قيمة العقد الأصلى، وإلا أصبح تحايلاً على أحكام قانون المناقصات والمزايدات يستوجب المساءلة الجنائية والتأديبية. فالفتوى رقم 8874 فى 1999/9/20، ملف رقم 244/2/8 تؤكد أنه لا يجوز أن تكون الأعمال الأصلية قليلة بالتنسيب إلى الأعمال الإضافية على نحو يجعلها تابعة للأعمال الإضافية، وإلا كان ذلك مدعاة للتحايل على القانون بطرح جزء من العملية، ثم تكملة الباقى بعيداً عن مجال المنافسة والوصول إلى أقل الأسعار. وكان من الواجب وفقاً للفتوى على مساعد الوزير للتطوير الإدارى الدكتور طارق الحصرى، الذى يقوم سنوياً، بمناقشة ميزانية الوزارة فى البرلمان، بوقف إهدار المال العام فى مشتريات الوزارة، ووقف تسهيل الاستيلاء عليه من قبل المسئولين عن الشئون المالية بالوزارة بحكم منصبه كمشرف على الشئون المالية والإدارية على مدى العامين السابقين، وهو ما لم يتم. من ناحية أخرى تجدد الوزارة عقود صيانة تم إبرامها منذ سنوات لأجهزة تم توريدها من تسعينيات القرن الماضى، هذه الأجهزة تقادمت ولم تعد تصلح للاستعمال إضافة إلى أن قيمتها السعرية فى السوق وصلت إلى أدنى ما يكون. حيث لا تتجاوز قيمة أحدها عشرات الجنيهات فيما يصرف على صيانتها مئات الآلاف من الجنيهات، ما يعد إهداراً للمال العام، سواء فيما يصرف عليها فى الصيانة بخلاف أسعار قطع الغيار. وهى كلها أجهزة بالية يجب تكهينها منذ سنوات لظهور أحدث منها وأرخص حتى من مصروفات صيانتها. على سبيل المثال سددت الوزارة لإحدى الشركات مبلغاً وقدره 51.453ألف جنيه مقابل توريد قطع غيار لماكينات تصوير خلال فترة لا تزيد على ثلاثة أشهر ونصف الشهر فى المدة من أول نوفمبر 2012، وحتى 18 فبراير 2013. كما سددت حوالى 26 ألف جنيه لإحدى الشركات المتخصصة فى مهمات المكاتب مقابل صيانة آلات تصوير وأجهزة فاكس خلال عام يبدأ من 2012/11/1. وسددت 375 ألف جنيه لإحدى شركات نظم المعلومات لصيانة أجهزة بانوراما لم تعد قيمتها كلها لو بيعت تتجاوز مئات الجنيهات. وسددت لإحدى شركات التجارة والاتصالات أكثر من 40 ألف جنيه مقابل صيانة شبكة التليفونات والسنترالات، وحوالى 16 ألف جنيه لإحدى الشركات مقابل صيانة آلات تصوير اعتباراً من 1 يناير 2013، ولمدة عام، وحوالى 21 ألف جنيه لصيانة أجهزة كمبيوتر وملحقاتها بمركز تطوير المناهج والمركز الاستكشافى للعلوم، و88 ألف جنيه لصيانة آلات تصوير، و26 ألفاً لآلات تصوير ماركة أخرى، و33 ألفاً لصيانة أنظمة صوتيات ومرئيات و17 ألفاً لآلات العدد بالمطبعة السرية، و13 ألفاً لآلات طباعة وحوالى 17 ألفاً أخرى لصيانة آلات طباعة ريثو جراف للمطابع ولجان النظام والمراقبة. ووفقاً لبيان بأعمال الصيانة بإدارات ديوان عام الوزارة والإدارات التابعة له ولجان النظام والمراقبة على مستوى الجمهورية، سددت الوزارة حوالى 73 ألف جنيه لصيانة ماكينات المطابع السرية وحوالى 12 ألف جنيه لصيانة آلات تصوير وطباعة وحوالى 55 ألف جنيه لصيانة آلات تصوير وآلات طباعة وحوالى2.5 مليون جنيه لصيانة المدينة التعليمية فى 6 أكتوبر. وفى آخر البيان موافقة السيد الأستاذ الدكتور الوزير وفقاً لما ورد فى نص المستند على قيام الهيئة العامة للأبنية التعليمية للقيام بأعمال الصيانة لأجهزة الكمبيوتر وملحقاتها بمبلغ 12.7 مليون جنيه. ومن هنا يتبين حالة ازدواج فى الخدمة، فرغم تعاقد الوزارة مع هيئة الأبنية التعليمية على صيانة أجهزة الكمبيوتر وملحقاتها بوزارة التربية والتعليم بموجب عقد قيمته 12.7 مليون جنيه، تتعاقد الوزارة نفسها على الخدمة ذاتها مع شركات أخرى، بما يعنى أن إحدى الجهتين المتعاقد معهما لا تنفذ التزاماتها وهو قمة الإهدار للمال العام، مما يتطلب البحث عن المتسبب فيها ومحاسبته، لأن قيمة عقود الصيانة وقطع الغيار التى يتم توريدها للوزارة تتجاوز ملايين الجنيهات، فمن يوقف هذا النزيف؟