وسط أعمال عنف دامية تشهدها السنغال تجرى يوم الأحدالقادم 26 فبراير الانتخابات الرئاسية التى تعد استثنائية فى التاريخ السياسى لهذا البلد الأفريقى الذى يتميز بالاستقرار السياسى فى منطقة تحيط بها الأنقلابات العسكرية والأضطرابات ، فالسنغال الدولة الوحيدة فى غرب أفريقيا التى لم يحدث فيها انقلاب عسكرى ولااضطرابات عرقية منذ الاستقلال 1960. وتأتى الانتخابات الرئاسية فى ظل أحتقان سياسى غير مسبوق بسبب غضب المعارضة السنغالية من قرار المجلس الدستورى أعلى سلطة دستورية فى البلاد منح الرئيس عبد الله واد امكان الترشح لولاية ثالثة وهو القرار الذى سبب صدمة للمعارضة .. ورفض المجلس الدستورى جملة الطعون التى تقدمت بها أحزاب المعارضة ومرشحو الرئاسة لأبطال ترشيح واد. وكان الرئيس عبد الله واد قد انتخب فى عام 2000 ثم أعيد انتخابه فى عام 2007 بعد تعديل الدستور فى عام 2001 لجعل مدة الولاية الرئاسية خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة لكنه يترشح هذه المرة بعد اعادة الولاية الرئاسية الى سبع سنوات فى عام 2008. لكل من الفترتين ، ولكنه فشل فى الغاء شرط الحصول على 51$ من الأصوات للفوز عندما حاول تخفيض النسبة الى 25$ فيماوصف بأنها محاولة لتوريث الحكم لنجله كريم وتأمين الحصول على النسبة المطلوبة. وتعتبر المعارضة ان الرئيس واد قد أنهى ولايتيه الشرعيتين وأن دستور البلاد يضع حدا أقص للرئاسة هو مدتان ولكن عبد الله واد يرد بالقول أن مدته الأولى كانت سابقة لتعديل عام 2001 الذى أقر الحد الأقصى لمدة الرئاسة وبالتالى فأن حساب سنوات الولاية يجب ان يبدأ فى عام 2007 على أساس الدستور الجديد. وهكذا يخوض واد الانتخابات بالرغم من المعارضة القوية فى الداخل ومخاوف الدول الغربية التى ترى فى ترشيحه خطرا يهدد الاستقرار فى السنغال التى تعد حتى الأن نموذجا للديمقراطية فى أفريقيا. ويطرح احتمال فوز وبقاء الرئيس السنغالى عبد الله واد فى الحكم أو تركه له العديد من التساؤلات وامام هذا الجدل انقسمت البلاد الى فريقين فهناك من المؤيدين من يرى أن من حق واد حكم البلاد لفترة رئاسية جديدة اذا منحه الشعب ثقته فهم يرون أنه لايزال يتمتع بجاذبية شعبية كبيرة فى البلاد وخاصة فى الريف السنغالى ويؤكد انصاره ان الرجل نجح فى تحويل السنغال الى ورشة تنمية كبيرة وحققت البلاد العديد من الانجازات الأقتصادية بسبب الاستثمارات التى أستطاع جلبها للبلاد بحكم الأستقرار السياسى والتقدم فى مجال البنية التحتية ، كما نجح فى اقامة علاقات متميزة مع جيران السنغال بالاضافة الى حضور دولى يغطى اكثر من 100 سفارة فى العالم. ورغم فشله فى حل بعض المشاكل الاجتماعية التى يواجهها السنغاليون كالبطالة والغلاء المعيشى فأن المراقبون يعتقدوا ان هذا الأمر لن يؤثر على شعبية الرئيس عبد الله واد المدعوم من قبل تحالف سياسى يهيمن على المؤسسة التشريعية، بينما تطعن المعارضة فى ترشيحه وتشكك تلاعبه فى الدستور من أجل ترشيح نفسه ، كماترى ان واد لم يعد بمقدوره حكم البلاد لفترة جديد فهو يبلغ من العمر 85 عاما ولكن عبد الله واد بطرافة يؤكد للسنغاليين أنه مازال مؤهلا لحكمهم عدة سنوات أخرى فجده مات عن 115 عاما ، ومن ناحية أخرى ترى المعارضة أن البلاد تعانى من تراجع مساحة الحريات العامة فى عهده. كما تتهم المعارضة واد بانه سرق أحلام الشباب السنغالى وخصوصا فئة الشباب التى جاءت به الى السلطة عام 2000 ، الى جانب انه خسر دعم نوعى فى المرحلة السياسية الحالية فمشايخ الطريقة المريدية التى يقول واد انه منتمى اليها قرروا التزام الحياد فى الانتخابات القادمة ومن ناحية أخرى فأن عبد الله واد خسر أيضا حلفاءه الكبار مثل الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا اللتين تطالبانه صراحة بترك السلطة .وترى واشنطن انها اللحظة المناسبة للتقاعد لحماية ودعم تحول جيد بشكل ديمقراطى وسلمى وأمن. ويرى بعض المراقبين أن من أهم اسباب الضجة المثارة حول ترشح عبد الله واد لفترة رئاسية جديدة هو ان هذا الرجل قضى حياته معارضا للأحادية الحزبية والهيمنة الفردية على السلطة، وكافح سنوات طويلة من أجل ارساء القيم الديمقراطية فى السنغال ودخل فى سبيل ذلك السجن وتعرض للمضايقات، وقد أكتسبت البلاد شهرة فريدة كمنبت للديمقراطية والاستقرار السياسى والتداول السلمى للسلطة. ويواجه عبد الله واد عدة أزمات داخلية قد تقلل من فرصة الفوز بفترة رئاسية جديدة وذلك من وجهة نظر المراقبين ومنها أزمة نجله كريم الذى يدير أربع وزارات فى أن واحد وهى وزارة الطاقة والبنى التحتية والتعاون الدولى بالاضافة الى حركة 23 يونيو الشبابية القوية التى تتحالف مع حركة أخرى تحمل شعار كفاية وهى تضم شريحة من الشباب ذات التأثير القوى فى المجتمع السنغالى ، ومع ذلك فأن واد حسب خصومه قادرا على ارباك الساحة السياسية بخطوات وقرارات جريئة ، ويجمع السنغاليون دائما على أن واد رجل يعرف كيف يدير الأزمات السياسية فى البلاد. ورغم معارضة شريحة كبيرة من السنغاليين لترشح واد الا ان هناك مخاوف من بعض السياسيين تنحصر فى امكانية انسحابه من السباق الرئاسى فى اخر لحظة لصالح أحد الشخصيات الداعمة له ، حيث يتردد اسما وزير الخارجية ماديكا انجام ، ورئيس مجلس الشيوخ باب جوب باعتبارهما بديلين اجماعيين عن ترشح واد للرئاسة . وعبد الله واد زعيم الحزب الديمقراطى السنغالى ولد عام 1926 فى سان لويس بشمال السنغال متزوج وله ولد وبنت ، وحصل علىدبلوم التدريس عام 1947 ، ودرس القانون والرياضيات التطبيقية والأقتصاد فى فرنسا..وبدأ حياته محامى بمحكمة الاستئناف ، ثم مدرس للقانون والاقتصاد فى السنغال وأوروبا وأمريكا ثم عميد كلية القانون والأقتصاد جامعة دكار ... بالنسبة للعمل السياسى أسس الحزب الديمقراطى السنغالى عام1974 وانتخب للمجلس الوطنى عام 1978 ،وأخفق 4 مرات كمرشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطى السنغالى أعوام / 1978 / 1983 / 1988 / 1993 / ثم انتخب رئيسا للدولة فى 1/4/ 2000 . وقد اطلق المرشح عبد الله واد حملته الانتخابية من مباكى / وسط البلاد / اما مرشحو المعارضة المنضمون لحركة 23 يونيو فقد نظموا مهرجانا مشتركا فى ساحة / لوبيلسك / وسط دكار.