أقام سد النهضة الذى شرعت إثيوبيا قبل أيام فى تنفيذه، الدنيا ولم يقعدها فى مصر، لكنه لم يثر فى السودان نفس رد الفعل المصرى، وذلك يعود إلى أن الرأى العام السودانى أعتقد أن هذا السد لا يعود سلبا على حصة السودان من مياه نهر النيل الأزرق، وقال وزير الإعلام السودانى د. أحمد بلال: إن السودان يؤيد قيام السد بالتنسيق، وأخذ الملاحظات الفنية فى الاعتبار، وأن هناك فائدة سيجنيها السودان من السد فى أنه يحجز كميات من الطمى التى يمكن أن تسبب إشكاليات بالسودان، ويجعل امتداد المياه مساندا لتعلية خزان الروصيرص العتيد الذى يقع جنوب غرب السودان على مقربة من الحدود الإثيوبية. وبناء على هذا الكلام توجهنا إلى الخبير الإستراتيجى المتخصص فى القضايا والسياسة الإفريقية د. حسن مكى مدير جامعة إفريقيا العالمية فى السودان، ومما لا شك فيه أن قراءة هذا الرجل للمشهد ستعطى الرأى العام العربى والمصرى بصفة خاصة رؤية أكبر وأشمل وأعمق حول السد، ليوضح لنا حقيقة سد النهضة، وهل سيدخل السودان فى خلاف مع إثيوبيا، فقال: العلاقات بين الدول تحدث فيها إشكالات ولكن تزال بالدبلوماسية والتواصل الموضوعى والعلمى الذى يقوم على الحقائق والحقيقة الإعلام المصرى خرج عن طوره فى موضوع سد الألفية. وزادت هواجس مصر بسبب بتصريحات الرئيس السابق مليس زيناوى بأنه لا يمكن أن يموت الإثيوبيون من العطش وهم ينظرون إلى النيل يجرى فى أرضهم، وانحسار النفوذ المصرى فى إثيوبيا، وقضية تهجير الفلاشا الذين أصبحوا أصحاب نفوذ فى إسرائيل وحاصلين على الجنسية المزدوجة، ولهم دورهم فى المساعدة لتمويل بناء السد. وأضاف: الكاسب الأكبر من هذه المعركة بدون شك هى إسرائيل، هى من تخطط لكل شىء وينجح بأكثر مما خططت له عشرات المرات لأن البيئة العربية هشة وضعيفة ومرتبكة، والعقل الإسرائيلى منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد يعمل على توثيق عدم الثقة والهوة بين الأفارقة والعرب، وأوهموا العقل العربى وبخاصة المصرى بوجود حرب مياه مقبلة، والآن الدائرة تدور على العقل المصرى، فمصر بدلاً من أن تقود قاطرة العلاقات الإثيوبية المصرية تتحرك القاطرة فارغة ليقودها الإسرائيليون. ومن المحزن أن مسئولين سياسيين سودانيين كبار وقعوا فى هذا الفخ الذى نصبته إسرائيل وأججه الإعلام المصرى، ودخلوا على موضوع سد الألفية دون معلومات وحيثيات، فأسهموا فى توتر العلاقات السودانية الإثيوبية فى وقت كانت فى أحسن حالتها، حينما ساندت إثيوبيا السودان فى قضية المحكمة الجنائية الدولية، وكان يفترض من السودان أو ينتظر منه أن يكون خير وسيط بين مصر وإثيوبيا، لكنه بدلاً من ذلك وجد نفسه طرفاً فى قضية لم يتم فحص مفرداتها، وبدلاً من أن يكون العدو هو إسرائيل، أصبح العدو هو إثيوبيا. وعلى غرار الحرب ضد الإرهاب التى شغلت مصر حيناً من الدهر تنفيذاً للمخططات الأجنبية والصهيونية أصبحت مصر الآن مشغولة بأمن مياه النيل وحرب المياه وأن العدو يكمن جنوباً وليس شرقاً. وعما إذا كانت ستتأثر حصتا السودان ومصر من مياه النيل بعد قيام السد قال د.حسن: القضية أن سد الألفية هذا يبدأ من هضبة بن شنقول على نحو بعد (26) كيلو من الحدود السودانية، ويخزن نصف مياه السد العالى أى نحو (73) مليارا من المياه على مراحل، وهذا السد قادر على إنتاج كهرباء ربما تكفى إثيوبيا والسودان ومصر، بالإضافة إلى الأسماك، وهو ليس مصمما للرى، لأن منطقة بنى شنقول لا تحتاج للرى الفيضى، والمناطق التى تحتاج لمياه النيل بعيدة مثل إقليم التقراى وليس من الوارد رى هذه المناطق من بنى شنقول لأن هذا ضد اتجاه النيل. وأضاف: إذا كانت الأراضى التى ستسفيد بالرى ستكون أراضى سودانية، وهذا لا يحدث إلا باتفاق ثلاثى (مصر السودان، إثيوبيا) ومن ناحية أخرى يجب التصويب على النواحى الفنية لبناء السد، فهذا الضغط على هضبة بنى شنقول سيؤدى إلى إحداث زلازل وانكسارات، وهناك معلومات تقول بأن الشركة الإيطالية المنفذة حفرت ما يزيد على 26 كلم ولم تصل إلى المناطق الصلبة، من قاع السد، إذن ما هى الضمانات التى تعصم السد من التصدع. والمطلوب أن تكون إدارة السد مصرية سودانية إثيوبية لإزالة الشكوك والأوهام حسب اتفاقيات، وهذا يتطلب شراكة مالية بين الدول الثلاث فى دفع التكلفة والاستفادة من الكهرباء.