يعتبر نهر النيل ثاني أطول نهر في العالم وهو شريان الحياة المصرية في كافة جوانبها حيث تساهم مياهه بحوالي 75 بالمائة من مصادر المياه المستخدمة في مصر، والروافد الاساسية لمياه نهر النيل هي مياه النيل الأبيض، الذي ينبع من هضبة البحيرات الاستوائية، ومياه النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا على الهضبة الاثيوبية، ومياه نهر عطبرة الذي ينبع من شمال الهضبة الاثيوبية، ويعتبر نهر النيل الأزرق المساهم الاكبر بكميات المياه المتدفقه لنهر النيل بنسبة 85 %. الاتفاقيات التي تم توقيعها على مدار المائة عام الأخيرة بخصوص نصيب دول حوض نهر النيل من مياه هذا النهر، بأن دولتي المصب مصر والسودان هي الدولتان المستفيدتان بشكل كبير من مياه هذا النهر، وذلك لوجود مصادر مياه كافية لدى دول المنبع تتمثل بمياه الامطار و البحيرات. تنص اتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان بأن حصة مصر من مياه نهر النيل تقدر بحوالي 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وأن حصة السودان تقدر بحوالي 18.5 مليار متر مكعب سنويا، وهنا تجدر الاشارة الى أن متوسط تدفق المياه في مجرى نهر النيل عند السد العالي جنوب مصر يقدر بحوالي 84 مليار متر مكعب سنويا والفرق في هذه الكميات يفقد بصورة تبخر أو تصريف للبحر الابيض المتوسط. بداعي التنمية الأقتصادية والأجتماعية فقد أعلنت أثيوبيا قبل عامين عن نيتها الشروع في انشاء سد النهضة على بعد 40 كليو متر من الحدود السودانية بطاقة تخزينية تقدر بحوالي 76 مليار متر مكعب و ذلك لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة ( 5000 ميجا وات)، وهو واحد من أربعة سدود تنوي أثيوبيا انشائها على مجرى نهر النيل الأزرق بقدرة تخزينية اجمالية تصل الى حوالي 200 مليار متر مكعب. قبل حوالي أسبوع أعلنت أثيوبيا عن البدء بتنفيذ وانشاء سد النهضة من خلال الشروع في تغيير مجرى النيل الأزرق، حيث أثار هذا الاعلان كثير من التسأولات والتحليلات حول ماهية هذا المشروع وتأثيراته على دولتي المصب مصر والسودان وهل هناك جهة ما تقف وتدعم تنفيذ هذا المشروع. يوضح كثير من الخبراء في مجال المياه السطحية أن من شأن انشاء هذا السد أن يؤثر سلباً على حصة مصر المائية من نهر النيل، وبالتالي التأثير سلباً على المساحات الزراعية المروية، كما أن كميات الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من خلال السد العالي جنوب مصر ستأثر سلبا وذلك بسبب انخفاض مستوى المياه المحتجزة خلف هذا السد وهذا سيؤثر بشكل كبير على جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية المصرية. وعليه فان انشاء سد النهضة على مجرى النيل الازرق سيضع دولتا مصر والسودان تحت ضغط مستمر بسبب امكانية التحكم بالمياه المتدفقة في مجرى هذا النهر، في ظل وجود معلومات تفيد بأن اسرائيل تساعد اثيوبيا على بناء هذا السد من خلال المساهمة في تمويل انشائه، بالاضافة الى وجود عقد بين أثيوبيا وشركة اسرائيلية لتوزيع الطاقة الكهربائية التي سيتم توليدها من خلال هذا المشروع. لاشك أن زيادة العجز في الطاقة الكهربائية المتوفرة لدى جمهورية مصر العربية في ظل الزيادة السكانية المستمرة وانخفاض كميات الطاقة التي يتم توليدها من خلال السد العالي بسبب سد النهضة سينعكس سلباً على كميات الطاقة المورده لقطاع غزة من قبل مصر وكذلك على الخطط المستقبلية الخاصة بتوفير مصادر طاقة اضافية للقطاع من خلال شبكات الربط الثماني مع جمهورية مصر العربية. ومن هنا ومن أجل المحافظة على سلامة الأمن المائي والقومي لدولتا مصر والسودان وحتى لايتم اشغال واجهاد الشقيقة الكبرى والرائدة مصر بمشاكل خارجية اضافة الى مشاكلها الداخلية المتمثلة بالانقسام السياسي والوضع الأمني في سيناء، ولعدم ترك الحديقة الخلفية في الدول الافريقية المجاورة لاسرائيل كي تسيطر عليها فإنه من الضروي على القيادة المصرية والسودانية التعاون والتنسيق فيما بينهما من أجل الضغط على إثيوبيا وايجاد الحلول الدبلوماسية والتفاوضية المناسبة لهذا الموضوع بما يضمن المحافظة على حصص هاتين الدولتين من مياه نهر النيل والاستفادة القصوى لدول المنطقة من الطاقة الكهربائية التي سيتم توليدها من هذا المشروع ومنها قطاع غزة. *** المهندس مازن البنا مدير عام مصادر المياه في سلطة المياه بغزة