تبدأ بعد غد الجمعة في جزيرة جربة جنوب شرق تونس مراسم الحج اليهودي السنوي الى كنيس الغريبة اقدم معبد يهودي في افريقيا، وسط اجراءات امنية مشددة. وتوقع جمال قمرة وزير السياحة التونسي وبيريز الطرابلسي رئيس كنيس الغريبة مشاركة الف يهودي اغلبهم من اوروبا في حج هذا العام. ويستمر الحج يومين ويبدأ عادة في اليوم الثالث والثلاثين من الفصح اليهودي. وبحسب روايات يهود جربة ترقد في كنيس الغريبة الذي استخدمت في بنائه قطع حجارة من هيكل سليمان الأول، واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم. وتقول لافتة معلقة داخل الكنيس ومكتوبة بأربع لغات (العربية والانكليزية والفرنسية والألمانية) "يرجع عهد هذا المقام العتيق والمقدس المعروف بالغريبة إلى عام 586 قبل الحساب الافرنجي أي منذ خراب الهيكل الاول لسليمان تحت سلطة نبوخذ نصر ملك بابل وقد وقع ترميمه عبر العصور". وقال بيريز الطرابلسي لوكالة فرانس برس إن اليهود يحجون إلى كنيس الغريبة منذ حوالي 200 عام لإقامة طقوس دينية واحتفالات "الهيلولة". وتتمثل هذه الاحتفالات في اقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على "بركة" حاخاماته وذبح قرابين (خرفان) والغناء في أجواء من الفرح وتناول نبيذ "البوخة" المستخرج من ثمار التين والذي يشتهر بصناعته يهود تونس دون سواهم. وذكرت وكالة الانباء التونسية ان الشرطة اطلقت منذ شباط/فبراير حملة امنية ضد الجريمة في جزيرة جربة استعدادا لتنظيم الحج. ومنذ 20 نيسان/ابريل الحالي انتشرت تعزيزات امنية لافتة في مختلف مناطق الجزيرة وخاصة في المسالك التي سيمر منها الحجيج اليهود بحسب الوكالة. وقال بيريز الطرابلسي انه "واثق" من قدرة الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية على "تأمين حسن سير الحج". وسنة 2011 ألغي الحج بسبب تدهور الوضع الامني اثر "الثورة" التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير من نفس العام بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واستؤنف الحج سنة 2012 وسط اجراءات امنية مشددة وبمشاركة 1500 يهودي بينهم 500 من اوروبا وزائر وحيد من اسرائيل والبقية من تونس. وفي كانون الثاني/يناير 2012 رفع متشددون شعارات غير معتادة معادية لليهود خلال زيارة القيادي في حماس اسماعيل هنية الى تونس. وتكررت شعارات مماثلة خلال شباط/فبراير من العام نفسه اثناء زيارة داعية مصري ثم يوم 25 آذار/مارس 2012 حين دعا شيخ سلفي خلال تظاهرة بشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس الشباب التونسي الى "التدرب" من اجل "قتال اليهود". واقام روجيه بيسموث رئيس الطائفة اليهودية في تونس دعوى قضائية يوم 29 آذار/مارس 2012 ضد الشيخ السلفي الذي لم تعرف هويته بعد فيما دانت الحكومة ومنظمات غير حكومية بشدة التحريض على قتال اليهود. وزار الرئيس التونسي منصف المرزوقي كنيس الغريبة يوم 11 نيسان/أبريل 2012 مع سفيري فرنسا وألمانيا بتونس بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتداء بشاحنة مفخخة استهدف الكنيس في اليوم ذاته من عام 2002 وخلف 21 قتيلا (14 سائحا المانيا و5 تونسيين وفرنسيين اثنين). وكان للاعتداء الذي تبناه تنظيم القاعدة انعكاسات كبيرة على السياحة في تونس. وقبل هذا الاعتداء بلغ عدد الحجيج اليهود الى كنيس الغريبة 8000 بحسب بيريز الطرابلسي. وقبل سقوط نظام بن علي، كان مئات من الاسرائيليين يحجون سنويا الى الغريبة رغم ان تونس لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل. ويتوافد هؤلاء على تونس في رحلات جوية تنطلق من مطارات مصر والأردن وتركيا وأوروبا لعدم وجود رحلات مباشرة بين تونس وإسرائيل. وكان البلدان تبادلا سنة 1996 مكتبين ل"رعاية المصالح" أغلقتهما تونس سنة 2000 (تنفيذا لقرارات القمة العربية المنعقدة بالقاهرة) احتجاجا على قمع إسرائيل الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وتوجد في تونس أكبر طائفة يهودية في العالم العربي. ويعيش في البلاد نحو 1500 يهودي يقيم أغلبهم في جزيرة جربة وتونس العاصمة.
