التضامن الاجتماعي تختار أفضل الأسر البديلة لكفالة الأطفال    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدني    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام ساوثهامبتون.. موقف مرموش    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    لأصحاب الخمسينات.. 3 طرق للتخلص من المشاكل المعوية    الإحصاء: ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة بنسبة 14.1% والأحذية 15.2% خلال عام    ريشة «الفلافلي» حائرة بين الراهب وآدم وحواء    منة وهنا وأسماء وتارا.. نجمات يسيطرن على شاشة السينما المصرية    ثنائيات سينمائية تشعل شباك التذاكر في 2025    علامات لو ظهرت على طفلك، مؤشر للإصابة بمقاومة الأنسولين    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    آخر تطورات الحرب بين الهند وباكستان| بدء مواجهات عسكرية جديدة    الرئيس السيسي: أشكر بوتين على كرم الضيافة وأهنئ الشعب الروسي بعيد النصر    تعرف على أسعار الذهب اليوم السبت 10 مايو 2025    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. ظهور مرموش ومدرب الأهلي المحتمل    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    اليوم.. بدء الموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    «احذر الخروج في هذه الأوقات».. الأرصاد تُصدر نشرة طقس عاجلة اليوم السبت 10 مايو 2025    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    حبس لص المساكن بالخليفة    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    «المضارين من قانون الإيجار القديم» توضح مطالبها من القانون الجديد (تفاصيل)    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    تكريم مجدي يعقوب ورواد الطب بنقابة الأطباء اليوم    روبيو يحث قائد الجيش الباكستاني على وقف التصعيد مع الهند    الجيش الباكستاني: رئيس الوزراء شهباز شريف يدعو إلى اجتماع لهيئة القيادة الوطنية    أسعار الخضروات والأسماك اليوم السبت 10 مايو بسوق العبور للجملة    الرئيس السيسي يعود إلى مصر بعد حضوره احتفالات عيد النصر بموسكو    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    تحرك مرتقب من الأهلي بشأن محمد علي بن رمضان.. إبراهيم فايق يكشف    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الجيش الباكستاني: الهند أطلقت صواريخ باليستية سقطت في أراضيها    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    فخري الفقي: تسهيلات ضريبية تخلق نظامًا متكاملًا يدعم الاقتصاد الرسمي ويحفز الاستثمار    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالأسماء والتفاصيل.. «الأهرام العربى» تكشف أسرار اقتحام السجون وخطف 9 من ضباط الشرطة والجنود
نشر في الأهرام العربي يوم 09 - 04 - 2013

حادثة خطف بعض الضباط والجنود المصريين من سيناء ما زالت غامضة حتى الآن، رغم مرور أكثر من عامين عليها، ولم يفك أحد طلاسمها، وحصلت «الأهرام العربي» على معلومات تفصيلية عن الحادث، وتنشرها كي تتمكن جهات التحقيق والعدالة، من القيام بواجبها، والإسراع بحل تلك الأزمة، ليعود هؤلاء إلى منازلهم وذويهم بعد طول فراق.
المعلومات التي حصلت عليها «الأهرام العربي» تشير إلى أن كل هؤلاء المخطوفين، تم تهريبهم إلى داخل قطاع غزة، في ظل حالة الانفلات الأمني التي صاحبت ثورة 25 يناير 2011، حيث وضعوا في مخبأ تحت الأرض، في شارع عمر المختار، أهم شوارع غزة.
وتشير المعلومات إلى تورط جهات مصرية وأخرى فلسطينية في الحادث، حيث قامت مجموعات مشتركة من الجانبين بعملية خطف الضباط والجنود، قبل التمكن من تهريبهم إلى داخل قطاع غزة، ليكونوا بعيدين عن أيدي السلطات المصرية تماما.
وتشير المعلومات التي حصلت عليها«الأهرام العربي» أن عملية خطف عدد من ضباط الشرطة والمجندين بالأمن المركزي من مصر، تمت كي يكونوا كورقة مساومة من الجهة الخاطفة، لإطلاق سراح بعض الأشخاص الذين هربوا من السجون أثناء أحداث الثورة، بعد مهاجمة السجون وهروب السجناء.
وكانت البداية بفتح السجون ومهاجمة الأقسام، حيث تشير المعلومات التي حصلت عليها «الأهرام العربي» إلى أن 30 فصيلة شاركت في تنفيذ تلك العملية، بالإضافة إلى جزء من الفرقة 95 التابعة لجماعة الإخوان, مع الاعتماد على شُعَب جماعة الإخوان لحشد الجماهير الغاضبة واستغلال كراهيتهم للشرطة بعد سنوات من القمع والتعذيب. وتشير المعلومات إلى أن قادة تلك العملية هم أربعة أشخاص من مصر هم:
حسام درويش- إمام تقي الدين وهبة- مالك مسعود- حسين علي كامل, وتعاون معهم عدد من الأشخاص الذين استطاعوا التسلل عبر الأنفاق لمصر قادمين من قطاع غزة، مساء يوم 27 يناير 2011، لتنفيذ مخطط مهاجمة السجون وإطلاق سراح المسجونين، ومهاجمة أقسام الشرطة، وهم:
إبراهيم محمد الزياني وخالد علي النمر و محمود حسن الأمير و ومصطفى عبد الفتاح (أحد قادة كتائب القسام) و ناجي سيد عبد الواحد.
وكل هؤلاء بالترتيب مع مجموعات تابعة لأيمن نوفل، قائد حماس المقبوض عليه للتسلل إلى مصر بشكل غير شرعي، والمسجون في سجن المرج - انذاك - ، وكذلك مجموعة تابعة ل»سامي شهاب»، أحد أبرز قادة حزب الله، والذي تم القبض عليه في مصر وإيداعه في السجن، وكذلك «ممتاز ترمس» وهو أحد قادة حماس أيضا المقبوض عليه مع نوفل. وبطبيعة الحال، فإن تلك العملية تمت استغلالا للانشغال بأحداث الثورة المصرية، ولإطلاق سراح قادة الإخوان المعتقلين بالسجون، وكذلك معتقلي حماس وحزب الله وإشاعة الفوضى في مصر من خلال آلاف السجناء الجنائيين والمسجلين خطر، بهدف إسقاط الدولة وإفساح المجال أمام هروبهم ، لتظهر المسألة وكأن هروبهم جاء ضمن الهروب الكبير للسجناء، وليست عملية مخططة لتهريبهم.
بداية الحادث.. وسر خطير
دعاء رشاد، زوجة الرائد محمد الجوهرى أحد ضباط الشرطة المختطفين، كشفت عن العديد من الأسرار وراء الحادث، وعن كيفية وقوعه، والجهة المسئولة عنه، ومطالب الخاطفين، وإلى أين وصل التفاوض معهم؟
تروى السيدة دعاء تفاصيل الحادث قائلة: «حررت محضرا رقم 1792 إدارى أول الزقازيق حول الحادث، وتضمن العديد من التفاصيل التى حصلت عليها من خلال الاتصالات والجهد الذى قمت به من أجل الوصول للحقيقة حول اختطاف زوجى، أملا فى أن تتحرك مؤسسات الدولة لتحريره وإطلاق سراحه».
خيط البداية كما تقول السيدة دعاء، كان قبل الحادث الذى وقع فى الرابع من شهر فبراير عام 2011، أى بعد اندلاع الثورة فى 25 يناير بأيام قليلة، وقبل تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك فى 11 فبراير، حيث كان زوجى ومعه بعض زملائه فى مهمة فى سيناء، أعتقد أنها كانت على علاقة بعمليات تفجير خط الغاز المصرى، وأنشطة الجماعات الجهادية فى سيناء، وخلال تلك الفترة كانت تتم اتصالات بينى وبين زوجى الرائد محمد الجوهرى، وخلال اتصالنا الأخير يوم 4 فبراير 2011 أفضى إلىّ بسر خطير».
وتضيف السيدة دعاء بصوت متقطع «أخبرنى زوجى أنه يشعر- وكذلك زملاؤه فى المهمة- أن هناك من يراقبهم، وأن من يقوم بمراقبتهم هم أشخاص غير مصريين، وقال لى بالحرف الواحد «مش بس أنا اللى حاسس بالشعور ده، لأ، كمان النقيب شريف المعداوى، والملازم أول محمد حسين سعد، هما كمان حاسين بكده». تضيف قائلة «كنت أرد عليه بالدعاء له بالسلامة من كل سوء».
تلتقط السيدة دعاء أنفاسها، وبعد الصمت الذى امتد لبضع ثوان تقول «بعدها انقطعت الاتصالات مع زوجى، وتم الإعلان عن نبأ اختطافه ووقع ما لم يكن بالحسبان».
وتربط السيدة دعاء بين حادث اختطاف زوجها ومعه ضباط وجنود الشرطة، الذى تم يوم 4 فبراير، وبين حوادث أخرى وقعت فى سيناء، أبرزها مجزرة رفح التى راح ضحيتها 16 من جنود القوات المسلحة وقت الإفطار فى شهر رمضان المعظم، فى الخامس من شهر أغسطس 2012.
وبلهفة الزوجة على زوجها المختطف منذ أكثر من عامين، وعلى أمل العثور عليه من جديد والعودة إليها، تقول السيدة دعاء «القضيتان مرتبطان ببعضهما البعض، وأظن أن أجهزة الأمن المصرية على علم بمن قام بمجزرة رفح، وبالتالى فهم على علم أيضا بمن قام بخطف ضباط الشرطة والجنود، وعلى علم بمكانهم، ولهذا أتساءل: لماذا لم يتم تحريرهم حتى الآن؟».
عزيمة وإصرار السيدة دعاء كانا كالفولاذ، فهى على ثقة من أن زوجها على قيد الحياة، وأنه سيعود إليها، ولكنها لم تجد من يساعدها أو يقدم لها ما يطمئنها على أن أجهزة الأمن تأخذ القضية بجدية، وتعمل من أجل فك طلاسمها وكشف تفاصيلها، وتحرير الضباط والجنود، ولهذا أخذت على عاتقها تلك المهمة الشاقة، والمحفوفة بالمخاطر.
وتعتدل السيدة دعاء فى جلستها وبصوت أكثر قوة تقول «مرت أيام وشهور وسنون ولا جديد فى القضية، ولا أحد يعلم شيئا عن زوجى ورفاقه من الضباط والجنود المختطفين، وباءت كل مساعينا بالفشل، ولم نحصل على أى إجابة شافية أو حتى بصيص أمل من مسئولى الأمن فى مصر، وظل الوضع كذلك حتى كانت المفاجأة المذهلة يوم 28 فبراير 2013، أى بعد نحو عامين من اختطاف زوجى وزملائه من الضباط والجنود».
المكالمة الغامضة
وتضيف السيدة دعاء قائلة «فى ذلك اليوم تلقى شقيقى المقدم أحمد رشاد (ضابط شرطة) اتصالا من شخص أطلق على نفسه اسم «أبو سليم» وأخبره أنه وسيط من جانب الخاطفين، وكان نص المكالمة كالتالى:
المقدم أحمد: وإنتوا عايزين إيه؟
أبو سليم: إحنا طالبين 250 ألف دولار عن كل ضابط.
المقدم أحمد: 250 ألف دولار؟
أبو سليم: أيوه.. وكمان فيه حاجة تانية، بعد دفع المبلغ، سيعود ضابطان فقط، وسيبقى الثالث محتجزا لدينا، وعندما يعود الضابطان سنسلمهما «كارت ميموري» قبل الإفراج عنهما، وعليهما أن يقوما بعقد مؤتمر صحفى للكشف عن تفاصيل ما يتضمنه «كارت الميمورى».
المقدم أحمد: و»كارت الميموري» ده فيه إيه؟
أبو سليم: ده فيه معلومات وأدلة عن حقيقة الثورة فى مصر، والانفلات الأمنى، وعن من المسئول عن عملية اقتحام السجون لتهريب السجناء.
المقدم أحمد: قول لى إنت مين اللى وراك؟
أبو سليم: مالكش دعوة ومتسألش، وفيه حاجة مهمة، لو الضابطان ما أعلنوش تفاصيل المعلومات التى سيتضمنها كارت الميمورى الذى سنوفره لهما، فسوف نقوم بقتل الضابط الثالث على الفور.
المقدم أحمد: أنا عايز أدلة وبراهين على إنكم فعلا عندكم الضباط وإنهم على قيد الحياة، وكمان لازم تعطينى مهلة عشان أدبر المبلغ اللى إنتوا عايزينه.
بالأدلة.. زوجى على قيد الحياة
وبعد تنهيدة قصيرة لالتقاط الأنفاس تقول السيدة دعاء «كانت تلك تفاصيل المكالمة، والتى انتهت باتفاق على أن يتصل أبو سليم بعد فترة محددة.. ولكن المفاجأة الثانية يوم 11 مارس 2013، وهو يوم المتفق عليه لمكالمة أبو سليم، وفوجئت أن أبو سليم يتصل على هاتفى المحمول وليس على رقم شقيقى، وفى تلك المكالمة، تأكدت من أن زوجى على قيد الحياة، وأن أبو سليم هو فعلا على صلة بالجماعة التى خطفت زوجى وزملاءه، حيث روى لى أبو سليم بعض المعلومات التى تؤكد ذلك، وسألنى شقيقى هل ما قاله أبو سليم من براهين تثبت أن لديه زوجك المختطف صحيح؟ فأجبته: نعم، فقد سرد لى تفاصيل خاصة وأسراراً شخصية فى حياتى أنا وزوجى، لا يعلمها سوانا نحن الاثنين فقط».
سألنى أبو سليم: كده أنا وفيت بوعدى وخليتكم تعرفوا إنهم عايشين، وإنهم تحت إيدينا؟
قلت له: أيوه.. بس إدينا مهلة عشان نجمع المبلغ.. إحنا ناس عاديين ومعناش مبلغ كبير زى ده، ومحتاجين وقت عشان نجمع الفلوس.
وتمضى السيدة دعاء قائلة «انتهت المكالمة بالاتفاق على موعد الاتصال التالى، وهو يوم 15 مارس الماضي».
جهة أمنية تنسحب من التفاوض
التقطت السيدة دعاء أنفاسها، لتمضى مفجرة مفاجأة أخرى لا تقل خطورة عما سبق من مفاجآت، حيث قالت «فى اليوم المحدد تلقيت اتصالا من أبو سليم، وكانت تفاصيل المكالمة مفاجأة كبيرة لى، حيث كنت قد حصلت على موعد للقاء السيد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم فى اليوم التالى 16 مارس، حيث كان قد أعلن فى مؤتمره الصحفى الذى عقده فى وقت سابق أن هناك معلومات جديدة فى القضية يمكن أن تساعد فى حلها، وكنت أجلس على أمل بذلك اللقاء عسى أن أسمع منه ما يطمئننى بقرب عودة زوجى، وجاءت مكالمة أبو سليم فأبلغنى أنه على علم بأنى على موعد مع الوزير فى اليوم التالى، مما أدهشنى عن كيفية معرفته بذلك الموعد، ليس هذا فحسب بل إنه فجر مفاجأة كبيرة وقال لى إن الموعد مع وزير الداخلية قد تأجل».
وتمضى السيدة دعاء كاشفة تفاصيل خطيرة فى قضية خطف زوجها وزملائه الضباط قائلة: «لم تقف مفاجآت أبو سليم فى تلك المكالمة عند ذلك الحد، بل إنه قال أيضا وبالحرف الواحد «لازم تعرفى كويس قوى إنه لا البلد ولا الحكومة ولا النظام عايزين جوزك يرجع تانى، لأنه شاف حاجات مكانش يجب إنه يشوفها، وعرف أسراراً خطيرة، والأسرار دى بتمس الأمن القومى، وأنا بحذرك لمصلحتك إنتى وجوزك وأولادك، متتكلميش أبدا فى الموضوع ده مع وزير الداخلية».
ليس هذا فحسب بل إن السيدة دعاء تضيف «المدهش كمان أن أبو سليم قال لى إن جهة أمنية قالت له «تلك الجهة رأت الضباط والجنود المختطفين رؤية العين، بعد ماراثون من المفاوضات، لكن لم تستمر المفاوضات وانسحبت تلك الجهة الأمنية وقالت «إحنا بنعتبر إن المخطوفين دول شهداء عند الله».
وتروى السيدة دعاء باقى تفاصيل المكالمة المثيرة مع أبو سليم قائلة: «حدد أبو سليم موعد الاتصال المقبل، بعدما قلت له إنى عايزة فترة عشان تجهيز المبلغ لأنه مبلغ كبير، وإحنا ناس عاديين ومعندناش فلوس كتير، فوافق وشدد على ألا أقوم بإبلاغ الداخلية، واتفقنا على التصرف بالنسبة ل»كارت الميموري» بحيث أقوم بتقديم الكارت لإحدى الفضائيات لتذيعه وتنشر ما به من فيديوهات ومعلومات، مقابل الحصول منها على مقابل مادى يساعدنى فى دفع المبلغ المطلوب».
وتقول السيدة دعاء «بعد انتهاء المكالمة، بدأت أفكر فى مدى صدق أبو سليم، وهل فعلا موعدى مع الوزير قد تأجل؟ ولو تأجل الموعد فعلا فكيف عرف أبو سليم بذلك؟.. سارعت بالاتصال بمكتب وزير الداخلية، وكانت المفاجأة أن اللواء حسين فكرى مساعد الوزير لحقوق الإنسان والتواصل المجتمعى أجابنى قائلاً: الموعد تأجل مع الوزير لأنه سيصاحب الرئيس فى زيارته لسوهاج.. هبطت كلماته على كالصاعقة.. فمعنى ذلك أن أبو سليم على علم بما يدور فى الداخلية» !!
اعتراف وزير الداخلية
وبعد رشفة ماء والتقاط الأنفاس، استمرت السيدة دعاء تقول «اجتمع وزير الداخلية مع ضباط الأمن المركزى، وحضرت أنا وشقيقى، وكذلك أسرة أحد الضباط المختطفين ذلك الاجتماع، وأثناء اللقاء قوبل الوزير بضيق شديد من الضباط بسبب أزمة الضباط المختطفين، فأعلن أن تلك المشكلة ستحل فى القريب العاجل، وأنه على دراية بمكانهم، وحاول التهرب من الإجابة عن أسئلة الضباط عن مكانهم، ولكنه قال بعد إلحاح الضباط «هما فى غزة».
وتمضى السيدة دعاء قائلة «كلام الوزير لا يعنى إلا شيئا واحدا، وهو أن هناك دورا ما لحماس فى القضية، فالضباط والجنود المختطفون تم تهريبهم إلى غزة، وحماس تسيطر على الأنفاق وعلى معبر رفح، وبالتالى فإن كانوا فعلا فى غزة، فإن حماس تدرك جيدا ذلك.
وتقول السيدة دعاء «بعد انتهاء اللقاء مع وزير الداخلية وقبل مغادرتنا بادرته بسؤال: إمتى يا فندم حيرجع أزواجنا؟ فرد قائلا: حيرجعوا قريباً بإذن الله، فقلت له: أنا عايز أكلمك على انفراد يا فندم، فخرج الجميع وبقيت أنا وشقيقى مع الوزير، وبدأت فى الكشف له عن مكالمات أبو سليم الوسيط مع الخاطفين، وطلباته وكل ما جرى خلالها، فرد الوزير: المبلغ اللى طالبينه كتير.. وحاولى تخليه يخفض المبلغ، وادينى رقم التليفون اللى اتكلم منه أبو سليم».
وطلب منى وزير الداخلية التحدث مع أبوسليم، وأن أطيل فى الحديث معه من أجل أن نعرف من هو وأين مكانه ونتأكد من المعلومات التى لديه.
وأنا فى طريقى للعودة من الوزارة إلى المنصورة، وجدت أبوسليم يحدثنى ويقول: «ها يا حاجة» عملتى إيه؟ فقلت له إنى كنت عند الوزير وقال إن فيه معلومات جديدة، وإنى جلست مع الوزير على انفراد وطلبت منه مبلغا فقال لى الوزير سوف نصرف لكم مبلغ 40 ألف جنيه، وقلت أيضا لأبوسليم:
جلست مع والدة النقيب شريف، وهى قالت نحن مستعدون لدفع المبلغ المطلوب، بشرط معرفة براهين ودلائل على وجود نجلها على قيد الحياة، فقال: خلاص يا حاجة أنا ح أرد عليك فى ميعادنا، وسألته من أين تتحدث؟ قال من الصالحية، بعد تلك المكالمة ذهبت إلى مكتب وزير الداخلية، ووفقا لطلبه حين التقينا، حيث طلب منى أن أذهب لمكتبه فورا فى حالة إذا تلقيت مكالمة جديدة من أبوسليم، وبالفعل ذهبت إلى الوزارة وسألت الوزير هل فعلا يا فندم كان يتحدث من الصالحية؟ فقال الوزير نعم، فقلت له يعنى الرجل صادق، وقال أنا اللى ماسك الموضوع وأحد المساعدين، والحوار الذى دار بينك وبين أبوسليم تم تفريغه وتحليله، وتحليلنا يقول إنه 50% صادق، و50% كاذب ونصاب.
وزير الداخلية على خط التفاوض
فطلب منى الوزير أن أتفاوض معه وأحصل على تطمينات أخرى لكى أسلمه أنا المبلغ مباشرة، فقلت له أنا الذى سوف أسلمه المبلغ؟ فقال نعم، قلت له، ولماذا لا يكون أحد ضباط الوزارة؟ قال كفاية عندى ثلاثة مشاكل (فى إشارة للضباط الثلاثة المختطفين)، فوافقت على مضض وطلب الوزير عند المحادثة مع الوسيط الإطالة فى الكلام والتأكيد على تقليل المبلغ حتى نتأكد من صدق كلامه أو كذبه، فقلت له يا فندم إنه صادق، لأنه قال لى كلاما لا يعرفه إلا أنا وزوجى فقط، وهذا الرجل لو نصاب اقبضوا عليه، لأنه كيف عرف أدق أسرارى خصوصا أنه موجود فى مصر، وقلت للوزير يوم المكالمة وموعدها الساعة 7 مساء، قال لى: إحنا عارفين وسامعين كل حاجة، وبعد كل مكالمة سوف نتحدث معك فى مضمونها، ونحللها، وفى كفر شكر اتصل الوسيط وقال بيانات عن الضابط شريف وسن أولاده وتاريخ ميلادهم، فقلت له هذه معلومات يعرفها الجميع من خلال الأحوال المدنية، أنا عايزة حاجة شخصية، فقال بكرة هكلمك، وعندما وصلت إلى المنصورة وجدت رقما مميزا يتصل بى وقال: أنا وزير الداخلية، وأبوسليم نصاب لأنه طلب بيانات الضابط شريف من الأحوال المدنية، وأنا عايزك تجاريه فى الكلام، وتمضى السيدة دعاء فى سرد تفاصيل القضية قائلة: فى اليوم التالي اتصل بى أبوسليم وأبلغنى معلومات عن الضابط شريف، وأنه عندما كان فى الفرقة الأولى بكلية الشرطة بكى بسبب قضية فلسطين واستشهاد محمد الدرة، على ورق نتيجة حائط، وأن والدته هى التى تعرف هذا الموضوع فقط، وأن شريف قبل أن يتوجه إلى هذه المأمورية وبعد هذا الكلام كان على خلاف مع أحد أقاربه وطلب منه أن يسامحه ويبلغ زوجته بأن عليها أن تصبر وتتحمل. انتهت مكالمة أبوسليم وسارعت السيدة دعاء للاتصال بوالدة الضابط شريف فأكدت الكلام فعلا، واستطردت السيدة دعاء تقول: كان الاتصال الجديد مع أبوسليم الذى قال أنا أوفيت بوعدى واللى طلبتيه منى، فطلبت منه مهلة أخرى لكى أرد عليه، فاتصلت بالوزير فقال لى يا دعاء الراجل «ده نصاب».
وفوجئت بعد ذلك بأن تليفون الوسيط قد أغلق، وفى أحد الأيام وتحديدا يوم أحداث المقطم الشهيرة يوم الجمعة وجدت تليفونا غريبا ورقما جديدا يتصل بى، كان أبوسليم وتحدث منفعلا ويقول: ليه تعملى كده يامدام وتبلغى عنى، أنا تليفونى أغلق وذهبت للشركة أعرف السبب، فقالت الشركة جهة سيادية هى التى طلبت إغلاق التليفون.
وأنا عايز أقول لك إن الجماعة هناك فى الجانب الثانى بدأو ا فى نفاد صبرهم، وإحنا مش خايفين من أى جهة أو أى مسئول، وبلهجة غاضبة مضت السيدة دعاء تقول: بعد أن أغلق التليفون معى طلبت المكتب الفنى للوزير وسألته ليه يافندم أغلقتكم التليفون الخاص بالوسيط، فنفى الوزير وثار وغضب، وكانت المفاجأة الثانية إغلاق الخط الثانى أيضا.
القبض على «الوسيط المزيف»
فوجئت يوم الاثنين الموافق 25/ 3 باتصال من مكتب الوزير يطلب منى الذهاب إلى مدير مباحث الشرقية ، العميد رفعت خضر، لأنه تم القبض على الوسيط الذى كان يتصل بى، وبالفعل طلبت مدير مباحث الشرقية، ووجدت رده هادئا ولا يعلم تفاصيل الموضوع وحدثنى عن موضوع آخر، فأكدت له بأننى زوجة الرائد محمد الجوهرى، المختطف فقال لى بهدوء: آه.. آه، عرفت وطلب منى الحضور إلى مدير الأمن بالشرقية والجلوس خلف زجاج لمشاهدة المتهم وتحدث معه شقيقى المقدم أحمد رشاد، وسأله عدة أسئلة عن الحوارات التى تمت معى، فلم يجب عن أى سؤال، فقمت فى حالة عصبية وضربته وسألته عن الحديث الذى دار بينى وبينه، وفوجئت بأن المتهم هاج وقال: أنا معرفش حاجة عن الموضوع ده !!.
وتروى السيدة دعاء ما جرى بعد هذه الواقعة قائلة: اتصلت وأنا فى مكتب مدير مباحث الشرقية بوزير الداخلية، وقلت له عيب يافندم لم تضللونى؟، لأنكم لم تحضرو ا المتهم أو الوسيط الأصلى، فأغلق الوزير التليفون فى وجهى.
وعند ذلك طلبت تحرير محضر بالواقعة، وفى البداية رفض مدير المباحث ولكن بعد إلحاحى قام بعمل المحضر رقم 1792 إدارى أول الزقازيق، اتهمت فيه كلاً من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية، ومساعد الوزير للأمن الوطنى بأنهم وراء اختفاء زوجى، وتم سؤالى السبت الماضى الموافق 3/30 أمام وكيل نيابة أول الزقازيق، محمد الجيوشى، وطلبت من وكيل النيابة إصدار أوامر من المحامى العام باستخراج جميع المحادثات والمكالمات التى تمت بينى وبين الوسيط والوزير من تاريخ 2013/2/28 إلى 2013/3/31 .
واتهمت فيها الثلاثة السابقين بطمس وإخفاء أدلة وبراهين تثبت فيها وجود الضباط لدى حماس واحتجازهم لمصلحة الإخوان المسلمين وحتى الآن لم يتحدث مع أى شخص.
انتهت كلمات وأسرار وتفاصيل السيدة دعاء. غادرتنا وهى حزينة، لكنها على ثقة من أن زوجها سيعود يوما ما إليها، سارت مستندة إلى عصا عائدة إلى منزلها وهى مصممة على المضى فى طريق شاق وطويل كى يعود زوجها، وتنتهى شهادتها وتبقى الكرة فى ملعب الجهات الأمنية التى أصبح لزاما عليها كشف الحقائق «المخفية» عن جريمة خطف 9 من الضباط والجنود المصريين منذ أكثر من عامين.
اتصال بالداخلية
أجرى الأهرام العربي اتصالا بالمسئولين بوزارة الداخلية المصرية للاستفسار والتأكد من المعلومات التى روتها دعاء رشاد .. إلا أنهم رفضوا التحدث .
الضباط والجنود المختطفون:
1 - الرائد محمد مصطفى الجوهرى
2 - النقيب شريف المعداوى
3 - ملازم أول محمد حسين سعد
4 - أمين شرطة وليد سعدالدين
5 - مجند أحمد عبد الحميد محمود عبد الحميد
6 - مجند حمدى مصطفى أحمد إبراهيم
7 - مجند محمد على سيد عبد القادر
8 - مجند يوسف على رمضان علي
9 - مجند لقى حتفه ولم يتم التعرف على هويته
وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.