صدمة هائلة بحجم اتساع عيون وأفواه من ظنوا أنهم فى مبعدة عن الشائعات أو معرفة الناس حقيقة أمر صداقتهم لإسرائيل، جاء كتاب الباحث الشاب محمود عبده المتخصص فى الصراع العربى الإسرائيلى والصهيونية, كاشفاً عن أسماء دهش لذكرها كثيرون، وغيرهم ممن لم يكن توافرت لدى الباحث الشواهد والمستندات والإثباتات على أفعالهم وأقوالهم. وربما يتبعه بعدة أجزاء أخرى، فالأسماء على ما يبدو كثيرة لديه ولدى الناس أيضاً، من هذا المنطلق وغيره كان لنا معه هذا الحوار، الذى أكد فيه الباحث أن الهدف من وراء ذلك الكشف ليس على الإطلاق إسقاط الوطنية عن هؤلاء إلا إذا أسقطوها هم. ومن جانب آخر كان الدافع وراء الحوار مواجهته بتعليقات وردود فعل من وردت أسماؤهم فيما نشرته «الأهرام العربى» فى عرضها لفصول كتاب أصدقاء إسرائيل العدد الماضى. سألناه: العديد ممن وصفتهم أصدقاء لإسرائيل, تساءلوا من أنت، خصوصاً أن الكتاب لا يحمل تعريفا بك؟ أنا باحث في الصراع العربي الصهيوني والفكر الإسلامي، لي 16 كتابا نصفه مشترك مع آخرين، والنصف الثاني كتب خاصة بي في مجال الفكر الإسلامي مثل كتاب «محمد الغزالي داعية النهضة الإسلامية»، وكتاب “المشروع الفكري للسنهوري" وهناك كتاب تحت الطبع بعنوان “أزمة الإسلاميين بين الثورة والسياسة". ما المعايير التي اخترت على أساسها هذه الشخصيات دون غيرها؟ اعتمدت على عدة معايير، كان في مقدمتها من قاموا صراحة بالدعوة للتطبيع، ثم الشخصيات الشهيرة التي قدمت ما يشجع عليه, وذلك من خلال أعمالهم الفنية أو مؤلفاتهم بشكل يؤثر في الناس، وكذلك من قدموا أفكارا أو فتاوى تخدم الصهاينة مثل فتوى الشيخ محمود عاشور التي أباح فيها الزواج من الإسرائيليات. ولكن الشيخ عاشور نفي ذلك؟ هذه الفتوى خرجت منه في نوفمبر 2007، ولمن يشكك في ذلك يمكنه الرجوع لجريدة الشرق الأوسط بتاريخ 18 نوفمبر من نفس العام. هناك من يقول بأن كتابك جاء لتشويه شخصيات معينة لخدمة جماعة الإخوان؟ أنا لست إخوانيا، وهذا الكتاب ليس وليد هذه الأيام بل هناك مقالات لي نشرتها في عام 2009، عن حسين سالم، وكيف أنه يستغل علاقاته بمبارك، وكذلك عن الدكتور سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق بسبب مصافحته لبيريز, وبلغ عدد الحلقات التي قدمتها في هذا الاتجاه 7 حلقات قبل الثورة، وفي ذروة بطش أمن الدولة ومبارك, ثم وجدت من يشجعني وأقنعني بأن ما أكتبه وثيقة تاريخية, فواصلت البحث والكتابة لأخرج بهذا الكتاب. إذن، لماذا لم تذكر الإخوان برغم أن هناك من يري أنهم الأكثر تطبيعا الآن؟ الكتاب صدر في مارس 2012، ولم يكن حدث أي شيء مما يستخدمونه سندا على ذلك، وفكرة إذابة اليهود في مصر ليست فكرة جديدة، وهذا ما أكده لي باحث أمريكي اتصل بي لترجمة كتاب لي عن الصهيونية والإسلامية, وعرفت منه أن هناك مشروعا أمريكيا لعودة اليهود للدول العربية، وأنه عرض من قبل على مبارك عام 2009, ولكنه قال بأن الشعب لو اختار ذلك فلا مانع لديه، قاذفا بالكرة في ملعبهم بأن على رجالتهم في مصر والدول العربية أن يقوموا بتهيئة الساحة لذلك, وعرفت منه أيضا أن هذا المشروع عرض على الرئيس مرسي بعد شهر من توليه الرئاسة, وكذلك على صفوت حجازي، وياسر برهامي، ولكن لا أعرف كيف كان ردهم، وعندما طالب عصام العريان، بتذويب اليهود في الإسلاميين، جعلني أفسر إلى أي مدى وصل هذا المشروع. كما لا أخفي سر ما قاله لي طارق الزمر، في رمضان الماضي بأنه مستعد لمعاملة الشعب الإسرائيلي كشعب عادي طالما كف عداوته عن الدول العربية. ما أهم المصادر التي اعتمدت عليها في اتهاماتك؟ لقد اعتمدت على مذكرات ديفيد سلطان، الذي كان السفير الخامس لإسرائيل في مصر, والسفير موشيه ساسون، السفير الإسرائيلي الثاني بمصر، وأيضا مذكرات د.على السمان، علاوة على البحث الدءوب على مواقع النت والمقابلات التليفزيونية وفي كل ما كتب في هذا الشأن، إلى جانب مقابلات حية مع بعض المتخصصين مثل د. عبد القادر ياسين، ود.عبد الله الأشعل, لأخرج بهذا الكتاب الذي أراه وثيقة تاريخية استغرقت مني شهورا طويلة. قد يكون هناك من تعامل مع إسرائيل لضرورة العمل وليس بدافع الصداقة؟ لا أنكر أن هناك من رجال السياسة والخارجية والأمن من اضطر للتعامل مع إسرائيل، ولكن من تضمنهم كتابي هم تعاملوا معها بدافع من الحماسة والحب والإخلاص، مثل د.رشيد محمد رشيد، الذي كان متحمسا للكويز, ود. يوسف والي، الذي كان من المخلصين لها, وكذلك الجنزوري كان يتعامل بحميمية معها، وماهر أباظة، وزير البترول الأسبق والذي كان يسهر مع السفير الإسرائيلي في بيته، فهل يمكن مثلا أن نقول بأن حسين سالم، كان مضطرا للتعامل معها أو كان في مهمة وطنية وهو يكسب منها المليارات، إن كل من ذكرتهم إذا فتشت عنهم ستجدهم كانوا على وعي وتعمد وغير مرغمين أو مضطرين لهذا التعامل بدليل أني استبعدت رجلا مثل إسماعيل فهمي، رئيس وزراء مصر الأسبق، لم يسمح لنفسه بأن يتعامل مع إسرائيل. ود.عاطف صدقي برغم كرهي له، لأنه قاد قطار الخصخصة، لكنى احترمته لعدم تعامله مع الإسرائيليين وكرهه لهم. وهناك أيضا المشير طنطاوي، فقد كان رافضا للتطبيع، وكذلك فاروق حسني، الذي كان يتأرجح في تعامله معهم فقبل اليونسكو مال إليهم وبعد خسارته اختار طريق البعد عنهم. هناك بعض الشخصيات التي يعرف الناس عداوتها لإسرائيل وبرغم ذلك تضمنها كتابك مثل عمرو موسى؟ عمرو موسى كان من أكثر الوزراء المطبعين مع إسرائيل برغم ظهوره بالفعل بمظهر الكاره لها، فقد قال عنه ديفيد سلطان، الكثير في مذكراته منها أنه يرجع إليه الفضل في تطوير العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني، وهو صاحب فكرة إنشاء تحالف كوبنهاجن للتطبيع. تهكم د. سعد الدين إبراهيم، مما كتبته عنه, قائلا بأنه إذا كان صديقا لإسرائيل بسبب زيارته لها فهو أيضا بمفهومك صديق لحزب الله لزيارته لها أيضا، مؤكدا أنك جاهل بتاريخه والعلاقات الدولية؟ سعد الدين إبراهيم، ليس صديقا لحزب الله وزيارته لهم كانت في إطار وظيفي كوسيط بينهم وبين أمريكا وإسرائيل, وأنا أعرف تاريخه جيدا، وأذكره بهذه الدعوة التي جاءته من إسرائيل لزيارتها ومعه محمد سيد أحمد ولطفي الخولي، عام 77، فاتصلوا بسوزان مبارك، لكي تبلغ جيهان السادات، لكي تسأل السادات: هل يسافرون أم لا؟ فجاءهم الرد بأن يصبروا, وبعدها جاءهم الإذن فسافروا، ولكنه لم يكن معهم وحل محله بطرس غالي، فأنا أعرف تاريخه جيدا، وكذلك كل من كتبت عنه, من يتنصل الآن من علاقته بإسرائيل ما كان ليفعل ذلك لو لم تقم الثورة. كذب البعض مثل د. طه عبد العليم، ود. مفيد شهاب، ما قلته عنهما فما ردك؟ من يكذب أي شيء ورد في كتابي فعليه أن يثبت العكس, لأني لم أكتب إلا بالوثائق والأدلة. عولت في كتابك على ما ذكره سفيرا إسرائيل في مذكراتهما، وربما يكون ذلك مخططا إسرائيلياً لتشويه هذه الشخصيات؟ هذه المذكرات لم تكن موجهة للمصريين، حتى نقول إنها افتراءات، ولكنها كانت موجهة للنخبة الإسرائيلية ونشر في القدس, ولم يكن هدفه التشهير بهؤلاء الناس، ولكنه بهدف الاستفادة منه، في تجربة التطبيع وبشكل علمي. لماذا لم نجد شخصيات مثل السادات وحسني مبارك؟ لأنهما ليس في حاجة لإظهار صداقتهما لإسرائيل، فالسادات هو المعلم الأكبر، ومبارك سار على طريقه. كانت هناك دهشة من وجود أسماء مثل نجيب محفوظ؟ نجيب محفوظ كان له محبوه من إسرائيل, وكثيرا ما استضافهم في بيته ومكتبه بالأهرام، ومنهم من كان يترجم أعماله، وما حصل على نوبل إلا بسبب هذه العلاقة. وماذا عن زويل وأنيس منصور وعادل إمام؟ زويل هو جندي في الجيش الإسرائيلي, لأنه يخدمهم بعلمه في ضرب الفلسطينيين، أما أنيس منصور فخطورته أنه كان يدعو للتطبيع في كتاباته بأسلوبه الشيق الجذاب، وهو ما يمثل خطرا على الشباب الجدد، أما عادل إمام فعلاوة على أعماله الناعمة التي تبدو في ظاهرها أنها ضد إسرائيل لكنها عكس ذلك، مثل السفارة في العمارة، وتقديم السفير الإسرائيلي بشكل شيك بينما أصدقاؤه المصريون حشاشون والمعارضون لإسرائيل بشكل غير لائق، وبجانب ذلك فقد قالها صراحة في معرض الكتاب عام 1993، بأنه مستعد لزيارة إسرائيل. لو أصدرت كتابا جديدا لاستكمال قائمة أصدقاء إسرائيل في مصر فما الأسماء التي ستضيفها؟ بالفعل أنا أفكر في مثل هذا الكتاب, فهناك شخصيات كثيرة لم يضمها كتابي الأول ومنها الداعية عمرو خالد، الذي أحذر من خطابه الإسلامي، ويري فيه اليهود أنه يخدمهم بما ينادي به من فكرة التعايش، وهو أمر يدعو للدهشة، فكيف ينادي بالتعايش وفلسطين محتلة؟ فهذا الرجل لدوره الخادم لهم اختارته أمريكا ضمن 100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم, وكل مواقفه تؤكد ذلك، فهو الرجل الذي أبدى استعداده لمقابلة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني, وهو نفسه الذي لم نسمع له صوتا عند غزو أمريكا للعراق، وكذلك عند العدوان الإسرائيلي على غزة، وكان أول المهرولين لهولندا عند قضية الإساءة للرسول, ودائما يشبه أمريكا وإسرائيل بالأخ الأكبر والأخ الأصغر, كما أنه تصدر قائمة الطبعة العربية من مجلة فوربس لأعلى الدعاة دخلا. وهناك أيضا عمرو حمزاوي، الذي كان كبير الخبراء بمركز كارنيجي للسلام، وهذا المركز معروف بصداقته للصهيونية، كما أن دخوله للثورة كان غريبا وموضع استفهام ودهشة، من خلال لجنة الحكماء مع ساويرس وغيره, علاوة على رفض الثوار له. وبعد الخطاب الشهير الموجه لبيريز من الرئيس مرسى، هل يمكن أن نراه في كتابك المقبل؟ إذا كان قد خاطب بيريز بكلمة صديقي, فهو صديق له كما قال. أخيرا.. لماذا لم تجر اتصالا بالأحياء ممن كتبت عنهم للتحقق منهم؟ كثيرون منهم ليسوا في حاجة للاتصال بهم، لأنهم معروفون بصداقتهم للكيان الصهيوني، وهناك أسماء استبعدتها عندما أحاط بهم الشك في علاقتهم بإسرائيل، علاوة على أسماء أخرى استبعدتها لأني بعد بحث طويل في تاريخها لم أجد ما يثبت هذه العلاقة، فأحمد شفيق على سبيل المثال رغم كرهي الشديد له، وبحثي كثيرا عما يدينه، ولكني لم أجد شيئا.