أحمد سعد الدين - أكدت دراسة حديثة قام بها خبراء بالمجلس العربي للطفولة والتنمية على شريحة من الأطفال في المنطقة العربية، أن الفضائيات أسهمت وخصوصا برامج الأطفال فيها في إفساد ذوقهم العام من خلال ما تقدمه تلك الفضائيات من إعلانات غير ملائمة، وأفلام كارتون تحض على الجريمة، كالسرقة والكذب والاستهتار بالقيم هذه هي حقيقة نوهت تلك الدراسة إلى أهمية الدور الذي يلعبه التليفزيون في تثقيف وتوسيع مدارك الطفل، من خلال نقل المعارف والخبرات عبر البرامج الهادفة المختلفة، لكن هناك العديد من السلبيات التي تؤثر على الناحية التربوية للطفل، منها زيادة نوعية البرامج التي تحتوي على مشاهد العنف كما أشارت إلى أن الفضائيات العربية بسيطرتها وهيمنتها على قطاع كبير من المشاهدين أصبحت بمرور الوقت أشبه بالأسرى، مما أضعف التواصل والعلاقات الأسرية خصوصاً بين الأطفال وآبائهم واعتبرت الدراسة أن التنشئة التليفزيونية أثرت على الأطفال وحولتهم من نشطاء مندفعين راغبين فى فهم الأشياء والشروع فى العمل، إلى أطفال أكثر حذرا وسلبية لا يريدون التقدم واكتشاف ما حولهم، واستشهد الخبراء فى بحثهم بالعديد من الدراسات التربوية التى أجريت فى العقد الأخير، والتى كشفت عن وجود علاقة بين مشاهدة التليفزيون والتحصيل الدراسي، وأنه كلما زادت مشاهدة الأطفال للتليفزيون انخفض تحصيلهم الدراسي كما أن هناك دلائل تشير إلى أن مشاهدة التليفزيون لا تؤدى إلى تقليل وقت اللعب عند الأطفال فحسب، بل إنها أثرت فى طبيعة لعب الأطفال، خاصة اللعب فى المنزل أو المدرسة وأكدت أنه على الرغم من دور التليفزيون فى النمو الاجتماعى والثقافى للطفل فإنه قد يؤدى إلى نتيجة عكسية، ويجعل الطفل شخصية ضعيفة منفصلة عن مجتمعها إذا ما ركز على عرض قيم وثقافات أخرى، كأفلام الكارتون المدبلجة، تؤثر على ذاتية الطفل الاجتماعية والثقافية وبعيدا عن الدراسة ومن خلال استعراض عدد من الفضائيات العربية التى تحظى بقبول عند الأطفال فى مصر مثل «طيور الجنة» و«طيور بيبي» وغيرها سنجد أن هذه الفضائيات تعتمد فى مواردها بشكل أساسى على رسائل ال SMS التى تدر دخلا كبيرا مقارنة بتكاليف إنتاج الأغانى المصورة التى تعرض على شاشاتها، والتى تصل تكلفة الكليب الواحد فيها إلى ما يقرب من 4 آلاف دولار وتعرض لمدة زمنية طويلة تصل لما يقرب من 30 مرة فى اليوم، لدرجة أن الآباء أصبحوا يحفظونها وهم يرون أنها مفيدة للأطفال فهى تعلمهم العديد من الصفات الحميدة وبعض المعلومات البسيطة عن القراءة والحروف الهجائية. الفنانة مها أحمد، ترى أن الفضائيات الموجهة للأطفال تحتاج لإعادة صياغة وتصحيح لأهدافها، لأنها لابد ألا يكون الربح هو الهدف الأساسى لها، ولكن هناك أهدافاً تربوية أهم ولأن الأطفال يثقون كثيرا فيها فلابد من التدقيق فى محتواها وإختيار موضوعات تتناسب مع ثقافتنا الشرقية وتكون بعيدة عن العنف. الفنان سامح حسين، الذى يحظى بقبول الأطفال وحقق نجاحا فى مسلسله"القبطان عزوز" يطالب شركات الإنتاج والفضائيات بتقديم العديد من الأعمال الفنية التى تدعم الذوق الفنى عند الأطفال وتخرجهم من حالة الكآبة التى نعيش فيها حاليا فى ظل تصاعد حالة العنف فى المجتمع المصري.كما أن الفضائيات المصرية لا تقدم أعمالا تناسب احتياجات الأطفال، ودائما ما تخلو الخريطة البرامجية لأى قناة من أعمال تناسب الأطفال وتساعد فى تنمية قدراتهم العقلية. قناة للأطفال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلان بكلية الإعلام يقول فى جميع الباقات الإعلامية نجد أن بها قناة متخصصة للأطفال تعمل بشكل علمى ممنهج، بمعنى أنها تستهدف عدة شرائح من الأطفال منها على سبيل الطفولة المبكرة والتى تحتاج لعدة برامج تعرض فى الصباح ثم هناك الطفولة المتأخرة التى تعرض فى المساء، ثم هناك برامج متنوعة منها أفلام الكرتون وبعض البرامج التعليمية التى تهم الطفل وتعلمه الرسم أو أى شىء آخر، لكن بالنسبة للقنوات المصرية فهناك فارق كبير جداً، يتمثل فى عدم الإهتمام ببرامج الأطفال من الأساس لأنها لا تدر عائداً إعلانياً من هنا تم تهميشها تماماً، وأصبحت تأتى فى أوقات غير مناسبة للطفل، ومنذ فترة خرج علينا قطاع القنوات المتخصصة بقناة سميت قناة الأسرة والطفل، لكن المضمون البرامجى للطفل كان «سمك لبن تمر هندى»، لأنها لا تعرض أى برامج لها مضمون ولا حتى تستطيع شراء الجزء الجديد من حلقات توم وجيرى لعدم وجود ميزانية وعندما تعرض برامج أو أفلاما لا تعلن عن مواعيد العرض، من هنا يذهب الطفل للقنوات الأخرى المتخصصة مثل قناة « إم بى سى» أو «إسبيس توم» أو غيرها التى تلبى له احتياجاته على عكس البرامج المحلية التى يجد بها مذيعة تستضيف طفلين أو ثلاثة وتجلس معهم تحكى حكايات ليس لها معنى، هذا ما يحدث عندنا على عكس ما يحدث فى الخارج نجد الاهتمام الكبير بالأطفال لأنهم ذخيرة الوطن بعد بضع سنوات. ميزانية كبيرة على النقيض من ذلك تحدثت “رندة شريف" المذيعة بقناة الأسرة والطفل قائلة: برامج الأطفال مكلفة للغاية وتحتاج لميزانيات كبيرة، لأن الطفل فى المرحلة العمرية الصغيرة يعتمد على الصور والرسوم المتحركة والجرافيك وهى أمور تحتاج لكثير من الإمكانات المادية غير المتوافرة بالمرة فى التليفزيون حالياً، رغم أننا نمتلك المواهب المتميزة فى هذا المجال سواء على مستوى الكاتبة أو على مستوى الإخراج والمونتاج أو المذيعات المؤهلات، لكن للأسف لا توجد لدينا آلات حديثة تستطيع ترجمة ذلك إلى واقع ملموس، والسبب أن برامج الأطفال لا تدر عائداً إعلانياً وبالتالى يتم تجاهلها ويتم التركيز على البرامج الأخرى بالإضافة لخوف القائمين على القناة من توجيه الميزانية لصالح الأطفال، فيكفى أن نعرف أن جميع الأفلام التى تعرض على شاشة القناة هى أفلام معادة تم إنتاجها منذ سنوات، ولدينا مشكلة فى الأفلام الجديدة، ففى السابق كنا نغطى مهرجان سينما الأطفال لكن لم تكن هناك اتفاقات لعرض الأفلام الفائزة على شاشة القناة، فمن أين نأتى بالجديد? وكيف نستطيع اجتذاب الأطفال لبرامج لا يحبونها? فالطفل يشعر بالملل عندما يشاهد مذيعة تستند للحائط وتتحدث مع بعض الأطفال، فى حين أن القنوات الفضائية الأخرى تلبى له حاجات كثيرة سواء على مستوى الخيال العلمى أو على مستوى الصورة، وهى لب الموضوع بالنسبة للأطفال، وأكثر من ذلك أن الفضائيات تستطيع شراء أفلام من إنتاج هوليوود بكم الإبهار الذى بداخلها، لذا فالطفل المصرى محروم من اهتمام تليفزيون الدولة به. تطوير التعليم أما الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بآداب عين شمس، فتقول المشكلة الكبرى حالياً تكمن فى عدم الاهتمام بالطفل المصرى سواء فى تطوير التعليم أو حتى فى البرامج التليفزيوينة فحتى الآن لا توجد لدينا قناة واحدة نستطيع أن نقول إنها متخصصة فى برامج الأطفال، لأن مثل هذه القنوات تحتاج للعمل بأسلوب علمى يرتكز على كيفية تشكيل وجدان طفل فى مرحلة عمرية معينة وما الأسلوب الصحيح فى مخاطبة هذه المرحلة، ففى بعض المراحل نحتاج للصورة أكثر من الكلام وفى أحيان أخرى نحتاج لقصة ونترك له الخيال، لكن ما يحدث حالياً أنه لا يوجد من يهتم بهذه الشريحة مما يجعل الطفل المصرى قليل الخيال، لأنه ليس كل الأطفال تستطيع الوصول للقنوات الفضائية، ولا شك أن الجانب المادى له باع كبير فى ذلك لأن برامج وأفلام الأطفال تحتاج لميزانيات كبيرة يهرب منها منتجو القطاع الخاص، لكن المفروض أن الدولة هى التى تقدم على هذه الخطوة لأن الأطفال هم ثروة قومية يجب الاهتمام بهم.