تعيش محافظات الجنوب اليمني حالة من الغليان منذ 21 فبراير على خلفية مواجهات مسلحة انطلقت في محافظة عدن بين عناصر من الحراك الجنوبي المسلح وقوات الأمن اليمنية، أسفرت عن مصرع وإصابة العشرات، لكن الأهم والأخطر هو حالة العصيان المدني التي انتشرت في محافظات عدن والضالع وحضرموت، وانتشار أعمال معادية لأبناء الشمال المقيمين في الجنوب، وهو الأمر الذي استدعى من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن يقوم بزيارة عاجلة إلى عدن وأبين في محاولة لإطفاء نار الفتنة التي قد تمتد إلى مناطق أخرى. وقالت مصادر سياسية يمنية ل (الأهرام العربي) إن نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض المقيم خارج اليمن ويتبنى خيار انفصال الجنوب بقوة، أراد الرد على بيان مجلس الأمن الدولي الأخير والذي اتهمه بعرقلة مسيرة التسوية السياسية في اليمن، من خلال تحريض أتباعه على إثارة الشغب في محافظات الجنوب ومنع حزب الإصلاح الإسلامي “الإخوان المسلمون" من إقامة احتفالات في عدن بمناسبة مرور سنة على انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي وإسقاط نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح. كشفت المصادر عن بيان مجهول المصدر، أعلن من خلاله الفصيل المتشدد في “الحراك الجنوبي" رسمياً عن انتهاء المرحلة السلمية والانتقال إلى مرحلة الكفاح المسلح لتحرير الجنوب، فقد أعلنت حركة أطلقت على نفسها الحركة الشعبية لتحرير الجنوب أن الحركة قررت الدخول في المرحلة الثانية بعد نجاح المرحلة الأولي التي أتاحت السلمية تفاصيل العقار كاملة فرصة للمحتل على حد قولها والقوى الخارجية الفرصة الكافية لحل الأزمة السياسية. وأشار بيان الحركة إلى أن دعمها ذاتي وكفاحها شعبي مؤقتا، حتى يتم تشكيل حركة منظمة لقيادة وتنظيم كل الحركات الثورية الجنوبية ودعت الحركة أبناء الجنوب إلي استهداف المعسكرات الأمنية والمقرات والأطقم العسكرية، ولم تعلن أي جهة مسئوليتها عن البيان كما لم تحمل اسم أي فصيل معروف في الحراك الجنوبي. وتشير المصادر إلى أن إيران التي تواجه تصعيدا من القيادة اليمنية على خلفية ضبط شحنة أسلحة مهربة إلى اليمن تحاول أن تخلط الأوراق في اليمن، خصوصا قبيل انطلاق الحوار الوطني الشامل المقرر في 18 مارس المقبل، وذلك من خلال التنسيق والتعاون مع فصيل علي سالم البيض ودعمه بالمال والسلاح لإثارة المزيد من الاضطرابات. وكانت وزارة الدفاع اليمنية كشفت عن وجود مقاتلين من تنظيم القاعدة في صفوف عناصر الحراك الجنوبي أثناء المصادمات الأخيرة، وأنها قتلت بعض هذه العناصر. ويخشى السياسيون في اليمن من أن تنعكس التطورات المؤسفة في محافظات الجنوب على سير خطوات التسوية التي تحظى فيها قضية الجنوب بأولوية كبيرة. وطالب الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يمثل الجنوب قبل عام 1990 السلطات اليمنية بالاعتذار وإقالة قيادات إدارية وأمنية وعسكرية، معتبرا ما حدث تكرارا لمشهد النظام السابق في مواجهة قضايا الناس بالقمع باسم الوحدة. وقال الاشتراكي في بيان: لقد أثبتت الأحداث الأخيرة وما رافقها من خطاب سياسي تحريضي ودعوات مشبوهة للحسم بالقوة، أن هناك من يدير خططاً شيطانية لاقتتال أهلي واسع في الجنوب يكون ضحيته الجنوب وقضيته العادلة. من جانبها أكدت الناشطة اليمنية توكل كرمان الحائزة على نوبل للسلام إدانتها للعنف في المحافظات الجنوبية أياً كان مصدره، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة وشفافة للتحقيق في كل ما جري ويجري من عنف وقتل، لمعرفة مرتكبي جرائم القتل والمسئولين عنها ومن يقف وراءها، كما دعت كرمان الرئيس والحكومة ووزارة الداخلية إلى تحمل واجباتهم في الحفاظ على أمن المواطنين وحماية حرياتهم في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية. وأدانت منظمة هود للحريات بصنعاء جرائم العنف التي ارتكبت خلال الأيام الماضية في المحافظات الجنوبية من أي جهة كانت وبأي مبرر كان، داعية النائب العام والسلطات القضائية في المناطق المعينة فتح تحقيق قضائي عاجل والقبض على الجناة وإحالتهم إلى القضاء للحكم عليهم وفقا للشرع والقانون. وقالت دراسة أعدتها وحدة الأزمات والرؤى الإستراتيجية في مركز أبعاد للدراسات والبحوث بصنعاء إن سعي الحراك الجنوبي لفرض الانفصال بوسائل عنيفة وتحت قوة السلاح يهدد مستقبل القضية الجنوبية الحقوقي والسياسي. وأشارت الدراسة إلى أن التوقيت الذي استغله الحراك المسلح للتصعيد لا يعبر عن وجود رؤية إستراتيجية لتحقيق مشروع الانفصال. وأضافت"أن أحداث العنف التي ارتكبها الحراك الجنوبي المسلح أثناء احتفالات قوى الثورة الجنوبية الداعمة لبقاء الوحدة في 21 فبراير، وبعد بيان مجلس الأمن منتصف فبراير الذي دعم وحدة واستقرار الجمهورية اليمنية، واعتبار نائب الرئيس السابق علي سالم البيض معرقلا للانتقال السلمي، سيؤدي إلى فقدان المشروع الانفصالي كثيرا من التأييد الداخلي والخارجي".