تواصل شعوب الأرض الأصلية -التي تضم أكثر من 370 مليون فردا وتمثل العديد من أقدم الثقافات في العالم وتعيش في مجتمعات مهمشة في مختلف أنحاء المعمورة- كفاحها المضني من أجل تفادي خطر الزوال الذي يحيط بها. هذه الشعوب تواجه العديد من المشاكل الإنسانية والاجتماعية الملحة بين الأقليات المحكوم عليها بالفقر والمحرومة من حقوقها، ومن بينها الإفتقار إلي التعليم، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع معدلات الجريمة، والنقص العام في الخدمات العامة والموارد. وتواجه هذه المشاكل سواء تلك المجتمعات الأصلية التي تعيش في المناطق الحضرية أو في "محميات" بشرية. يضاف إلي ما سبق عدد من القضايا الأخرى التي تعتبر فريدة من نوعها بالنسبة لشعوب الأرض الأصلية، بما في ذلك الفصل القسري عن أوطانهم، وفقدان اللغات الأصلية، وتاريخ طويل من الإقصاء والظلم الاجتماعي والعنف التي أدت إلى تهميشها في العصر الحديث. ويذكر أن الأممالمتحدة قد أنشأت في عام 2000 المنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية، والذي يشمل لجنة من الخبراء الذين ترشحهم الحكومات والمجتمع المدني للشعوب الأصلية، بغية مناقشة القضايا الهامة وصياغة التوصيات باتخاذ إجراءات محددة في إطار المنظومة الأممية. ويركز هذا المنتدي في العام الجاري علي إبراز دور شباب السكان الأصليين وقادة المجتمعات المحلية. وبهذا شارك شباب الشعوب الأصلية من سبع مناطق في العالم في اجتماع في يناير الماضى لتبادل ومناقشة وجهات نظرهم مع أعضاء المنتدى وخبراء المنظمات ذات الصلة. وأجمع هؤلاء الشبان علي التعبير عن القلق البالغ المتفشي بين شعوبهم إزاء مسار الزوال السريع للغات السكان الأصليين التي تعتبر حيوية للوحدة الثقافية. وإستندوا في هذا إلي تقديرات منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة، ومفادها أن كل أسبوعين تزول لغة من وجه الأرض. وتجدر الإشارة إلي أن نظم التعليم السائدة قد لعبت تاريخيا دورا كبيرا في زوال اللغات الأصلية، بل وفي وإجبارها أحيانا علي الإنقراض من خلال معاقبة وفضح الأطفال الذين يتحدثون بلغتهم الأصلية أو يعبرون عن هويتهم الأصلية بأي شكل من الأشكال.