واقعة فساد جديدة ارتكبها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى.. «الأهرام العربى» تكشف عنها من واقع مستندات تحصلت عليها توضح حقيقة استيلاءه على 1500 فدان من أراض محمية طبيعية بالبرلس وقدمها هدية إلى زوجته إلهام شرشر ونجله شريف، وتدعو الجهات المعنية لفتح تحقيق عادل فى تلك الواقعة وتعقب المتورطين. تبدأ القصة بقيام رئيس الوزراء بإصدار قراره رقم 1444 لسنة 1998، بتاريخ 14/5/1998 بجعل منطقة بحيرة البرلس، محافظة كفر الشيخ، محمية طبيعية، هذه البحيرة التي عاش أهلها قرونا يرتزقون منها من خلال احترافهم فنون الصيد،علاوة على كونها من المصادر الرئيسية للثروة السمكية، وبرغم ذلك لم يشفع ذلك كله لدي العادلي، فقرر الاستيلاء عليها، ولم تستطع هذه المنطقة التي قاومت العدوان الثلاثي بمعركة البرلس عام 1956، مقاومة فساد رجل مبارك، حيث تفتق ذهنه عن استغلال جمعية تحت مسمي “ الجمعية التعاونية لتنمية الثروة الحيوانية" وسهل لها الاستيلاء على مساحة 1474 فداناً صدر بشأنها عقود البيع الثلاثة المؤرخة بتاريخ 26/11/2000 و29/5/2001 و 21/7/2001 من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، كل ذلك تحت سمع وبصر ورعاية المدير التنفيذي للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية و مدير محمية البرلس, اللذين برغم علمهما بأنها محمية طبيعية فإن الخوف من نفوذ العادلي أو الطمع في المزيد من الأموال جعلهما يلعبان دورا مهما في تسهيل هذه الجريمة. لكن لماذا فعل العادلي ذلك؟ سؤال ما كنا نصل لإجابته إلا بعد أن وقع بين أيدينا كشف بأسماء أعضاء هذه الجمعية، فهناك اسمان لا يلفتان الانتباه لمن يطالعها وسط عشرات الأسماء الأخرى، وهما السيدة إلهام سيد سالم وشريف حبيب إبراهيم, ولكن بالتدقيق فيهما نكتشف أن الأولى ما هي إلا الصحفية إلهام شرشر، حرم وزير الداخلية، والثاني المدعو شريف ابنهما. ملايين السعد لمن لا يعرف إلهام شرشر له أن يعلم أنها بدأت حياتها العملية كمندوبة إعلانات في الأهرام، وبعد نجاحها في تحقيق حملة إعلانية كبيرة مع شركة السعد التي يمتلكها أشرف السعد, تم تعيينها صحفية في قسم الحوادث بالأهرام المسائي عام 1995، ثم عملت بقسم الحوادث في الأهرام اليومي، وبعدها كانت المفاجأة بزواجها من رجل الأعمال أشرف السعد، وعقب سقوطه وشركاته وهروبه إلي لندن حصلت علي الطلاق بعد أن كونت من ورائه ثروة طائلة منها «فيلا» السعد في الزمالك التي تحولت إلي مسكن الزوجية لحبيب العادلي الذي تزوجها بعد وفاة زوجته التي لم ينجب منها سوى ثلاث بنات، ولكن شرشر أنجبت له ولدا أسمياه “ شريف"، ففرح بشكل لم يعرفه من قبل. لذلك فمن أجل عيون إلهام وشريف فعل العادلي ما فعل، حيث أرسل مذكرة للحصول على موافقة الدكتور يوسف والى بإنشاء جسر فاصل بين أراضى الجمعية وباقي أراضى المحمية, وبالطبع لم يمانع والي الذي أغرق الشعب كله بالمبيدات المسرطنة، وبالفعل تم استقطاعها بالقوة, وهو ما أثار الصيادين والمواطنين في هذه المنطقة, فعارضوا ذلك, فما كان من العادلي سوى أن قام بحماية أعمال الإنشاءات بقوات الأمن بكفر الشيخ، بل وصل الأمر إلى مواجهات دامية انتهت في النهاية باعتقال العشرات ممن حاولوا منع ذلك. وعملا بالمثل القائل “ عض قلبي ولا تعض رغيفي “ واصل الصيادون شكواهم، وحسب المستندات تبنى ذلك بعض المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان ممن يحبون هذا البلد، فصدر حكم ببطلان هذا البيع بطلانا مطلقا لوقوع المساحة داخل نطاق محمية طبيعية مملوكة للدولة ملكية عامة يحظر التصرف فيها طبقا لنص المادة 87 من القانون المدني، وأيضا لأن الهيئة قد خالفت القانون بتصرفها في أراض تخرج عن ولايتها، علاوة على أنها تصرفت بالأمر المباشر لهذه الجمعية، وقد تأكد ذلك بموجب تقرير لجنة محافظة كفر الشيخ المشكلة بقرار محافظ كفر الشيخ رقم 187 لسنة 2006 والمنتهي لذات النتيجة واعتمد هذا التقرير من محافظ كفر الشيخ الأسبق وتم إرساله إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة، ووزير الدولة لشئون البيئة، ووزير الداخلية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، كما كان نفس الرأي القانوني للمستشار نبيل مرهم، المستشار القانوني لوزارة الزراعة، كذلك صدور ثلاثة قرارات لمجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتاريخ 16/7/2006 و 20/8/2006 و 15/10/2006 والتي انتهت إلى فسخ التعاقد مع الجمعية وتسليم المساحة لجهاز شئون البيئة، وقد صدر قرار المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضى الدولة بتارخ 15/7/2006 بإزالة تعدي الجمعية على أرض المحمية وتسلميها لجهاز شئون البيئة. ولكن لم يحدث, كما أرسل وزير الدولة لشئون البيئة الكتاب رقم 443 في 18/4/2011 لوزير الزراعة لاتخاذ اللازم نحو إزالة تعديات الجمعية على محمية البرلس الطبيعية، فصدر قرار وزير الزراعة بتاريخ 9/4/2011 بتنفيذ قرار إزالة تعديات الجمعية على المحمية. حيلة سينمائية نواصل معاً استعراض المستندات التى تقول لنا: خرج تقرير خبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة بشأن هذه القضية بعد قيام لجنة بناء على قرار رئيس محكمة الاستئناف من الخبراء وجهاز شئون البيئة والمركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضى الدولة بالمعاينة على الطبيعة للمساحة محل التعاقد، وتبين وقوعها داخل نطاق محمية البرلس الطبيعية. وذلك بعد تقرير تقدم به المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضى الدولة إلى الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة جاء فيه أن الأرض موضوع الخلاف جزء من مسطح أكبر قدره 911.65 كم 2 تقريبا ضمن الأراضي الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء 1444 لسنة 1998بإنشاء محمية البرلس, كما طالب المركز في مذكرة رفعها لرئيس الوزراء بضرورة قيام الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بفسخ العقود المبرمة منها على تلك المحمية لخروج تلك المساحات عن ولايتها، وانتهى أيضا إلى ضرورة قيام محافظة كفر الشيخ بتولي ترتيبات إجراءات حراسة منطقة المحمية. وبرغم إجماع كل الجهات على إزالة التعديات واسترداد الأرض فإنه وكما هي سمة النظام السابق، كانت كل الأحكام والقرارات لا تساوي الحبر الذي كتبت به، فلم يتم تطبيقها، بل لجأ العادلي إلى حيلة سينمائية أوقف بها كل أعمال الإزالات والتي طالبت بها وزارتا الزراعة واستصلاح الأرضي والبيئة وهي أن الإزالة تحتاج إلى المزيد من الدراسات الأمنية, خوفا من غضب الأهالي، وهو ما مكن الجمعية من استمرار تعدياتها وإقامتها لمزارع سمكية بالأرض بما يخالف نشاطها كشركة لاستصلاح الأراضي. والمشهد الأخير كتبته الثورة عندما بدأت في فتح ملفات الفساد المسكوت عنها ومنها هذا الملف الذي شمل العادلي ووزير الزراعة الأسبق يوسف والي، والمهندس عبد الحميد هلال ياسين، رئيس الإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية الأسبق والطبيب على محمد إبراهيم الشافعي، رئيس مجلس إدارة الجمعيه التعاونية لتنمية الثروة الحيوانية التى تم من خلالها الاستيلاء على هذه الأراضي والذين أضاعوا على الدولة ملايين الجنيهات وتربحوا ملايين الجنيهات من المزارع السمكية التي أقاموها علاوة على فارق السعر الذي تم البيع به والسعر الحقيقي للأراضي التي تم الاستيلاء عليها بجانب تسببهم في قطع أرزاق الصيادين والمقيمين في هذه المنطقة وليس لهم مورد رزق آخر.