أحيا المقهى الثقافي أمس ذكرى عالم الاجتماع الكبير د. سيد عويس ضمن نشاطه اليومي الذي ينظمه تحت عنوان "رموز مصرية". قال طلعت رضوان إن سيد عويس الراصد والمحلل الدقيق للثقافية الشعبية المصرية عبر تاريخها الطويل يصل في النهاية إلى تقرير حقيقة أن الحضارة المصرية كانت حضارة اتصال وليس انقطاعا. كان مشروع عمر سيد عويس هذا البلد الذي يُمصر كل ما يجد عليه . بينما أكد د. فتحي أبو العينين الكاتب والباحث في علم الاجتماع أن سيد عويس استحوذت على ذهنه فكرة أساسية وهب لها أكثر عمره وهي فكرة "المصرية".. ذلك الولع بالتاريخ المصري والثقافة المصرية.. والأهم من ذلك الطريقة التي تعامل بها الراحل معهما حيث كان منهجه في البحث منهجاً علمياً تحليلياً لم يتوقف عند النظرة الرومانسية المعتادة التي تعامل بها الكثير من المتعرضين للتاريخ المصري. وأضاف: كان الراحل صاحب إنتاج علمي غزير فمن أشهر كتبه "من ملامح المجتمع المصري المعاصر" و"الخلود في التراث الثقافي المصري" و"هتاف الصامتين" ودراسة بديعة بعنوان "حديث عن المرأة المصرية المعاصرة" و"الازدواجية في التراث الديني المصري". ويرى د. فتحي أن أجمل وأبدع ما كتبه الراحل كان سيرته الذاتية التي نشرتها دار الهلال في ثلاثة أجزاء بعنوان "التاريخ الذي أحمله على ظهري" .. ليس هذا فحسب فقد كان سيد عويس من أكبر المهتمين بالأدب فقد كان مولعاً بكتابات حسين فوزي ويحيى حقي ويوسف إدريس، أما عن نجيب محفوظ فقد كان يرى أن أحداً لم يعبر عن الشخصية المصرية والمجتمع المصري كما عبر عنهما نجيب محفوظ . من أهم الانتقادات التي أخذها د. فتحي على د. سيد عويس كونه كان يقف دوماً عند النقد والتحليل دون أن يخرج بقرار واضح ربما لضيق مساحات الحرية آنذاك أو ربما لأسباب أخرى لم يفصح عنها الراحل. بعد ذلك تحدث د. صالح سليمان أستاذ علم الاجتماع عن حجم حضور "سيد عويس" بأعماله وعطائه الفكري عبر الانترنت الذي وجد أنه نظراً لرحيله عام 89 قبل ظهور الفضاء العنكبوتي بسنوات، حرم هذا أعماله من الحضور على الانترنت بالصورة التي يستحقها كما وجد أيضاً أن الراحل يتم التعامل معه بشكل احتفالي أكثر منه علمي. وخُتمت الندوة بكلمة للدكتور "مسعد عويس" ابن الراحل الذي أكد أن والده كان مؤمناً بالناس إلى أبعد مدى حيث ذهب للنوبة مع خمسة عشر باحثا وباحثة ليسألوهم عن مطالبهم في فترة بناء السد العالي.. وقدم دراسات مجتمعية كان قوامها الناس عقب هزيمة 1967. وقال: كان الراحل شجاعا في اختيار موضوعاته البحثية.. لم يسعَ يوماً إلى سلطة.. كل ما كان يهمه هو الإنسان المصري البسيط.. ترك الدنيا كلها وراءه ليتفرغ للبحث العلمي. وتعجب د.مسعد من التجاهل الذي تعرض له والده وتساءل: هل يُعقل أن رجلاً في قامته وقيمته يأخذ جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية قبل وفاته بشهور!! كان الراحل مجدداً في علم المجتمع مُضيفاً بشكل حقيقي للتجربة الإنسانية وليس مجرد ناقل أو مُترجم عن الغرب .