تلقى القطن المصرى طويل التيلة، طوال العقود الماضية، ضربات هائلة، أخرجته من المنافسة العالمية لصالح أقطان أمريكا وإسرائيل، وأفقد الاقتصاد المصرى واحدا من أهم مكوناته..وبعد ثورة يناير، انتفض أحد الغيورين على الذهب الأبيض المصرى، وهو المهندس الزراعى أحمد راغب عبد العالى خبير القطن بوزارة الزراعة، والفريق البحثى معه، ليقدم لنا تجربة جديدة تعيد للقطن المصرى عرشه العالمى، وذلك بزراعته بأسلوب «الشتلات» بدلا من الأسلوب القديم الذى يعتمد على البذور، وهو أسلوب غير مسبوق فى الزراعة العالمية، ويوفر 26 مليون كجم من البذور سنويا، و8 ملايين متر مكعب من مياه الرى، و75٪ من تكاليف العمالة والمبيدات، ويضاعف إنتاج الفدان من 4 إلى 12 قنطارا، ومزايا عديدة نعرفها فى هذا الحوار. ما الأسلوب الجديد الذى توصلت إليه ليعيد القطن المصرى إلى عرشه العالمى؟ زراعة القطن طويل التيلة حاليا تعتمد على استخدام البذور، وهو ذات الأسلوب القديم المستخدم منذ مئات السنين، والذى يعتمد على ذات التقاوى المتعارف عليها فى مصر وهى (جيزة 86) وهذا الأسلوب أفقد مصر القدرة التنافسية فى الأسواق العالمية، خصوصا فى ظل منافسة شرسة مع أمريكا وإسرائيل فى مجال الأقطان، لذلك قمت بعدة تجارب لتغيير هذا الأسلوب، وتوصلت مع الفريق البحثى المشارك معى إلى أن أفضل أسلوب لزراعة القطن طويل التيلة فى مصر هو استخدام أسلوب الشتلات لأنه الأكثر إنتاجية والأقل تكلفة. ما القيمة المضافة فى هذا الأسلوب؟ فى الزراعة بأسلوب الشتلات يتم استخدام 4 كجم فقط من البذور للفدان الواحد، بدلا من 30 كجم فى الأسلوب القديم، وبالتالى يتم توفير 26 كجم فى كل فدان، وهو ما يعنى توفير 26 مليون كجم من بذور القطن فى الموسم الزراعى الواحد، يتم عصرها لاستخراج الزيوت النباتية، بما يسهم فى سد فجوة الزيوت التى تستورد منها مصر أكثر من 95٪ من الاحتياطات المحلية، مع استغلال مخلفات البذور بعد عصرها فى إنتاج العلف الحيوانى، فضلا عن أن هذا الأسلوب يتيح زراعة القطن بعد حصاد جميع المحاصيل الشتوية بدلا من زراعته فى منتصف مارس فى الأسلوب القديم، الأمر الذى يصب فى صالح المساحة الزراعية الكبيرة فى استهلاكه، وتقليل الفترة الزمنية اللازمة لزراعة الفدان بمعدل 3 أشهر. ما تقنيات هذه التجربة؟ تقنيات التجربة تتلخص ببساطة فى زراعة القطن بأسلوب الشتلات فى صوانى داخل صوب، ثم نقلها للزراعة المستديمة فى الأرض المستهدفة، على أن يكون ذلك خلال الفترة من 20 مايو حتى 10 يونيو..وهذا الأسلوب لا يوفر فقط فى البذور، لكن يضاعف إنتاج الفدان الواحد للقطن طويل التيلة من 4 فى الأسلوب القديم، إلى 12 قنطارا، وأيضا يوفر فى مياه الرى مليارات الأمتار من المياه، حيث يستهلك الفدان فى الأسلوب العادى 9 مرات رى، بينما لا يزيد العدد على 5مرات فى أسلوب الشتلات، بما يوفر 8 ملايين متر مكعب من المياه تكفى الزراعة ملايين الأفدنة بمحاصيل أخرى. وماذا عن تكلفة استخدام النظام الجديد؟ الزراعة بالشتلات توفر على الاقتصاد المصرى ملايين الجنيهات التى تنفق على المبيدات الزراعية، وترفع العبء الثقيل عن كاهل مزارع القطن، كذلك يوفر أسلوب الشتلات 75٪ من الأسمدة المستخدمة فى الأسلوب العادى، فضلا عن توفير العمالة الزراعية سواء فى المكافحة أم الرى. هل تم اختبار هذه التجربة عمليا ولفترة كافية؟ تم اختبار هذه التجربة لمدة عامين متتاليين فى حوض تجارب زراعية بقرية «العزيزة» بمركز سمنود، محافظة الغربية، وأسفرت عن نتائج مبهرة، أشاد بها خبراء وزارة الزراعة فى مجال القطن ومنهم، د. محمد عبد الحكيم عميد معهد بحوث القطن، ود.أحمد درويش وكيل المعهد، والخبير الزراعى فريد واصل، وبعض وزراء الزراعة السابقين. ماذا تريد من وزارة الزراعة لتعميم الفائدة من التجربة؟ تمت توسعة نطاق التجربة هذا الموسم لتجرى على مساحة 40 فدانا فى كل من محافظتى الغربية وكفر الشيخ، وحققت نتائج ممتازة، لذا أدعو وزارة الزراعة تعميم هذه التجربة على القطر المصرى كله، لتعود بالنفع على القطن المصرى، ويستعيد عرشه باعتباره من أهم مكونات الاقتصاد المصرى.