لا شك أن الدستور هو وثيقة قانونية لها أهمية خاصة لعدة أسباب من أهمها أنها أعلى وثيقة قانونية فى الدولة وتحدد نظام الدول والحقوق والواجبات والعلاقة بين سلطات الدولة الثلاث، وهى التشريعية والتنفيذية والقضائية، هذا علاوة على أن الدستور لا تجوز مخالفته بأى وثيقة قانونية أخرى سواء كان ذلك من خلال نص قانونى أم من خلال اللوائح التى تصدر لتنظيم العمل فى المرافق العامة وغيرها. أول من ترجم الدساتير فى اللغة العربية هو رفاعة رافع الطهطاوى، حيث ترجم الميثاق الدستورى الفرنسى الصادر فى 4 يونيو 1814 والذى أصدره الملك لويس الثامن عشر وكان يسمى فى الوثيقة الفرنسية «الشرطة» نقلا عن كلمة charte الفرنسية ثم تمت ترجمته إلى ميثاق أو العهد أو الوثيقة الدستورية ولا علاقة بين الشرطة بفتح الشين والشرطة بضم الشين. والدستور بالمعنى الحديث يعنى اللائحة القانونية ويكون لها مدلول سياسى قانونى ويتطور مع تطور الدول والعلاقات بين أفرادها. أى أنه القانون الأساسى أو مجموعة القواعد القانونية الأساسية التى يتم بمقتضاها تنظيم الدولة وممارسة الحكم بينها وتوضح سلطات الحكومة وحقوق وواجبات المواطنة ونظم الدولة فى وثيقة مكتوبة ومحددة. وبصفة عامة فإن خصائص الدستور فى النظم الديمقراطية يجب أن تكون بعيدة عن الدخول فى التفاصيل الدقيقة للعلاقات المجتمعية، ويجب أن يكون الدستور مراعيا لكل الأطياف والجماعات فى المجتمع لتحقيق العدالة والمساواة وعدم التمييز بين طائفة دون أخرى وهذا ما يشار إليه بأنه لا يجوز أن تكون هناك سيادة لفرد أو لقلة على باقى الشعب لأن السيادة هى للأمة. ومن النقاط الأساسية أيضا أن القانون لابد أن يكون هو المسيطر وأن تكون هناك ضمانات لاحترام أحكامه. وقد أشار فقهاء القانون الدستورى إلى أن ما تميز به الحكومة الدستورية الديمقراطية هو تحقيق ثلاثة مبادئ رئيسية وهى :- إن أية سلطة أو هيئة لا تستطيع أن تصدر قرارا فرديا إلا فى الحدود التى بينها الدستور. إن كل قرار عام يجب أن يكون موضع احترام من السلطة التى أهدرته. إن القيود التى تفرضها الدولة على حريات الأفراد ونشاطهم لا يمكن تقريرها إلا بواسطة قانون يوافق عليه ممثلو الأمة فى السلطة التشريعية. لا شك أن هذه المدلولات هى أساس الديمقراطية الدستورية وتؤدى إلى تدعيم مبدأ المشروعية القانونية وأن الدستور ينص على اختصاصات سلطات الدولة التى لا تجوز مخالفتها لورودها فى الدستور. وتأكيدا للجانب القانونى للدستور الديمقراطى فقد اتفق الفقهاء على عدم جواز الجمع بين السلطات، وفى نفس الوقت تحقيق التوازن فيما بينها لكى لا تنفرد أى مؤسسة فى الدول بالسلطة وكذلك النص على الضمانات اللازمة لممارسة الحقوق والحريات العامة والتأكيد على ضرورة ضمان تداول السلطة سلميا بين الاتجاهات والقوى السياسية الشرعية المعترف بها قانونا، وذلك وفقا للاقتراع العام. وفى نفس الوقت لابد أن يكون الدستور نابعا من خبرة المجتمع الذى ينظمه بطريقة طبيعية لكى يستمر ويعيش لمدة طويلة ويكون مقبولا من المجتمع. وينشأ الدستور من خلال أحد خمسة أساليب وأهمها المنحة والعقود والجمعية النيابية التأسيسية ومباشرة من الشعب بالاستفتاء أو عن طريق المعاهدات الدولية. ولابد أن نشير إلى أن الدستور هو مرآة المجتمع ولذلك لا توجد نوعية واحدة صماء للدستور بل هناك أنواع للدستور ومن أكثرها شيوعا ما يتعلق بالمدونات حيث توجد دساتير عرفية ودساتير مكتوبة ومن أنواعها ما يتعلق بالمرونة وهى تنقسم إلى دساتير جامدة ودساتير مرنة فيمكن تعديلها بسهولة أكثر من الدساتير الجامدة. * عميد كلية حقوق الزقازيق الأسبق