لمن يتمعن النظر فى المواد الخاصة بالجانب الاقتصادى فى الدستور المصرى الجديد يدرك من الوهلة الأولى بأنه لم يحدد الشكل الاقتصادى الذى يلزم البلاد باتباعه، ولذلك يعد هذ إيجابياً لأنه تبنى فكرة الهدف من الاقتصاد وليس تحديد الشكل الاقتصادى، وهو ما يساعد على عدم التضييق على المشرع بعد ذلك ليتخذ ما يتماشى مع صالح البلاد وخلق نوعاً من التوازن بين الأنظمة الثلاثة (الإسلامى الرأسمالى الاشتراكى) حيث تضمنت المادة (14) الاقتصاد الوطنى يهدف إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية، والقضاء على الفقر والبطالة وزيادة فرص العمل والإنتاج والدخل القومى. راعى الدستور العدالة الاجتماعية وضمان عدالة التوزيع وحماية حقوق المستهلك والمحافظة على المال العام والتأكيد على قدسيته، كما أن الدستور اهتم بالقطاع الخاص وحافظ عليه فى الوقت الذى راعى فيه الدستور حقوق العمالة وربطها بالإنتاج وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدنى وأقصى للأجور والمعاشات، خصوصاً أن الإحصائيات العالمية أكدت أن العامل المصرى أقل إنتاجية فى العالم ويحصل على أقل راتب، لذلك السبب وأن هذه المادة ستؤدى إلى زيادة الإنتاج وإنهاء الفوارق والمرتبات بين العاملين. ومن أخلاقيات الاقتصاد أنه لا يتم مساواة بين موظف لا يعمل بموظف آخر يؤدى أكثر فى العمل، ولذلك كانت هذه المادة أكثر وضوحاً فى تطبيق الحد الأدنى والالتزام بذلك. المادة (15) أوضحت مدى الاهتمام بالقطاع الزراعى كمقوم أساسى للاقتصاد الوطنى وإلزام الدولة بالحفاظ على الرقعة الزراعية وحمايتها وزيادتها خصوصاً أن الزراعة عانت منذ عام 1952، وهى إحدى الأسباب الرئيسية للوضع المتردى حالياً، وتم وضع سياسات وإستراتيجيات فى الأنظمة السابقة أدت إلى تدهور هذا القطاع المهم الذى يعد أساس القطاعات فى مصر، ولذلك الاهتمام به ضرورة والاهتمام بالفلاح كذلك، وهو ما أكدته المادة (16) بالزام الدولة برفع مستوى معيشته والاهتمام بالريف والبادية وهو ما سيؤدى إلى إقامة المشروعات الجديدة فى سيناء ومرسى مطروح وجنوب مصر. لم يهمل الدستور المصرى الجديد القطاع الصناعى الذى تحدث عنه كهدف يساعد على الإنتاج، والمادة (17) تؤكد ذلك صراحة. كما اهتم الدستور الجديد فى سابقة لم تحدث منذ عام 1952، فى الدساتير السابقة واهتم بالتعاونيات التى ستعيدنا إلى الجوانب الإيجابية قبل عام 1952، ومنها أمثلة كثيرة مثل مستشفى «المبرة» الذى أنشأها محمد على، ومستشفى «العجوزة» وجامعة القاهرة وكلها أدت إلى نهضة مصر فى الفترة السابقة، كما اهتم الدستور بالوقف الخيرى ونص عليه صراحة، وقام بتشجيعه وعدم استحواذ الدولة عليه كما كان يتم من قبل. إيجابيات الدستور كثيرة لعل أبرزها أنه ترك للمشروع والشعب تحديد الخصائص والفروع التى يسعى إلى تطبيقها مما جعل الدستور الجديد يتيح ذلك بسهولة لخدمة الوطن إذا أحسنت النوايا وعدم البحث عن المصالح الشخصية فى هذا الوقت. * أمين عام اتحاد المصارف العربية سابقاً