خاص- الأهرام العربى - منيرة آل ثانى كاتبة قطرية متجددة.. تختار مواضيعها بعناية تامة تلامس شغاف القلب، وتتصدى لمواضيع مهمة في المجتمع، وبالتالي تكسب قاعدة واسعة من القراء والمتابعين بلغة تتسم بالسهولة والوضوح. استطاعت أن تعبر في كتاباتها عن حقيقة أن الفكرة الأكثر وضوحا هي الأكثر نجاحاً.. فكل ما تكتبه يحاول أن يلم شتات أفكارها داخل فضاء إبداعي ينتصر لهموم الوطن والمواطن.. «الأهرام العربى» أجرت هذا الحوار مع الشيخة منيرة آل ثاني. أيهما الأقرب إلى نفسك.. الكتابة في عالم الرياضة أم في قضايا المجتمع؟ الجانبان يصبان في قضايا المجتمع، وفي المقالات الأسبوعية التي أكتبها أتنقل بين القضايا الاجتماعية، والرياضية، لأنني كنت أتابع الرياضة عن كثب منذ الصغر، فلا أشعر بغربة عندما أكتب عنها، لكن الكتابة بالنسبة لي سلاحي الذي أخاطب به الجميع من المسئول الكبير إلي الشخص العادي. التحليق في فضاء النجاح.. هل تحقق في «كارت وردي» كأول تجربة مع الكتاب الرياضي؟ الآخرون هم الذين من حقهم أن يقولوا هل نجحت في هذا المجال أم لا. أما بالنسبة لي فكان أقصي ما أريد الوصول إليه هو الدعم التام الذي نلته. إلى أي مدى نلت في (كلام كبير) ما كنت تودين على صعيد الفكرة والمغزى؟ نلت الكثير من خلال (كلام كبير).. تلك النافذة المتجددة والمتواصلة منذ عشر سنوات وهو انطلاقتي وجواز عبوري إلى عالم الكتابة الصحفية. هل ثمة مصاعب في إخراج الكتاب – أي كتاب – إلى النور؟ نعم في العالم العربي لا مطابع تتبنى الكتاب بشكل صحيح من الطباعة إلى النشر والترويج والدعاية والإعلان، والطامة الكبرى أن لا أحد يحرص علي اقتناء كتاب في هذا الزمن. والعنوان العريض «أمة اقرأ.. لا تقرأ»!! فقط الكتاب أصبح تدوينا وتجميعا شخصيا لأفكار كل كاتب، ولا يحقق الانتشار الفكري. ماذا ينقص الكاتب القطري كي يشق طريقه عربيا?، وهل صحيح أنه “مظلوم" محليا؟ كلا الكاتب القطري غير مظلوم والقنوات الإعلامية مفتوحة له على مصراعيها للتطوير والانطلاق وتحقيق كل ما يصبو إليه في هذا المجال. غير أن حالة التقاعس التي قد نراها تبقى أمرا شخصيا لأن مجال الصحافة والكتابة لا يحقق للكاتب المستقبل الباهر مثل العمل في البترول أو المؤسسات الكبيرة. فالكتابة تحتاج إلى مجهود كبير وهي كالحفر في الصخر. أنها تحتاج إلى “طول بال" محلي حتى تنطلق خارج الحدود والصبر مفقود. والعالم العربي لديه تخمة في الكتاب محليا في كل بلد وصعب أن يقتحم الكاتب القطري المجال العربى إلا إذا كان مختلفا ومميزا في كتاباته. أجمل فكرة كتبت عنها ونالت صداها الأوسع على الصعيد الرياضي وغيره؟ جميع الأفكار الرياضية لها صداها لدى جماهير كل فريق. ولكن عندما تخاطب جماهير نادي الشعب (العربي) يكون لها صدى ومذاق آخران. ولكن أجملها مع فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022 لأنها باختصار فرحة كبيرة للجميع بمختلف انتماءاتهم الكروية. سقف الحرية في اختيار الفكرة والتفاعل معها.. ماذا يعني لك؟ سقف الحرية في قطر مرتفع جدا.. ومن هذا المنطلق تكون الفكرة بعيدة عن القيود التي تنتقص من الفكرة، بل إن الكتابة قائمة لدي على الصراحة في تجريد الواقع وطرحه بلا رتوش. هل هناك فكرة ندمت على طرحها؟ لم أندم على فكرة نهائيا لأن كل فكرة أضعها في مقالاتي لا تكون إلا بعد تفكير واقتناع وأكون مؤمنة بها إيمانا تاما.. والأهم أنها تخدم المصلحة العامة وهي همي الأكبر. وماذا تعني الكتابة لك.. وهل تعتقدين بأن ما تكتبين يستطيع الوصول إلى عقول وقلوب وضمائر قرائك؟ الكتابة هي منيرة آل ثاني.. ونحن وجهان لعملة واحدة.. إنها كلمة الحق وإنصاف المظلوم الذي يعجز عن إيجاد ناطق بلسانه. بعيدا عن الغرور.. نعم كلماتي تصل إلى المواطن والمقيم وشبكات التواصل الاجتماعي خير دليل علي التفاعل مع مقالاتي. لمن تكتب منيرة آل ثاني؟ أكتب للمواطن القطري والمقيم على أرضه ولكل العرب من المحيط للخليج، وكما قال الكاتب الكبير نجيب محفوظ: “العالمية هي التعمق في المحلية". يجب أن تثبت وجودك في بلدك وهو الأهم ولا يهمني أن أكون معروفة لدى المثقفين بل يهمني المواطن البسيط الذي أخاطبه بكلمات بسيطة تعبر عما يدور في خلجات نفسه ويتمنى أن يجدها في العلن، مثلا التعليم ومنغصاته، حماية المستهلك وتفعيل دورها بشكل يحمي حقوق المواطن فضلا عن انتكاسات الصحة وفرص العمل والتقطير في المؤسسات وتطبيقها، فأكثر مقالاتي طوال السنوات العشر كانت تنادي بحق المواطن في وطنه لا أكثر. نريد إنصاف المواطن فقط. هل نجحت الفتاة القطرية في طرق أبواب الأدب؟ الأدب مجال رحب ومتشعب.. وتبقي تجارب الفتاة القطرية قليلة ونادرة، وسنشهد إن شاء الله “الكيف قبل الكم" مستقبلا، لكن هذا يحتاج إلى الدعم من جهات عدة وفي مقدمتها وزارة الثقافة من أجل خلق واكتشاف المواهب لتثري الساحة الأدبية القطرية ولا نستمد كل شىء من الخارج ونطلق عليه (مهرجانا)! هل حققت الكتابة كل ما تحلمين به؟ الأحلام لا تتوقف وهي موجودة داخل كل إنسان، نعم حققت الكتابة لي جزءا من أحلامي، ومازلت في أول الطريق. ما الأسلوب الذي يستهويك في الكتابة؟ يستهويني الأسلوب البسيط السلس في المفردة القريبة إلى المحلية بعيدا عن التعقيدات اللغوية. الأدب الساخر يستهويني أيضا، ولدي بعض التجارب فيه. شخصية أدبية تحاولين السير على خطاها؟ لا توجد شخصية بعينها لكن أحاول شق طريقي بخطى خاصة بي لا تشبه أحدا. الحمد لله لدي خطي الخاص في النقد الساخر مع (كلام كبير) و(فريج حمود) إضافة إلى التفرد في مجال الكتابة الرياضية بشكل خاص منذ نحو ثلاث سنوات. جامعة قطر.. هل كان لها دور فيما وصلت إليه؟ لا أنسى دور أساتذتي وعلى رأسهم الدكتور أحمد القديدي ود. عبدالرحيم نور الدين ود. ربيعه الكواري.. وهم شريان قسم الإعلام في سنوات الدراسة بمجهوداتهم التي يشكرون عليها. لكن جامعة قطر مقصرة في حق رعاية الطلبة وصقل المواهب بشكل كبير. قد أستثني البعض فيها ممن يدعمون وهم قلة، أما البقية فأجد أن الجامعة بالنسبة لهم عبارة عن أوقات عمل ودوام رسمي فقط!! ما سبب ابتعاد الكثير من القطريات عن مجال الكتابة؟ الكاتبات موجودات لكن المشكلة في عدم استمراريتهن بسبب مشاغل الحياة أو الإحباطات الشخصية. الاستمراريه هي الأصعب وليس الظهور. فالبعض يأخذها كتجربة ومرحلة لمجرد التجربة لا أكثر. هل خالجكِ شعور يوماً بأن مخزون أفكارك “نضب"؟ نهائيا.. فمادامت الحياة مستمرة تبقي المواضيع فيها كالمعين الذي لا ينضب في كل ساعة. الأفكار مخزون يتجدد بقدرة ربانية. عناوين مقالاتك.. أصعب أم فكرتها؟ كلاهما مرتبط بالآخر.. لا صعوبة حقيقية في وضع عنوان المقال مع الفكرة لكن اليوم يعد العنوان فنا حقيقيا وهو نصف المقال الذي يجذب المتابع لكي يقراء المقال لآخر سطر فيه. ما أكثر قضايا مجتمعنا التي تجدين ضالتك في طرحها وتناولها؟ كل ما يهم المواطن من القضايا المحلية وعلى رأسها الصحة والتعليم لأن المواطن يعاني منها الأمرين. ما حدود طموحاتك؟ لا حدود للطموح، الطموح فضاء مفتوح لا سقف أو حدود له. أقسى نقد وجه لك؟ الحمد لله لا يوجد نقد قاس ولكن هناك وجهات النظر يصبح وجودها طبيعيا في أي حالة جدل أو نقاش، طبيعي أن يكون هناك من هو مع أو ضد الفكرة. حرية الأدب، أين تقف في تصورك؟ تقف عند العادات والتقاليد وعند التزامنا الخلقي والديني، فالحرية الأدبية لا تنسينا احترام المجتمع الشرقي بكل تفاصيله. حرية التعبير والكلمة.. هل لها حدود؟ ومتى تنتهي هذه الحرية؟ الحرية لها حدود داخلية يفرضها كل منا على كتاباته من منطلق تربيته وخلقه دونما تجريح في الآخرين.. بل إن هدفه المصلحة العامة وحفظ أمانة القلم والشرف الصحفي. لا مجال للشهرة بتزييف الحقائق. متى تتوقف منيرة آل ثاني عن الكتابة؟ الكتابة لا يوجد لها وقت ولا زمن، وهذا أجمل ما في الكتابة، إذا ما قسنا الأمر بلاعب الكرة الذي يعتبر عمره الرياضي قصيراً مقارنة بالكاتب. ما معنى أن تكوني عرباوية في عالم الكتابة الرياضية؟ معناه أن تكون فردا من عشاق نادي الشعب الذي نريد أن يكون فرحتنا المتوجة دائما. والعربي كبير وعريق بمحبيه, وإن شاء الله يجد الدعم الحقيقي حتى يقارع أندية “الباور" الرياضي. وأخيراً.. هل من كلمة أخيرة عن دور الأسرة في تجربتك مع الكتابة؟ دور الأسرة لا ينكر وهم من لهم الشكر والتقدير في ظهور منيرة في بلاط صاحبة الجلالة، وهم من يفخرون بي أن أكون شيئا يذكر في السلطة الرابعة من كل ما يصل لهم من قول وثناء من صديق وقريب. وهذا ما يزيدني إحساساً بالمسئولية أن أكون عند حسن ظنهم لأنني اليوم لا أمثل نفسي وإنما أمثل أسرتي الصغيرة في هذا الفضاء الرحب.