تنشر مجلة "الأهرام العربي" في عددها الجديد تحقيقا عن مليونية تطبيق الشريعة وسط دعوات لإقامة مظانهرة ضخمة غدا الجمعة بميدان التحرير بالقاهرة. فالخلافات لم تعد بين فصيلين بينهما تباين سياسى، بل أصبحت بين الفصيل الواحد، ومن ميدان التحرير الذى انطلقت منه الثورة، يقف قطار التنمية معطلا، بسبب تلك المليونيات التى تعددت أسماؤها والهدف واحد، فرض الرأى، هكذا يرى البعض من الرافضين لمليونية الجمعة "تطبيق الشريعة"، بل امتدت رؤيتهم إلى ما هو أبعد، حيث وصفوها بأنها جمعة "قندهار" التى يهدد القائمون عليها بسفك الدماء إذا ما استجابت الجمعية التأسيسية للدستور بجعل الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، فيما يرى الداعون للمليونية أنهم لن يتراجعوا إلا إذا طبقت الشريعة الإسلامية، بل إن بعضهم أخرج الرافضين لها من الإسلام. وتساءل هذا الفريق، لماذا يخشى البعض من تطبيق شرع الله؟ ألسنا مسلمين؟ لماذا تحاول القلة العلمانية فرض رأيها؟ وبادر هؤلاء بتشكيل "جمعية حماية الشريعة"، هذه هى الحال فى مصر الآن، معركة تعقبها أخرى، وما بين الأزمة والأزمة أزمة اقتصاد ينزف وحدود مهترئة، وحالة خصام للإنتاج والقوى السياسية تبحث عن مكاسب جديدة، وها نحن نقف على الحياد كعادتنا، نرصد ما يحدث ونترك للقارئ اتخاذ الرأى الأنسب، والسطور التالية فيها قراءة لمليونية تطبيق الشريعة التى سبقتها أكثر من بروفة لاثنتين وعشرين حركة وجماعة وحزباً. حزب البناء و التنمية كان الأكثر تشددا عندما أعلن من خلال رئيس مكتبه السياسى الدكتور صفوت عبدالغنى، أنه لن يتهاون فى تطبيق الشريعة، لذلك تم تشكيل لجنة للدفاع عن الشريعة ومراقبة أعمال الجمعية التأسيسية للدستور، وطالب عبدالغنى بأن تكون الشريعة الإسلامية هى المرجعية العليا والمصدر الوحيد للتشريع، وها هو محمود شعبان ممثل شباب القوى الإسلامية يؤكد أنه لن يتوقف عن المطالبة بتطبيق الشريعة، لأن البشر العبيد لا يسألون عن شرع الله، وإنما عليهم أن يمتثلوا له. وأشار شعبان إلى أن المجتمع المصرى مهيأ الآن لتطبيق الشريعة، ومن يرفض ذلك يرفض الإسلام، وعندما سألنا: هل نحن مستعدون اقتصاديا لتطبيق الشريعة؟ بادرنا محمود شعبان بنعم نحن مستعدون وأوروبا وأمريكا تنادى حاليا بالاقتصاد الإسلامى، والعالم كله يحاول تطبيق الشريعة، ولو عن غير قصد، ويوافق د. محمد جودة، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة على ما قاله محمود شعبان من أن المجتمع المصرى مهيأ اقتصاديا لتطبيق الشريعة، لكن ليس بين يوم وليلة، فالاقتصاد المصرى حاليا يتطلب تطبيق الشريعة، لكن تدريجيا، وحزب الحرية والعدالة كما يؤكد جودة لديه خطة لذلك، فعلى مدار 15 عاما سيكون الاقتصاد المصرى بالكامل خاضعا للشريعة الإسلامية، والتطبيق سيكون وفقا لآليات معينة، حيث سيتم إنجاز 80 % من الخطة الاقتصادية للحزب وفقا للشريعة خلال السنوات العشر المقبلة، وما تبقى يتم إنجازه فى خمس سنوات. أما وجهة النظر الأخرى التى ترد على محمود شعبان ود. محمد جودة فجاءت من الخبير الاقتصادى سعد هجرس، الذى بدأ رده بتساؤلات.. ماذا يعنى تطبيق؟ وأى شريعة يريد الذين شاركوا فى مليونيتها؟ والإجابة كما يراها هجرس، تفتح طوفانا من الاجتهادات، لأن كلمة "الشريعة" مختلف عليها بين التيارات المختلفة، هل هى شريعة الإخوان المسلمين أم شريعة السلفيين أم شريعة الجهاديين أم شريعة أسامة بن لادن أم شريعة الأزهر؟ فكل هؤلاء يتحدثون باسم الشريعة، أما تطبيق بعض القوانين فلا يحتاج إلى شريعة، فقط يحتاج إلى قرار إدارى، مثل منع الخمور.