فى ظل الأحداث والأزمات التى تعيشها بعض الدول العربية بعد ثورات الربيع العربى، تعانى بعض منتخبات كرة القدم الممثلة لهذه الدول صعوبات جمة بالمنافسات القارية المختلفة، برغم أن الثوارت أطاحت برءوس الفساد فى بعض الدول، فإن هناك دولا لاتزال تعانى من بقاياه، لعل مصر من الدول التى تأثر منتخبها بالأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير، ولا يختلف اثنان على أن منتخب الفراعنة خسر الكثير بسبب توقف النشاط الرياضى بسبب غياب الأمن، وترك خروج حامل اللقب من تصفيات أمم إفريقيا بصمة حزينة على وجوه الجماهير المصرية، لكن ما يحدث الآن ربما يؤدى إلى خسارة حلم التأهل للمونديال. البحث عن المباريات الودية، هو الأزمة الكبرى التى تواجه الفراعنة، وهو ما يعانيه برادلى المدير الفنى لمنتخب مصر وجهازه المعاون، وليس ذلك فحسب بل يعانى المنتخب المصرى عدم التمكن من اللعب على أرضه، حيث لم يلعب أى مباراة ودية داخل مصر منذ اندلاع الثورة، بينما لعب 15 مباراة ما بين قطر ولبنان والسودان وعمان، والإمارات التى استضافت آخر لقاءات الفراعنة أمام الكونغو الأسبوع الماضى. وقبل لقاء الكونغو، لم يلعب منتخب مصر أى مباراة سواء ودية أم رسمية منذ شهرين ونصف الشهر وكانت آخر مبارياته أمام إفريقيا الوسطى فى تصفيات الأمم وخسرها الفراعنة بهدفين مقابل ثلاثة. كما أن الحالة الأمنية غير المستقرة، تسببت فى إلغاء العديد من المباريات الودية التى كان مقررا أن يخوضها منتخب مصر، وبخلاف الحالة الأمنية، يعانى المنتخب الأزمات المتكررة بين الشركة الراعية واتحاد الكرة، بسبب عدم قدرة مسئول الشركة الراعية على تسويق المباريات، وبالتالى الالتزام بالأمور المادية والتى تسببت فى إلغاء مبارتين وديتين أمام الكاميرون وبنين، وهو ما يرجعه مسئول الشركة الراعية إلى غياب الأمن. ولم تتوقف أزمات منتخب مصر عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى أن بوب برادلى المدير الفنى للفراعنة اشتكى من قبل، وبالتحديد قبل مباراة موزمبيق التى أقيمت فى يونيو الماضى من عدم تمكن اتحاد الكرة من توفير ملابس جديدة للفريق. ولاتزال هناك فترة ليست قصيرة على المباريات المقبلة التى يخوضها المنتخب المصرى فى التصفيات المونديالية والتى تبدأ فى مارس المقبل، والتى من خلالها يتمكن المنتخب من الحفاظ على تقدمه بالتصفيات، لكن هذا يتوقف على عودة الأمن وبالتالى عودة النشاط. ليبيا تودع العرس الإفريقى أما المنتخب الليبى الذى تأثر هو الآخر بعد ثورته، فقد تراجع إلى المركز السادس والثلاثين عالميا.. وبينما كان الليبيون يحاولون لملمة الأوراق المتناثرة والاستعداد لمباراة العودة أمام الجزائر فى التصفيات المؤهلة للأمم الإفريقية، وتعويض خسارته فى المباراة الأولى، تلقوا الهزيمة الثانية التى نزلت على رءوسهم كالصاعقة وودعوا على إثرها العرس الإفريقى. ولم تكن الأزمة فى الهزيمة، بل فى المستوى المتواضع الذى ظهر على أداء لاعبى المنتخب الليبى، وكانوا كالحمل الوديع الذى يسهل ترويضه طوال فترات اللقاء. وعانى المنتخب الليبى هو الآخر عدم القدرة على اللعب على أرضه بسبب توتر الأحداث هناك، مما تسبب فى إقامة مباراته الأخيرة أمام الجزائر بالدار البيضاء وافتقد المساندة الجماهيرية. وبعيدا عن تصفيات أمم إفريقيا، فإن هذا الجيل من اللاعبين نجح فى تخطى أحزانه، وحقق فوزا أسطوريا على منتخب الكاميرون فى الجولة الثانية بالمجموعة التاسعة من تصفيات كأس العالم 2014. وبرغم ذلك لم يخف عبد الحميد أربيتش المدير الفنى للمنتخب الليبى شعوره بصعوبة التأهل إلى كأس العالم فى ظل صعوبة تجميع اللاعبين وتوفير معسكرات مناسبة وخوض مباريات ودية كباقى الفرق. العراق يلجأ للمباريات الداخلية ومازال العراق يعانى من مرحلة ما بعد صدام والغزو الأمريكى إذ يتعرض اتحاد كرة القدم فى العراق لانتقادات لاذعة، بعد عدم التمكن من خوض المنتخب الأول لكرة القدم أى مباريات تجريبية مع منتخبات قوية قادرة على كشف مواطن القوة والضعف، مما أدى إلى فقدان المنتخب سبع نقاط من أصل تسع، ليصبح موقفه صعبا فى التصفيات النهائية لكأس العالم. وتسببت حالة عدم الاستقرار فى الأراضى العراقية فى عدم القدرة على توفير الأموال اللازمة لخوض المباريات الودية، ولجأ المنتخب إلى خوض مباريات ودية مع أندية الدورى الممتاز لتقليص النفقات، لكن هذه المباريات لن تخدمه وذلك بسبب فارق الإمكانات، وهو ما يعانيه البرازيلى زيكو الدير الفنى للمنتخب والذى لم يتمكن حتى الآن من الوقوف على التشكيلة الأساسية لفريقه. لكن الاتحاد العراقى تنفس الصعداء بعد موافقة المنتخب البرازيلى على خوض مباراة ودية أمام العراق فى 11 أكتوبر الماضى، لكن ليته ما لعبها، حيث تلقى هزيمة ثقيلة بخمسة أهداف وظهر لاعبوه فى حالة توهان شديدة أمام راقصى السامبا. وباتت حظوظ المنتخب العراقى فى الوصول إلى مونديال البرازيل ضعيفة بعد الخسارة من المنتخب اليابانى، كما أن المباراة المقبلة مع المنتخب الأسترالى ستكون الفاصلة، فإما الحصول على نقاطها الثلاث والمنافسة على المراكز المتقدمة، أو نتيجة سلبية بعواقب وخيمة على مسيرة المنتخب العراقى لأن رصيده سيتجمد عند نقطتين. سوريا ممنوعة من اللعب على أرضها أما المنتخب السورى، فبات فى موقف لا يحسد عليه، حيث يخوض الآن بطولة غرب آسيا لكرة القدم التى تحتضنها الكويت. ما تشهده الأراضى السورية من مجازر وأعمال عنف من جيش نظام الأسد، وقفت عائقا أمام القدرة على تجميع لاعبى المنتخب، مما دفع اتحاد الكرة السورى لترشيح فريق الشرطة لخوض البطولة مطعما بمجموعة محدودة من نجوم المنتخب، ولم يتمكن اللاعبون من عمل الإعداد المناسب. وجاء قرار الاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) ليطفئ بصيص النور الباقى أمام منتخب سوريا بعد أن اعتبره خاسرا مباراته مع منتخب طاجيكستان ضمن إياب الدور التمهيدى من تصفيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، بسبب إشراك سوريا للمهاجم جورج مراد السورى الأصل السويدى الجنسية على اعتبار أنه لعب لمنتخب السويد عام 2003. وإذا كان بعض اللاعبين تفرغوا للانضمام إلى الثورة الليبية المناهضة لنظام بشار، فإن الأغلبية اضطرت إلى الهروب للدول المجاورة واللعب فى دورياتها بحثا عن الأمان والأموال، مما يؤكد عدم وجود منتخب من الأساس. وما زاد الطين بلة، العقوبات التى فرضتها الاتحادات الدولية والقارية بحظر خوض المنتخبات السورية للمباريات على ملاعبها وتوفير ملاعب بديلة، مما ضاعف الضغوط الواقعة على المنتخب، بسبب انعدام فرص الاحتكاك لاعتذار العديد من الدول عن استضافة المنتخبات السورية. وتضاعفت معاناة الرياضيين فى سوريا بسبب الظروف الأمنية، بعد أن ألقت أحداث العنف بظلالها على المشهد الرياضى ككل، وذهبت العديد من الكوادر الرياضية ضحية للصدامات المسلحة. وشاءت الأحداث أن ترسم لوحة سوداء مرسومة بالدم فذهب ضحية القتل زكريا يوسف لاعب كرة القدم بنادى الاتحاد ولاعب الكرامة أحمد سويدان، وحكم كرة القدم محمود نصيرات. كل ذلك كان نتيجة طبيعية لما تعرضت له المسابقات المحلية من المتاعب فشهد موسم 2010-2011 عدم اكتمال بطولة الدورى نتيجة للأوضاع الأمنية ما اضطر اتحاد اللعبة إلى إقامة بطولة خاصة بين الفرق التى احتلت المراكز الأربعة الأولى. ومع ارتفاع وتيرة الأحداث فى موسم 2011-2012 وصعوبة إقامة المباريات فى عدد من المدن، أقر اتحاد الكرة بإقامة المسابقة بطريقة جديدة وعلى ملاعب فرق العاصمة وسط حضور جماهيرى ضعيف جدا، لكن هذه المحاولة لقيت فشلا ذريعا بعد اعتذار بعض الفرق عن المشاركة، ونفس الحال بالنسبة لمسابقة الكأس التى انتهت معظم مباريات الأدوار الأولى فيها بفوز الفرق بعد انسحاب المنافسين. الأنظمة المستبدة، وتعانى دولا أخرى وجود أزمات سياسية داخلية، وهى الأحداث التى أدت إلى غياب الأمن وزيادة أعمال البلطجة والعنف، وتردى الحالة الاقتصادية التى تمثل الشريان الرئيسى للحياة بالنسبة لتلك لهذه الدول، وتاهت المنتخبات ما بين البحث عن معسكرات الإعداد واستحالة اللعب على أراضيها، وتوفير الأموال للاعبين.