- أطالب وزيرة الثقافة بالاهتمام بفنانى الزجاج المعشق تجربتها نموذج مشرف لكل امرأة تعشق الذوق الرفيع فى الفن التشكيلى، خصوصا الزجاح المعشق بكل سحره وألوانه الأسطورية، فهى تستحق منا أن نبرز تجربتها المليئة بالأمل والمثابرة لأنها فنانة ذات موهبة فطرية تحدت كل الصعاب التى واجهتها وانتصرت على المرض اللعين، فأصبحت قدوة يحتذى بها من عدة أوجه، منها الانتصار على المرض وبث الأمل، وكذا الذوق الرفيع الذى تنفذ به مشغولاتها السحرية الأسطورية، إنها الفنانة ماجدة حنفى، عاشقة فن الزجاج المعشق، التى اقتنصت احترام كل من يعرفها ويعرف فنها رفيع الذوق. ولأننا فى شهر كريم تزدان فيه المساجد، بل كل دور العبادة بسحر ألوان الزجاج المعشق، وجب علينا أن يشاركنا القارئ تلك المتعة البصرية والروحية. اختزنت ماجدة بداخلها موهبتها الفنية لسنوات طويلة، لكنها أدركت قيمتها فى أشد المواقف صعوبة، وحولت أصعب مواقف الحياة إلى فن بهيج وألوان أسطورية بإيمان شديد ورضا تام. تصر ماجدة على استخدام الزجاج البلدى اليدوى برغم صعوبته وندرة وجود من يقومون بتصنيعه، فإنها حريصة على إحياء هذه الحرفة والحفاظ على التراث المصرى الأصيل.. تعتمد على نفسها فى تنفيذ تصميماتها للوصول إلى عمل فنى مميز، ولا تخشى صعوبة مراحله التى منها تقطيع وقص الزجاج وتعشيقه ولحامه. وفى حديثها لنا لم تغفل دور زوجها فى مساندتها، حيث يداوم على تشجيعها إلى جانب أبنائها الذين يقدرون عملها، فلقد كانت حريصة على نقل خبراتها لهم حتى تجعل منهم أفراداً منتجين فى المجتمع وغرست فى نفوسهم حب الفن لا سيما الزجاج المعشق، وعلمتهم أسس هذا الفن فأصبح كل منهم يصمم أعمالاً خاصة به. الفنانة ماجدة حنفى أبوالعلا، من مواليد حى شبرا المليء بالمصرية الخالصة، وقد ساعدها المناخ والدفء الشعبى على بدء حياتها العملية مبكرا، كأية فتاة مصرية فى ذلك الزمن الصعب، حيث احترفت أعمال الكروشيه، وبعدها جذبها مجال الدعاية والإعلان، فتعلمت طباعة السلك سكرين، وافتتحت مكتبها الخاص بذلك المجال، وحققت فيه نجاحا بارزا، قبل أن تتعرض لحادث انهيار المنزل، وتصاب بكسور متعددة، فتركت المجال بشكل مؤقت لتعمل فى صف الكتب والرسائل العلمية، وبعد زواجها بفترة عادت إلى هواية التصميم، وهذه المرة على الزجاج، ومنه انطلقت إلى فن الزجاج المعشق، لتصبح واحدة من رائداته فى مصر. الدرس الأبرز فى مسيرة ماجدة حنفى الإنسانة والفنانة هو الإصرار والدأب وتعليم الذات وتنميتها. ولنتركها تصف لنا مسيرتها، تقول: بدأت حياتى فى سكن والدي، حيث كنت أعمل على الآلة الكاتبة ثم تطورت إلى مجال الطباعة والسلك سكرين والأغلفة، ومواد الدعاية وطباعة «التى شيرتات» فى ورشة صغيرة استأجرتها بحى شبرا، وتميزت فى هذا المجال، وعرفنى الناس عام 1989م. تستعيد ماجدة حنفى ذكريات أليمة وتقول: تعرضت لحادث انهيار المنزل الذى فيه ورشة العمل الخاصة بى، ووجدت نفسى أسقط للدور الأسفل وأكوام الحجارة تنهار على حيث لطف الله بي، لكننى أصبت بكسر فى نفس القدم المصابة والحوض، مما أدى إلى جلوسى فى المستشفى لمدة ثلاثة أشهر وفى الجبس لمدة سنة ونصف السنة. أثناء فترة انتظار فك الجبس بدأت أرسم على الزجاج، حيث كنت أعشق هذا المجال،ولأننى كنت معروفة ومحبوبة من الناس، طلبوا منى أعمالًا كثيرة لتنفيذها خلال فترة العام ونصف العام، التى كنت فيها مقيدة فى الجبس، وبالفعل قمت بتنفيذ أعمال كثيرة، وربحت إلى جوار حب الناس أموالًا كثيرة خلال تلك الفترة، ساعدتنى على تنفيذ الكثير من الأعمال والتصميمات التى أحلم بها. وحين ظننت أن الحياة ابتسمت لى أخيرا، كان القدر يخبئ لى مفاجأة جديدة عنيفة مع المرض اللعين، لكن الإصرار والقوة اللتين منحنى الله إياهما، جعلتنى أنتصر على المرض اللعين بل أطور أعمالى الفنية. فى عام 2003 بدأت أعمل من جديد، وشاركت بأول معارضى فى الصندوق الاجتماعى بأرض المعارض، وتخصصت فى فن الزجاج والموزاييك لحبى وعشقى له، واعتمدت فى عملى على البحث والقراءة والاطلاع، وتعرفت على أنواع الزجاج بنفسي، وعلى أنواع الزخارف مثل الإسلامية والقبطية والشعبية والهندسية، وتعددت المعارض التى شاركت فيها بنادى الصيد والنادى الأهلى وأرض المعارض والقرية الذكية بمركز توثيق التراث التابع لمكتبة الإسكندرية . تقوم ماجدة حنفى بتنفيذ أصعب وأعقد التصميمات على الزجاج، فعملها يشمل الزجاج المعشق والتيفانى، والأباجورات، والتحف، والأنتيكات والبرافانات، والموزاييك والرسم على الزجاج. ويعتبر الزجاج المعشق من الفنون الحرفية القديمة التى تظهر روائعه فى العديد من المبانى والقصور، وهو فن متجدد من حيث التقنية، ومن حيث انتشار استعماله فى مختلف أنماط الديكور الحديث، وعادة ما يعرف الزجاج المعشق أو «الفيتراى» بأنه قطع زجاج عادية أو ملون يتصل بعضها ببعض بواسطة خيوط من الرصاص، لتؤلف مجتمعة نافذة أو شكلا معينًا يبرز جماله ما إن تتساقط عليه أشعة الشمس الذهبية، لتحول المكان إلى بقعة لونية متمازجة ينبثق منها مفهوم الحياة والتجدد، وأنا حدثت فن الزجاج المعشق عن طريق الأباجورات والنوافذ والمساجد والمقلمة. وأسعار الزجاج المعشق فى مصر يصل سعر المتر الخام فيها من 600 إلى 700 جنيه، وتتنوع أشكال وألوان ونقوشات الزجاج، مما يتيح للمستهلك خيارات متعددة عند الشراء، وفن الزجاج المعشق قائم على عملية صب الألوان الممزوجة بالمواد الكيميائية على سطح الزجاج أو المرايا لتكوين طبقة من الزجاج الملون سمكها لا يزيد على ملليمترين، وتدعم بإضافة مادة مطاطية لاصقة، وتتم هذه العملية وفق معادلة كيميائية معينة، وفى وسط حرارى عال نسبيًا وهى صناعة مصرية يدوية ?100. وردًا على سؤالنا : كيف اكتشفت موهبتك فى فن الزجاج؟ قالت: لم أكن أعرف أن لدى موهبة فنية، ولكن كان لدى إحساس بالتذوق الفنى والألوان . - هل انتقلت هذه الموهبة إلى أبنائك؟ علمت أولادى وكانوا يساعدوننى فى عملي، لكن بحكم التطور الزمنى، الأولاد لديهم اهتمامات أخرى، ومع ذلك يساعدوننى فى عملي، وجميعهم يحبون الفن. - وما طموحاتك فى هذا المجال؟ طموحاتى هى تسجيل لتاريخ مصر الإسلامى والقبطى والشعبي، من خلال مائة تصميم وقد بدأت بالفعل فى أولى مراحل التنفيذ، حيث قمت بعمل مائة تصميم للهرم، نفذت منها 25 حتى الآن، وجاءتنى هذه الفكرة أثناء حكم الإخوان، عندما قال أحدهم إن الأهرامات هى أصنام وطالب بهدمها، فقررت أن يكون الهرم فى كل بيت فى مصر. وعن أجمل أمنياتها التى تود تحقيقها.. قالت عاشقة الزجاج الملون ماجدة حنفى:أرجو أن تهتم وزارة الثقافةبالحرف اليدوية، وتحديدًا التى لها طابع مميز، والرسالة الثانية لوزيرة الثقافة هى: أن يكون هناك اهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة، وأنا منهم، فالثقافة ليست قاصرة على الغناء والموسيقى وفقط. وبدورنا ندعو وزيرة الثقافة بالاهتمام بالفنانين المتميزين مثل الفنانة ماجدة حنفى وتكريمهم على تقديم هذا المستوى الرفيع من الإبداع، خصوصا أنها تضطر للمكوث فى بيتها دون خروج لعدة أشهر حبًا فى إنتاج وتطوير عملها المعشوق «الزجاج المعشق» ... وتلك أمنية للفنانة ماجدة حنفى نرجو أن تستجيب لها وزيرة الثقافة تشجعيًا لأهل العطاء من ذوى الاحتياجات الخاصة المبدعين والمتميزين فى إبداعهم.