الاتحاد الأوروبي يعزز استثماراته في الطاقة الكهرومائية في آسيا الصغرى    عاجل- السيسي يدعو المستشار الألماني للمشاركة في احتفالية اتفاق غزة ويؤكد التزام مصر بخطة ترامب للسلام    الأمن العام اللبناني: تفكيك شبكة تعمل لصالح إسرائيل خططت لأعمال إرهابية من تفجيرات واغتيالات بالداخل    وكيل المخابرات المصرية السابق: إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بمعرفة مكان شاليط    لامين يامال يهدد برشلونة بالرحيل إلى باريس سان جيرمان    إصابة شخص باختناق جراء حريق بمخزن خردة بنطاق حي غرب المنصورة    رفعت فياض يكتب: تزوير فاضح فى درجات القبول بجامعة بى سويف الأهلية قبول طلاب بالطب وطب الأسنان والآداب بالمخالفة حتى وصلوا للسنة الثالثة    سمير فرج يكشف عن خطة مكافحة «مرض الخنادق» في حرب أكتوبر    انتهاء اليوم الثالث من تلقي أوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    سوريا: إلغاء الشيوخ الأمريكي قانون قيصر خطوة نحو تصويب العلاقات    مياه كفر الشيخ: انقطاع المياه لمدة 12 ساعة عن مركز ومدينة بلطيم اليوم    الحضرى يشيد بدور الرئيس السيسى فى إيقاف الحرب على غزة واتفاق شرم الشيخ    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "التحفظ على دراجة نارية دون سبب" بالجيزة    13 فيلما عالميا بمسابقة الأعمال الروائية الطويلة في مهرجان الجونة السينمائي    قصر ثقافة الطفل يحيي ذكرى انتصارات أكتوبر    إيهاب فهمى عن إيقاف الحرب على غزة بعد اتفاق شرم الشيخ: مبادرة ومباراة رائعة    وزير الصحة يوجه بتكثيف المرور الميداني ل12 محافظة لإتمام 28 مشروعا صحيا    اليوم العالمي للصحة النفسية.. هل نمنح عقولنا ما تستحقه من رعاية واهتمام؟    خبير قضايا الجرائم الإلكترونية: دليل سريع لتأمين الراوتر وكلمات المرور    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    "سلامتك تهمنا".. حملة من «النقل» لمواجهة السلوكيات الخطرة على قضبان السكة الحديد    أكشن وأحداث غير متوقعة.. موعد وقنوات عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول    كاتب "نهاية العالم" يحصد نوبل للآداب 2025|الهنغاري لاسلو كراسناهوركاي    برلماني: الرئيس السيسى صنع الفارق فى المنطقة    النقض تحدد 22 أكتوبر لنظر طعن مضيفة متهمة بقتل ابنتها على حكم سجنها 15 سنة    وكيل صحة القليوبية يتابع استعدادات التشغيل الكامل لمستشفى طوخ المركزي الجديدة    إقبال واسع على تقديم طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بمحكمة جنوب القاهرة    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    هالاند لاعب شهر سبتمبر في الدوري الإنجليزي    ياسر ريان: الرئيس السيسي عاملنا هيبة فى الخارج وموقفه تاريخى فى اتفاق شرم الشيخ    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    «الداخلية»: ضبط شخص اعتدى على زوجة شقيقه وحطم محتويات شقتها بالدقهلية    قرار جديد من الجمارك المصرية.. إعفاء لهاتف واحد فقط لكل مسافر كل 3 سنوات    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    إقبال ملحوظ في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية ببنها    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    تعرف على أسعار حديد التسليح في السوق اليوم الجمعة    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    ترامب يدعو إلى طرد إسبانيا من «الناتو»    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائى د. إيمان يحيى صاحب «الزوجة المكسيكية البيضاء»: أنعم الله علىَّ بنعمة «الطرش» فابتعدت عن الوسط الثقافى!

الجائزة الحقيقية التى ينالها المبدع هى اهتمام وتقدير القارئ

يوسف إدريس يمثل علامة فارقة فى الأدب العربى

الكتابة بالنسبة لى فعل حياة وتغيير بها أتنفس وأعيش

فى رصيد الروائى الدكتور إيمان يحيى، الذى بدأ الكتابة الروائية متأخرا إلى حد ما، روايتان فقط الأولى رواية «الكتابة بالمشرط» الصادرة عام 2015، وجاءت روايته الثانية “الزوجة المكسيكية”، التى وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر”، والتى تتناول جزءًا من حياة الأديب يوسف إدريس، حيث كشف الدكتور إيمان يحيى عن زيجة خاضها إدريس مع سيدة مكسيكية، مؤكدًا أن يوسف إدريس يمثل علامة فارقة فى الأدب العربي، سواء فى القصة القصيرة أو المسرح، وهو شخصية جذابة وقلقة بطبيعتها، ويتمحور أدبه حول المجتمع والناس البسطاء.
كل مبدع له حكايته مع نصه الأول، ماذا عن خطوتك الأولى فى أرض الكتابة؟
لم تكن روايتى الأولى “الكتابة بالمشرط” خطوتى الأولى فى عالم الكتابة، كتبت لسنوات طويلة المقال السياسى والثقافى والاجتماعى فى عديد من الصحف المصرية والعربية. ترجمت أيضا عن العربية والروسية كتبًا نشرت ككتب صادرة عن دور نشر أو مقالات مسلسلة فى الصحف العربية. “الكتابة” بالنسبة لى فعل حياة وتغيير، بها أتنفس وأعيش، وأيضًا عن طريقها أتواصل مع الغير وأسعى إلى التغيير. الكتابة فعل نضالى مستمر لإنسان يرى فى الحل الجماعى سبيلًا للوصول إلى الأحسن. “الكتابة بالمشرط” هى روايتى الأولى التى أعتز بها، وهى فى نفس الوقت معركة حامية الوطيس خضتها عقب ثورة يناير فى حياتى العملية كأستاذ جامعى وطبيب. كانت بالفعل كتابة جارحة بالمشرط تكشف ثقافة المجتمع المتخلفة .. كنت أخوض معركة بيدى اليمنى وأكتب الرواية التى عشتها باليد اليسرى. لو أن تلك الرواية نُشرت فى مجتمع به شبه عقل، لزلزلت الأرض بكل طبقاتها فيه، إنها تتحدث عن مستقبل التعليم والصحة فى مصر على خلفية من أحداث ثورتى 25 يناير و 30 يونيو، وبينما كانت الجماهير فى الشوارع تزيح حكم الإخوان أو الخرفان، كان الإخوان مازالوا يحكمون عبر آليات تحكمهم فى المجتمع عبر الثقافة السائدة وكانت المفارقة!! فقدوا السلطة السياسية، بينما يستمر التخلف والفساد يستمر فى العيش والنمو. تلك الرواية “النبوءة” كانت مصيبة فى نهايتها.
كيف ترى المشهد الأدبى والثقافى فى مصر حاليا؟
المشهد الثقافى والأدبى لا يمكن فصله أبدا عن المشهد العام فى المجتمع، إنه تعبير عما يجرى فى البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية، مشهد فيه بوارق أمل ونقاط ضوء تحيط به ظلمة ولحظات يأس كثيرة، وربما يجعل المناخ العام “الثقافة” والأدب”، متنفسا وحيدا للتعبير حتى الآن، وما يعنيه ذلك من انتعاش وقتى للرمز والحكاية.
صدر لك أخيرا روايتك “الزوجة المكسيكية” ماذا عن أجواء كتابتها؟
رواية “الزوجة المكسيكية” نتاج لسنوات طويلة من التفكير والبحث المضنى وراء الوقائع والمعلومات، مجرد سطر فى كتاب قرأته لمستشرقة روسية حفزنى على رحلة البحث تلك، قصة زواج وحب مبكر ليوسف إدريس مع ابنة غير عادية لفنان الجداريات العالمى المكسيكى دييجو ريفييرا، قصة الحب حدثت فى زمان غير عادى مابين نهاية عام 1952 ومنتصف عام 1954، فترة حرجة من تاريخ مصر والعالم، كنت قد كتبت مقالين عن واقعة زواج إدريس الأولى وعلاقتها برواية “البيضاء” فى جريدتين مصرية وعربية، لكنهما لم تحظيا بالاهتمام المرتقب، ومرت السنون فقررت أن أضع بحثى فى قالب روائي، وفى نفس الوقت ألقيت الضوء على فترة عصيبة من حياة مصر السياسية والاجتماعية والثقافية.
تقول:”كتبت الرواية رسالة حب للكاتب الذى أعشقه ويعشقه جيلى وأجيال أخرى” لماذا يوسف إدريس؟
يوسف إدريس يمثل علامة فارقة فى الأدب العربي، سواء فى القصة القصيرة أو المسرح، كان أيضا باستمرار مثيرًا للمعارك التى تستهدف تنوير العقل العربى وحثه على التفكير والتمرد على الأوضاع الاجتماعية البائسة، هو شخصية جذابة وقلقة بطبيعتها، أدبه يتمحور حول المجتمع والناس البسطاء، لو سألتك من كتب عن الفلاحين كأناس كاملى الأهلية يفكرون ولهم همومهم الجادة، سيقفز إلى ذهنك على الفور يوسف إدريس، فى بلدنا - بلد الفلاحين - من الصعب أن تقفز على شخصية الفلاح المصرى أقدم مزارع فى العالم، وتعتم فقط بالأفندية، هنا تتفجر عظمة إدريس كمبدع، جعلنا نعيش حياة الفلاح دون رومانسية أو تعال.
“الزوجة المكسيكية” تحاذى نص “البيضاء” ليوسف إدريس ومرآة لاستجلاء صور الشخصيات الرئيسية فيها ألم تخش من هذا التطابق؟
فى رواية “الزوجة المكسيكية” استخدمت تقنيات عديدة وحيلا متعددة. أخذت بعض شخصيات رواية إدريس “البيضاء” باسمها وأرجعتها إلى شخصياتها الحقيقية وإلى نماذجها الأولية، استعنت بمقتطفات من “البيضاء” فى صدارة الفصول لإعطاء أجواء معينة لأحداث تلك الفصول، “الزوجة المكسيكية”، يمكن قراءتها دون قراءة “البيضاء”، لكنها تتعرض لنفس الفترة الزمنية وتفضح الشخصيات الحقيقية والأحداث الواقعية لما جرى حينئذ، لكنها مليئة بالخيال الروائى النابع من مواقف محتملة ما بين الشخصيات. البيضاء هنا مجرد خلفية لما يجرى أمامنا فى الزوجة المكسيكية، من يقرأ “الزوجة المكسيكية” والبيضاء” سيجد فارقا واختلافا فنياً ظاهرا جدا بينهما. كثيرون ممن قرأوا الزوجة المكسيكية انحازوا لها على حساب البيضاء، وأنا أرفض مسألة “الربح “ والخسارة” فى الأدب. من الظلم أن نحاسب “البيضاء” وفق عصرنا الحاضر أو تقنيات الرواية فى وقتنا. الزمن مختلف والظروف الآن غير ظروف الماضي.
يرى البعض أن الرواية هى سيرة ذاتية للمؤلف يوسف إدريس نفسه، وأن يحيى مصطفى هو مجرد قناع لا غير لماذا لم تكن الرواية مباشرة؟
لذلك أسباب كثيرة، فنية وغير فنية، لم أرد كسر حالة الإيهام الفنى فى النص التى تعطى الكاتب والمتلقى فسحة كبيرة من الخيال وحرية أكبر فى التلقي. يحيى لا يعبر فقط عن إدريس بل يعبر عن جيل كامل من الوطنيين اليساريين الذين وجدوا أنفسهم بعد ثورة يوليو محرومين من ثمار نضالهم التى بذلوا الكثير من أجلها، الأسباب غير الفنية كانت تتمثل فى البعد عن “الفضائحية” و”النميمة”.
تقول إن “شخصية “روث” أرهقتك كثيرًا فى الوصول إليها فكيف رسمت ملامح هذه الشخصية؟
لعل شخصية “روث” هى الأكثر صعوبة فى الكتابة، كان على ككاتب أن أتمثل نفسيتها وردود أفعالها، ومن أجل ذلك قرأت آلاف الصفحات عنها وعن عائلتها بالإنجليزية والفرنسية بل وترجمت عن الإسبانية الكثير، روث شخصية بارزة فى حياة “المكسيك” هى أول مهندسة معمارية بهذا البلد ورئيسة الاتحاد العالمى للمهندسات المعماريات، شخصية بارزة ذات إنجازات من عائلة مثيرة للاهتمام والفضول منذ ثمانينيات القرن الماضي، كان يجب على قراءة سيرة أبيها وزوجاته وزيجات “روث” نفسها وذكريات ابنها عن حياتها الصعبة تلك، وتواصلت مع ابنها عبر البريد الإلكتروني، فهو فنان شهير على مستوى المكسيك والعالم، ولعل فضل عصر المعلوماتية الذى نعيشه وشبكة المعلومات العنكبوتية قد أتاحا الفرصة لى لأحصل على إجابات لبعض أسئلتى ومعها صورة نادرة لها فى مصر.
مع الفصل الأخير فى الرواية بكيت بشدة لانفعالك ب”روث” ومعها لماذا؟ وهل تتعاطف مع شخصياتك الروائية؟
فى الفصل ما قبل الأخير من الرواية بالفعل دخلت فى حالة من التأثر والبكاء. كان ذلك الفصل يتعلق بمغادرة روث لمصر، بل وأيضا لمغادرتها الحياة فى مستشفى بالمكسيك بسبب مرض السرطان الذى أصابها فى فترة مبكرة. وجدت الكلمات تتدفق من قلمى، كأنها تقطر من روحي.. نهاية حزينة لقصة حب فى ظروف صعبة، وفراق للحياة فى سن مبكرة. ربما تلاقت ظروف خاصة لى بهذا الفصل وبصوت روث، فترك كل ذلك بصماته على نفسي.
الرواية استغرقت 7 سنوات من العمل، ما المشاعر التى عشتها أثناء كتابتها؟
طوال سبع سنوات من البحث والتفكير وعامين من الكتابة، عشت مشاعر متضاربة ما بين اليأس والأمل، الفرح والحزن، كنت فى حالة عِشرة وعيش مشترك مع أبطال الرواية، وعندما أنهيت كتابتها خشيت أن أفارقهم، فعاشوا معى لشهور بعد الانتهاء من كتابتها. كنت أتأرجح ما بين الثقة فى القدرة على الانتهاء منها والشك فى قدرتى على ذلك، متعة وعذاب فى ذات الوقت. حالة من المتعة والسادية فى نفس الوقت.
ما هدفك من روايتك، وما الذى أردت توصيله من خلالها؟
الرواية هى متعة فى ذاتها، ولذا أنا ضد سؤالك عن هدفى أو أهدافى من كتابة “الزوجة المكسيكية”، كل قارئ سيكتشف هدفا ما مرتبطا به وبحالته المزاجية والثقافية منها، ولكن يبقى العمل الفنى مستقلا بذاته يراه كل متلقِ حسب وجهة نظره ومشاعره، الكاتب يكتب لنفسه والآخرين، وأعتقد أننى قدمت ما يتفاعل مع القراء والناس والمجتمع.
تهتم بالصورة ورسم الشخوص وبناء الأفكار، هل يمكن أن تكون الصورة بتنوعاتها بديلا عن اتجاهات السرد الموضوعي؟
"الزوجة المكسيكية" بها المشهدية واضحة.. الشخصيات مرسومة بملامحها الداخلية والخارجية، ليس هناك صوت واحد أو راو، بل أصوات متعددة كى تعطى للقارئ صورة أقرب إلى الموضوعية، ليس هناك خطاب زاعق بل رؤى ووجهات نظر مختلفة، استخدمت اللوحات والصور الفوتوغرافية داخل النص للتوثيق والإيهام فى الوقت نفسه، استخدمت الموسيقى والأغنيات لجعل القارئ يرى ويسمع فى نفس الوقت.
فى الرواية مواقف كثيرة رسمها قلمك بكل دقة، فتحولت لصور مرئية، كأننا نراها، هل ترسم الموقف قبل كتابته، أم تتسلسل معك الأحداث وتتكشف شيئا فشيئا؟
ليس هناك تقنية محددة ومعينة أستخدمها فى الكتابة، قد يبدأ الفصل معى بموقف أو مشهد مرسوم أمام عيني، أو تتداعى الأفكار من جملة إلى أخرى، ويولد الحدث حدثا آخر، كل ذلك يرتبط بالحالة المزاجية وتفكير الكاتب الذى قد يتغير ما بين لحظة وأخرى.
هل يمكن تصنيف الرواية كرواية تاريخية؟
بالطبع يمكن تصنيف الرواية كرواية تاريخية أو توثيقية أو سياسية أو اجتماعية، لا يهمنى التصنيف بقدر ما يهم ذلك المتخصصين من النقاد. تستطيع سؤالهم، دور المبدع يقتصر على الكتابة وليس الانشغال بالتصنيف!
كثيرًا ما يتعرض الروائى من قبل القارئ لسؤال حول علاقة الروائى بما كتب، هل فى روايتك الأخيرة "الزوجة المكسيكية" تجربة شخصية؟
الكاتب يكتب نفسه فى النص الذى يبدعه، ولا شك إن كثيرا من الخبرات والمواقف والمشاعر التى عشتها وجدت طريقها إلى النص، قد تسأل ما تلك الخبرات والمواقف، فأجيب أنها سر الروائى فلا تسأل عنها.
لماذا أنت مقل فى إنتاجك الأدبي؟
بدأت فى الكتابة الروائية فى سن التاسعة والخمسين، يعنى قبل نهاية العمر بخمس دقائق، وبالأحرى بعد أن تراكمت الخبرات التى تتيح لى أن أقدم شيئا جديدا ومفيدا للقراء، لن أقدم موضوعات مكررة أو تقليدية، لم يبق الكثير ومن الأجدر لى أن أكون مقلا ومتفردا.
فى رأيك لماذا يتجه الأطباء إلى كتابة الأدب؟
علاقة الأطباء بالأدب كعلاقة أصحاب المهن التى يتعرى أمام أصحابها الناس والمجتمع، كالمحامى والقاضى والطبيب، المريض يصارح الطبيب بحقيقة علته دون خجل، والأطباء يعيشون الواقع بتفاصيله التى قد تخفى على أصحاب المهن الأخرى.
للكتابة مآزقها ومكائدها، فكيف تستطيع كروائى النجاة بنفسك من تلك النصوص الصعبة؟
تتحدث عن مكائد ومآزق الكتابة، فإذا كنت تقصد تلك الإحن التى تغزو الوسط الثقافي، فأنا بعيد عن هذا الوسط لضيق الوقت والانشغال بالعمل المهنى ولطبيعتى الخاصة، لقد أنعم الله عليَّ بنعمة "الطرش" فصرت أبتعد عن الاختلاط بالجلسات متعددة الأطراف اعترافا بضعف سمعي.
الكتابة تخون المواعيد المنظمة، فالخيال زمنه مفتوح، والكاتب لدينا موظف والتزاماته كثيرة، فكيف تستطيع تطويع وقتك؟
للأسف لا أكتب بمواعيد منتظمة، ولكن حسب "التساهيل".. تساهيل الوقت والحالة الإبداعية والصفاء النفسي، قد أستطيع الكتابة طوال نهار كامل، فى المنزل أو المقهى أو فى أى مكان تواتينى فيه القدرة على الكتابة. لكن فى كل الأحوال يجب ألا أشعر بأى آلام تعيقنى عن فعل التفكير.
هل أعطت الكتابة لحياتك جدوى؟
طوال مسيرتى الحياتية أشعر بجدوى حياتى تجاه الآخرين، وأن للإنسان دورا تجاه المجتمع والناس، لكن الكتابة تضفى متعة على أداء الواجب خصوصا إذا كانت كتابة ذات طابع إبداعى سواء فى مقال أو رواية. الكتابة تتميز أيضا بأنها فعل ضد الفناء. الكلمة تبقى رغم الموت، لذا كانت مرادفة للخلود.
هل الكتابة تمرد؟
بالطبع الكتابة المبدعة هى تمرد ضد "السائد" وليست تكريسا له، كل الكتابات الخانعة المطيعة ذهبت إلى صناديق القمامة. لولا "تمرد" آدم، لما كنا على سطح الأرض نعيش ونحيا ونحب ونكره. الطبيعة الإنسانية نتاح للتمرد فى صورته العظمى.
ماذا ينقص الروائيين العرب بشكل عام لتنافس رواياتهم على المستوى العالمي؟
لا أحب الحديث عما تقوله من نقص لدى الروائيين العرب تجاه المنافسة مع الكتاب العالميين، نحن لسنا فى مباراة رياضية أو سباق للجري، لكل واقعه وظروفه وعظمة إبداعاته، المشكلة لدينا فى الضيق الشديد لرقعة القراء العرب، نحن نكتب بلغة لا يقرأها أهلها وإن قرأوها فلأسباب مدرسية!
كيف تقيم علاقة المشهد الأدبى بالنقد فى الإطار العام؟
فى مصر والعالم العربى نقاد مجيدون، ونقاد خائبون يكررون أنفسهم، لست ناقدًا وليست مهمتى أن أقيم هذا أو ذاك، على المبدع أن يكتب وعلى النقاد أن يقيموا العمل الإبداعى كما يريدون، وبالطبع سيأخذ المبدع فى اعتباره النقد الموضوعى الجاد.
هل يسهم تناسل جوائز الرواية العربية سلباً أم إيجاباً فى تأكيد حضور وتطور الرواية العربية؟
تسهم الجوائز الأدبية بلا شك فى ترويج الإنتاج الإبداعى وجذب اهتمام القراء به، ويتوقف اختيار الأعمال الفائزة على ذائقة اللجان، الجائزة الحقيقية التى ينالها المبدع هى اهتمام وتقدير القارئ، وهذا لا ينكر فضل الجوائز الأدبية فى التشجيع للروائيين والترويج لأعمالهم.
ما مسئولية المبدع فى صنع المستقبل العربي؟
تسألنى عن مسئولية المبدع فى صنع المستقبل العربي، وأنا أسألك بدوري: هل ترى مستقبلا عربيا؟ يا عزيزى نحن فعل ماض، والعرب أصبحوا ثقبا أسود فى هذا العالم، كل العالم يتقدم عدا نحن! المبدع يكتب الواقع عسى أن يستفيق القراء، يبذر بذرة ويتركها قد تنمو وقد تموت، رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، والمثقفون قدرهم متواضع فى عالمنا العربي.
ما جديدك فى عالم الكتابة؟
لدى مشروعان لروايتين أعكف عليهما حاليا، وكلتاهما تتعلق بتاريخ مصر السياسى والاجتماعى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.