هانى بدر الدين تصوير - محمد محرم - نافذ عزام القيادى البارز بحركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين، تناول قضية إقامة منطقة حرة ما بين مصر وقطاع غزة موضحا إيجابياتها وسلبياتها، مؤكدا فى حواره مع مجلة «الأهرام العربى» أنها ستخفف من المعاناة اليومية للفلسطينيين فى قطاع غزة، ولكنها وفى نفس الوقت سيكون لها أثر سياسى سلبى، حيث ستكرس الانقسام، وسترفع من عبء المسئولية الملقاة على الاحتلال، أما عن المصالحة بين حركتى فتح وحماس فقال إنها بعيدة جدا، وسياسة مرسى الخارجية لن تختلف عن سياسة مصر التقليدية. كيف تقيم فكرة إقامة منطقة حرة بين مصر وقطاع غزة؟ هذا موضوع حساس ومعقد، الموضوع الاقتصادى بشكل عام كان جزءا من اتفاقية أوسلو واتفاقية باريس الاقتصادية التى هى أسوأ من أوسلو وقيدت الفلسطينيين كثيرا وجعلت حياتهم مرهونة ب «المزاج» الإسرائيلي، ولا نفصل أبدا بين السياسة والاقتصاد، وبالتالى الموضوع يتعلق بشكل العلاقة التى فرضته أوسلو على المنطقة وعلى الفلسطينيين، إذا جرى الحديث اليوم عن مخارج وحلول لمحاولات لتخفيف الأعباء عن الشعب الفلسطينى فيجب أن ينظر للمسألة بشكل عام وشامل. والمنطقة الحرة تدخل فى صلب الحديث عن الواقع الفلسطينى، وأثر اتفاقيتى أوسلو وباريس، وطبيعة العلاقة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وربما تحل المنطقة الحرة بعض مشاكل الحياة اليومية لفلسطينيى قطاع غزة، لكن هناك تساؤلا عن مستقبل القضية الفلسطينية يجب ألا نغفله، وهى هل إنشاء منطقة حرة سيكرس الوضع القائم من انقسام؟ هل سيؤثر على الوضع الفلسطينى العام فيما يتعلق باتفاقيتى أوسلو وباريس؟ وما تأثيره على القضية الفلسطينية؟ وإذا حلت مشكلة اقتصاد قطاع غزة، فهل هذا يريح إسرائيل ويزيح عنها الأعباء التى تتحملها باعتبارها دولة احتلال وتنفض يدها من المسئوليات التى يحملها عليها الوضع الدولى كدولة احتلال تجاه الفلسطينيين؟ يجب أن تطرح تلك الأسئلة ويربط وضع المنطقة الحرية بمصير القضية الفلسطينية ومصير السلطة، هل ذلك سيجعل إسرائيل تفصل بين غزة والضفة، خصوصا أن هناك انقساماً حاليا ولكن الكل يرى أنه استثنائى ومؤقت، وإذا انفصل اقتصاد غزة عن الضفة فإن ذلك يرسخ الانقسام. تفاءل الفلسطينيون بفوز الرئيس مرسى بمنصب الرئاسة فى مصر، فهل بدأت بعض آمالكم تتحقق؟ الناس جميعا تفاءلوا بفوز الرئيس مرسى بالانتخابات على أساس معرفتنا بالمواقف المسبقة لمرسى وجماعة الإخوان، وهى مواقف قوية بجانب الشعب الفلسطينى وضد إسرائيل، ولكن نقول إن هناك تقاليد راسخة للسياسة المصرية، وهناك تقليد يرسم السياسة المصرية الخارجية، ولا نعرف مدى إمكانية العمل بعيدا عن السياسة التقليدية المعروفة عن مصر، لأن تفاؤلنا يقودنا إلى تصور سياسة مصرية خارجية أقوى وأشد وأكثر حزما فى مواجهة إسرائيل تحديدا والمشروع الأمريكى بالمنطقة. تفاءل الجميع باتفاق القاهرة ومن بعده اتفاق مكة للمصالحة، ولكن سرعان ما تبخرت هذه الآمال مع استمرار الانقسام، فما الأسباب الحقيقية التى تعرقل المصالحة؟ الآن فرص تحقيق المصالحة أقل بكثير من أى وقت مضى، ويجب أن نتحدث بصراحة حتى لو كان الكلام صادما لجماهير شعبنا ولكل أنصار القضية الفلسطينية، فلا يوجد أفق قريب فيما يخص المصالحة والصراع الفلسطينى الداخلي، ولا نريد أن ندخل فى تفاصيل ولا نريد أن نتحدث عن نسبة خطأ وصواب كل من فتح وحماس، ولكن الحاصل الآن أن جهود المصالحة متعثرة، وأن هناك ما يشبه الجمود فى المساعى المبذولة لحل المشكلة الفلسطينية الداخلية. ما سبب التعثر؟ وهل يرتبط بأوضاع إقليمية أم يرجع لأسباب داخلية؟ لا أظن أن التعثر مرتبط بالثورة السورية أو أى موضوع آخر، المسئولية يتحملها الفلسطينيون أنفسهم، وأى اختراق للوضع الداخلى القائم يجب أن يتحقق برغبة وجهود فلسطينية، ودون الخوض فى تفاصيل. فإن الفلسطينيين يستطيعون حسم هذا الموضوع، وهم يحتاجون إلى إسناد ودعم عربى وتحديدا من مصر، لكن نقطة الحسم هى بيد الفلسطينيين. هناك حديث كثير حول حقيقة تورط السلفية الجهادية سواء فى مصر أم بمشاركة عناصر فلسطينية فى أحداث العنف والإرهاب فى سيناء، فما حقيقة تورط الفلسطينيين فى ذلك؟ نحن ننظر باحترام إلى كل المجموعات الإسلامية والوطنية فى مصر وفلسطين والوطن العربى والإسلامى طالما أنها تدافع عن هذه الأمة وتتحرك فى دائرة مصالحها، ونحن لا يمكن أن نقبل عملية رفح الحدودية باستهداف الجنود المصريين، والمسألة حتى الآن غامضة ولم يتم تحديد هوية المنفذين والإعلان عنهم، وهناك أصابع اتهام نحو إسرائيل، وهناك بعض الشبهات حول بعض الإسلاميين وهذه الأمور مجرد شكوك، ولكن كل ما نستطيع أن نقوله وبوضوح: إن الإسلام لا يجيز مثل هذه الأعمال، التى لا تفيد المشكلة والقضية الفلسطينية ولا تصب فى خانة مواجهة إسرائيل ومواجهة المشروع الأمريكى. شيخ نافذ، اعذرنى لكن غزة باتت منطقة يظهر فيها التيار السلفى الجهادى ويتزايد بعد سيطرة حماس؟ التيار السلفى موجود فى الساحة الفلسطينية وموجود كذلك فى بلدان عربية عديدة، ونأمل أن يكون هناك حوار عميق حتى يشعر الإخوة السلفيون بأنهم ليسوا وحدهم فى الساحة، وأنهم جزء من المكونات العريضة لهذه الأمة، وبالتالى لا ينفردون باتخاذ سياسات ستؤثر على الأمة كلها؛ سياسيا واجتماعيا وأمنيا وثقافيا وسياسيا، وبالتأكيد فهناك مواقف للتيارارت السلفية تحتاج إلى نقاش وحوارات طويلة، ونتصور أن التحديات الكبيرة المفروضة علينا سواء فى فلسطين أو الدول العربية التى انتصرت ثوراتها أو التى ما زالت ثوراتها مشتعلة، تفرض على الإخوة السلفيين الإصغاء أكثر للأصوات الإسلامية الصادقة الشريفة. لكن هل بعض التنظيمات فى غزة التى تتبنى وجهة نظر إمكانية استخدام أرض مصر كمنطلق لاستهداف إسرائيل؟ بصراحة شديدة فإن هناك اتفاقا منذ سنوات بيننا وبين الإخوة المصريين على عدم القيام بأى عمليات انطلاقا من الأراضى المصرية، ونحن فى حركة الجهاد الإسلامى ملتزمون بهذا الموقف، وكذلك حماس، ربما بعض التيارات الأخرى لم تعلن صراحة التزامها بهذا الموقف، ولكن الإخوة المصريين يعرفون أن موقف المقاومة والفصائل الرئيسية هو تجنيب مصر أى حرج أو أى مشاكل بخصوص هذا الموضوع، وهو أمر معلن وواضح.. وحتى الآن لم يثبت أن مجموعات فلسطينية تذهب لمصر وتنطلق من الأراضى المصرية لتنفيذ عمليات أو هجمات ضد إسرائيل، ولكن كل ما هناك هو مجرد أقاويل وشائعات وتخمينات لم تثبت صحتها. ماذا جرى خلال لقائكم المسئولين المصريين فى زيارتك الأخيرة للقاهرة؟ الاتصالات بيننا وبين المسئولين المصريين لا تتوقف، وفى كل مرة نأتى للقاهرة تكون لنا لقاءات معهم، وهناك تدارس وحوار مستمران. هل تولى اللواء رأفت شحاتة قيادة جهاز المخابرات يعد مفيدا لكم خصوصا أنه على دراية كاملة بالملف الفلسطينى؟ نعرف اللواء رأفت شحاتة منذ أن كان قائدا للوفد الأمنى المصرى بعد توقيع اتفاقيات أوسلو ومجىء السلطة، وجمعتنا به لقاءات عديدة فى غزةوالقاهرة وننظر له بتقدير ولدوره، وشعرنا بتعاطفه الكبير معنا ومع قضية شعبنا، ونحن لذلك شعرنا بارتياح لتعيينه رئيسا للمخابرات المصرية، على اعتبار أنه والفريق الذى يعمل معه سيواصلون دعم الفلسطيينين وسيواصلون العمل من أجل مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني . كيف ترون الوضع فى سوريا وما وضع قيادة حركة الجهاد هناك؟ نحاول دائما ألا نتدخل فى أى مشاكل فى أى بلد عربي، وتمنينا دائما أن يكون هناك تصالح بين الشعوب وحكامها، وأن تتمتع الشعوب العربية بحياة كريمة، وأن تعبر عن رأيها وتختار شكل حياتها، ونحن فى قيادة حركة الجهاد ضيوف فى سوريا، والنظام السورى قدم مساعدة للفصائل الفلسطينية، وكذلك فإن الشعب السورى احتضن هذه الفصائل، ونحن نتمنى أن تنتهى الأزمات وأن تحقن الدماء، وأن تعيش الشعوب حياتها بكرامة وبعزة. كيف تقيم تجربة الإسلام السياسى بعد وصوله للحكم فى أكثر من بلد عربى؟ من الصعب الحديث عن الإسلاميين ككتلة واحدة، ومن الصعب الحديث عما بات يعرف بوسائل الإعلام بالإسلام السياسى وكأنه رؤية واحدة، ولا يجوز إصدار حكم وتعميمه على كل الإسلاميين بالمنطقة، ويجب التعامل مع كل تجربة على حدة، ويجب أن نقيمها بمعايير تتعامل مع البيئة والظروف التى تعيشها كل تجربة، ولا يجوز إصدار حكم على إسلاميى تونس ونعتبره صالحا على إسلاميى ليبيا أو مصر، نحن لا نفضل الحديث عن أحكام مطلقة. وما نصيحتك للإسلاميين الذين باتوا فى الحكم؟ هناك تجربة يعيشها الإسلاميون الآن ويجب أن يحسنوا التعامل فيها مع كل الأطراف المشاركة معهم، ويجب أن يستفيد الإسلاميون من تجربتهم ومن الاضطهاد والقمع الذى طالهم، والسجون التى دخلوها، ويجب أن ينعكس هذا انفتاحا كاملا على كل مكونات المجتمعات التى يتحركون فيها، وأن يسعوا إلى إِشراك جميع الأطراف معهم فى تحمل المسئوليات فى هذه المرحلة الدقيقة، والإسلاميون بشر وجزء من الأمة، ولا يملكون حصانة، ويجب أن يتصرفوا بمعزل عن أية حصانات وأن يسعوا لتحقيق مصالحة حقيقية افتقدتها الشعوب العربية فى ظل الأنظمة المستبدة والظالمة.. ومن وجهة نظر شرعية، فإن القرآن وضع مبدأ أخلاقيا فى التعامل والحكم، فى آية كريمة قال (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ولا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ولِياً ولا نَصِيراً)، وبالتالى لا حصانة، وبالتالى إذا وصل الإسلاميون للسلطة فلا يجوز أن نتصرف مع الناس على اعتبار أننا جنس آخر، أو أن لدينا صكوك الغفران أو أن لنا امتيازات تمنع الناس من الاختلاف معنا أو توجيه النقد لنا.