«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تحرير شمال شرق سوريا من «داعش».. الأكراد فى مواجهة تحديات جديدة
نشر في الأهرام العربي يوم 08 - 05 - 2019


سيهانوك ديبو: داعش لم ينته بعد
الدكتور إليان: هناك جناح كردى يعتقد بأهمية التحالف مع إسرائيل

عقب الانتهاء من تحرير شمال شرق سوريا من داعش، قفز العديد من الأسئلة حول التحديات التى تواجه مجلس سوريا الديمقراطية، سواء على صعيد الأطماع التركية أم مواقف الدولة السورية، ويضاف إليهم الشارع فى مناطق روج آفا الذى بدأت تظهر احتجاجات ولو بشكل محدود.

طرحنا أسئلتنا على الباحث السياسى والقيادى فى مجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو، الذى بادرنا بالقول: التحديات دائما موجودة، فى كل العالم. لا تستثنى منها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إضافة إلى التهديد التركى وإصرار السلطة السورية على إعادة نظام شديد المركزية، نسميها تحديات البنية التحتية والخدمية، وأحالنا إلى مقال كتبه تحت عنوان «طبائع المرحلة الجديدة والتحديات التى تواجه الإدارة الذاتية ما بعد داعش»، مؤكدا خلاله أن داعش لم ينته بعد، والمنتهى هو دولة التمكين كما سماها التنظيم الإرهابي، وأوضح ديبو أن التنظيم الإرهابى اعتمد فى أوج تمدده النموذج الإدارى المعروف والمعمول به فى عهد السلطنة العثمانية.

لكن فى ظل الهزيمة التى ألمت به على يد قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولى ضد الإرهاب، يقوم قادة التنظيم بتعديل المسمى الإدارى إلى (الولايات الأمنية) بدلاً من (ولايات الخلافة). أى إنه من الخطأ الاحتساب بأن داعش ولّى.

وأكد سيهانوك ديبو أن التنظيم بالأساس موجود فى شرق الفرات وبكثافة ملحوظة، ووجود خطر فى غربه، والتوقع الأسلم بأن الهجوم يزداد وتيرة فى شرق الفرات، فلا شيء يخسره هذا التنظيم، توحشه يكون فى انتقامه، وكل الاحتمال بأنه سيلقى الدعم الكبير بحسب أيها الجهات التى ليس من مصلحتها حل الأزمة السورية، وفق مساره السياسي، وفق شكله الأنجح المتمثل بالإدارة الذاتية، خصوصا إذا ما أدركنا وهذا الشيء تم تلمسه منذ البداية الأولى لداعش، بأنه موجود ومستباح ويتم استخدامه من عدة جهات.

أى إن أمام قوات سوريا الديمقراطية «قسد» مهمة أمنية صعبة طويلة وشاقة، لا تنفصل هذه المهمة من مهمة الدفاع عن مكونات شمال وشرق سوريا منذ سبع سنوات بشكل فعلي، وهى بالمهمة المتصلة التى تطرأ عليها إضافة أخرى، فإلى جانب الدفاع تتكفل قسد بملاحقة الذئاب المنفلتة، وفى الوقت نفسه الخلايا التى تنتظر اللحظة التى تتنشط فيها، إلى جانب مهمة قسد الكبيرة هذه سيكون أمام مجلس سوريا الديمقراطية بمختلف تكويناته السياسية، وأمام الإدارة الذاتية كجسم إدارى يتكون من قوى وأحزاب وشخصيات وفاعليات ومؤسسات مجتمع مدني، العمل معا لاجتثاث الفكر الإرهابي، وردم الفجوات التى حصلت وأدت لنمو داعش وأصبحت بهذا الحجم.

بالأساس فإن فكر الأمة الديمقراطية معد لإنهاء كل فكر نمطي، وكل فكرة فئوية تعادى التكوين المجتمعى والتعدد الذى يحظى به المجتمع السوري، وعموم مجتمعات الشرق الأوسط، فلولا فكرة الأمة الديمقراطية لما كان بالإمكان هزيمة داعش فى مرحلة دولة التكوين والتمكين والتوحش. والدعم الذى تلقته قوات سوريا الديمقراطية يجب ألا يتم التقليل منه ولا عدّه الحاسم الوحيد. الأعدل هنا أن يتم النظر إلى هذه الشراكة بأنها الضرورية والأسلم للأسرة الدولية.

وفى ذلك فإن برقية الرئيس الفرنسى ماكرون يوم إعلان النصر على الدولة داعش، بأن فرنسا باتت اليوم أكثر أماناً، تعبر عن حقيقة بأن العائلة أو الأسرة الدولية لا تزال تحتاج أن تكون معا، وهذا ما يستدعى إحداث تغيير جذرى فى مفاهيم الأمم المتحدة، ربما إلى الشعوب أو المجتمعات المتحدة. فلا يستثنى منها أحد. لكل شعب ثقافة ويجب إدراكها ومعرفتها من الآخرين، فلا يكون قضية التمثيل شرطا عن طريق إحداث دولة فقط. مفهوم الدولة فى القرن العشرين كان السبب فى إحداث إبادة لثقافات وشعوب أصيلة لا نرى منها سوى النزر اليسير. أى إن قيم المجتمع العالمي؛ أو العالمية نالها الكثير من التخريبات والتجني، وقد حان وقت مناولتها بشكل عادل ديمقراطي. على الرغم بأن هذا الموضوع بحاله ولحاله ومن حاله.

أما عن وجود داعش فى غربى الفرات فإنه بات بالأمر المرصود له، موجود فى ريف البو كمال، وفى البادية السورية من كهوفها، وفى ريف السويداء، وعلى تخوم درعا من منطقة وادى الموت. لكنها موجودة فى إطار التمكين الإداري، أى إنها تدير بشكل فعلى إدلب وعفرين، وأحد أهم مركز القرار فى تحريك داعش سواء فى شكل الذئاب المنفردة أم الأشكال الأخرى، فإنها تعمل فى مناطق ما يسمى بدرع الفرات (جرابلس، الباب، واعزاز). فهل يحق لأحد القول بأن داعش انتهى؟!

وتساءل ديبو: ما التحديات التى تواجه الإدارة الذاتية، وعن سبل التصدى لها؟ ويرد مجيبا:

على الرغم من أنها تصنف كلها دون استثناء بالتحديات، ويجب تناولها بالرزمة الواحدة، لكن يجب مناولتها من باب أنها تشكل الأكثر خطورة، للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، فإن الاعتقاد فى ذلك يكون الآتي:

أولا: تشير الأرقام الرسمية بأن عملية عاصفة الجزيرة التى قضت فيها على آخر معاقل الدولة السوداء، امتلكت جميع وسائل الدولة، إلى وجود نحو 60 ألف شخص متمكّنٌ فيه الذهنية الداعشية تم تحييدهم، واستسلامهم. قبل إعلان النصر. ما بين هؤلاء أكثر من 5000 مقاتل داعشي، يجب التوقع هنا بأن هذا العدد لن يخلو من قيادات الصف الأول للتنظيم. ومن الصعوبة إن لم نقل من الاستحالة تحمل الإدارة الذاتية مسئولية هذا العبء وحدها، فى ظل عدم استجابة أو وجود استجابة خجول من بعض العواصم فى تناول هذا الملف، علماً بأن بعض العواصم سرعان ما أسقطت الجنسيات عن المسجلين خطر، عوضاً عن التعامل بمسئولية فى ذلك، علماً بأن هؤلاء ينتمون إلى أكثر من 50 جنسية عربية وأجنبية.

ثانيا: هذا التحدى لا يقتصر على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إنما على كل سوريا، سوى أنه من المهم إدراجه هنا. تحدى العملية التفاوضية الجوهرية ما بين السلطة فى دمشق ومجلس سوريا الديمقراطية، وفى هذا فإن دمشق تعتمد سياسة الباب المغلق، أو الباب الموارب أمام المصالحة فقط، علماً بأن العملية التفاوضية أو الحوار البناء شيء، والمصالحة شيء آخر مختلف، المصالحات التى تمت فى أمكنة معينة، كما حدث فى الغوطة وحدثت فى درعا بإشراف روسيا، فإنها جرت بين طرفين متحاربين أوقعا المئات إن لم نقل الآلاف من الضحايا المدنيين والعسكريين، تبع تحت بند مثل هذه المصالحة استسلام من رضا وترحيل الآخرين إلى إدلب وعفرين بشكل خاص، أما الترحيل إلى عفرين، فغايته مركبة وكمطلب تركى هو إلحاق الجريمة الأخيرة بعد عشرات الجرائم بحق شعب عفرين.

ثالثا: التحدى الخطير الذى لا يغيب حتى اللحظة متمثل بالخطر التركى على سوريا بشكل خاص وعلى عموم المنطقة بشكل عام، وعلى الرغم من مخالفة تركيا للقانون الدولى المتعلق بمنع الدول من التعدى على سيادة الدول الأخرى، ومنع أى ضم قسرى لأرض بلد جار ذى سيادة وشخصية اعتبارية، فإن تركيا اليوم تحتل ضعف مساحة لبنان من المناطق السورية، ويبقى احتلالها لعفرين الجريمة والمخالفة الكاملتين المستوجب معاقبة تركيا وإلزامها على الخروج، إذْ وكشأن متعلق فإنه على السلطة فى دمشق فتح الباب المغلق الذى تعتمده حيال عملية حوار بنّاء وتفاوض جوهرى مع مجلس سوريا الديمقراطية. الأسلم لكلينا أن يبدأ الحوار.

رابعا: تكاليف الحرب وأثمانها الباهظة المؤدية إلى انهيار أو تقويض البنية التحتية، إنما تشكل بحد ذاتها تحدياً يستوجب على ال (79) دولة متحالفة مع قسد حتى إنهاء الإرهاب جغرافيا، والقضاء على دولة التمكين السوداء أن تكون داعمة لمناطق الإدارة الذاتية فى شمال وشرق سوريا، ودعم بناء المؤسسات الديمقراطية وإعادة الإعمار.
على الجانب الآخر يرى الدكتور إليان مسعد، رئيس وفد معارضة الداخل إلى مفاوضات جنيف، ضرورة الاعتراف بداية بوجود ثلاثة تحديات رئيسية ومهمة، التحدى التركى والتفاوض مع الدولة السورية والعلاقة بالسكان المحليين شرق الفرات، ولنبدأ بالتحدى التركي، إذ لا تكاد تمر مناسبة يحضرها الرئيس التركى وغيره إلا وتحدثوا عن الخطر الذى تمثله وحدات حماية الشعب للأمن القومى التركي، مواصلين تهديداتهم بأن تنفيذ حملة عسكرية ضد هذه الوحدات وتدميرها هو الحل، وبدت التهديدات التركية أكثر جدية باحتلالهم عفرين وتوطين المسلحين بها من فصائل درع الفرات.

لكن يبدو أن أنقرة لا تزال تبحث عن شركاء لتشكيل تحالف ضد قوات سوريا الديمقراطية التى يقودها الأكراد فى شمال سوريا، وربما يأمل أردوغان فى إيجاد منفذ لضرب أكراد سوريا عبر محاولة إنشاء تحالفات مع روسيا وإيران والجيش السوري، وفشل للآن ولو تدارك السوريون الكرد مبكرا وأدخلوا الجيش السورى لعفرين بالوقت المناسب لما سمح الروس بما حصل ولنزعوا الفتيل.

كما سيواصل الرئيس التركى مساعيه فى إقناع الروس الذين يعارضون حتى اللحظة استهداف الكرد، لكن الرئيس التركى لن يكف عن المحاولة، وهذا ربما يفسر كثافة اللقاءات والاتصالات بين أردوغان وبوتين.

ويرجح الدكتور إليان مسعد أن يكون سبب الصمت التركى اللافت للنظر حول إعلان روسيا أخيرا، تقديم الدعم الجوى لقوات سوريا الديمقراطية خلال المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية فى دير الزور إذا طلبوا، وذلك خلال معركة الباغوز هو تفضيل أنقرة عدم التصعيد مع الروس، حيث يمكن أن تكون تكلفة هذه المواجهة كبيرة جدا، وعلى الرغم من أن موسكو تركز وتصر على وحدة الأراضى السورية، فإنها تفضل حلا مركزيا إداريا وثقافيا للأكراد أوضحها مشروع مسودة الدستور الروسى الذى قدم بالحقيقة فيدرالية ثقافية وإدارية معا.

ويرجح أن يواصل الروس منع التحركات التركية ما بعد عفرين كما حصل بمنبج، وحتى اللحظة يبدو أن الموقف الأمريكى أقرب للموقف الروسي. فالطرفان يؤيدان انتقالا سياسيا جادا ومنح دور مستقبلى للأكراد بإدماجهم بالحياة السياسية التى كانوا قد عزلوا أنفسهم عنها منذ اعتقال أوجلان وتقليل النفوذ الإيرانى والتركى وإبقاء خطر الحرب بعيداً عن حدود إسرائيل، وسبق أن نجح السوريون والروس والأمريكيون فى منع تركيا من ضرب قوات سوريا الديمقراطية فى مدينة منبج، وهناك من يرى أن لواشنطن وموسكو مصلحة فى منع تركيا من التدخل فى سوريا بأى شكل، إلا إذا ذهب ترامب بمناكفة الروس والسوريين بعيدا، واعترف بمنطقة امنة لتركيا خارج جهات بمساحة 5 كم التى حددتها معاهدة أضنة، وربما تخشى أنقرة السيناريو الأسوأ فى سوريا، والمتمثل فى اتفاق أمريكي- روسى يقضى بمنح دمشق حكماً ذاتياً للأكراد يعززه المجتمع الدولي، لكن يبدو أن الولايات المتحدة تفضل أن يتم كل ذلك على أساس تفاهم ما مع تركيا، وقد تحاول واشنطن دفع أنقرة مجدداً إلى استئناف عملية السلام بالداخل التركى مع الأكراد، ما سينعكس إيجاباً على العلاقة بين تركيا وأكراد سوريا.

ويشير الدكتور إليان إلى أطراف إقليمية ربما تشارك الروس والأمريكيين دعم القوى المسيطرة فى شمال سوريا، أما فى إسرائيل فهناك جناح كردى متأثر بشمال العراق، ويعتقد بأهمية التحالف بين إسرائيل والكرد، فبالنسبة لهم الأكراد طرف موثوق به فى سوريا المستقبل، وأنه إذا كانت إسرائيل تأمل مع واشنطن فى منع طهران من إقامة ممر بري، فإنها ستحتاج إلى تعزيز نفوذها فى المنطقة التى تسيطر عليها القوى المسلحة الكردية بسوريا لعرقلة طموحات إيران، وهدا يعرقل التفاهم مع دمشق الحساسة.

لكن فى المقابل تسعى تركيا - المهندس الأساسى للعملية الإرهابية على سوريا - للاستمرار بنشر الفوضى حولها بالعالم العربى لتأجيل الاستحقاقات التركية الداخلية، والعمل خفية مع إسرائيل لإبراز التشويش، وأما التحدى الثانى فهو السورى ويتمثل بأن تركيا روسيا وإيران فى مواقع جيدة للمشاركة فى رسم مستقبل سوريا بالتشارك مع الدولة السورية التى لا تستمزج التدخلات التركية، وتراها خطرة، فإيران وتركيا لا تؤيدان جهود روسيا نحو تشكيل سوريا لا مركزية، ما سيسمح ببروز تهديد جديد للقوتين الإقليميتين اللتين ترفضان تماماً إقامة أى كيان يهيمن عليه مسلحون أكراد فى سوريا.

وما حدث فى كردستان العراق أخيرا كان أبرز مثال على تعاون تركيا وإيران وبدعم أمريكى لا يخفى على مراقب برغم خلافاتهما، لكن برغم التقارب التركى الإيرانى المفهوم فى الملف الكردى تعلم كل من روسيا وإيران جيداً دوافع أنقرة للتقرب منهما فى سوريا فإلى جانب مواصلة واشنطن التعاون مع أكراد سوريا، تحول الواقع العسكرى لصالح الجيش السورى فى ظل تراجع نفوذ حلفاء تركيا من العرب الذين تورطوا أو ورطوا بالحرب الإرهابية فى سوريا والحل الداخلى السورى لن يتم بدون أن يشارك الكرد بجدية بمفاوضات مع الدولة السورية، والمناورات
أصبحت مكشوفة ونحن معارضة الداخل توسطنا دون جدوى.

عليهم أن يجيبوا عن مجموعة من الأسئلة دون لبس، ما سوريا ومن السوريون؟ وهل هم سوريون وسوريا وطن نهائى لهم وما سوريا التى يريدونها؟ وما شكل اللا مركزية الإدارية الموسعة التى يتخيلونها التى ستحافظ على وحدة سوريا صراحة لا مناورة، وما مصير أموال النفط الذى يحرمون بقية السوريين منه وكيفية اقتسامه؟ وما مصير قوى الأمر الواقع المسلحة التى يهيمن عليها السوريون الكرد؟ لكن بقيادة متمركزة بقنديل مكونة من أغلبية من الأتراك الكرد، ويجب عليهم الاستفادة من مسار آستانا العسكري، ومسار سوتشى السياسي، الذى اقترحناه لهم دون جدوى، والاستفادة من تفاهمات كيرى لافروف التى لا تزال قائمة وأن عليهم الاستفادة من القيمة السلبية المزعجة وغير البناءة لتركيا الإخوانية فى المنطقة للضغط لمنع الكرد من التفاهم مع الدولة السورية، ويلتقون معها بقصد أو بغير قصد.

مثلاً القوى الغربية المعنية بإعادة الاستقرار إلى سوريا تعلم تماماً أن تركيا ستجعل من العسير تحقيق استقرار دائم فى سوريا من خلال معارضتها المفتوحة للأكراد، والتهديد بالتدخل العسكرى وقضم أراضينا، لدرجة أن سلبية الموقف من التفاوض مع الدولة السورية قد تدفع البعض للاعتقاد بأن الطرفان يلعبان ذات اللعبة، وأن أطرافا منهم حلفاء موضوعيون للمشروع التركى بتوطين ملايين من السوريين والتركمان الذين تورطوا بالحرب على سوريا والعنف والدم وتوطنوا بالشمال الغربى.

ويضيف الدكتور مسعد: يبقى التحدى الثالث، وهم الأغلبية السكانية التى تعيش بينهم من العرب سكان المدن وعشائر الأرياف والآراميين سكان سوريا التاريخيين (سريان وكلدان وآشور) والتركمان والآرمن والشركس وتجربتهم السابقة لم تكن مثالية برغم الجهود الجبارة الأخيرة، ومحاولة إشراكهم بالقرار والتفاوض، لكن أؤكد لكم بأن الشخصيات التى يتم تقديمها دوما هى شخصيات إما مدجنة أو تتلاعب، موحية بالتوافق مع الطروح الكردية إذ يتكلمون بالشمال بشكل مختلف عما يقولونه لنا بدمشق، وسينقلبون كما تنقلوا من الجيش الحر إلى النصرة إلى داعش، والآن هم بقسد، والكرد يعلمون ذلك جيدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.