تعرض الجنيه المصرى خلال الفترة الماضية لعدد من الأزمات التى أثرت بشكل كبير على مدى استقراره أمام العملات الأجنبية الأخرى، حيث انخفضت قيمته بشكل ملحوظ بأكثر من 600% منذ الخمسينيات وحتى الآن، لكن ثمة مواسم أخرى تنخفض فيها قيمة الجنيه لاسيما فى موسم الحج الذى يزداد فيه الإقبال على الريال السعودى والدولار، مما يؤثر على أسعار العملة بشكل عام، نحاول رصد شكل هذه العلاقة وأثرها على سعر الجنيه من خلال آراء الخبراء. جلال الجوادى، مدير إدارة النقد بالبنك المركزى سابقا، أكد أن سوق الصرافة شهدت خلال الأسبوع الماضى حركة سريعة تزداد وتيرتها يوما بعد يوم استعدادا لموسم الحج الذى يرتفع فيه الطلب على الريال بسوق الصرافة المصرية بصورة ملحوظة لتلبى شركات السياحة فى مصر احتياجاتها من النقد الأجنبى لتسدد التزاماتها تجاه الجهات والفنادق السعودية، هذا بالإضافة إلى الطلب بتوفير احتياجات الحجاج المصريين. وأوضح أن سعر الريال شهد استقرارا فى ظل أزمة ارتفاع الدولار فى مصر، حيث إن أسعار الدولار ارتفعت خلال الفترة الماضية بعض القروش، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة استمرار زيادة الطلب على الريال حتى ينتهى موسم الحج، فارتفاعه أمام الجنيه أمر طبيعى، لكن المشكلة تكمن فى أن انخفاض سعر الجنيه سيشعل فاتورة الواردات التى تفوق الخمسين مليار دولار سنويا، ما يرفع أعباء المعيشة لمحدودى الدخل، إضافة إلى وجود خلل هيكلى فى بنية الاقتصاد، فمصر مستورد للعديد من السلع الأساسية ولديها عجز فى الميزان التجارى. الجنيه والأزمة الاقتصادية بينما لا ينكر على الحريرى، سكرتير عام شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية أن الجنيه يعيش أسوأ فتراته فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر حاليا، مع تعرضه لمؤثرات أخرى منها نقص النقد الأجنبى اللازم للاستيراد من الخارج، وعجز الموازنة العامة مع ضعف القوى الشرائية وانخفاض فى الحركة السياحية الذى أثر بشكل كبير على قوة الجنيه، تزامن ذلك مع موسم الحج الذى يزداد فيه الطلب على الدولار و الريال، مع انتشار الشائعات المتعلقة بقرض صندوق النقد وعلاقته بالجنيه وإلغاء الدعم وغيرها. وبين أنه على الرغم من كل ما يحدث الآن فإن هناك بصيص أمل واضحاً خصوصا بعد الزيارات المستمرة التى قام بها رئيس الجمهورية للعديد من الدول الخارجية والتى من المتوقع أن تجذب الكثير من المستثمرين الأجانب وتعمل على زيادة عدد الأفواج السياحية القادمة إلى مصر، لاسيما أن أعدادهم انخفضت بصورة كبيرة جدا خلال الفترة الماضية متأثرة بالأحداث السياسية، وعليه فمن المتوقع أن يسترد الجنيه المصرى توازنه واستقراره أمام العملات الأخرى، ولا أقصد بذلك صعوده، لكن وصوله إلى درجة مقبولة والحد من هبوطه عن المعدل المطلوب، لكن كل هذا يحتاج إلى توفير الاستقرار السياسى والحد من أعمال الشغب. موسم الحج والعمرة. وأوضح الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصاداى أن انخفاض حجم الاحتياطى النقدى خلال العامين الماضيين أثر بشكل كبير على قيمة الجنيه المصرى، وأدى إلى هبوطه بشكل ملحوظ أمام العملات الأجنبية، هذا فضلا عن تأثره بعدد من المؤثرات الأخرى، لاسيما الموسمية منها موسم الحج والعمر..وبين أن حجم اتفاق المصريين على اقتصاديات الحج والعمرة يصل إلى حوالى 3.5 مليار دولار سنويا، فالمصريون يعدون من أكبر أفواج الحجاج التى تذهب إلى المسجد الحرام سنويا، فى الوقت الذى لا تتعدى فيه تحويلات المصريين المقيمين فى السعودية سنويا مليار دولار تقريبا، وبالتالى فإن حجم ما ينفقه المصريون سنويا فى موسم الحج لا يقارن بأية حال من الأحوال مع ما يتم تحويله لمصر من العاملين بالخارج..وقال إنه بالإضافة إلى ما سبق مازالت الاقتصاد المصرى يعانى بعض الثغرات التى مازال مستشرية فى النظام المصرى، والتى أثرت بشكل كبير على الأداء الاقتصادى، لاسيما الحصيلة المتاحة للنقد الأجنبى، سواء من خلال تسريبها فى قنوات غير رسمية أم توجيه جزء كبير منها لمشتريات التجارة غير المشروعة، مثل المخدرات والسلاح وغيرها، هذا فضلا عن تهريب الأموال خلال الفترة الماضية من رموز النظام السابق. وأضاف أنه من المتوقع أن يعاد للجنيه اعتباره خلال فترة وجيزة، لكن ذلك مرهون بتنفيذ ما وعدت به الحكومة من مشروعات تنموية وسعت لدعم حركة الاستثمارات الخارجية.