نقلت دارة الملك عبد العزيز الذاكرة إلى بداية تاريخ استخدام العملات في الحركة التجارية ومزاولة البيع والشراء وتبادل السلع، عادة "الطويلة" المسكوكة من النحاس أقدم عملة استخدمت على نطاق محلي في عهد الدولة السعودية الثانية، وقد عثر على إحداها في محافظة الهفوف وترجع لعام 757م، فيما كثر استعمال عملة "ريال ماريا تريزا" ويحمل صورة الملكة تريزا وهي إمبراطورة النمسا، في كل أنحاء الجزيرة العربية وهي أكثر شعبية من غيرها كونها من الفضة الخالصة. ونشرت "واس" وكالة الأنباء السعودية على موقعها الالكتروني اليوم الاثنين، أن شبه الجزيرة العربية عانت قبل توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود- رحمه الله -، من التشتت في الوضع النقدي والاقتصادي. وبعد عام 1344ه الموافق 1926م اعتمد سك القرش الأميري من معدني النحاس والنيكل، وصدر في عام 1346ه الموافق 1928م أول نظام نقد سعودي واعتماد الريال العربي الفضي عملة رسمية للبلاد ووقف التعامل بالريال العثماني، ثم سك في عام 1454ه الموافق 1935م ريال فضي جديد يحمل اسم المملكة العربية السعودية، وبعدها في عام 1372ه الموافق 1952م أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي. وعرجت الدارة على الوضع النقدي للبلاد قبل دخول الملك عبد العزيز مدينة الرياض عام 1319ه الموافق 1902م، حيث كانت تعيش حالة التشتت والفوضى وضياع اللحمة والترابط، إلى أن دخل الملك عبد العزيز مدينة الرياض، ليحل الأمن وتبنى دولة مترامية الأطراف، وتوضع الأنظمة والقوانين التي تسير أمور الدولة سياسيًّا واقتصاديًّا عقب مسيرة التوحيد المظفرة لتصبح النقود أهم مظهر من مظاهر سيادة الدولة، ومن المقومات المهمة للحياة. واستعرضت ما اشتهر من تلك النقود مثل "الريال المجيدي" نسبة إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان، و"البارات" وهي نقود من "الكوبر نيكل"، وتمثل في حقيقتها أجزاء للريال المجيدي، كذلك جرى تداول العديد من النقود الأخرى كالقروش المصرية ونقود بعض الدول المجاورة في الجزيرة العربية، ونقود دول شرق آسيا خاصة نقود الهندالشرقية، أو ما يعرف حاليًّا ب إندونيسيا. ورغم تداول هذه النقود فلم يؤدي إلى الاستقرار الاقتصادي، حيث حاجة السوق المحلية كانت تتطلب كميات أكبر من النقود، الأمر الذي دفع الملك عبد العزيز إلى سك نقود تفي بحاجة السوق، فجرى سك كميات كبيرة من النقود النحاسية من فئة نصف القرش، وفئة ربع القرش، التي نقش على وجهها اسم الملك عبد العزيز كاملًا "عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود" على هيئة طغراء أو بالخط الطغرائي، وتاريخ سكها عام 1343ه أما ظهر الفئتين فقد نقش عليها القيمة النقدية لكل منهما، ومكان سكها أم القرى. وأفادت الدارة أنّ هذا الإصدار النقدي بفئتيه "نصف قرش، وربع قرش" أول الإصدارات السعودية النقدية، بل إنه نقد قانوني جرى التعامل به وفقًا للأوامر الصادرة آنذاك وما نقش عليه من عبارات لا تختلف في مضمونها عن أي نقد آخر، مضيفة أنه نظرًا لحاجة السوق إلى كميات، إضافية من هذه النقود أمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في السنة نفسها بسك كمية أخرى جاءت على غرار طراز القطع السابقة مع بعض الاختلاف في طريقة نقش اسم الملك، حيث ورد على النحو التالي " عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ". وبينت دارة الملك عبد العزيز أنه مع بداية عام 1344ه الموافق 1926م أمر الملك عبد العزيز بسك كمية أخرى من فئة نصف القرش فقط، التي جرى سكها بشكل جميل جدًّا، خصوصًا ظهر هذه الفئة التي حملت العبارات السابقة المشتملة على مكان السك وتاريخه، وقيمة النقد، حيث وزعت على مساحة ظهر القطعة بتصميم فريد للغاية، في حين نقش على الوجه اسم الملك عبد العزيز كاملًا بالخط الطغرائي دون إضافة أي لقب من ألقابه "عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود"، ونقش أسفل الطغراء سنة "2" أي السنة الثانية من حكم الملك عبد العزيز بعد توحيد الحجاز مع باقي مملكته، ولعل هذا الإصدار يؤيد ما نحن بصدده من أن هذه الإصدارات النحاسية هي أول النقود السعودية الرسمية. وأكدت الدارة أن هذه النقود تعد من أهم وأندر النقود المضروبة في مكةالمكرمة، لأنها حملت أحد أسماء مكةالمكرمة وهو "أم القرى" وهو الاسم الذي لم يظهر على النقود بصفة عامة قبل هذا التاريخ، إلا أنه من الإصلاحات النقدية التي شرع بها الملك عبد العزيز بعد دخوله الحجاز وتوحيده مع باقي أجزاء الدولة.