انطلاق تكبيرات صلاة عيد الأضحي بمسجد مصر بالعاصمة الجديدة    بحضور السيسي.. مدبولي والطيب ووزيري الدفاع والداخلية يؤدون صلاة العيد بالعاصمة الجديدة    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    كأس العالم للأندية| الأهلي يغادر فندق الإقامة لخوض المران الأول    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    بالسجاد.. ساحات دمياط تستعد لاستقبال المصلين في عيد الأضحى    مصرع 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة فى الإسماعيلية    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    خليل الحية: حماس لم ترفض مقترح ستيف ويتكوف الأخير بل قدمنا تعديلات عليه    محافظ القليوبية يتابع استعدادات وجاهزيه الساحات لاستقبال المصلين    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 6 يونيو بسوق العبور للجملة    ناصر منسي: كنت على يقين بتسجيلي هدفاً في نهائي الكأس    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    توقف الرحلات الجوية في مطاري دوموديدوفو وجوكوفسكي بموسكو وإسقاط مسيّرات أوكرانية    السيطرة على حريق ميكروباص بمحيط موقف السويس    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد جديدة بالمحافظات    تحرك أمني لضبط صاحب شركة مقاولات وهمية نصب على المواطنين في ملايين الجنيهات بالهرم    موعد ظهور نتائج سنوات النقل في الجيزة عبر بوابة التعليم الأساسي 2025 (تفاصيل)    أبو الغيط: الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار بلبنان تهدد بتجدد العنف    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    كيفية حفظ لحوم الأضاحي.. خطوات بسيطة لصحة آمنة في عيد الأضحى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    محافظ الأقصر يتفقد ساحة أبو الحجاج استعدادًا لصلاة العيد (صور)    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    عمر جابر: جمهور الزمالك يستحق بطولة    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    مصرع شابين وإصابة 4 آخرين أثناء سباق موتوسيكلات بكفر الشيخ    محمد أسامة: ثلاثي الزمالك استكمل المباراة مُصابين ونهدي اللقب لجمهورنا    4 قضاة في مرمى النيران، الجنائية الدولية تصف عقوبات واشنطن بمحاولة تقويض استقلاليتها    عقوبات أمريكية على 4 قضاة بالجنائية الدولية لإصدارهم مذكرات ضد نتنياهو    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    عيار 21 يقفز أكثر من 100 جنيها.. مفاجأة في أسعار الذهب محليا وعالميا أول أيام عيد الأضحى    بيراميدز يهنئ الزمالك بالفوز بكأس مصر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    محافظ قنا يستقبل ممثلي الأحزاب ونواب البرلمان للتهنئة بعيد الأضحى    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    المايسترو تامر غنيم مديرًا للدورة 33 من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 2025    وفاة الإذاعية القديرة هدى العجيمي صاحبة برنامج «مع الآباء الشبان»    عاجل.. "الشهر العقاري" تواصل تقديم خدماتها خلال إجازة عيد الأضحى    رسميا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    ما هي سُنة الإفطار يوم عيد الأضحى المبارك؟    سُنن الخروج لصلاة العيد.. احتفالات واتباع للسنة النبوية    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك    السيسي يؤدي صلاة عيد الأضحى اليوم في مسجد مصر بالعاصمة الجديدة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي محافظ بورسعيد ويبحثان سبل تطوير الخدمات الصحية    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمرتها الحرب لكنها تنبض بالحياة.. «الأهرام العربى» تتجول فى مدن سوريا

داعش دمرت مدنا وقرى بأكملها فى الرقة وعين العرب وتل أبيض وحراسات مشددة خوفاً من عودتها

المروحيات الأمريكية تحاكى داعش التى أزالت الحدود وتدخل من العراق إلى سوريا دون استئذان الدولة السورية

14 قاعدة أمريكية فى سوريا برغم الإعلان الأمريكى عن قاعدة التنف وحدها

سوريا التي لجأت إليها نازحا من لهيب نار الصهاينة على بيروت، فاحتضتني لسنوات خمس، لم تضن علي بخبزها وزعترها ومكدوسها، وغادرتها عائدا للوطن، لكنها أبدا لم تغادرني، فكانت زياراتي المتكررة في أفراحها وأتراحها، حتى بعد أصابها خنجر الربيع العبري المسموم لم أنقطع عنها، أعوام سبعة من الحرب الكونية التي استهدفت سوريا، طائرات تغطي السماء لتلقي بحممها فتنشر الموت والدمار، وأدواتهم على الأرض، أجناس من كل بقاع الأرض جاءوا ليحرقوا الياسمين ويدعسوا الجوري بأحذيتهم، سبعة أعوام شوقي وقلبي ينفطرعلى هذا الوطن الغالي الذي بقدر ما قدم للعالم من علم وفن وحب بقدر ما تكاثر على ترابه نفايات العالم من البشر، ليحرقوا الشجر ويقتلوا البشر ويدمروا الحجر.

سوريا التى شرعت أبوابها لشعوب العالم ليستمتعوا برحيق الياسمين، وكانت حدودها دوما عصية على أعداء الحياة، ها هو العالم يستبيح أرضها ليغتال الحياة، وأنا هنا لا أحمل المسئولية لليانكى الأمريكى وحده، بل أرى أن الجميع مسئول بدرجة ما عما آلت إليه سوريا، فالدولة السورية مسئولة لكونها لم تتعامل مع الشرارة الأولى فى درعا بحكمة واستوعبتها توطئة لإطفائها، والنظام مسئول لإهماله بعض المناطق البعيدة عن مركز العاصمة، ومسئول بحرمان الإثنيات والعرقيات التى تشكل الجانب الحضارى لسوريا من تداول ثقافتها وموروثها مع أبنائها، والمعارضة الوطنية مسئولة لكونها أسرعت فى الارتماء فى أحضان أنظمة وجهات لا تريد الخير لسوريا، ولا تأمن جانب المعارضة الوطنية، وأهالى بعض المناطق تقع عليهم بعض المسئولية لجهة تشكيلهم لبيئة حاضنة للإرهابيين أو لجهة هروب الآلاف من مدنهم وقراهم لتسهل مهمة الإرهابيين وأعداء الوطن فى جغرافيا الوطن السوري.

فى صباح يوم صيفى قائظ دخلت خلسة إلى الأراضى السورية، عبر مروحية عسكرية أمريكية لم تأخذ إذنا أو تراعى قانونا دوليا، مروحية تنطلق من إحدى قواعدها العسكرية المنتشرة فى بلاد الرافدين لتحط بنا فى واحدة من أربع عشرة من قواعدها فى شمال سوريا، ويمكن القول إننى قد غصبت نفسى على دخول الأراضى السورية الغالية عبر أداة أمريكية، ودون إرادة من الحكومة المركزية فى دمشق، سعيا لرصد الواقع بعين محب وقلب مجروح.


وبقدر ما هالنى ما وجدت من حمامات بيضاء تطير فى سماء سوريا بعدما اختفى الدخان الأسود، وشابات وشباب من أبناء قوات سوريا الديمقراطية ساهرين على مداخل ومخارج مدن وقرى شمال سوريا «روج آفا»، سدا لثغرات قد يعود منها الإرهاب، بقدر ما ألمنى وكسر روحى هذا الدمار الذى لم يترك حجرا فوق حجر فى مدن الرقة وكوبانى «عين العرب» وتل أبيض وعين عيسى والطبقة.

القواعد الفرنسية

هناك معلومات مؤكدة عن خمس قواعد فرنسية موجودة شمال سوريا فى تل ميشتانور بالغرب من مدينة كوبانى وبلدة سيرين إلى الجنوب، ومصنع لافارج للأسمنت إلى الجنوب الشرقى، ومنطقة عين عيسى ومدينة الرقة.

ولقد مررت أكثر من مرة على القاعدة الواقعة جنوب مصنع لافارج للأسمنت وهو مصنع فرنسى.

حب برغم الدمار

بالرغم الدمار فإن الحب أبدا لم يغب عن قلوب السوريين، ما زالوا يعشقون، ويسكنهم الشوق، ويتذوقون الشعر، ويتغزلون فى الحبيب، ويخطون على ما بقى من جدران عبارت الشوق والحنين.
فمعظم السوريين بين نازح أو رابض على خطوط المواجهة مع الإرهابيين أو مؤمن لمداخل ومخارج بلدانهم المحررة التى تحولت فى معظمها إلى أثاث منزل حطمه ثور هائج، لقد كنت أنظر كالمشدوه إلى خريطة سوريا التى مزقت ومؤسساتها التى تشظت، وياسمينها الذى انكسر وتاه فواحه بين دخان البارود وغيمات الكيماوي.

بداية الرحلة

الأزمة السورية معقدة ومتشابكة، وغالبا ما نتلقى أخبارها من أطراف مشاركة أو منحازة لهذا الطرف أو ذاك ما يفقدها موضوعيتها، ومن ثم دقتها، ولأننا أبناء مهنة البحث عن الحقيقة، وآلينا على أنفسنا أن نجتاز فى سبيل ذلك الصعاب، ونخوض المغامرات إذا استلزم الأمر، فقد خضنا غمار رحلة مثيرة ومرهقة لننقل لكم وقائع ما شاهدناه بكل دقة وموضوعية قدر ما أمكننا.

والقصة بدأت باتصال غير معتاد من أحد الأصدقاء العرب فى الساعات الأولى من صباح الخميس قبل الفائت، يتساءل عن استعدادى للسفر صباح الجمعة إلى كل من سوريا والعراق، ولأننى كنت فى حالة مزاجية معتدلة، حيث كنت أحتسى الشاى الأخضر فى شرفة منزلى البحرية، أبديت موافقتى الفورية، وكيف لمثلى أن يرفض مثل هكذا رحلة لبلدين لهما مكانة خاصة فى عقلى وقلبي، فضلا عن كونهما يشهدان أحداثا جسام، وعقب موافقتى جاءني اتصال من شخص كنى نفسه بالكردي، وأخبرنى بأن الرحلة ستشمل كردستان العراق ومنها ننتقل بمروحية أمريكية إلى شمال سوريا، وهناك سنتابع أعمال المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية، ويعقبه لقاء حوارى يشارك فيه أغلب أطراف المعارضة، ووعدنى محدثى بزيارة خاصة لمخيم عائلات الدواعش وزيارة لمدرسة أبناء الدواعش لإعادة تأهيلهم، فضلا عن محاولة جادة لترتيب زيارة للمعتقلين من الدواعش، وبقدر ما صدمتنى فكرة الانتقال بمروحية عسكرية أمريكية إلى الأراضى السورية دون موافقة من السلطات المركزية للدولة السورية، بقدر ما أثار شهيتى الصحفية لمغامرة مثيرة بكل المقاييس، وانتصرت رغبة المغامرة على التحفظات على جهة النقل، وما يتبعه من استباحة لأراض عزيزة أضحت مستباحة من أطراف دولية وإقليمية.

وفى الساعات الأولى من صبيحة يوم الجمعة كان اللقاء مع المكنى بالكردى فى مطار القاهرة لينهى إجراءات السفر ونستقل طائرة الخطوط الجوية العراقية إلى السليمانية، وفى الطائرة استرجعت ذكريات سفرى الخارجى الأول فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى إلى بغداد التى أمضيت فيها عدة شهور لأغادرها عبر الأراضى السورية إلى بيروت، التى كانت بداية لمغامرة ذات طابع وطنى وقومي، استمرت لعقد من الزمان، كانت ساحتها كلا من بيروت ودمشق.


وفى مطار السليمانية استقبلنا الرفيق هوشنك خليل درويش، عضو علاقات مجلس سوريا الديمقراطية فى إحدى قاعات كبار الزوار، وبعد الانتهاء السريع من إجراءات الدخول أقلتنا السيارة إلى الفندق، وبعد ما يقرب من ساعة، ذهبنا فى صحبة هوشنك لوضع إكليل من الزهور على قبر مام (العم) جلال طالبانى مؤسس الاتحاد الوطنى الكردستاني، ورئيس العراق السابق فى مكان إقامته الدائمة فى تل دباشان المطل على مدينة السليمانية.

وفى اليوم التالى زرنا مقر مؤتمر ستار (عشتار) فى السليمانية، حيث التقينا منسق المؤتمر السيدة جيهان مصطفى، التى تعد كونفيدرالية البنى النسائية للمنظمة فى روج آفا، أى المناطق ذات الأغلبية الكردية فى شمال سوريا، وتتألف من ثلاث مناطق هى عفرين وعين العرب كوبانى والجزيرة السورية، وهى تضم مكونات من العرب والكرد والسريان والآشوريين والأرمن والتركمان، وكشفت عن أن مؤتمر ستار ينظر إلى مفهوم السياسة على أنه شأن معنى بالمجتمع والمرأة بصورة مباشرة، ويسند السياسة الديمقراطية إلى مبدأ تعزيز مشاركة المرأة فيها.
وأشارت مصطفى إلى أن مؤتمر ستار يؤسس التنظيمات النسائية وفق مبدأ الكونفيدرالية الديمقراطية فى الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية والاقتصادية والدبلوماسية وميدان الدفاع الذاتى وغيرها من الميادين الأخرى، ويشارك فى كل الأنشطة الاجتماعية وفق مبدأ المشاركة المتساوية والتمثيل المتساوي، ويلعب دور الريادة فى تأمين مجتمعية أيديولوجية حرية المرأة، وفى تطوير الحياة الاجتماعية التشاركية الديمقراطية.


وفى المساء قمنا بزيارة لمقر ممثلية الإدارة الذاتية الديمقراطية فى السليمانية، وهى تعنى ممثلية المكونات الثلاثة: الجزيرة وكوبانى وعفرين، والتقينا هناك د.جاويدان حسن وخولة مصطفى، وهوشنك درويش، وفتح الله حسيني، وجميل رحمانو، وسلافا أحمد، وجرى حوار معمق تعرفنا من خلاله على طبيعة الإدارة الذاتية ومكوناتها، والتى تضم العرب والكرد والسريان والآشوريين والأرمن والتركمان، والممثلية بمثابة سفارة للإدارة الذاتية، وتشكل كردستان وبيت نهرين وسوريا اليوم مركز الفوضى التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

ويعتمد النظام الفيدرالى الديمقراطى لروج آفا – شمال سوريا فى هذا العقد على الثقافة الأم وعلى التراث الإنسانى والأخلاقى للرسل والأنبياء والفلاسفة والحكماء الباحثين عن الحقيقة والعدالة والمساواة، وعلى الإرث والغنى الثقافى لحضارة سوريا وكردستان وبيت نهرين، وبالإرادة الحرة لجميع مكونات روج آفا – شمال سوريا ووفق مبادئ الأمة الديمقراطية تم التوافق على هذا العقد".

وفى صبيحة اليوم التالى كانت بداية الإثارة، حيث توجهنا إلى إحدى القواعد الأمريكية فى السليمانية لنستقل مروحية عسكرية أمريكية، الصعود إليها يكون من الخلف الذى يظل مفتوحا طوال الرحلة، ويقف على الطرف جندى أمريكي، وأمامه مدفع رشاش يحرك فوهته يمينا ويسارا، وكأنه يبحث عن أعداء محتملين، فى مشهد أصابنا بالتوتر إذ كيف لهذا الجندى الذى لا يربطه بجسم الطائرة سوى حزام يحيط بخصره أن يحافظ على توازنه فى طائرة ترتفع وتنخفض وتتعرج يمينا ويسارا، ونحن كنا جالسين، وظهورنا لجسم الطائرة ويحيط بخصرنا حزام، وآخر يشدنا لجسم الطائرة، وكنا ما بين ضجيج المحرك غير المحتمل برغم السدادات التى سلمنا إياها الجندى الأمريكى لنضعها فى آذاننا، وبين النظر إلى مؤخرة الطائرة المفتوحة للفضاء، فتقع أعيننا على الجندى الأمريكى الذى لا يكف عن تحريك المدفع، فعيناه صوب السائق مرسلا له بإشارات.

وبعدما يقرب من الساعة هبطت المروحية فى قاعدة أمريكية فى شمال شرق سوريا، وعلمنا أنها أحدث قاعدة عسكرية أمريكية، وتم الانتهاء من إنشائها منذ بضعة أشهر، وتقع فى جنوب مدينة عين العرب "كوباني" السورية، حيث تم إنشاؤها على مساحة 35 هكتاراً بالقرب من قرية خراب عشك، التابعة لمدينة عين العرب كوباني .

وبعد تناول العشاء فى القاعدة مع جنود سوريين من قوات سوريا الديمقراطية، انتقلنا فى سيارة رباعية الدفع إلى استراحة فى المربع الأمنى لمجلس سوريا الديمقراطية فى مدينة عين عيسى، لنمضى ليلتنا، وفى الصباح الباكر نستقل سيارة رباعية الدفع إلى مدينة الطبقة، حيث أعمال المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية، التى جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، وبحضور ما يقرب من ثلاثمائة شخصية تمثل عديداً من الإثنيات وشيوخ العشائر والجمعيات الأهلية والمراكز البحثية ومراقبين من دول أوروبية وعربية.

وكان مقررا أن تستمر أعمال المؤتمر يومين، ولكنها انتهت فى ساعة متأخرة من اليوم الأول، وصدر عنه بيان ختامى أكد إعادة هيكلة مجلس سوريا الديمقراطية، ليتحول إلى حامل لبناء سياسى يؤسس لبديل وطنى ديمقراطى سورى شامل.

وأشار البيان إلى أن مجلس سوريا الديمقراطية هو المرجعية والمظلة السياسية للإدارات الذاتية والمجالس المدنية وقوات سوريا الديمقراطية، وهى المخولة بإجراء أى عملية تفاوضية، حيث أكد المؤتمرون بأن خيار الحل السياسى عبر المفاوضات هو السبيل الوحيدة لإنقاذ سوريا.

وانتخب المؤتمرون كلا من أمينة عمر ورياض درار للرئاسة المشتركة، وتم التوافق على انتخاب إلهام أحمد رئيساً للهيئة التنفيذية للمجلس، فيما تم انتخاب 41 عضوا للمجلس الرئاسي، منهم 20 امرأة على أن يتم انتخاب أعضاء من المجلس للهيئة، فيما أوضحت سيدة مصطفى أن مؤتمر ستار ينظم صفوفه وفق النظرية الديمقراطية البيئية المؤمنة بحرية المرأة، ويطور نظام "روج آفا "حرة وسوريا ديمقراطية وشرق أوسط ديمقراطى "بالتمحور حول ذهنية الأمة الديمقراطية وتأسيسا على حرية المرأة ".


السيدة نورا خليل، الناطقة باسم لجنة المرأة فى المجلس التشريعى فى مقاطعة الجزيرة، تعتبر أن المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية انعقد فى الوقت الذى بدأت فيه الأنظار تتجه لمناطق الشمال السوري، حيث مجلس سوريا الديمقراطية وقواتها العسكرية التى تشكل جزءاً من التحالف الدولي، ونجحت فى تطهير مناطق واسعة من الإرهابيين، ونجحت فى تشكيل إدارات ومجالس لإدارة منطقة جغرافية واسعة، وبعد أن فشلت المعارضة الممثلة بالائتلاف السورى سياسيا وعسكريا، إثر نجاح الجيش السورى فى إلحاق الهزيمة بالقوى العسكرية للائتلاف بما فيها التى تجد فيها الائتلاف مظلة سياسية لها.

وترى نورا خليل أن الإدارة الذاتية أملتها ضرورات المرحلة والفراغ الأمنى والإدارى والخدمى الذى شهدته مناطق الشمال السورى بعد تحريرها من الإرهاب والاستبداد، حيث استطاعت هذه الإدارات أن تحقق الأمن والأمان وتأمين مستلزمات العيش الكريم للآلاف من السوريين بمن فيها الآلاف من النازحين واللاجئين العراقيين، وبرغم حالة الحصار والتهديد التركى بالاجتياح، فإن هناك بعض السلبيات والنواقص الإدارية لحداثة التجربة.

وتشير نورا إلى أن التجربة بحاجة للدعم والمساندة من القوى الدولية، ونجد أن نموذج الإدارة الذاتية هو الأمثل كشكل من أشكال اللا مركزية كنظام سياسى للإدارة والحكم فى سوريا.
وعن رؤيتها لمستقبل مجلس سوريا فى المشهد السوري، تعتبر خليل أن مجلس سوريا الديمقراطية يشكل المظلة الجامعة لأغلب القوى السياسية الفاعلة والفاعليات المجتمعية التى تمثل كل مكونات القومية من الكرد والعرب والسريان والآشور والتركمان والشيشان والأرمن، مسلمين ومسيحيين. وإيزيديين، ويعد اليوم الرقم الصعب فى المعادلة السياسية السورية ولا يمكن أن تحقيق الحل السياسى دون إشراك ممثليها فى المباحثات كطرف أساسى من أطراف المعارضة السورية.

وترى خليل أن المؤتمر كان جيدا من حيث الإعداد والمواثيق، ورؤيتها لحل الأزمة السورية ومخارج هذا الحل، لكنه افتقر إلى حضور الشخصيات والقوى السياسية التى تملك ثقلا فى الشارع السوري.

الدكتور جمال عبد الجواد، مستشار مركز «الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية» الذى حضر كمراقب للمؤتمر، يرى أن أهدافا مهمة تحققت فى المؤتمر. أولها: تعزيز السلطات التنفيذية للقيادية القوية إلهام أحمد، حيث يرى أن هذا الإجراء سيعزز قدرة قيادة سوريا الديمقراطية على التحرك بفاعلية إزاء المنعطفات الصعبة التى تنتظر الإقليم فى الفترة المقبلة، خصوصاً أن الهيكل التنظيمى لإدارة الإقليم شديد التعقيد، ولا يسمح بالتصرف بسرعة وفاعلية. الهدف الثانى الذى تحقق فى المؤتمر هو كسب التأييد لاختيار التفاوض مع النظام وهو القرار الأهم للإقليم فى هذه المرحلة.
السيد فراس قصاص، رئيس حزب الحداثة والديمقراطية لسوريا، والمشارك فى المؤتمر ، يرى أن للمؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية أهمية استثنائية، نظرا لأنه انعقد بعد حصول تحولات مهمة فى مسار الحدث السوري، لقد حاول المؤتمر أن يكون ردا تنظيميا وسياسيا على تلك التحولات واستجابة لها، وأضاف فراس أزعم بأنه نجح أوليا فى ذلك. لا سيما وأنه وثق إيمانه بالحل السياسى والحوار، أرضية لإقرار وإرساء هذا الحل، ويعتبر أنه الأهم، حيث شيد سقفا سياسيا وأرضية تنظيمية ينسجمان مع تصوره عن الحل السياسى المستند إلى الحوار كقاعدة للعبور بالحدث السورى إلى خلاصات تحقق الحرية والعدالة والكرامة للإنسان فى سوريا.
وفى اليوم الثانى بدأت أعمال الملتقى الحوارى السورى - السورى على مدار يومين ناقش فى ثلاث جلسات حوارية "الجذور التاريخية للأزمة السورية وبنية النظام السياسى ووضع رؤى وتصورات للحل الأنسب فى سوريا المستقبل.
وذلك بمشاركة طيف واسع من قوى وأحزاب سياسية وشخصيات أكاديمية ومستقلين ونشطاء مجتمع مدني، حيث أكد جميع الأطراف تمسكهم بوحدة سوريا، وإطلاق حوار سورى بهدف حل الأزمة وفق القرارات الدولية ذات الشأن، وتلبية تطلعات شعب سوريا فى نظام سياسى ديمقراطى علمانى تعددى لا مركزي.
ولم يدخر مجلس سوريا الديمقراطية جهدا فى البحث عن حوامل اجتماعية لمشروعه وقيمه فى أنحاء سوريا، بل سيحول كل كمون اجتماعى موات لحالته إلى حامل وفاعل اجتماعى يدافع عن قيمه. بالطبع المصاعب والمعوقات كثيرة، والتحديات صعبة لكن ليس ثمة خيار آخر أمامه، بالتأكيد سيستند فى أثناء ذلك إلى خلاصات وتحصيلات سياسية واجتماعية وقيمية صاغتها تجربة مناطق الإدارة الذاتية، داعيا إلى تعميمها وتطبيقها فى عموم سوريا وعاملا على توفير الأرضية السياسية العملية لذلك ما استطاع.

وبسؤال الدكتور جمال عبد الجواد عن تقييمه للإدارة الذاتية لمناطق شمال سوريا من خلال متابعته على مدار أسبوعين، أعتبرها تجربة رائعة تستحق الدعم. حيث الإدارة قريبة من الناس وحيث إن الفساد محاصر وحيث المرأة تتمتع بمكانة متساوية مع الرجال. وأخشى أن تؤدى المصالحة مع دمشق لتقويض الجوانب الإيجابية فى هذه التجربة.
مجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية يسيطران على ما يقرب من 500 كيلو متر من الحدود التركية السعودية على 4 معابر حدودية.

قصص زوجات الدواعش

ما إن وطأت قدماى أراضى أحد مخيمات اللجوء حتى التف حولى العشرات من الأطفال يشكون حال أهاليهم، بلسان فصيح عن أوضاعهم المزرية، ويتحدثون بحكمة الكبار عن اضطرار اهاليهم للجوء هربا من نيران الموت، وما إن هممت بالمغادرة حتى وجدتهم يغنون للوطن ويستعرض كل منهم مهاراته فى الرسم أو الرقص أو الغناء كل ذلك بهدف ألا أغادرهم قبلما أدخل إلى سراديب المخيم للاطلاع على واقعهم المزري، وعلى أحد جوانب المخيم كان هناك جناح لزوجات وأطفال الدواعش ولهم وقفة خاصة، حيث هالنى أن أغلبهن خريجات ما يعرف بكليات القمة وبعضهن حاصلات على الماجستير والدكتوراه وكلهن لا يفتقدن الجمال بل إن بعضهن من أوكرانيا وروسيا فائقات الجمال، ووراء كل واحدة منهن قصة تستحق أن تروى لما بها من الإثارة والدراما.

يا شام
يا شامُ، يا شامَةَ الدُّنيا، ووَردَتَها يا مَنْ بحُسنِكِ أوجعتِ الأزاميلا
يا مَنْ يعيدُ كراريسى.. ومَدرَسَتى والقمحَ، واللّوزَ، والزُّرقَ المواويلا
لكنى على يقين بأن غدا سيزهر الليمون وتفرح السنابل الخضراء والغصون
وتضحك العيون ويرجع الأطفال يلعبون ويلتقى الآباء والبنون على ربى سوريا الزاهرة
سوريا ذاك الجرح المفتوح على خريطة وطن آن له أن يعود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.