أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 11 مايو 2024    وكالة أمريكية: عاصفة شمسية شديدة تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003    جدول مباريات اليوم.. الأهلي يواجه البلدية.. نهائي دوري أبطال آسيا.. وظهور مرموش    مواجهة القمة والقاع| الهلال يلتقي الحزم للتتويج بلقب الدوري السعودي    تداول أسئلة امتحان الفيزياء لأولى ثانوي بالجيزة عبر «التليجرام»    «الأرصاد»: استمرار الأتربة واحتمالية سقوط أمطار اليوم السبت    سونيا الحبال تحذر برجي الميزان والحوت (فيديو)    قصر ثقافة الإسماعيلية يستضيف العرض المسرحي ال 84    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024.. بشاي 41 ألف جنيه    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت 11 مايو 2024.. الطماطم ب5 جنيهات    حزب الله يستهدف موقع راميا ومستعمرة المطلة ويحقيق إصابات مباشرة بهما    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم السبت    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    وزير الصحة: التعاون مع معهد «جوستاف روسي» الفرنسي لإحداث ثورة في تشخيص وعلاج السرطان    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة 3 مصريين بقطر    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    حريق ب «جراج» في أبو النمرس والحماية المدنية تمنع كارثة (صور)    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    برج الثور.. حظك اليوم السبت 11 مايو: استعد    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أداة التنمية وحفظ الهوية وصناعة العرب الثقيلة.. الحرف التراثية.. صناعة المعجزات
نشر في الأهرام العربي يوم 01 - 07 - 2018

آمنة الحمدان: تجديد «بيت السدو» قبلة الحياة لفنون النسيج اليدوى فى الكويت

جاسم الساعدى: احتلال العراق ترك تأثيرات سلبية على المشغولات التراثية

غابت عن عالمنا العربى قضية الحرف التقليدية التراثية، باعتبارها صناعة العرب الثقيلة التى يجب أن تكون على رأس الأولويات، بوصفها استثمارا، يحقق البعد التنموي، إلى جانب أنها تشكل العنوان الحقيقى لهوية الأمة العربية الثقافية، فى ظل اجتياح قيم وثقافات وتشوهات مستوردة، وقد حققت الحرف التقليدية ما يشبه المعجزات اجتماعيا واقتصاديا فى عدد كبير من الدول، وفى مقدمتها الصين والهند وماليزيا وإسبانيا واليونان وإيطاليا وغيرها.

وإذا كانت اليونسكو، ونظيرتاها العربية "الأيلسكو" والإسلامية "الإيسيسكو"، قد وضعت برامج لتوثيق وحماية والحفاظ على الحرف التقليدية، فإن الاستجابة العربية فى هذا الشأن جاءت ضعيفة وبطيئة وليست على مستوى الحدث، لتكون النتيجة خطرا حقيقيا فى ظل رحيل عمالقة الفنون الحرفية الكبار، وعدم تدريب أجيال جديدة تواصل المسيرة، لكن هذا لا ينفى وجود بعض الاستثناءات العربية التى تهتم بقطاع الحرف التقليدية هنا وهناك .

توثيق كويتى
منح قرار تجديد بيت السدو قبلة الحياة لفنون النسيج اليدوى الكويتية القديمة و"بيت السدو"، هو جمعية تأسست عام1979 على يد مجموعة السيدات الكويتيات بهدف الحفاظ على حرفة النسيج اليدوى المعروفة ب السدو، والتى تميز خلالها الحرفى الكويتى بمهارة فطرية فائقة الجمال، حظيت بتقدير عالمي، ومن أبرز الحرف التى تمارس فى بيت السدو، تطريز البشت أو العباءة الكويتية الشهيرة، وكذلك تطعيم الهوادج كتحف تراثية، وأيضا تطريز الأغطية يدويا خصوصا اللحاف الكويتى الشهير.

من جانبها توضح آمنة الحمدان رئيس قسم المشاريع والدراسات الميدانية فى مركز التراث الشعبى بالكويت أن هناك تجربة مهمة تقوم بها الكويت حاليا لتوثيق وحماية التراث الشعبى من الاندثار، تعتمد خلالها على فريق من المتخصصين تقوده جامعة الكويت، بالتعاون مع المركز كمؤسسة علمية متخصصة فى الشأن التراثي.

دمار سورى
تعانى الحرف التقليدية فى سوريا من تداعيات الحرب المشتعلة على الأراضى السورية، بما خلفته من دمار هائل طال هذه المراكز التى كانت من معالم سوريا السياحية خاصة فى المناطق الريفية.
من ناحيتها تلفت د. نهال النافورى، الخبيرة السورية فى مجال التراث، النظر إلى أن هذه الحرف أنقذت مئات الآلاف من اللاجئين من الفاقة والجوع، حيث اعتمدوا عليها كمصدر دخل أساسى فى البلاد التى لجأوا إليها.

وتدعو د. النافورى إلى الاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب لوضع إستراتيجية تعمل على توظيف التراث الحرفى لأغراض التنمية، والعمل على عودة سوق المهن اليدوية وسط العاصمة دمشق لكامل نشاطاته، وإنشاء الاتحاد العام للجمعيات الحرفية للحفاظ على الحرف التقليدية وتنميتها.

خطر يمنى
الوضع ليس أحسن حالا فى اليمن، حيث تعانى مراكز الحرف التراثية كذلك من ويلات الحرب، وإن ظل المركز الحرفى الرئيسى فى العاصمة صنعاء صامدا حتى الآن، وحسب الباحث فى الفنون التراثية اليمنية منير الحميري، فإن مركز الحرفيين الذى تأسس عام 1991 فى صنعاء هو الجهة الأساسية التى تضم مختلف الحرف والفنون التقليدية التى تتطلب مهارات رفيعة ودقيقة، وأبرزها، الحفر على الخشب، والجص، والسجاد، ومن التحف المعمارية التقليدية والرسم الشعبى على الجدران الذى هو تسجيل للحياة اليومية، عبر الموروث والفلكلور اليمني، ورصد الأحداث الاجتماعية المهمة مثل الأفراح والأعياد والاحتفالات الدينية، وأيضا الاحتفال بالمواليد الجديدة، وحفلات الزواج وغيرها. أما الزخرفة بالجص فتستخدم فى المنازل والنوافذ، ويشتهر حرفيو صنعاء بمهاراتهم الفائقة فى هذه الحرفة لكى تبقى أبرز حرف اليمن والتى تحظى بشهرة عالمية وسياحية واسعة هى تشكيل العقيق اليماني، حيث يبرع الحرفى فى ترويض هذا الحجر الكريم إلى تحف فنية تضاهى أرقى المجوهرات فى العالم، .

فيما تنبه الباحثة اليمنية نجيبة حداد إلى خطورة التحديات التى تتعرض لها الحرف التراثية حتى قبل اشتعال الحرب الدائرة الآن فى البلاد، وتنتقد نجيبة حداد عدم الاهتمام بالتراث الحرفى المميز لكل محافظة من محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة، مما أدى إلى اندثار الكثير من الحرف، وضياع جوانب من التراث الشعبى اليمنى بسبب عدم توافر الميزانيات اللازمة لحمايته وتطويره، ونقص الكوادر المؤهلة للعمل فى هذا المضمار.

تأثيرات عراقية
أما الكاتب والباحث العراقى فى مجال حماية التراث، جاسم الساعدى فيقول: نأمل أن يستعيد قطاع الحرف فى العراق عافيته عقب طرد "داعش" من العراق، مشيرا إلى أن معظم الحرف التقليدية العراقية قائمة على النخيل، خصوصا فى جنوب البلاد، ومن أبرز مراكز هذه الحرف مدينة الناصرية، حيث تنتشر غابات النخيل، ويعتبر الأثاث المنزلى أبرز هذه المنتجات، حيث يعتمد عليه معظم سكان القرى والمدن هناك لسهولة حمله والتنقل به، ومتانته ورخص تكلفته، إضافة إلى منتجات السلال والأطباق والمراوح اليدوية والحصر، وسجاجيد الصلاة، وأقفاص الطيور، وغيرها..

مشروعات موريتانية
الحرف التقليدية أفضل حالا فى موريتانيا، حيث يشير السالك ولد محمد مصطفى، أحد المسئولين عن حماية وتوثيق الحرف التقليدية فى موريتانيا، إلى أن المعهد الموريتانى للبحث العلمى وتوثيق التراث الشعبى، هو الجهة المعنية بحماية الحرف الشعبية التقليدية، وتطويعها فى عملية التنمية المستدامة داخل نسيج الاقتصاد الموريتانى، وذلك ضمن خطة المشروعات الوطنية فى موريتانيا التى تضعها وتمولها الدولة، أو الجمعيات الأهلية المحلية، وكذلك من خلال التعاون مع المؤسسات الدولية المعنية مثل اليونسكو، حيث تحظى الحرف التراثية الموريتانية باهتمام الدولة، وتلقى رواجا كبيرا نظرا لدقتها وجودة تصنيعها، واشتغال أعداد كبيرة من الشباب الموريتانى فيها، فهناك الصناعات الخشبية، والجلدية، والنحاسية، والذهبية، والحديدية، كما تتولى إدارة الصناعات التقليدية فى وزارة التجارة والصناعة والسياحة عملية دعم هذه الصناعات من خلال إقامة المعارض، والتسويق لها لدى الدول الخارجية، إلى جانب إقامة مصانع كبرى للاستفادة منها، وكل ذلك يعود بالفائدة الاقتصادية والاجتماعية على البلاد.

مقاومة فلسطينية
فى فلسطين المحتلة، تلعب الحرف التقليدية دورين مهمين، الأول أنها جزء حيوى من مكونات الهوية الوطنية الثقافية والاجتماعية الفلسطينية العربية، التى يسعى الاحتلال الإسرائيلى بكل الوسائل لطمسها.. والثانى أنها من أهم مكونات الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما يؤكده د. عماد الدين سعيد الباحث الفلسطينى فى هذا المجال مشيرا إلى أن أبرز الصناعات التقليدية فى فلسطين، هى الزجاج والخيزران والتطريز والحفر والتطعيم بالخشب، ومع الأسف الشديد هناك قطاع كبير من هذه المنتجات تتم سرقته ويروج باعتباره تراثا فنيا إسرائيليا، خصوصا فى ظل اعتماد معظم هذه الصناعات على مدخلات غير محلية، مما يجعلها تحت رحمة سياسات الاحتلال الإسرائيلى التى تهدف فى الأساس إلى محاربة هذه الحرف التقليدية كجزء من مخطط التهويد للمناطق العربية، إضافة إلى صغر حجم السوق المحلى الفلسطينى واعتماد هذه الصناعات الحرفية على أسواق إسرائيل، وبعض الدول العربية، وهو ما يسهل مهمة إسرائيل فى محاربتها من خلال العوائق والعراقيل التى تضعها أمام تسويق هذه المنتجات.

وتذكر بيانات وزارة الصناعة الفلسطينية، أن مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية هى أشهر مناطق فلسطين فى صناعة وتشكيل الزجاج الملون، لتوفر الرمل النقى بها ومواد التلوين، فيما تعد مدينة المجدل الفلسطينية هى الأشهر فى حرفة النسيج والسجاد، فيما تصنف غزة بأنها من أعرق المدن الفلسطينية فى زخرفة النسيج، خصوصا من الحرير والكتان، إلى حد أن رسم الكتان فى العديد من الدول الأوروبية يطلق عليه غزون نسبة إلى مدينة غزة، بينما تشتهر منطقة الشجاعية فى قطاع غزة بصناعة السجاد اليدوى.

أما التطريز فهو من الفنون التى تتوارثها الفتيات الفلسطينيات عن أمهاتهن جيلا بعد جيل، وتنتشر مراكزه فى الجمعيات النسائية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية الأنروا، وهو ما ينطبق أيضا على حرفة الخيزران، وإن كان يعمل بها الفلسطينيون من الذكور بصورة أكبر.

هناك أيضا حرف الحفر على النحاس، وأبرز منتجاتها أدوات القهوة العربية البكرج، وكذلك الحفر على الخشب والزخرفة والتطعيم فكلها حرف على وشك الانقراض بسبب نقص العمالة وعدم وجود رؤوس أموال مستثمرة، واختصار هذه الحرف على أسر محدودة تمارسها بالوراثة، وعدم تطور هذا النمط بما يجعله قادرا على منافسة المنتجات المستوردة البديلة، وحرمان الحرفيين من المكاسب الفعلية فى حالة تصدير منتجاتهم، حيث تشتريها إسرائيل منهم بأثمان بخسة، وتعيد تصديرها للخارج بأسعار مضاعفة مستغلة سيطرتها على المعابر والحدود والموانيء والمنافذ، بما يرسخ التبعية الفلسطينية لإسرائيل، وهو ما يفرض على السلطة الفلسطينية ضرورة تأسيس جمعيات تعاونية لأصحاب الحرف التقليدية وإنشاء مراكز تدريب، وفتح أقسام خاصة لها بالمعاهد والمدارس والجامعات الفلسطينية، وإقامة معارض داخلية وخارجية لها، وعقد بروتوكولات تعاون مع الدول العربية لتصبح الحرف التقليدية الفلسطينية حاضرة فى المعارض العربية، باعتبارها سلاحا مهما فى منظومة مكافحة الاحتلال.

مركز إماراتي
فى الإمارات العربية المتحدة تم إنشاء مركز الصناعات اليدوية فى أبو ظبى عام1978، بهدف الحفاظ على الحرف التقليدية والتراث الفنى الصحراوى الذى يواجه الانقراض فى المجتمعات الخليجية، وتم الإنشاء على يد الاتحاد النسائى الإماراتي، وطبقا لبيانات المركز فى موقعه الإلكتروني، فإن شروط الالتحاق به تقتصر على أن تكون المتقدمة تحمل الجنسية الإماراتية وماهرة فى إحدى حرف المركز، وأبرزها قسم الخوص الذى يضم عددا من المشاغل المتخصصة فى تصنيع المنتجات من سعف النخيل.

هناك أيضا قسم السجاد القديم، الذى يصفه الفنان التراثى طلبة عبد الغنى، أحد مؤسسى القسم،بأنه يقدم منسوجات تراثية خلابة من نسيج الأصواف ووبر الجمال من خلال أنوال يدوية، كما يوجد قسم التللى، وهو استخدام خيوط وشرائط مزركشة بألوان متداخلة لتزيين الملابس التقليدية للمرأة الإماراتية، كما يضم المركز وحدة للرسوم التطريزية على المفارش والأزياء وأغلفة الوسائد، ومشغلا للنقش على الزجاج والسيراميك، وآخر لفن الكورشيه، وتعرض منتجات هذه الحرف فى معرض دائم بمقر الاتحاد النسائي، إضافة إلى المعارض الداخلية والخارجية المهتمة بالتراث الإماراتي.. لكن يبقى الاهتمام بالحرف التقليدية محصورا فى الدائرة التراثية، والاهتمام بالفولكلور، ولم يتطور بعد ليصبح صناعة بالمعنى الشامل فى قطاع الحرف التقليدية.

استثمار تونسى
ويحظى قطاع الحرف التراثية باهتمام كبير فى تونس، حيث ألحق بوزارة السياحة وأنشئت مدن خاصة به، ويشير الخبير التونسى أحمد خوجة إلى نجاح التجربة التونسية فى تخصيص مدينة للحرف التراثية هى مدينة المهدية التى تقع على ساحل البحر المتوسط شمال تونس، وهى تجربة نتمنى تكرارها فى وطننا العربى كله،حيث تم استثمار كونها مدينة تاريخية، تعاقبت عليها جاليات وحضارات مختلفة، وذلك بتحويلها إلى واحدة من مدن الذاكرة الجماعية، والحفاظ على هويتها التراثية وتطوير حرفها الشعبية، وبالتالى تم إدماجها فى خطة التنمية التونسية، والاستفادة منها فى خلق فرص العمل، وتعظيم الثروة الاقتصادية التونسية، خصوصا الاستثمار السياحي، وهناك محاولات لتكرار هذا الأمر مع واحات الجنوب فى تونس، من خلال دراسات يقودها د. محمد جويلى أستاذ علم الاجتماع فى جامعة تونس، حيث يجرى الإعداد لإستراتيجية منهجية لحماية الحرف التقليدية، وحل مشاكلها، وتنميتها.

رعاية مغربية
بينما تشيرالخبيرة المغربية د. سعيدة عزيزى إلى أن مدينة سلا منذ تأسيسها قبل11 قرنا تعد متحفا حيا للفنون والحرف التقليدية المغربية، التى تجسد حضارتها وتاريخ إبداعها الشعبي، ومن أبرز هذه الحرف طبقا لبيانات المكتب الوطنى المغربى حرفة الفنون المعمارية، حيث تمتزج أشكال العمارة العربية بالأندلسية فى نمط معمارى مغربى يجمع ما بين فنون الرخام المزخرف والتطعيم بالخشب، كما تشتهر سلا بحرفة الشمع المزركش، الذى تجذب مواكبه الشهيرة آلاف الزائرين للمدينة، فيما تظهر براعة الحرفى السلاوى التقليدية فى صناعة النسيج، ودباغة الجلود، والسجاد المنسوج من ألياف نباتية، وتجمع هذ الحرف دار الصناعة التقليدية، ودار الدباغة، ومعامل الزرابى، وتتكامل معها صناعة الحلى المغربى الشهيرة، والملابس التقليدية وأبرزها العباءة المغربية المطرزة، وتعرض المنتجات التقليدية والحرف التراثية المغربية فى ممر طويل تتفرغ منه ممرات أصغر تسمى الأزقة، أمام الممر الرئيسى مايسمى القيسارية وهو نفس المسمى فى مصر وعدد من الدول العربية.
وتضيف د.سعيدة عزيزى أن التجربة المغربية فى قطاع الحرف الشعبية، فى وادى درعة والواحات الجنوبية المغربية أسهمت فى تنمية قطاع السياحة الخارجية، الذى يعد الركيزة الأولى فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وتدعو إلى إنشاء فرق عمل متكاملة ومنسجمة تضم خبراء ونقادا وباحثين ومؤرخين لتوثيق هذه الحرف، وإنشاء مراكز متعددة لهذه الغرض.

تطوير لبناني
وتشير اللبنانية د. مها كيال الأستاذ فى معهد العلوم الاجتماعية بطرابلس إلى أن تطوير حرف النقوش التقليدية اللبنانية، جعلها عنصرا مهما من عناصر الدخل اللبناني، وهو ما تكرر فى حرف أخرى خرجت من دائرة كونها مجرد منتج سياحى لتصبح كنزا تنمويا.
داعية إلى تطوير الحرف التقليدية لتلائم نمط المعيشة المعاصر، لأن جمود هذه الحرف سوف يؤدى حتما إلى زوالها، لكن يجب ألا يأتى هذا التطوير على حساب خصوصية الحرفة حتى لا يفرغها من مضمونها.

منظمة عربية
من جانبه أطلق الباحث البحرينى على عبد الله خليفة دعوة إلى إنشاء منظمة عربية لتوحيد العمل فى مجال التراث والحرف الشعبية، وكذلك تفعيل فكرة إنشاء اتحاد عربى يضم الجمعيات الخاصة بكل دولة عربية لحماية الحرف التقليدية والتراث الشعبى عموما، وهى أفكار يسهل تحقيقها إذا توافرت النيات والآليات نحو توجه عربى لحماية تراثه الشعبي.

ويتفق مع هذا التوجه الخبير الجزائرى عبدالحميد بورايو، الذى يؤكد أن الحرف التقليدية ومعظم مجالات التراث الشعبي، متداخلة بين الأقطار العربية بشكل أو بآخر، والحفاظ عليها هو حفاظ على الانتماء الوطنى والخصوصية القومية، باعتبارها أداة مهمة فى مقاومة الغزو الخارجي، الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هو تسليع التراث الشعبي، ووضع برامج لتنميته بعيدا عن الأشكال والآليات الراهنة التى تهدد وجوده واستمراريته، أو تقصرها فقط على المتاحف بعيداً عن المواطن العربي، برغم أن الحرف الشعبية فى الأساس من الشارع وإلى الشارع.

إدارة خاصة
من جانبه يصف د. عصام خليفة المحاضر الدولى فى مجال التنمية البشرية فى جامعات كندا والعالم العربى، مشكلة الحرف التقليدية بأنها أزمة إدارة، وعدم إدراك لقدرات الحرفيين الإبداعية، ولابد من نظام إدارى ناجح وأسلوب علمى لإدارة هؤلاء الحرفيين، ويرى ضرورة أن تقوم المؤسسات الرسمية فى الدول العربية بتحفيز العاملين والمقبلين على ممارسة هذه الحرف من خلال توفير العائد المادى والتدريب، ووضع نظام للحفاظ على المهارات النادرة وضمان نقلها للأجيال التالية، وكذلك وضع قواعد تشريعية تنظم ظروف العمل بهذه الحرف مثل حرية التسويق وآلياته، وضمان حقوق الملكية الفكرية لهذه الحرف الإبداعية، لأن الوضع الحالى سوف يؤدى حتما إلى انقراضها فى ظل غياب إستراتيجية مصرية وعربية لتطوير هذه الحرف، وضعف الهياكل التنظيمية لقطاعاتها، وغيابها عن مناهج التعليم الفني، وتخلى المؤسسات الرسمية العربية عنها، أو التعامل معها فى شكل احتفالى فولكلورى لا كصناعة يمكنها امتصاص جزء مهم من البطالة فى العالم العربى كله.. والأهم الخروج من دائرة التعامل العشوائى مع قضية الحرف التقليدية.

ملكية فكرية
ويرى طلعت زايد أمين عام الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية، أن العالم العربى يعيش إشكاليات متعددة فى مجال الحرف التراثية، منها العشوائية والإهمال، والأهم عدم تسجيلها لحماية حقوق ملكيتها الفكرية، مما جعلها نهبا للتقليد، كما نرى فى المنتجات الحرفية الصينية المقلدة بعكس الدول الغربية، التى استوعبت هذا القطاع المهم باعتباره محورا مهما فى التنمية المحلية والوطنية، ووفرت له الدعم والحماية، مؤكدا أن الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية باعتباره أحد مكونات مجلس الوحدة الاقتصادية فى نطاق جامعة الدول العربية، على استعداد تام للمشاركة من خلال لجانه، ومن بينها "لجنة التراث" وخبرائه فى تسجيل و توثيق جميع الحرف التراثية فى شتى أنحاء عالمنا العربى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.