جلست والدموع فى عينى أتابع فوازير نيللى فى رمضان 1978 وهى تقفز مثل العصفور وتقول مغردة: «مش إنتى الصحفية؟» وترد على نفسها: هئ ما صحفاشى!! تسأل وتجيب وتغنى فى رمضان وأنا أبكى وأتشحتف بعد الفطار ومن حولى أبى وأمى وأخى الصغير يمسحون دموعى ويحاولون التخفيف عنى ويقولون إن شاء الله السنة الجاية تبقى زيها!! .. يقصدون صحفية! كنت أبكى وأنا فى سنة ثالثة كلية إعلام، وقد ذهبت للتدريب فى جريدة أخبار اليوم دون وساطة، فما كان من موسى صبرى أيامها إلا أن طردنى شر طردة وهو يسأل: مين «وسطتها» ؟ يجيب إبراهيم سعدة ضاحكا: مش عارف إحنا افتكرنا اسمها «كوتيشن» من مجلة أجنبى.. هئ هئ!! ويحاول نبيل أباظة إخفاء الحقيقة فقد كنت أخذت إذنه بعد أن توسط لى عنده معيدنا الصغير الأستاذ محمود علم الدين! أول معيد لكلية الإعلام ولكن ساعة الحقيقة الكل تنصل منى وجلست مثل الفاسوخة فى البيت أستعد لدخول بكالوريوس إعلام, وأنا أتحسر على نفسى وأقول تبقى نيللى صحفية كمان وبتهزأ من الصحافة وتقول هئ ما صحفاشى وأنا لأه.. وهات يا بكاء ولا فريد الأطرش فى زمانه. ودارت الأيام واستطعت العودة للتدريب فى أخبار اليوم، وفى هذه المرة قرروا إبعادى مؤقتا عن صفحات الأدب وألف كعب داير فى بقية الأقسام من الحوادث إلى الفن.. ولأننى عشت فى أخبار اليوم 18 عاما بدعوة الوالدين! فقد رزقنى الله بأخ عزيز كان اسمه مجدى عبد العزيز، شاب واعد فى عالم الكتابة الصحفية الفنية كان من السهل علىّ وأنا المبهورة دائما بعالم المسرح وكاميرات السينما والتليفزيون أن ألف كعب داير وراء زميلى الشاب الأستاذ فى نفس الوقت، فهو المفتاح السحرى لهذا العالم الذى كان يشبه ديزنى لاند التى زرتها وأنا طفلة. وتشاء الأقدار وأنا ألف وراء الأستاذ مجدى عبد العزيز، أكاد أكون ظله.. أحمل الورق والقلم فى صورة كاريكاتورية، أن يقرر رئيس قسم الفن آنذاك محمد تبارك تكليفنا بعمل حوار مع نيللى وفهمى عبد الحميد! على فوازير هذا العام فى رمضان. وقفت وراء مجدى وفهمى عبد الحميد مخرج الفوازير الأول فى العالم العربى، أترقب ظهور نيللى وأقول لنفسى: يا سلام بركة دعواتك يا أمى السنة اللى فاتت زى الأيام دى كنت أشاهد الفوازير وأنا متحسرة، وهى فى كل يوم تسأل وتقول مش إنتى الصحفية؟ هئ ما صحفاشى وها هى الآن ستقف أمامى الآن لأسالها لماذا لا تريدين أن تكونى صحفية؟ هاهاها فجأة وجدتها فوق رأسى!! تهبط من سقف الاستديو عن طريق «الإسكرين» ترتدى ملابس الاستعراض مثل الفراشة وفوقها «سويتر» لأنها تشعر بالبرد ومن حولها هالة من أشعة شمسية, هو شعرها الأصفر المنفوش مملوءا بحبات براقة، هبطت على الأرض واقتربت أردت لمسها، ولكننى خفت أن أجرحها بأصابعى لقد كانت بالفعل فى حجم الفراشة ورقة صوت العصفور، وهى تقول للمخرج فهمى عبد الحميد.. يا فهمى ممكن نصور على طول أنا تعبت من التدريبات وحفظتها خلاص. نأخذ راحة.. ونشرب حاجة.. هكذا اقترح الأستاذ فهمى عبد الحميد المخرج وأحضروا لنا مقاعد خشبية مثل المقاهى وهى تسلم وتقول لمجدى.. إزيك يا حبيبى شايف فهمى مبهدلنى إزاى حبة فوق وحبة تحت.. نظرت لى وقالت: الله؟ مين «الزغنونة» اللى معاك دى؟ وأخذت أبحث عن الزغنونة! فوجدتها تشير علىّ!! وضحكت ساخرة وأنا أسألها؟ أنا؟ أنا؟ زغنونة أنا بالنسبة لك وحش! ولم أرحمها بعدها من الأسئلة وهى تنظر لمجدى عبد العريز، وكأنها تستغيث لأنه تركنى أتدرب فيها.. صحفيا. سألتها أول عيون شغلتك. ضحكت وقالت: زرقاء كان عندى 14 سنة فى المعمورة مابتحبيش إيه فى الرجل؟ الغيرة والأنانية. ومين ما يغيرشى على نيللى؟ قلتها لكن مجدى خبطنى وقال إيه يا دينا دى معاكسة مش أسئلة؟ ضحك الجميع على تعليق مجدى عبد العزيز.. الذى أعطانى درسا صحفيا بعدها أنه لا يجب أبدا لصحفى الفن أو الرياضة إظهار عاطفته أو انحيازه أو إعجابه بالنجوم من خلال أسئلته وعمله، أما بعدها فإحساس النجم أنك فرد فى عائلته أو أخ أو أخت له فهذا ضرورى. أكملت أسئلتى وتدريبى فى نيللى لأنتهى بالسؤال المحشور فى زورى عن الصحافة، وإذا كانت وهى تغنى فى العام الماضى وترفض أن تكون صحفية حقيقية.. ضحكت العصفورة وقالت: أنا؟ أبقى صحفية!! يا ريت بس أنا خجولة جدا!! ورومانسية. كان هذا هو الجانب الخفى لنجمة الفوازير التى لا تخرج من شرنقة خجلها وتصبح شيئا آخر إلا أمام الكاميرا. تأكدت بعدها بسنين وهى تتهادى بخجل مع زوجها الثالث خالد بركات صاحب شركة سياحة, والذى تزوج بعدها ابنة المخرج أحمد فؤاد التى تزوجت أحمد زكى وأنجبت منه هيثم.. إلخ.. ورومانسيتها مع زوجها الرابع عادل حسنى الخبير السياحى الذى تزوجها، كما يقولون فى السر، وبعدها إلهام شاهين وإلخ إلخ، واللهم إنى صايم.. حتى ولو كان كلاما شرعيا.