أعرف أن صلاح يفتقد فى لندن بعض الدفء، أن يسند رأسه على شباك مقام سيدنا الحسين ويقول يارب، شوية سجق إسكندرانى مع 20 رغيف فينو مبروم فى البرد، طقطقة تقشير الفول السودانى فى إيد الأم وهو إلى جوارها يتابع فيلم "المشبوه"، و"حتة" بيننا وبين بعضنا كمصريين اخترعناها ولا تصل إليها يد أنظمة أو حكومات، حتة تجعل نوعا بعينه من المصريين قادرا على المواصلة بأن يتسند على آخرين يعرفهم بالنظرة، تقدر تقول تنظيم سرى. برغم ذلك، أنقذ رضا الأم صلاح من أشياء كثيرة: من كف على القفا سيحصل عليه فى لحظة غضب من "سعد سمير"، أو شلوت أمن مركزى من زميل فى كرة مشتركة فى التمرين، أو "بونيات" وقلة قيمة يحصل عليها من طارق حامد كتهنئة على هدف أحرزه. من منافسة مع زميله فى الزمالك المهاجم كابونجو كاسونجو، الذى اقتنصه النادى من فريق الاتحاد، والاتحاد أصلا ماكنش ماسك فيه، منافسة سيحكم فيها على أحقية اللعب أحد كباتن مصر الذى كسر الدنيا فى نادى ظفار العمانى. من اللعب فى مدرجات خاوية، إحباط أن "تموت نفسك" ولا صوت يرفع معنوياتك سوى صوت لاسلكى الضابط الذى يؤمن الملعب الفارغ، الواحد "لو كتب بوست على فيس بوك" ولم يحصل على 10 لايكات يبحث عن أى بوستات أخرى ليشتم حتى يفرغ طاقته السلبية، ما بالك ب "الشقا" محروما من بنزين سماع اسمك فى المدرجات. من اللعب فوق "نجيلة" تصلح لتربية المواشى وليس لعب الكرة. من إصابة تجعله يتجه مبكراً للعمل مساعداً فى الجهاز الفنى للكابتن "أبو طالب العيسوى." من مراسل يدفس وجهه فى خده طالباً منه أن يبدأ كلامه بتوجيه التحية ل"الكباتن اللى فى الاستديو" قبل أن يحاصره ويسأله عن التحكيم فيجاوب فيوقفه الحج عامر حسين حتى نهاية الموسم. من السهر حتى الواحدة صباحا لعمل مداخلة مع كابتن إسلام الشاطر عن تأخر المستحقات، أو عن مأساة "أهم حاجة ال 3 بونط". المنافسة على لقب أحسن لاعب "مش فى استفتاء الكاف"، ولكن فى استفتاء "وشوشة". اضطراره لعمل إعلانات عن جبنة تلاجة أو جيل شعر من النوع "اللى مبهدل منظر لعيبة الدورى المصرى بطوله". من خبر بمانشيت عريض فى صفحة الحوادث عن مشاجرة مع أمين شرطة بجاكيت جلد، وهو الخبر الذى ستضيف إليه الجريدة لمستها بتلميحات عن صديقة كانت تجلس فى المقعد الخلفى تلف ورق العنب. من جلسة اعترافات ساخنة فى برنامج المذيعة الخارقة بمقاطع من الحوار تشعل مواقع "بيت الراحة الجماعى". من صورة له يوزع بطاطين جمعية الأورمان مرفق بها صورة لسيارته الحديثة مع مطالبات سكان العنبر الأزرق ب"مالكش دعوة بالغلابة." مبروك على صلاح النجاة، ولا يعتقد أحد أننى "أقر" عليه، لا خالص، إحنا غرقانين هنا بمزاجنا.