مرة جديدة تقف الحكومة الجزائرية أمام معضلة “التنقيب عن الغاز أم الاتجاه إلى الطاقة المتجددة؟ “، فبعد أن كانت تلك الإشكالية قد حسمت منذ عامين، بعد مظاهرات شعبية اعتراضا على التنقيب عن الغاز، خوفا على مخزون المياه الجوفية، وهو المشروع الذى كان قد تم تجميده بأمر من الرئيس بوتفليقة فى يناير 2015، عادت الحكومة الجزائرية لتعلن مجددا نيتها عن التنقيب عنه لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط، المصدر الأساسى للدخل القومى، وتفادى العجز على الطلب المحلى الذى سيصل إلى نحو 50 مليار متر مكعب قبل حلول 2025. إلا أن المشروع أثار حالة من الرفض امتدت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ودشن نشطاء حملة “إن عدتم عدنا”، معلنين قيام الاحتجاجات لأية مشاريع تنقيب جديدة. فى طريق مواز تجددت المطالب بالعودة إلى التركيز على الطاقة النظيفة من جديد خصوصا الطاقة الشمسية التى تغطى الصحراء الجزائرية بما يمثل نحو 80 % من مساحة الجزائر.
حيث إن الجزائر – وفق الدراسات العالمية - من بين أحسن ثلاثة حقول شمسية فى العالم، إضافة إلى إيران ومنطقة أريزونا فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث تساوى إمكانات الطاقة الشمسية فى الجزائر ما يعادل 37 ألف مليار متر مكعب، أى أكثر من 8 أضعاف احتياطات الغاز الطبيعى فى البلاد .
وقد بدأ المشروع الجزائرى فى الاعتماد على الطاقات النظيفة وتحديدا الطاقة الشمسية فى جنوب البلاد منذ 20 سنة، حيث قررت وزارة الطاقة فى الجزائر فى عام 2009، إطلاق مشاريع تجريبية لإنشاء محطات لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية، واليوم تمتلك الجزائر برنامجاً لإنجاز 15 محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية، و4 محطات لإنتاج الكهرباء بطاقة الرياح، كلها موجودة فى الجنوبالجزائرى.
وفى الخطة “2010 - 2014 “تم وضع برنامج طموح لتطوير الطاقات المتجددة . وفى عام 2011 تم استحداث إستراتيجية بهدف إنتاج 40 % من الموارد المتجددة . وفى فبراير 2016، تمت المصادقة على مخطط يهدف لإنتاج وتوزيع 4000 ميجاوات من الكهرباء، عن طريق الطاقة الشمسية، بما يؤدى إلى تمكين البلاد من إنتاج 27 % من طاقتها الكهربائية بالطاقة .
كما عملت الجزائر على إنجاز مشروع محطة هجينة تجمع على إنتاج الطاقة الشمسية و حرق الغاز، وهى الأولى من نوعها فى العالم .كما أن محطة التوليد الجديدة للكهرباء فى “حاسى الرمل” تتشكل من الغاز بنحو 130 م وحقل شمسى بقوة 30 ميجاوات تقريبا.
ومما يشجع هذا الاتجاه، أن الاستثمار فى الطاقة الشمسية فى الجزائر يجذب اهتمام الأسواق العالمية، حيث يقدر أن يبلغ الطلب السنوى للسوق الشمسية فى الجزائر نحو 3.5 جيجاوات بحلول سنة 2019، بما يمثل قرابة 8 فى المائة من مجمل الطلب العالمي، كما أعلنت الجزائر عن خطة لرفع قدرة الطاقة المتجددة إلى 22 جيجاوات بحلول سنة 2030، بحيث تخصص 12 جيجاوات لتلبية 40 % من الطلب المحلى، ويتم تصدير 10 جيجاوات إلى أوروبا .
كما ذكر السفير اليابانى فى الجزائر ماسايا فوجيوارا، أن بلاده ستبدأ برنامج «إس إس بى» لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية فى الجزائر، على مدار 5 سنوات، بالتعاون مع جامعة وهران.