اتجاه الحكومة المصرية للحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار أثار جدلا واسعا في الفترة الأخيرة، فهناك من أيد قرار الحصول علي القرض والبعض الآخر كان معارضا، في الوقت الذي يتساءل فيه الخبراء عن سبب حصول مصر على هذا المبلغ البالغ 4.8 مليار دولار, حيث لا يسمح الصندوق بمنح الدول قروض أكثر من ضعف حصتها المشاركة بها إلا بعد موافقة مجلس إدارة الصندوق الذي تسيطر عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية. ما هى أسباب حاجة مصر للقرض، والدور الأمريكي لمساندة مصر، وما أسباب هذا التدخل، وماذا عن رصد البرنامج الحكومي للاستفادة من هذا القرض، وهل ثمة مشاريع محددة سيمولها القرض؟! عدد من خبراء الاقتصاد اعتبروا أن رفع قيمة القرض من 3.2 مليار إلي 4.8 مليار دولار سيفتح الباب لتدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في الشأن الداخلي المصري، وفرض قيود وسياسات وبرامج اقتصادية معينة على مصر، بينما يري البعض الآخر أن للقرض فوائد كبيرة ولا يمكن أن تدخل أمريكا أو غيرها في الشئون الداخلية المصرية، بل إن مساندة أمريكا لمصر في هذا القرض تأتي ضمن الدعم الأمريكي الذي تقدمه أمريكا باعتبارها أكبر دولة في العالم للدول الصديقة والحليفه لها ومنها مصر. مساوىء أكثر من الإيجابيات هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي أكد ضرورة عدم إغفال عيوب القرض وأهمها تدخل دول أخرى ، بما في ذلك أمريكا، في الشئون الداخلية المصرية حول كيفية إدارة البرامج الاقتصادية والاجتماعية المصرية، وخطط وقف الدعم عن الوقود والغاز والخبز وفقا لشروط الصندوق، ولذلك يجب النظر فيما سيحدث من آثار سلبية على فئات كثيرة من الشعب المصري و التخفيف من تلك الأثار السلبية بشتى الطرق الممكنة. وعلي حد قول أبوالفتوح فإنه ليس غريبا أن تساور البعض شكوك حول رفع قيمة القرض من 3.2 مليار دولار إلى 4.8 مليار دولار، ويشكك فى دور أمريكا في دعم الحصول على القرض بزعم أن إبرام الاتفاق سيفتح الباب لجلب استثمارات خارجية ويحفز الاستثمارات المحلية ويتيح فرص الحصول على منح وقروض أخرى كما سيتبعه قيام البنك الدولي ومؤسسات دولية وإقليمية أخرى بتقديم مساعدات لمصر ربما يكون مصدر التخوف هو الاعتقاد بأن أمريكا تستهدف فرض نفوذها مرة أخرى على مصر من خلال بوابة الاقتصاد و ليس دعم مجالات التعاون بين البلدين. ويري أبوالفتوح أن طلب مصر لقرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي مثير للجدل، خصوصا أن مساوئه أكثر من إيجابياته وقد تظهر آثاره على الأجيال المقبلة، ويفتقر إلى الشفافية والوضوح حول مصادر الإنفاق ومصادر السداد، وربما ستجنى مصر من خلاله مكاسب عديدة لأنه سيعزز الثقة الدولية فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى، وقد ينعش الاقتصاد المصرى . ومع ملاحظة أن إنفاق مصر أكبر من مواردها، يبدو جلياً أننا عاجزون عن الاستمرار بهذا الوضع الحالى إلا بالحصول على قرض، فالكارثة أننا لم نغير من حالنا شيئاً عما كانت عليه هذه الحال نفسها في عصر النظام السابق أو أسوأ فالإنفاق بسفه مستمر والعجز عن الوفاء برد القرض متوقع - إذا لم توجد مصادر مؤكدة للسداد - و ينتج عن العجز ترحيل الأقساط الواجبة، فتسددها الأجيال المقبلة، وفي ظل غياب الرؤية المستقبلية للتنمية والإصلاح، صرح الصندوق بأنهم سوف يدرسون خطة الإصلاح التى سوف تقوم بها الحكومة المصرية، وبعدها فقط، سوف يقررون ما إذا كانوا سيوافقون على منح القرض. مصر تحتاج المزيد بينما استبعد الدكتور فؤاد شاكر الأمين العام السابق لاتحاد البنوك العربية تدخل أمريكا في الشأن الداخلي المصري بدواعي تسهيل حصول مصر علي قرض من صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن حصول مصر علي 4.8 ملياردولار بدلا من 3.2 مليار دولار - وهو ما يفوق حصة مصر في الصندوق - يأتي من خلال التصويت لمجلس إدارة الصندوق مما يؤكد الدعم الأمريكي الواضح الذي يسيطر علي أغلبية هذا المجلس مع التحول الديمقراطي في مصر وتبني الدولة المصرية سياسات اقتصادية متوافقة مع السياسة التي تشجعها أمريكا، فضلا عن الإصلاحات التي تعمل عليها الحكومة في الجمهورية الثانية في ظل القضاء علي الفساد المالي في الدولة، مؤكدا أن مصر تحتاج إلي المزيد من الأموال لإنقاذ الاقتصاد المصري ولتنمية البلاد وعلاج المشاكل المزمنة التي تعاني منها. ولفت النظر إلي أن المجلس العسكري وقع في خطأ إستراتيجي عندما رفض القرض الذي عرضه الصندوق بعد الثورة مباشرة، وهو يأتي في فترة التخبط التي كانت تعيشها مصر في المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن قرض صندوق النقد يعتبر شهادة دولية بتعافي الاقتصاد المصري مما يعزز الثقة فيه ومن أول إيجابياته رفع مؤسسة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر من (تحت المراجعة) الذي كنا فيه بسبب الأوضاع السياسية السيئة، وهي تعد أولي الخطوات لفتح باب تحسن التصنيف الائتماني. وكشف شاكر أن الدكتور كمال الجنزوري وضع برنامجا لاستخدام القرض ويأتي علي رأسها تحسين عجز الموازنة مما يدعم ميزان المدفوعات، فضلا عن تخفيف العبء عن الجنيه المصري وعدم اللجوء إلي تخفيضه.