الإرهابي ليس مريضا نفسيا، لكن عملية تجنيده وتحويله من شخص عادي إلى «إرهابي» يمر عبر عدة خطوات، فكيف ينظر علماء النفس إلى عملية تجنيد الإرهابي؟ وكيف يمكن تحويل الإنسان إلى آلة للقتل؟. من جانبه يؤكد الدكتور قدرى حفنى أستاذ علم النفس أن اختيار الأفراد لطريق ممارسة الإرهاب، يضرب بجذوره فى تنشئتهم الاجتماعية المبكرة، التى غرست فيهم البذور الفكرية الأساسية اللازمة لتلك الممارسة، ووفرت لهم ممارسة «القتل باسم الله» وإعطاء أعمالهم مغزى مقدسا من قبل رجال الدين.
وأوضح أستاذ علم النفس أن صناعة الإرهابي تحتاج لتدريب وغياب الوعي، وما يقال عنه «غسيل المخ»، وفي الحالات العادية، يبدأ القيادي في تدريب التابعين علي فكر ديني محدد، ويمنع أي أفكار أخرى أو منبهات للمخ من الممكن أن تؤثر في هذا المعتقد الذي يغرسه فى المتدربين، ويحفزهم على اتباع مبدأ السمع والطاعة، ولا يسمح للمتدربين بقراءة أي شيء بعيدا عن الدين أو الفقه أو التوجهات التى وضعت لهم، ويحرص القيادى على إبعاد كل المؤثرات الخارجية من صحافة أو تليفزيون، التي من الممكن أن تشوه أو تغير الأفكار التى تم غرسها فى ذهن المتدرب، حتى يصل إلى مرحلة أن يصبح هذا الشخص ينظر من أفق واحد، نهايته الشهادة في سبيل الله، والتضحية بكل شىء، حتى بروحه دون البحث أو التفكير فى مقابل لكل هذه التضحيات.
أما الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الأمراض النفسية، فيصف الإرهابي بأنه «خليط من الأمراض النفسية»، تبدأ بكونه محبطا، يشعر بالفشل، ويسعى للانعزال عن المجتمع، فتلتقطه التنظيمات الإرهابية، وتغرس في عقله فكرة الدفاع عن الدين، ويشعره «مجنّدوه» أنه ذو أهمية، فيتقوقع داخل تنظيمه، وبمرور الوقت يبدأ في تكفير المجتمع والسعي للانتقام منه، ويستغل مدربه عقدة الإرهابى المرضية، ويقنعه بأنه مظلوم، لأنه مسلم متمسك بدينه، وأن الحكومات ومن يعاونها تسعى لهدم الدين واضطهاده، حتى يصل معه إلى مرحلة الإقناع بأنه يدافع عن ذاته وحقوقه ودينه ضد مغتصبيه، فيقوم بعمل كل ما يؤمر به دون تفكير.
وأوضح الدكتور عكاشة، أن الأبحاث تشير إلى أن ثلاثة أرباع الإرهابيين ينحدرون من الطبقات المتوسطة فما فوقها، ونسبة كبيرة منهم نشأوا في رعاية أسر متماسكة، وأغلبهم التحقوا بكليات جامعية مرموقة، فإذا ما وضعنا في الاعتبار نسبة من يلتحقون بالجامعة في بلدان العالم الثالث التي أتي منها هؤلاء الإرهابيون، يتضح أنهم يعتبرون من خيرة أبناء تلك المجتمعات، ويتم اختيارهم وفق برنامج محدد ومعروف، وهم أصحاب صفات مختلفة بل أحيانا يبدون متميزين.
أما الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ علم النفس، فيحدد المراحل التى تمر بها شخصية الإرهابي حتى تصل إلى المستوى المطلوب لدى «مجنديه»، والتى تبدأ بالشعور بالضياع وضعف القيمة في المجتمع، والشعور بالاضطهاد، حتى يصل إلى مرحلة الكفر بواقعه ومجتمعه فيسعى للعزلة، التي تتحول فيما بعد إلى الانتماء للتنظيم الذي ينتمي إليه، ويرى فيه عالمه ومجتمعه، فهو يكفر بالعالم الحديث، ويرى أن منظمات الدولة التى ينتمى إليها تضطهده وتهدر حقوقه، ومع بلوغه هذه الحالة يكون على استعداد لإلقاء نفسه في أي عمل يأمره به التنظيم الذى ينتمى إليه.