مشاركة الرئيس فى اجتماعات الجمعية العامة تأتى إيماناً من مصر بالدور الفاعل للمنظمة الدولية القاهرة كانت مرشحة للعضوية الدائمة لمجلس الأمن عند تأسيس المنظمة الدولية بدلاً من فرنسا
مصر تحتل المرتبة السابعة عالميا فى قوات حفظ السلام الدولية ب30 ألف عنصر عسكرى وشرطى ومدنى
شاركت مصر 6 مرات كعضو غير دائم فى مجلس الأمن
تأتى مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى اجتماعات الدورة 72 للأمم المتحدة للمرة الرابعة على التوالى إيماناً من مصر بدور الأممالمتحدة، باعتبار مصر من الدول المؤسسة للأمم المتحدة عام 1945، حيث كانت مصر مرشحة للعضوية الدائمة لمجلس الأمن، لكن الحلفاء المنتصرين فى الحرب العالمية الثانية اختاروا فرنسا بدلاً من مصر فى مجلس الأمن، فإن مصر واصلت دورها فى الأممالمتحدة وشاركت 6 مرات كعضو غير دائم فى مجلس الأمن، ولمدة 12 عاما، وتحتل مصر المركز السابع فى قائمة أكثر الدول التى تسهم فى عمليات حفظ السلام الدولية بإجمالى 30 ألف عنصر ما بين عسكرى وشرطى ومدنى، وتحتل مصر المركز الثالث فى عدد المستشارين العسكريين فى بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام مما جعل مصر تحتل مكانة بارزة على الساحة الإقليمية والدولية.
وتختلف المشاركة الرابعة للرئيس السيسى فى إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عن الدورات الثلاث السابقة التى شارك فيها الرئيس، حيث تعتبر هذه المشاركة بمثابة "جنى ثمار" للمشاركات الثلاث السابقة، حيث أصبحت مصر الرقم الصعب فى المعادلة الإقليمية والدولية بتصديها لمكافحة الإرهاب وتمويله، بالإضافة إلى ظهور مصر "وجه مقبول" لحل جميع صراعات الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
وحمل الرئيس السيسى ورقة جديدة معه عندما نجحت القاهرة فى الجمع بين حماس وفتح ووضعهما على مسار الوحدة بعد الصراع بين الطرفين منذ عام 2007، حيث كانت إسرائيل تتذرع بعدم وجود شريك فلسطينى للسلام نظراً للخلاف بين حماس وفتح، وهو ما يشكل منصة لإطلاق المفاوضات غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، التى توقفت منذ أبريل 2015 فى عهد الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، ودائما ما يدعو الرئيس السيسى القيادة الإسرائيلية للتجاوب مع جهود السلام القائمة على حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية.
وهناك 4 ملفات شغلت الرئيس السيسى خلال مشاركته الرابعة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة وهم:
الملف الاقتصادى: باعتبار أن مصر تمر بمرحلة من التحول الاقتصادى منذ الإجراءات الشجاعة التى اتخذتها الحكومة المصرية فى نوفمبر الماضى وتحرير سعر الدولار، وخروج قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية، وهو ما ظهر فى وصول حجم الاستثمار المباشر لأكثر من 7.9 مليار دولار، وتخطى الاحتياطى النقدى لدى البنك المركز 36.1 مليار دولار لأول مرة منذ 25 يناير 2011 ، وهو ما عكس الثقة المصرية فى طرح البرامج المختلفة لجذب مزيد من الاستثمار، واللقاءات التى عقدها الرئيس السيسى مع رؤساء كبريات الشركات الأمريكية ورئيس منتدى دافوس الاقتصادى وغيرهم نظراً لما يتمتع به الاستثمارات الأجنبية فى مصر، حيث تعتبر مصر هى بوابة إفريقيا الاقتصادية باعتبار أن مصر عضو فى أكبر ثلاثة تجمعات اقتصادية هى الكوميسا والساداك وتجمع شرق إفريقيا، هذه التجمعات الثلاث تضم 600 مليون مستهلك بإجمالى إنتاج سنوى يفوق تريليونا و200 مليار دولار، كما أن مصر عضو فى اتفاقيات كثيرة للتجارة الحرة منها اتفاقية تسيير التجارة العربية، بالإضافة لأن مصر هى ربع سكان العالم العربى وسوق استهلاكى كبير مما يجعل مصر منطقة جاذبة للاستثمار فى الفترة المقبلة، لأن كل السلع والخدمات التى تخرج من مصر وعليها شهادة المنشأ المصرية ستكون معفاة من الضرائب فى كل هذه الدول، بالإضافة أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد روسيا من حيث العائد على الاستثمار بنسبة 27 %.
الملف الثانى: الإرهاب.. وهو من الملفات الدائمة على طاولة حوار الرئيس، نظرا للحرب التى تقوم بها مصر ضد الإرهاب والإرهابيين مع التصور المصرى المتكامل لمكافحة الإرهاب الذى يقوم على الأجنحة الثلاثة الأمنية والفكرية والتنموية، ونجحت مصر من خلال رئاستها للجنة مكافحة الإرهاب فى الأممالمتحدة فى استصدار قرار بحظر وصول السلاح للإرهابيين، كما كانت مصر سباقة باتهام قطر علانية بدعم الإرهاب من على منصة الأممالمتحدة، وتأكيد مصر على ضرورة شمولية الحرب على الإرهاب كل الإرهاب وليس داعش فى سوريا والعراق فقط، خصوصا مع ما يقال بأن دولة داعش انهارت لكن التنظيم ما زال قوياً وفاعلا، وهو ما كانت حذرت منه مصر فى 30 سبتمبر 2015 عند تأسيس التحالف الدولى لمحاربة داعش فى سوريا والعراق، وكانت مصر تقول ماذا عن الإخوان المسلمين وبوكو حرام وحركة الشباب وجماعة أبو سياف وغيرهم من الإرهابيين.
الملف الثالث: القضايا الإقليمية، حيث يحرص العالم على الاستماع لوجهة نظر الرئيس السيسى فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، وظهر هذا مع حرص مصر على وحدة وسلامة أرضى الدول العربية دون الذهاب نحو التقسيم، ونجحت مصر بالتعاون مع روسيا وشركاء آخرين من التوصل لاتفاق خفض التصعيد فى غوطة دمشقالشرقية، وريف حمص الشمالى وهو الأمر الذى أسهم فى التوصل لاتفاق مماثل فى إدلب، كما أن مصر استمعت بعناية للأفكار التى طرحها المبعوث الدولى الجديد لليبيا غسان سلامة والتى تقوم على فصل منصب رئيس المجلس الرئاسى عن منصب رئيس الحكومة، وإعادة النظر فى المادة 8 من اتفاق الصخيرات التى تسمح بوضع لائق للجيش الوطنى الليبى فى المعادلة المستقبلية للدولة الليبية، وتقليل عدد أعضاء المجلس الرئاسى من 9 إلى 3 ، وضرورة الحفاظ على المؤسسات فى ليبيا وغيرها من الدول العربية، ودارت رؤية مصر التى طرحها الرئيس السيسى حول التمسك بالحلول السلمية فى حل النزاعات الإقليمية والدولية والابتعاد عن الحلول العسكرية.
الملف الرابع يتعلق بحرص الرئيس السيسى على لقاء وسائل الإعلام الأمريكية ورؤساء مراكز الأبحاث المرموقة، بالإضافة إلى قادة الرأى العام الأمريكى من المسئولين الحاليين والسابقين نظراً لدورهم فى صياغة القرار الأمريكى خصوصا ما يتعلق بالشرق الأوسط والقضايا العربية، لأن الجميع بات الآن متأكدا أن أمريكا ليست الرئيس أو حتى البيت الأبيض وأن القرار الأمريكى تشترك فى صياغته 17 وكالة من وكالات المخابرات والكونجرس ووزارتى الخارجية والدفاع، بالإضافة إلى مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام. مصر وقرارات الأممالمتحدة
وتدعو مصر دومًا للاحتكام للقرارات الصادرة عن الأممالمتحدة، وتعمل على الالتزام بصون السلم والأمن الدوليين، وتنمية العلاقات الودية مع شعوب العالم، وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان
وتحرص مصر بشكل دائم على المشاركة الفاعلة فى جميع أنشطة الأممالمتحدة فى المجالات السياسية وقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية وضبط التسلح على المستويين الإقليمى والدولي. مصر وقوات حفظ السلام
تأتى مساهمة مصر فى قوات حفظ السلام من منطلق الدور المحورى والريادى للدولة المصرية، وحرصها على دعم جهود السلام والأمن فى جميع أنحاء العالم، من خلال المشاركة فى بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بقوات مؤهلة تأهيلا رفيع المستوى .
وتعد مصر من أكبر الدول المساهمة بقوات فى بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام، حيث تحتل المركز السابع بين الدول الأكثر إسهاماً فى قوات حفظ السلام على مستوى العالم، والأولى عربياً والثالثة على مستوى الدول الفرانكفونية، حيث تشارك مصر حالياً بنحو 30 ألف فرد فى البعثات الأممية المنتشرة فى عدة مناطق ودول بإفريقيا، وفى سبيل تأدية مصر لدورها فى حفظ السلام فقدت مصر 28 شهيدا من قواتها فى عمليات حفظ السلام.
وكانت المساهمة المصرية الأولى فى قوات حفظ السلام للأمم المتحدة فى عام 1960 فى الكونغو، ومنذ ذلك الحين، أسهمت مصر فى 37 بعثة لحفظ السلام بالأممالمتحدة المنتشرة فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.
ويذكر أن القوات المصرية المشاركة بمختلف بعثات الأممالمتحدة قدموا وما زالوا يُقدمون الكثير من الجهود البارزة التى هى محل تقدير وثناء من قادة البعثات الأممية، الأمر الذى يعكس صورة إيجابية للبعثات المصرية فى مثل هذه المأموريات تأكيدا للدور المصرى الريادى فى المنطقة، وتثبت على الدوام قدرة القوات المصرية على حسن تمثيل بلدهم فى المحافل الدولية. وأعلنت إدارة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى 5 أغسطس الماضى عن تبوؤ مصر المرتبة الثالثة عالمياً ضمن تصنيف الدول الكبرى المساهمة بقوات شرطية خلال الفترة الحالية، حيث بلغ عدد القوات المشاركة 729 ضابطا وفرد شرطة، ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى عدد من البلدان. مصر ومجلس الأمن
فازت مصر بعضوية غير دائمة فى مجلس الأمن الدولى للمرة السادسة خلال العامين 2016 -2017، الأمر الذى فرض على الدبلوماسية المصرية بذل العديد من الجهود والتحركات الدوؤبة للوفاء بمتطلبات تولى مصر لمهام مسئوليتها كعضو غير دائم فى المجلس خلال فترة العامين المذكورين، إذ تعهدت بعد انتخابها فى هذا المنصب بالاضطلاع بمسئولياتها التاريخية فى الدفاع عن القضايا العربية والإفريقية، وقضايا السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن دعم الثوابت التى يقوم عليها ميثاق الأممالمتحدة، كما أن انتخاب مصر كعضو غير دائم فى مجلس الأمن الدولى للمرة السادسة فى تاريخها، لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة امتلاكها للمقومات والعناصر التى تؤهلها للحصول على هذه المكانة.