تشابه مضمون التقارير التى أصدرتها منظمة "هيومان رايتس ووتش" عن حقوق الإنسان فى مصر منذ 30 يونيو 2013، ودفاعها عن جماعة الإخوان الإرهابية يشير إلى اختراق أعضاء الجماعة الموجودين فى الخارج لتلك المنظمة. فمنذ فض اعتصامى رابعة والنهضة، استطاع التنظيم الدولى للإخوان زرع عناصره داخل هذه المنظمات، وأصبح للجماعة أذرع تهاجم الدولة المصرية، خصوصا فى منظمتى "هيومان رايتس ووتش" و"أمنستى إنترناشيونال"، حيث حرص التنظيم على تغلغل بعض أبنائه المتعلمين فى جامعات أجنبية داخل العديد من منظمات حقوق الإنسان العاملة ضد مصر. كانت الأكثر تأثيرا فى هاتين المنظمتين وغيرهما، هى الناشطة سلمى أشرف عبد الغفار، التى تعرف نفسها بأنها مدير ملف مصر فى منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية. وسلمى ابنة القيادى الإخوانى أشرف عبدالغفار، المتهم فى قضية التنظيم الدولى للإخوان، والموجود حاليا خارج البلاد، هربا من تنفيذ أحكام عليه، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 5 أعوام بتهمة غسل الأموال، ولكن الرئيس المعزول محمد مرسى أصدر له عفوا رئاسيا عقب توليه السلطة.
وتتمثل أهم المنظمات التى أصبحت "سلمى" وغيرها من شباب الجماعة أذرع رئيسية فيها، والتى تلعب كل من قطر وتركيا دورا كبيرا فى دعم مشاريعها البحثية التى تعد ضد مصر، هي: مؤسسة الكرامة، التى يرأس مجلس إدارتها قطرى متهم بالإرهاب من قبل أمريكا، والفيدرالية الدولية، ومنظمة العفو الدولية (أمنيستى انترناشيونال)، وهيومان رايتس ووتش". طريقة توجيه وتحريك التنظيم الدولى للإخوان لهذه المنظمات ضد مصر بعد 2013، تتم بمستويين: الأول يتمثل، فى التمويل غير المباشر للمشروعات البحثية المخصصة لملف حقوق الإنسان فى مصر، وتتحمل التمويل فى هذا المستوى مؤسسات قطرية وتركية، بالإضافة إلى التمويل السرى من جانب حكومات الدولتين. أما المستوى الثاني، فكان عبارة عن تمويل مباشر، من قبل رجال أعمال جماعة الإخوان فى الخارج، بالإضافة إلى دور بعض المنظمات والهيئات الإسلامية، وهذا ما كشفته التايمز البريطانية، حيث أكدت المجلة فى أحد تقاريرها المنشورة، عن وجود علاقة قوية بين منظمة العفو الدولية " امنيستى " وومنظمة إسلامية سرية" فى العمل ضد مصر لصالح جماعة الإخوان.
تحركات الحقوقية سلمى عبد الغفار، وغيرها من أفراد الجماعة فى الخارج، كان تتم على عدة مسارات، أهما يتمثل فى تشبيك المنظمات الدولية للعمل ضد مصر، وتوصيل التقارير إلى الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية التى أخذت موقفا عدائيا منذ ثورة 30 يونيو ما بعدها. وهناك مسار آخر سلكه أعضاء الجماعة فى الخارج، تمثل فى تقديم بلاغات ضد مصر فى الأممالمتحدة.
هذه الحقوقية المشبوهة ( سلمى عبدالغفار) انتقلت للعمل فى منظمة "هيومان رايتس ووتش" بعد أن تركت العمل فى منظمة "الكرامة لحقوق الإنسان"، التى لعبت دورا رئيسيا، مع المبادرة المصرية ومركز القاهرة لحقوق الإنسان، فى نقل أحداث رابعة والنهضة للعالم بصورة مغايرة، حيث كانوا الأقرب للاعتصام فى ذلك الوقت.
"سلمى" تجولت بين العديد من المنظمات الحقوقية التى تعمل ضد مصر، وهو ما يفسر تطابق آراء هذه المنظمات حول حقوق الإنسان فى مصر، والاتهامات المتكرة لوزارة الداخلية المصرية. فقبل ثورة يونيو التزمت بالعمل فقط مع "الكرامة"، وسعت وقتها إلى تحقيق تقارب بين تلك المؤسسة والعديد من المنظمات المصرية. أما بعد ثورة 30 يونيو، فقامت بدور مشابه، حيث عملت على حدوث تقارب بين هيومان رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الدولية من أجل تشويه ملف حقوق الإنسان فى مصر. فأصدرت تلك المنظمات العديد من التقارير بمساعدة إخوانية، منها ما كان يشكك فى تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن المجلس القومى لحقوق الإنسان المصري، ومنها ما شكك فى التقارير الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب. وكان من أخطر تلك التقارير فى ذلك الوقت- نوفمبر 2013-، يدور حول أوضاع المحتجزين فى السجون المصرية.
نشاط "سلمى" لم يتوقف عند هذا الحد، بل ازداد قوة، وأصبح متعدد الاتجاهات، خصوصا بعد أن أصبحت فاعلا رئيسيا فى منظمة " هيومان رايتس ووتش"، فقد قامت باستغلال تقاريرها الحقوقية، بالتعاون مع مؤسسات أخرى معادية لمصر، فى دعم الفريق القانونى الدولي، الذى يتعاون معه التنظيم الدولى للإخوان منذ ثورة يونيو.
سيظل الدور المشبوه ل "سلمى" وغيرها من شباب الجماعة مستمرا ضد مصر، ووزارة داخليتها بالأخص، بل قد يتسع الدور ويصبح أكثر قوة، وينتقل خلال الفترة المقبلة إلى مزيد من الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية، المقربة لجماعة الإخوان، التى وصفها البعض ب " أذرع الإخوان فى أمريكا". ستبقى "سلمى" وغيرها حلقة وصل بين منظمات تكره مصر، أو بينها وبين صحف ووسائل إعلام تقوم بالدور نفسه، الذى يستهدف تشويه مصر، مقابل رفض الاعتراف بما أقرته الحكومة المصرية باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية. وهذا التقارب كان واضحا فى أثناء اتحاد تلك المنظمات، وهذه الصحف، ووسائل الإعلام فى شن حملة إعلامية، فى فبراير 2017، من أجل الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين ضد قرار إدارة دونالد ترامب تصنيف التنظيم الدولى كمنظمة إرهابية، وطرد أعضائها خارج الولاياتالمتحدة. هذا التعاون بين بعض المنظمات الحقوقية الغربية، التى على رأسها "هيومان رايتس وواتش"، وبعض وسائل الإعلام الأمريكية، سيتماسك من أجل مهاجمة مصر، ما دام موقف السلطة والمجتمع من جماعة الإخوان باقيا. ففى أى مأزق محتمل قد تتعرض له جماعة الإخوان، فى أى دولة من الدول التى توجد فيها فروعها أو الهاربون منها، سيتحول الدفاع عن جماعة الإخوان إلى هجوم عن الدولة المصرية ومؤسساتها، وهذا يمكن أن نسترجعه من الحملة التى نظمها التنظيم الدولى للإخوان فى وسائل الإعلام لإيصال رسالته فى حملة الدفاع عن الجماعة حين انطلقت من صحف " نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وول ستريت جورنال، والجزيرة القطرية الإنجليزية، وميدل إيست أي، وميدل إيست مونيتور، ورويترز، ومجلة بوليتيكو" وتؤكد أن تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية سيتسبب فى عواقب وخيمة للسياسة الخارجية.
كما أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" كان لها أيضا النصيب فى هذه الحملة، فقد اتخذت نفس خط تلك الصحف ووسائل الإعلام الغربية، ورأت أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية سيؤدى إلى مساواتها خطأً بجماعات متطرفة عنيفة، كالقاعدة وتنظيم "داعش"، وسينزع الشرعية عن أنشطتها القانونية. وادعت تلك المنظمة أن مساعى واشنطن لتصنيف الإخوان ك"منظمة إرهابية أجنبية" من شأنه تهديد حق المسلمين فى تشكيل جماعات داخل الولاياتالمتحدة، ويقوض قدرة أعضاء وأنصار الإخوان على المشاركة فى الحياة السياسية الديمقراطية فى الخارج.
فى النهاية، يمكن القول: إن منظمة "هيومان رايتس ووتش" تلعب دورا مدفوعا مسبقا فى تشويه صورة مصر لمصلحة جماعة الإخوان، وبدعم مادى من قطر، وتركيا، بهدف زعزعة استقرار مصر، وستشهد الفترة المقبلة التى تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة تقاربا وتعاونا جادا وقويا بين تلك المنظمات وجماعة الإخوان من أجل تشويه النظام المصرى، فى الداخل والخارج.