تعتبر السفيرة وفاء بسيم، مساعد وزير الخارجية السابق وعضو المجلس القومى للمرأة، أحد أهم السفراء خبرة فى العمل الدبلوماسى، فقد عملت كمندوب مصر السابق فى مقر الأممالمتحدة فى جنيف، وسفيرة لمصر فى الفاتيكان وفى رومانيا، ومديرة لمكتب وزير الخارحية، وفى حديثها ل «الأهرام العربى» أكدت السفيرة وفاء بسيم أن تقارير «هيومان رايتس ووتش» غير حيادية، وأنه من المهم التركيز على الرد على التقارير التى تصدر عن الأممالمتحدة، مشيرا إلى وجود آلة إعلامية خارجية بمساعدة الإخوان لتضخيم السلبيات ومضيفا أن حقوق الإنسان لا تقتصر على الحقوق الأساسية فقط، بل على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أيضا وإن البعض يستخدم ملف حقوق الإنسان لأسباب سياسية بسبب عدم الرضاء عن بعض مواقف مصر. هل تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» هو تقرير دورى يصدر فى مواعيد معينة ام أن هناك توقيتات مختلفة مرتبطة بأسباب سياسية؟
هو تقرير دورى يصدر فى مواعيد معينة سواء سنوية أو نصف سنوية
هل هناك صلة بين توقيت إصداره وإصدار تقارير أخرى مثل تقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة؟
عادة ما تحاول منظمة ««هيومان رايتس ووتش»» ربط تقريرها قبل الدورات الرئيسية للجنة حقوق الإنسان human rights commission التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف، وهى تعقد دوراتها الرئيسية الكبيرة مرتين سنويا، مرة فى سبتمبر ومرة فى مارس، وتنبثق عنها على مدى العام لجان مختلفة تصدر بتكليف منها، فهناك لجنة معنية بالتعذيب (التى أصدرت تقريرا عن مصر) وأخرى معنية بالمرأة، وثالثة معنية بالسجون وأخرى بحرية الرأى، لكن اهتمام منظمات مثل ««هيومان رايتس ووتش»» أو منظمات أخرى فى أمريكا حول الحريات الدينية يتركز حول العهد السياسى والفردى ولا يهتمون بالعهد الاجتماعى والاقتصادى برغم أنها حقوق أصيلة من حقوق الإنسان، ولم يعد من الممكن تجاهلها، وتركز منظمات مثل «هيومان رايتس ووتش» وأخواتها على الموضوعات السياسية، وكل مرة تركز على موضوع، فمرة تتحدث عن الحريات الدينية ومرة حول حرية الرأى، وبالنسبة لموضوع التعذيب فهذا تقرير صادر عن «هيومان رايتس ووتش» وليس تقرير لجنة الأممالمتحدة صادر عن لجنة حقوق الإنسان، فأسلوب عمل لجنة الأممالمتحدة مختلف، فهم يرسلون خبراء بناء على موافقة البلد، فهو لا يستطيع عمل تقرير رسمى عن حقوق الإنسان إلا بموافقة الدولة وبعد زيارة وبحث، لكن عندما لا يحصل على موافقة الدولة يستند أحيانا إلى شكاوى مقدمة لم يتم بحثها من كل الأطراف، وللأسف فإن «هيومان رايتس ووتش» تعتمد فقط على شكاوى او أشياء تنشر فى الميديا او فيس بوك او بلوجرز ، أى أنها تعتمد على مصدر واحد وهو ما نعيبه دائما عليها، فهى لا تستمع للسلطات وبالتالى فهى غير حيادية، ولديها أحكام مسبقة، ويجب أن يعطى أمثلة على حوادث للتعذيب وهل بحثها بشكل شخصى، وعادة ما تصدر «هيومان رايتس ووتش» تقريرها بقرب انعقاد الدورات الرسمية للجنة حقوق الإنسان من أجل محاولة الزج باسم الدولة فى بيانات الدول التى لديها انتقادات كثيرة فى مجال حقوق الإنسان، بغرض استصدار قرار يديننا، وعندما يصدر قرار يدين دولة ما يكون له انعكاسات على أشياء كثيرة.
ما أمثلة تلك الانعكاسات؟
مثل منع برامج تنمية، لأن الدولة غير ملتزمة فى مجال حقوق الإنسان، فاهتمام الدول بمعايير الحوكمة وحقوق الإنسان أحد المعايير التى تهتم بها الأممالمتحدة، والواقع أن تاريخ مصر مع منظمة «هيومان رايتس ووتش» به مشكلة دائما، ونحن لا نقول أبدا إننا فى حالة مثالية فى مجال حقوق الإنسان، ومصر تقول إن لدينا بعض القصور مثل كل دول العالم، ولدينا رغبة مستمرة فى تحسين هذا الملف، فمثلا لدينا الآن قطاع لحقوق للإنسان فى وزارة الداخلية، وهو ما لم يكن موجودا منذ عدة سنوات، كما أن أكاديمية الشرطة وكليات الحقوق تدرس الآن مادة حقوق الإنسان، ولدينا مجلس قومى لحقوق الإنسان، كما أن حرية الرأى أفضل من عشر سنوات، ونحن لا نقول إن وضعنا هو الأمثل، لكن هناك محاولات لتحسين الأداء وضبط الأمور، لكن مصر فى نفس الوقت تواجه تحديات ليست موجودة فى أماكن أخرى مثل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وقد مررنا بفترة انتقالية صعبة، ولدينا تحديات خاصة بالإرهاب والأمن، وينبغى أن يكون هناك نوع من التفهم والشفافية والوضوح لدى هذه المنظمات، ولا تطلق الأمور على عواهنها، وقد حدث رد من وزارة الخارحية ومن الهيئة العامة للاستعلامات،
البعض يطالب بدعوة وفد من منظمة «هيومان رايتس ووتش» لزيارة السجون ومعرفة الحقيقة فيكف ترين ذلك؟
بمقتضى ماذا أدعوا وفد من تلك المنظمة؟ لدينا آليات تابعة للجنة حقوق الإنسان ومصر عضو رسمى بها، ويجب أن يتم التعامل بالطرق الرسمية القانونية وفقا لآليات وقواعد منظمة الأممالمتحدة، فهى المنظمة الدولية التى تجمعنا جميعا وكذلك الآليات التابعة لها مثل لجنة حقوق الإنسان، وهى هناك قواعد تحكم الدول الأعضاء فى تعاملها مع أى شكاوى أو ادعاءات، ولمصر ممثلون فى هذه اللجان والهيئات، ويتم النقاش معهم.
أى أن تعامل مصر مع هذه الادعاءات سيكون من خلال الأممالمتحدة، لكن هناك تقريرًا آخر صدر بعد تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» من لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة ولم يكن إيجابيا فهل سنرد على ذلك التقرير فى الأساس؟
بالطبع سنقوم بالرد عليه وبشكل مباشر، وقد انتهينا منذ فترة قريبة فى الرد على بعض نقاط صدرت فى تقرير سابق، ويقوم ممثلنا الدائم لدى لجنة حقوق الإنسان فى جنيف ولدى المنظمات الدولية الأخرى بالرد على التقرير، وأيضا نرد من خلال عضويتنا فى اللجنة الثالثة فى الأممالمتحدة فى نيوريورك، ونرد بالطرق المفروضة وفقا للقواعد المتعارف عليها،
هل من المفترض أن نتعامل بشكل هادئ مع تلك التقارير أم أننا نتوقع مزيدا من التصعيد فى ملف انتقادات حقوق الإنسان فى مصر فى الفترة المقبلة بسبب خلفيات سياسية؟
عادة ما يتم استخدام ملف حقوق الإنسان كعصا عندما لا تتفق بعض المواقف مع ما ترغبه دول أخرى أو وحود عدم رضاء عن بعض مواقف مصر فى موضوعات معينة، ولا ننسى أن لدينا مشاكل كثيرة بسبب الإرهاب والمنظمات المتخفية فى إطار الدين مثل الإخوان المسلمين وغيرها وهم منتشرون ولديهم الإمكانات وحربهم شرسة وضروس، وهذا أحد الأسلحة، وعلينا أن نستخدم ما لدينا من أسلحة لتوضيح المواقف بقدر من الشفافية، واضعين فى الحسبان اعتبارات الأمن القومى المصرى، وهذا الملف مفتوح ولا ننكر وجود بعض القصور، وهناك محاولات لتحسين الأداء، وما زلنا بحاجة للتوعية ونشر الثقافة لحقوق الإنسان، لكن تلك الثقافة لا تقتصر على الملف السياسى، فما هو موقفهم من باقى الملفات، مثل الملفات الاقتصادية والاجتماعية وحق الإنسان فى الحياة والصحة والتعليم والتنمية، وهناك أولويات، ويجب أن تسير تلك الملفات بشكل متوازن وليس ملف على حساب الآخر، وبالطبع فإن مصر ترد على تلك التقارير ولكن هناك آلة إعلامية خارحية وداخلية تركب الموجة وتساعد فى تضخيم أوجه القصور، وتتجاهل الأولويات والتحديات التى تواجه مصر ولا تحاول رؤية الإيجابيات.
البعض أيضا ربط بين توقيت صدور تلك التقارير حول حقوق الإنسان وقرب توقيع مصر على إنشاء مفاعلات نووية مع روسيا، فكيف ترين ذلك؟