أبو هشيمة الرجل الحديدي يقتحم المجال بالرعاية ويتحول لمبعوث العناية الرياضية رئاسة الأندية أسهل طرق الجلوس تحت «القبة»
الوجود في دائرة الأضواء في أغلب الظن، الدافع وراء رغبة رجال الأعمال في تولي منصب رئاسة ناد رياضي، أو العمل في الحقل الرياضي بشكل عام، خصوصا أنه عمل تطوعي لا يتقاضى صاحبه أي أموال، ذلك يتعارض مع الفكر الاستثماري الذي يحكم تفكير رجل الأعمال، لكن في الحقيقة أنه يحتاج إلى النادي وليس العكس لتحقيق مكسب مهم آخر، وهو الشهرة. وفي السنوات الأخيرة، كان لافتا وبشدة، اقتحام رجال الأعمال الكبار المجال الرياضي، بعد أن أيقنوا أن الرياضة هي «أفيون» الشعوب، وأن الرياضة، ولاسيما كرة القدم هي أقصر طرق الشهرة علي الإطلاق خصوصا أن الغالبية المطلقة من الشعب مجنونة بالساحرة المستديرة.. وفي هذا التحقيق تفتح «الأهرام العربي» ملف «الرياضة .. بيزنيس رجال الأعمال». قبل أن نفتح الملف ونستعرض قائمة الأسماء، نذكر أن الرياضة المصرية قديما وقبل عصور الانفتاح والفضائيات وستديوهات التحليل، كانت تحكم وتدار بواسطة رجال يكلفون بالأمر، ولهذا لم يكن غريبا أن نري أكبر وأشهر الأندية وعلي رأسها الأهلي والزمالك، كانت تدار بمعرفه كبار رجال الجيش مثل الفريق مرتجي في الأهلي، وحيدر باشا وزير الحربية في حقبة الخمسينيات في الزمالك، فيما كان يقبل كبار رجال الأعمال والسياسة علي مضض تولي رئاسة أندية أخري إلي جانب الاحتفاظ بمناصبهم، قبل أن يتحول الأمر إلي هدف يتصارع من أجله الآن كبار رجال البزنيس في مصر.
نعم يتصارعون لأنهم يدركون قيمة «التورتة»، وعلموا أن الرياضة هي الدجاجة التي تبيض لهم شهرة، بل أنها باتت البوابة الملكية لدخول عالم السياسة أيضا.. وكم من رؤساء أندية نالوا حصانة البرلمان بفعل شعبيتهم التي حظيا بها من أجل المنصب الرياضي.
قبل أن يتولى رئاسة النادي الأهلي، لم يكن اسم محمود طاهر، كرجل أعمال مرموق، محفورا في أذهان الجماهير كما هو الآن، والأمر نفسه بالنسبة إلى رئيس نادي سموحة، فرج عامر، حتى مرتضى منصور الذي يمتلك قدرا من الشهرة بسبب طبيعة عمله كمحام معروف ومثير للجدل، جعله منصبه الحالي، كرئيس نادي الزمالك أكثر شهرة. كما أن رجل الأعمال الشهير، أحمد أبو هشيمة، لم يكتسب شهرته إلا عبر الرياضة، بعد أن امتلاكه شركة «برزنتيشن»، الراعية لاتحاد كرة القدم في مصر، والتي باتت تتحكم في الرياضة المصرية، فضلا عن امتلاكه مجموعة قنوات «on»، كما أن استعانة الرجل بالنجم العالمي البرتغالي كريستيانو رونالدو، في عمل حملة إعلانية لشركة الحديد التي يمتلكها، زادته شهرة وجماهيرية، وحوله المنتفعون إلي مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ الرياضة المصرية.
هي معادلة حسابية لا يعي نتائجها سوى رجال المال، فلا مانع من ضخ ملايين الجنيهات، لانتشال ناد من أزماته المادية، أو المساهمة في عقد صفقات “سوبر” لفريق الكرة، في مقابل جني شعبية واسعة تكمل الوجاهة الاجتماعية، وهو ما يتنكر له أغلب رؤساء الأندية من رجال الأعمال، ويؤكدون مرارا وتكرارا على أنهم يعملون فقط من أجل خدمة النادي. وقد أكد رجل الأعمال المهندس حسين صبور، رئيس نادي الصيد السابق، والذي جلس على مقعد الرئاسة في النادي لمدة تزيد على 20 عاما، أنه دُعي إلى خوض سباق الانتخابات من قبل بعض أعضاء الجمعية العمومية في النادي، وقال ل “الأهرام العربي”، إن نجاحه كرجل أعمال ساعده على التوفيق في إدارة نادي الصيد، كما أنه لم يكن بعيدا عن الرياضة التي مارسها في مرحلة الشباب، فضلا عن أن صرامته وحنكته في الإدارة هما ما أبقياه في رئاسة نادي الصيد لهذه المدة.
واستبعد صبور تماما أن يكون سعيه لرئاسة نادي الصيد للمرة الأولى في عام 1992 من أجل حصد الشهرة، فهو على المستوى الشخصي لم يكن في حاجة إلى ذلك، لكن فعليا صنع الرجل شهرته من منصبه الرياضي، رغم ما حققه من إنجاز على المستوى المهني، فقد نفذ مشروع مدينتي السادات والسادس من أكتوبر، وفندقي سميراميس وشيراتون الجزيرة، كما خطط كورنيش النيل بالقاهرة، وأنشأ الحديقة الدولية بمدينة نصر.
طاهر .. ملك البترول
الحال نفسه بالنسبة لرئيس الأهلي، محمود طاهر، الذي يعد واحدا من أهم رجال الأعمال في مجال البترول والغاز الطبيعي، والملقب ب “رجل البترول”، ويرأس عددا من الشركات العاملة في هذا المجال منها، الشركة المصرية الكندية لتصنيع الكيماويات اللازمة لصناعة البترول، وميجا للاستثمارات البترولية، ورئيس مجلس إدارة شركة “إيمك” العالمية، وهي أول شركة مصرية في مجال هندسة وكيماويات الحفر والإنتاج والأولى في الشرق الأوسط، وطاهر أيضا عضو في جمعية مهندسي البترول المصرية والعالمية، وجمعية رجال الأعمال المصرية البريطانية، والمجلس الرئاسي المصري الفرنسي.
طاهر الذي تولى منصب عضو مجلس إدارة النادي الأهلي في عهد الراحل صالح سليم، وعضوية اتحاد كرة القدم، يجهز حاليا لمعركة انتخابية طاحنة تنطلق نهاية نوفمبر المقبل، حيث ينافسه على مقعد رئاسة أشهر ناد في الوطن العربي، نجم الكرة السابق، محمود الخطيب، وهو ما يثير التساؤل حول حاجة طاهر بمكانته المهنية المرموقة إلى كل هذه المعارك. ويملك الرجل أيضا عدة مشاريع استثمارية بترولية في بعض الدول العربية، لكن لا ينكر أحد أن عمله في مجالات استثمارية عدة، مكنه من خلق فكر تسويقي أثناء وجوده في اتحاد الكرة المصري، لكن هذا الفكر لم ينعكس حتى الآن على النادي الأهلي، ويحسب له فقط التطور الكبير الذي طرأ على المنشآت.. وينتظر المراقبون نتيجة الصدام الكبير بين محمود طاهر بأمواله البترولية، ومحمود الخطيب بشعبيته الأسطورية عندما تحين موعد الانتخابات بعد أقل من شهرين .
أما مرتضى منصور، الذى اكتسب شهرة مبكرة بسبب واقعة شهيرة، فالرجل الذي بدأ حياته العملية وكيلا للنيابة بمحافظة الإسماعيلية، ثم عمل بالقضاء وشغل منصب رئيس محكمة في الثمانينيات، ذاع صيته عندما تقدم باستقالته من منصبه احتجاجا على عرض فيلم «الأفوكاتو» للفنان الكبير عادل إمام، بسبب سخرية أحداث الفيلم من المحامين. واشتهر بخلافاته الدائمة وصراعاته مع رجال السياسة والإعلام التى وضعته خلف القضبان، ولعل محاميا شهيرا في حجم مرتضى منصور تولى قضايا كبرى لرجال أعمال ومشاهير، لم يمتلك الوقت الكافي لإدارة ناد رياضي في حجم الزمالك، وذلك وفقا لحسابات المنطق.
فرج من الرئاسة للبرلمان واستكمالا للظاهرة، فلاشك أن اسم فرج عامر حاليا له ثقله ووزنه على المستوى العام أكثر من أي وقت مضي، فالرجل بخلاف توليه رئاسة نادي سموحة السكندري، يتولي منصب رئيس لجنة الشباب والرياضة في البرلمان المصري، وهو المنصب الذي وصل إليه بفضل رئاسته لنادي أولاد الذوات في الإسكندرية ، وتحقيق طفرة إنشائية عملاقة داخله بفضل أمواله، وهو ما يجزم بأن كلمة “الرياضة” إذا ما اقترنت بأي شخص منحته ما يتمناه غيره من نجومية.
حتى وإن كان نادي سموحة ليس من الأندية الشعبية، لكنه يصنف من أندية الصفوة في مصر مثل، هليوبوليس والصيد والجزيرة، وهو ما يضيف لرئيسه كما هائلا من العلاقات. ويمتلك عامر واحدة من كبرى الشركات المتخصصة في صناعة منتجات الأغذية والألبان والعصائر، والتي لها فرع في دولة الإمارات، ويعتبر المصدّر للمنتجات الغذائية للكثير من الدول العربية، كما يتولى أيضا منصب رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري برج العرب، ورغم كل ذلك، لا يزال عامر يتمسك بمقعد رئاسة نادي سموحة، وهو ما دفعه إلى خوض معارك مع وزارة الرياضة بسبب بند الثماني سنوات.
وهناك أمثلة كثيرة مثل كامل أبو علي، رئيس نادي المصري البورسعيدي الأسبق، والذي يمتلك استثمارات كبيرة في مجال الفندقة، فضلا عن العمل في الإنتاج السينمائي من خلال شركة «الباتروس»، وكذلك يحيى الكومي، رئيس الإسماعيلي الأسبق، ويمتلك الكومي عددا من الشركات بمجالات عدة أبرزها الشركة المصرية العربية للتجارة والتوكيلات، إضافة إلى عدد من الفيلات والقصور، وكان الكومي يصرف من ماله الخاص بالملايين على صفقات فريق الكرة بالإسماعيلي..وهي المهمة التي تولاها بعده رجل الأعمال محمود أبو السعود الذي كان يدير النادي من الإمارات حيث توجد استثماراته .
هذا إضافة إلى سمير حلبية، الرئيس الحالي للمصري البورسعيدي، حيث تحتاج هذه الأندية الجماهيرية التي لا تمتلك المال، مثل المصري، الإسماعيلي، غزل المحلة وغيرها، إلى داعم من رجال الأعمال يسهم في الإنفاق على النادي، ما يجعله الرجل الأول لدى أهل المدينة التابع لها ناديه.
ويمتلك حلبية شركة كبرى متخصصة في المقاولات والأعمال الإنشائية، إضافة إلى أعمال أخرى في مجال السياحة، أما محمد الطويلة، رئيس نادي نجوم المستقبل، بنى استثماره الرياضي عن طريق شركة مياه غازية كبرى.
كما وجد بعض رجال الأعمال ضالتهم المنشودة في إنشاء الأندية، وأبرز هذه التجارب هي نادي وادي دجلة، الذي يرأسه رجل الأعمال المعروف ماجد سامي، مالك نادي ليرس البلجيكي أيضا، ويعمل سامي في مجال المقاولات والاستثمار العقاري والسياحي من خلال شركات عدة في بعض الدول. أما رجل الاقتصاد اللواء محمد عبد السلام، رئيس نادي مصر المقاصة، تولى عدة مناصب مرموقة في مجالي الاقتصاد والاستثمار، لكنه وبرغم ذلك سعى إلى خوض المعركة الانتخابية في اتحاد كرة القدم على مقعد الرئيس.
وبخلاف رئاسة الأندية، سعى العديد من رجال الأعمال إلى دخول الحقل الرياضي مثل محمود الشامي عضو مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، وثروت سويلم المدير التنفيذي للاتحاد، ومعهم رجل الأعمال المعروف الدكتور كرم كردي، صاحب الاستثمارات الضخمة في مجال تصنيع الأدوية.
نجوم الرياضة تحت القبة
وتأكيدا علي أن الرياضة، باتت أسهل الطرق، والبوابة الملكية التي تفتح الأبواب للجميع في كل الاتجاهات ، نري أنها بعد أن منحت كل الشهرة والمجد لمن مارسها رسميا، كانت سببا مباشرا في وجوده بعد الاعتزال في دائرة الضوء من خلال اقتحام العديد من المجالات مستغلا اسمه وشهرته، بل إن البعض منهم حصل علي حصانة بفعل فوزه في انتخابات مجلس الشعب “البرلمان” علي مدار كل العصور ، والحقيقة أن القائمة تطول، ونكتفي هنا بذكر عدد من الأسماء الموجودة حاليا تحت قبه البرلمان، المهندس هاني أبوريدة رئيس اتحاد الكرة الحالي، وثروت سويلم المدير التنفيذي لاتحاد الكرة، ومرتضي منصور رئيس نادي الزمالك، وفرج عامر رئيس نادي سموحة، وطاهر أبو زيد نجم الكرة المصرية السابق ووزير الرياضة السابق أيضا، ورضا البلتاجي الحكم الدولي السابق، وسمير موسى رئيس نادى الزرقا، والدكتور محمود شحاتة رئيس نادى صيد المحلة، و طارق السيد رئيس النادى الأوليمبى السكندرى.