كان اجتماع قادة قمة بريكس بمشاركة مصرية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مدينة شيامن الصينية، بمثابة منبر مهم للحوار والتعاون لمصر في مجالات عدة وبين دولها الأعضاء، حيث تمثل شراكة أقوى لمستقبل أفضل، خاصة في هذه المرحلة التي تمثل تحدى حمله على عاتقه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إعادة بناء الاقتصاد المصري، يسابق به الزمن لوضع مصر في مصاف الدول المتقدمة وبناء منصة أوسع للتعاون على جميع الأصعدة وخلق وضع جديد للتنمية المشتركة بين أسواق الدول الناشئة والنامية. جاءت مشاركة مصر رفيعة المستوى في هذه القمة تأكيدا للنجاحات الاقتصادية التي شهدتها البلاد مؤخراً وأقر بها البنك الدولي.
وتهدف قمة بريكس إلى تكوين آلية نموذجية للتعاون الدولي في شتى المجالات وليست الاقتصادية والمالية والإنمائية فقط، وقد كشفت إحصاءات صندوق النقد الدولي أن نسبة إسهامات دول بريكس في نمو الاقتصاد العالمي تجاوزت 50% وصار إجمالي اقتصاداتها يمثل 23% من إجمالي الاقتصاد العالمي مقارنة ب 12% قبل 10 أعوام. وقد جاءت مشاركة مصر في تلك القمة بعد تجاوزها الأزمات الاقتصادية التي تخلفت عن أحداث يناير 2011 ويأتي في مقدمتها ملف الإرهاب الذي طويت صفحاته بعد مواجهات شهد بها العالم من جانب الأجهزة الأمنية في مصر والقوات المسلحة والتي ضربت أروع البطولات في القضاء على المليشيات المسلحة التي وقفت خلفها دول وأجهزة استخباراتية بهدف ضرب الاستقرار في مصر وهو ما تم إجهاضه تحت توجيه رئاسي محكم. في ذات الوقت فإن هناك مجموعة رسائل حملتها المشاركة المصرية في تلك القمة أهمها تصحيح الصورة الذهنية التي حاولت قوى الشر رسمها عن مصر أمام المجتمع الدولي، وهذا يعود مرجعيته إلى التخطيط الجيد الذي وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسي داخليا وخارجيا في إدارة شئون البلاد. وقد أسفرت نتائج هذه القمة عن عدة اتفاقيات اقتصادية وثقافية وتكنولوجية وزراعية والطاقة المتجددة من شأنها الارتقاء بالدولة على هذه الأصعدة إذا أحسن تطبيقها من خلال الوزارات والأجهزة المعنية. وعلى صعيد آخر فقد أثارت زيارة الرئيس إلى فيتنام حالة من الاندهاش والتساؤل في جميع الأوساط السياسية الدولية ودوائر صناع القرار على مستوى العالم، خاصة أنها جاءت بعد قمة بريكس بالصين بكل ما تمخض عنها من الاتفاقيات المشار إليها...إلا أنه تبين أن اختيار الرئيس لزيارة هذه الدولة جاء في إطار تقييم تجربتها الاقتصادية بعد خروجها من حرب ضروس من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية أتت على الأخضر واليابس بها منذ عام 1980. وقد أشار الرئيس في كلمته التي ألقاها خلال تلك الزيارة إلى أهمية الشراكة مع الاقتصاديات الواعدة بمنطقة شرق آسيا وعن تقديره للتجربة الفيتنامية التي تمثل قصة نجاح ونموذجاً اقتصادياً متميزاً يقوم على تعظيم دور المعرفة والإبداع التكنولوجي معتمدة في ذلك على خطط دقيقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فكان التحول الاقتصادي المنضبط والعدالة الاجتماعية هما السمتان البارزتان للنمو المضطرد الذى حققته فيتنام. ويأتي ذلك على ضوء اهتمام الرئيس بدراسة جميع أسواق العالم التي تتشابه ظروفها مع الأوضاع التي تمر بها البلاد بما في ذلك ملف مكافحة الإرهاب والذى تم مناقشته خلال تلك الزيارة. .."وهنا تأتى المعادلة الصعبة": -هل يوجد لدينا الإرادة والإدارة القادرة على تحقيق هذا التحول؟ -هل الأجهزة التنفيذية الموجودة بالبلاد حاليا لديها رؤية احترافية تساير الأسواق العالمية لتترجم طموحات الرئيس في تعزيز فرص الاستثمار مع كافة الأسواق في أوروبا وآسيا؟ -هل سوف تستمر المؤسسة الرئاسية تعزف منفردة وتقاتل في توظيف جميع الإمكانات لإحداث نقلة استثمارية حقيقية للاقتصاد المصري؟ أيها السادة...لابد أن نستثمر نتائج هاتين الزيارتين بكل اهتمام واحترام. لابد أن يكون لدى الأجهزة التنفيذية القدر الكافي من الرؤى والمهارات الإدارية التي تستطيع من خلالها ترجمة طموحات الرئيس التي أعرب عنها خلال تلك الزيارة. وفى هذا الإطار فإنني أرى ضرورة تشكيل لجنة على اعلى مستوى برئاسة السيد الرئيس لتقييم نتائج الزيارة تشارك بها جميع الوزارات المعنية وذلك لسرعة تنفيذ تلك النتائج بما يتماشى مع طبيعة المرحلة الحالية التي يحاول الكثير من أعداء الوطن استثمارها لزرع الإحباط والتشكيك داخل النفوس. لابد من أن نقف بجوار الرئيس وليس خلفه لنحقق معاً ذلك الرخاء وتلك التنمية التي يهدف سيادته إلى تحقيقها ويجوب العالم شرقاً وغرباً لتحقيق تلك الأهداف.. وتحيا مصر.