أشرف عبد المنعم: التسعيرة غير المنطقية التى يضعها المذيعون لا تتلاءم مع «صفر إعلانات».. وهو سبب تخلى القنوات عنهم طارق الجناينى: القنوات تضحى بالمذيع النجم عندما ترى أن دوره قد انتهى
فى السنوات القليلة الماضية، صاحبت النجومية عددا من المذيعين الذين فاقت شهرتهم الكثير من نجوم الفن والكرة، وبلغت أجورهم حدا فاق كل التوقعات، مثل جورج قرداحى ونيشان ومحمود سعد، تامر أمين، عمرو أديب، لميس الحديدى، وشريف عامر وطونى خليفة ووائل الابراشى وغيرهم كثير، ولكن بعد سنوات من التألق والشهرة، خلت الشاشة أخيرا من طلة بعضهم بينما واصل البعض الآخر الاستمرار والتألق.
فهل تعد الأزمات المالية التى تمر بها بعض القنوات هى السبب فى ابتعاد هؤلاء عن شاشاتها، خصوصا فى ظل أجورهم العالية؟
أم أن فكرة المذيع النجم فى طريقها للاختفاء لرفض القنوات لها حتى تصبح هى النجم وليس من يعمل لديها؟ وأسئلة أخرى كثيرة حاولنا الإجابة عنها فى السطور التالية .. يقول أشرف عبد المنعم رئيس قناة المحور: المفترض أن تكون القناة هى النجم وليس من يعمل بها من مذيعين، وإن كان هذا لا يمنع علو شأن بعض المذيعين إلى مرتبة النجوم، وهو أمر أيضا يخدم القناة لأنه يساعدها فى تحقيق هدفها بكسب مزيد من المتابعين والإعلانات. إلا أنه فى ظل فوضى الإعلام خصوصا بعد 25 يناير وغياب وزارة الإعلام وعدم وجود ضوابط، أصبح المذيع يملى رغبته بشكل مبالغ فيه باعتباره النجم، وهذا خطأ لأن عنوان القناة واللوجو الخاص بها هما النجم الحقيقى .
ثقة منعدمة وعن اختفاء بعض النجوم من المذيعين يقول: الحياة متغيرة من حيث أحداثها وظروفها، ربما نجحت الأدوات والأساليب المستخدمة فى فترة 25 يناير فى ظهور بعض المذيعين، ولكن إذا تم استخدامها حاليا فلن تؤتى ثمارها، لأن الناس اختلف فكرهم والتجربة أصقلتهم وفهموا أشياء لم يكونوا على دراية بها فى 2011 . ويكفى أن الناس تعلموا، وهو ما أضعف حاليا فكرة التوك شو، بسبب اختلاف الجو العام، فلم تعد هناك أحداث مثيرة مثل أيام يناير، كما لم تعد هناك رغبة فى عودة مثل هذه الأجواء مرة أخرى، وبالتالى إذا تمسك المذيع بنفس الأساليب القديمة لن يتقبله المشاهد، وذلك لتوافر حالة من النضج لديه، كما أصبح يتمتع بقدر من الذكاء يجعله يتجنب مثل هذه النوعية. وهؤلاء المذيعون الذين إذا استعرضنا شريط حياتهم من 2010 حتى اليوم سندرك كم التناقض فى برامجهم ومداخلاتهم، على سبيل المثال نجد أحدهم تارة يشكر فى مبارك والمجلس العسكري، وتارة أخرى ينقلب عليهم، لذلك أصبحت ثقة الناس بهم منعدمة . وعن نسب المشاهدة ومدى تحكمها فى خضوع القنوات لشروط المذيع النجم يقول: لا توجد نسب مشاهدة حقيقة فى مصر، فكل هذا يعد رجما بالغيب وادعاءات غير صحيحة، خصوصا أننا أصبحنا فى عصر مختلف بأدوات جديدة بعيدة عن التليفزيون والقنوات والصحف، وعلينا أن نستوعب الأدوات الجديدة لهذا العصر، ويكفى أن أقول إن 99 % من الشباب لم يعد يشاهد التليفزيون، حيث لديه آلية أخرى مثل اليوتيوب الذى يتيح له البث فى أى وقت دون انقطاع، والدليل على ذلك أن مسلسلات رمضان حققت أعلى نسبة مشاهدات على اليوتيوب. ويرى عبد المنعم أن المذيعين النجوم يقومون بوضع تسعيرة غير منطقية لهم وغير متلائمة مع واقعهم، تجعلهم يحصلون على ملايين نظير «صفر إعلانات»، لأن الإعلانات لا تغطى تكلفتهم، كاشفا عن أن أغلب القنوات لملاك لديهم بيزنس آخر، ولو ضعف هذا البيزنس ينعكس سريعا على القنوات من حيث التقصير فى دفع المرتبات، وبالتالى فهذه القنوات ليست مؤسسات رابحة بقدر ما هى واجهة إعلامية، ينفق عليها كل رجال الأعمال من البيزنس الحقيقى الذى يربحون منه، وإذا ضعف الوضع الاقتصادى كما هى الحال الآن، وتأثرت السلعة التى يربح منها مالك القناة، ووجد أمامه مذيعا نجما يتقاضى أجرا يساوى أجر جميع العاملين لديه، فمن المنطقى أن يبتعد عنه ويقدم أفكارا أخرى أقل تكلفة تضمن للقناة البقاء والاستمرارية، خصوصا أنه لم يعد هناك رصيد كاف من الإعلانات فى ظل تعدد القنوات وانصراف المعلنين لبدائل أخرى. صاحبة السعادة من جانبه يقول المنتج طارق الجناينى: فى العالم كله هناك ظاهرة المذيع النجم، فمثلا فى أمريكا يوجد أوبرا وينفرى واحدة يقابلها 20 مذيعا ومذيعة يقدمون برنامج أخرى، وغالبا ما تكون نوعية البرنامج سببا فى نجومية مذيع، فإذا ما تركها ليقدم برنامجا آخر بطبيعة مختلفة ربما يفقد جزءا من بريق نجوميته، تماما مثلما حدث مع الإعلامى جورج قرداحى الذى حقق نجوميته من خلال برنامج «من سيربح المليون»، لكنه عندما قدم برامج أخرى مختلفة عن كاريزما برنامجه الشهير لم يحقق نفس النجاح، وبالتالى فالنجومية أحيانا لا ترتبط بالمذيع قدر ارتباطها بما يقدمه هذا المذيع . وفى المقابل هناك برامج معينة تكتسب نجوميتها ممن يقدمونها مثل برنامج « صاحبة السعادة « الذى اكتسب شهرته من قوة إسعاد يونس، وفى اعتقادى أنها إذا انفصلت عن هذا البرنامج فلن ينجح مهما كانت نجومية من سيقدمه بعدها . وينفى الجناينى أن يكون ارتفاع سعر المذيع النجم له دور فى إحجام القنوات عنه، موضحا أن التعاقد مع أى مذيع لا يتم إلا بعد القيام بعملية حسابية تؤكد أن كل جنيه يحصل عليه يستطيع أن يعيده بنجاحه، وبالتالى يكون من حقه أن يأخذ ما يريد طالما لديه القدرة بنجوميته على جلب الإعلانات لبرنامجه، مشيرا إلى أن كل البرامج ليس هدفها الربح، فهناك أوقات تكون فيها القنوات الجديدة فى حاجة لخلق شهرة كبيرة، فتتعاقد مع مثل هؤلاء النجوم، وحدث هذا بالفعل مع بعض القنوات التى ظهرت خلال الفترة الماضية والتى استطاعت أن تجعل لنفسها اسما محترما للغاية وسط قنوات تعمل منذ عدة سنوات، وذلك بسبب تعاقدها مع مذيعين غير مألوفين قدموا نوعية برامج مختلفة ودفعت لهم أجورا عالية من أجل أن يكون اللوجو الخاص بها هو الأشهر . لافتا النظر إلى أن البعض قد يرى أن ذلك يسبب خسائر كبيرة لهذه القنوات، لكن الحقيقة تقول إن هذا الخسائر المادية تكون لفترة ولكن على المدى البعيد تخلق للقنوات مجالا أوسع بين المنافسين . وعما إذا كان اسم المذيع النجم يلعب دوره فى جلب الإعلانات يقول : ربما كان ذلك صحيحا فى السنوات الماضية، فعندما مثلا ظهر جورج قرداحى لم تكن هناك قنوات سوى الأولى والثانية ودريم والمحور فقط، لكن حاليا اتسع المجال بشكل كبير، وإن قدم المذيع ما لم يعجب الجمهور مهما كانت نجوميته فلن يستطيع تحقيق شيء وسيهرب منه المعلنون، لذلك عادة ما تضحى القنوات بالمذيع النجم عندما ترى أنه قام بدور معين وانتهى .
الدراما السبب يقول الإعلامى تامر أمين: برامج التوك شو هى الأكثر ارتباطا بأسماء مذيعيها الذين حققوا لها شهرة كبيرة، بدليل أن كل هذه البرامج تقدم تقريبا نفس المادة الخبرية والمعلوماتية يوميا، الفرق الوحيد هو أسلوب المذيع وشخصيته والكاريزما التى يتمتع بها، فهى التى تجعل المشاهد يفضل برنامجا عن آخر، ويجعل القنوات تسعى لهذا المذيع النجم الذى يحظى بالمتابعين له وبالتالى فنجومية المذيع تصب فى مصلحة القناة، لأن المصلحة هنا مشتركة، والعلاقة ليست تبعية لأى منهما تجاه الآخر، بقدر ما هى شراكة، تصل بالقناة إلى ارتفاع شأنها وسط القنوات المنافسة ويزداد بريق « اللوجو « الخاص بها، وفى المقابل تزداد شهرة المذيع الذى يعمل فى قناه لها سمعة واحترام، وفى اعتقادى أنه إذا أراد طرف أن يضر الآخر فطبيعى أن يخسر الاثنان . وعن السبب وراء اختفاء بعض المذيعين النجوم يقول: أغلب الذين اختفوا كانوا يقدمون برامج يطلق عليها برامج «الحالة»، فمثلا ارتبط جورج قرداحى ببرنامج «من سيربح المليون» والذى يعد سبب شهرته، وكذلك «نيشان» الذى ارتبط بالبرامج الفنية فى رمضان وبعض المواسم الأخرى . وعما إذا كانت الأزمات المالية التى تمر بها بعض القنوات وراء تخليها عن المذيع النجم بسبب أجره العالى يوضح تامر بأن الأزمة المالية الحالية أثرت على الحالة الإعلامية بصفة عامة، وليس لها علاقة بالمذيع النجم، لأن المذيع لن يطلب أجرا كبيرا إلا إذا كان يعلم بأن القناة لديها يقين بقدرته على تحقيق ما هو أعلى من الرقم المطلوب، ولا توجد قناة تتعاقد مع مذيع وتعرف أنها ستخسر من ورائه، مشيرا إلى أن الأزمات المالية التى تعانى منها القنوات ترجع للمغالاة الشديدة فى أسعار نجوم المسلسلات خصوصا فى سباق رمضان الشرس، الذى يجعل القنوات تقوم بشراء مسلسلات بأضعاف أضعافها، مما يضعها فى مأزق مادى يتمثل فى كيفية تحصيل المبالغ المدفوعة، التى قد تصل إلى 400 مليون علاوة على ما تدفعه فى إنتاج البرامج، وبالتالى فإن البرامج ليست السبب الرئيسى فى الأزمات ولكنها الدراما التى تستولى على النصيب الأكبر من الميزانية، مما يؤثر على القناه بأكملها بما فيها نوعية البرامج حيث تكتفى بتقديم برامج عادة ما تخلو من المذيع النجم لعدم قدرتها على دفع أجره.
تصور خاطئ أما محمد هانى رئيس شبكة قنوات ال «سى. بى. سى» فيقول: نجومية المذيع أو مقدم البرامج ليست عيبا، وهى ميزة لأى مهنة تخاطب الجمهور أو الرأى العام، وقيمة مضافة للنجم والقناة معا، وإن كنت أرى أن الإعلام المصرى تجاوز مرحلة أن النجاح الخاص بالقناة يكون قائما على اسم مذيع أو اثنين، حيث لم يعد ذلك المعيار الأساسى، لنضج العملية الإعلامية على مدار السنوات الماضية تحديدا الست سنوات الماضية، حيث لم يعد الجمهور مرتبطا بسبب نضجه بقناة معينة أو شخص بذاته، فقد أصبحت احتياجات الناس وتطلعاتها من المحتوى التليفزيونى أكبر من اسم مقدم البرنامج، خصوصا مع تعدد القنوات المصرية والعربية، علاوة على أن المحتوى عموما أصبح متاحا بالنسبة للجمهور فى كل زمان ومكان، ويمكن الحصول عليه من مصادر مختلفة مثل اليوتيوب وغيره . ويتخذ هانى من قناة ال «سى. بى. سى» مثالا، حيث يقول من بداية انطلاق القناة فى 2011، كانت الإستراتيجية الخاصة بها واضحة جدا، وهى أنها ليست قناة النجم الأوحد على مستوى البرامج، ويؤكد ذلك وجود نحو 7 نجوم بها، ولا تزال القناة تسير بهذه الإستراتيجية حتى الآن، حيث تعتمد على عدد من المذيعين النجوم مثل لميس الحديدى، منى الشاذلى، إسعاد يونس، وفى العام الماضى كان هناك طونى خليفة، وذلك لأن الجمهور يحتاج إلى التنوع فى ظل المنافسة الشرسة التى نعيشها حاليا. وينفى هانى أن تكون الأزمات المالية وارتفاع سعر المذيع النجم وراء غياب بعضهم، موضحا أن هذا الغياب ليس له علاقة بأجورهم، لأن أى مذيع نجم لا يأخذ أجرا أكبر من قيمته، فهو مثل لاعب الكرة أو ممثل السينما المحترف لا يعطيه أحد أجرا الا إذا كان يعادل قيمته، ويوجد مثل مشهور عند صناع السينما المصرية يقول إن عادل إمام هو أرخص النجوم أجرا، لأن الفيلم الذى يقوم ببطولته، تغطى إيراداته أجره وتتخطاه على الرغم من كونه أعلى النجوم أجرا، وبالتالى فإن الأجر يساوى مكانة وتأثير المذيع النجم . وعن دور الوكالات الإعلانية فى اختيار المذيع النجم، يؤكد هانى أن هذا تصور خاطئ يعتقده من لا يعلم تفاصيل هذه الصناعة، وذلك لأن القناة القوية الكبيرة لا تسمح بأن يكون قرارها ليس بيدها وإلا تكون فاشلة وفى مهب الريح، علاوة على أن صناعة الإعلان لا تكون من طرف واحد، فهى صناعة متكاملة تتكون من الوكيل الإعلانى وإدارة القناة والتسويق، كل هذه العوامل تساعد على وجود الإعلان فى مكانه لائقة، ولا يتم البدء فى إضافة أى اسم للشاشة إلا بعد معرفة احتياجات السوق، وبحوث للمشاهدة، بجانب قاعدة معلومات كاملة تمكن القناة من السير فى الطريق الصحيح الذى يتمثل فى زوايا تسويقية وتجارية وفنية وإعلامية وبالتالى هى دائرة لابد أن تكتمل، ولا تعتمد فقط على الوكالات الإعلانية .
المزاج العام ولا يتفق هانى مع مقولة اختفاء بعض المذيعين ممن كانت لهم نجومية كبيرة قائلا: هناك دورات وموجات تجعل البعض يظهر ثم يتوارى وقد يظهر مرة أخرى، ويختلف ذلك من مذيع لآخر حسب شخصيته وقدرته على الاستمرار، فهناك البعض منهم يتغير وهجه ونجوميته بتغير المزاج العام والظروف الاجتماعية، وهناك من لمع يوما ثم انتهى لأنه لم يعد قادرا على الاستمرار، وكم من مذيعين اختفوا لفترة وعادة بقوة بعد ذلك، وفى كل الأحوال لابد لمقدم البرامج أن يحافظ على لياقته الإعلامية وعلى تطوره إذا أراد لنجوميته الاستمرار .