الشرع يمنح الزوجة الحق فى إنهاء العلاقة دون اللجوء إلى المحاكم الجيل الجديد يعامل المرأة بشكل سيىء لأن هذا ما وجدوا آباءهم عليه
جاءت نشأته فى بيت صعيدى تقدمى، يعامل فيه الأب بناته كأبنائه الذكور وربما أفضل، بذرة أولى فى تكوين شخصيته ونظرته للمرأة كزوجة وأم وأخت وشريك فى المجتمع، توجه إليه الكثير من الانتقادات لاستماتته فى الدفاع عن المرأة ربما أكثر من المرأة نفسها .أصبحت صفحته على الفيس بوك تجتذب مئات الآلاف من الشباب والفتيات والرجال والنساء الباحثين عن صيغة ما للتوافق، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الحياة الزوجية وفهم الآخر. إنه وليد خيرى الكاتب والسيناريست وعضو لجنة التعليم بالمجلس القومى للمرأة... الذى التقته «الأهرام العربي» وكان الحوار التالى:
تعد أحد أهم المدافعين عن حقوق المرأة فى الوطن العربى حاليا.. ما سبب تبنيك لتلك القضية؟
نشأت فى منزل يحترم المرأة، حيث لم يكن أبى يفرق بين أبنائه الذكور والإناث بأى شكل من الأشكال، وبالعكس كان يميل لإخوتى البنات أكثر ويحترمهن جدا على الرغم من أصوله الصعيدية. بعدها عندما بدأت فى القراءة، خصوصا الكتب التاريخية، اكتشفت أن معيار تقدم الأمم هو معاملة المرأة، ففى العصور المظلمة (الوسطى) كانت المرأة فى أوروبا تعامل معاملة قاسية ومهينة جدا. بينما كان احترام المرأة فى عصور أخرى ومجتمعات أخرى جزءا أصيلا من المدنية والتقدم والتحضر.
ما الحقوق التى ترى أن المرأة فى مجتمعنا ما زالت محرومة منها؟
لقد صعقت عندما علمت أنه حتى الآن هناك من يمنع عن المرأة حقها فى الميراث، وهم ليسوا من الجهلة حتى نعطى لهم عذرا. بل إنهم ممن ينتمون إلى المستويات العليا والمتعلمين. كما أن معظم النساء فى مصر لا يمتلكن زمام أمورهن، فلا يمكن مثلا أن تقرر أن تكمل تعليمها بالخارج. لها مواعيد محددة فى الخروج من المنزل والعودة له على عكس الولد. أيضا ما زلنا نعانى من فكرة التعامل مع الأنثى على أنها كائن ناقص لا يستطيع التمييز أو ساذج يسهل خداعه، وأنها تحتاج للرعاية الدائمة.
ما مفهوم حرية المرأة لديك؟
المرأة ينبغى أن يكون لها القدر نفسه من الحرية مثل الرجل، وأن تتولى مختلف المواقع القيادية وفق كفاءتها. وللأسف ما زالت المرأة لا تستطيع تولى بعض المناصب، برغم أنها علميا تستطيع أن تتميز أكثر من الرجل فى المواقع القيادية، لأنه يمكنها أن تركز فى أكثر من شيء أو مهمة فى الوقت نفسه، على عكس الرجل الذى يركز فى شىء واحد فقط. وعلى المستوى الشخصى من حق المرأة أن تخرج من العلاقة الزوجية وقتما تريد، دون اللجوء للمحاكم وقضاء سنوات طويلة، تقدم خلالها العديد من الأدلة والمبررات، وهذا اقتداء بالرسول عندما قال لامرأة أرادت الطلاق ردى عليه حديقته، وتم الطلاق بمجرد إرادة المرأة فقط، لأن الحياة فرصة واحدة غير قابلة للتكرار. فيجب أن نستغلها جيدا فلا نستطيع أن نعيشها باختيارات خاطئة أو مؤلمة.
هل تعتبر قسوة الظروف الاقتصادية شكلا من أشكال إهانة المرأة؟
الإهانة هى إجبار المرأة على مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة وحدها، والعمل بجانب أعمال المنزل والاهتمام بالأطفال .لقد أظهرت أخر الإحصائيات أن أكثر من 37 % من الأسر المصرية تعولها سيدات، فالظروف الاقتصادية الصعبة حملت النساء فوق طاقتها.
أعرف أمهات تتعلم لغات ومهارات جديدة، حتى تستطيع أن تذاكر لأبنائها، فأصبحت تتحمل أعباء مرعبة، عكس الرجل الذى بمجرد عودته من العمل يعتقد أن مهمته انتهت، فتلك هى أصعب مرحلة تمر بها النساء. بالإضافة إلى تطوع النساء بأداء العديد من الأدوار حتى تحولت إلى فرض عليها «فالعطاء المطلق مفسدة مطلقة» . وهو ما يحدث عندما يفقد الرجل إحساسه بالمسئولية، وهنا أقصد الذكر أو أشباه الرجال الذين يسيئون بأفعالهم لقوامة الرجل .
كيف تعالج قناعاتك من خلال كتباتك؟
فى بعض الكتب أكتب بوضوح تام الفكرة التى أريدها، مثل كتابى الأخير « الخاين العميل» أو تكون فى ثنايا الكتاب لكى يستخلص القارئ بنفسه الفكرة ويفهمها دون أن يشعر أنه أنا من أوجهه لهذا. فمثلا فى مجموعتى القصصية كتبت قصه بعنوان «تمجيد قيم العائلة « تحكى عن امرأة زوجها يهينها لكن لا تستطيع طلب الطلاق بسبب قيم عائلتها.كما قدمت نموذج»جدتى» رحمها الله فى كتاب « السيرة الأبوية « عندما قام جدى بضربها مرة فى المنيا، فقامت بعمل محضر له وتمت محاكمته لكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة قبل أن ينفذ الحكم، واتفقت معه على التنازل عن المحضر فى مقابل أن تبقى زوجته على الورق.
المركز الثقافى الذى قمت بإنشائه.. هل كان الهدف منه مساعدة الأشخاص على حل مشاكلهم العاطفية؟
عندما أنشأت المركز تحت شعار « الحاجات الحلوة المتأجلة « لم يكن لمساعدة الأفراد على حل مشاكلهم النفسية والعاطفية فقط، لكن من أجل التعلم أيضا مثل مبادرة « اتعلم مع طفلك «، لخلق لغة حوار جديدة بين الآباء والأبناء من خلال تعلم الرسم أو اللغات.
كيف ترى وضع المرأة فى مصر؟
قمت بعمل أفلام تسجيلية قصيرة عن أوضاع المرأة فى كل محافظات مصر تحت اسم «وصف مصر»، وكانت المفارقة واضحة جدا بين وجه بحرى والصعيد. ففى الصعيد تجلس المرأة بالمنزل ويظهر الرجل دائما بوصفه صاحب القرار بينما فى الحقيقة شخصية المرأة الصعيدية قوية جدا، ولديها سيطرة كبيرة على الجميع وتشارك بقوة فى صنع القرار. فى محافظة الشرقية رأيت موقفا أثار دهشتى لسيدة تقوم بدفع الحساب لسائق عربة النقل وزوجها يقف بجانبها لم يتحرك له طرف.كما رأيت سيدات تعملن فى أعمال البناء «فواعلية» .
كيف أثرت تجربتك فى الطلاق على حياتك وأعمالك؟
أفادتنى كثيرا تلك التجربة بالرغم من تعرضى للانتقادات. فالبعض يقول كيف تتحدث عن العلاقات الناجحة وكيفية إدارة العلاقات وأنت مطلق. لكنى مررت بالتجربة كلها، وكما يقولون ليس من رأى كمن سمع. فأنا أتحدث لأنى رأيت المميزات والعيوب فى التجربة، وحتى لو لم تنته بنهاية سعيدة فإننى أصبحت واعيا بصورة أكثر. أعتقد أن الزواج والطلاق شىء طبيعى، لأنه يجب ألا تنتهى كل تجربة فى الحياة بالنجاح، فكما يوجد مكسب يوجد خسارة لكن المجتمع يعطى الخسارة أكبر بكثير من حجمها الطبيعى. وللأسف نحن نفتقد إلى أخلاق النهايات فوحدة قياس أخلاق أى شخص تكون عند الاختلاف.
توجه إليك العديد من الانتقادات بسبب أسلوبك المبسط فى الكتابة.. ما ردك عليها؟
أتعمد الكتابة بلغة بسيطة على الفيس بوك لأننى أعتبره مثل كافيه فى المهندسين، فلن أكتب به آراء فلسلفية كما أفعل فى أعمالى الأدبية. ما يدهشنى أن معظم الهجوم على يأتى من صغار السن (من 16 ل 20 سنة) وكنت أعتقد أن الجيل الجديد أكثر تفتحا، لكننى اكتشفت أن معاملتهم للمرأة أسوأ حتى فى مصطلحاتهم التى يستخدمونها لوصفها. وفى تجربة تليفزيونية استضفنا خلالها ثلاثة شباب من أعمار مختلفة، وجدتهم جميعا يكررون الكلام نفسه بأنه يجب استخدام أساليب الترهيب والصراخ المستمر وفرض السيطرة على المرأة، فاكتشفت أنه يوجد إجماع على التخلف، وأن الجيل الجديد ليس متفتحا كما كنت أعتقد، وأن المشكلة الأساسية فى طريقة تربيتهم لأنهم قد رأوا آباءهم هكذا فورثوا هذا عن آبائهم.
كيف تربى ابنك على احترام المرأة؟
علاقتى بمهند ابنى عظيمة ولا أغضب منه إلا فى حالة واحدة فقط وهى عندما أشعر أنه مقصر مع والدته أو أخته أو أنه أغضب والدته. كما أوصيه برعاية أخته الصغيرة من والدته وأقول له بوضوح شديد، إنه إن لم يرعها فمن سيرعاها غيره، وأتحدث معه ومع أخواته كل يوم فى الهاتف حتى يشعر أنه لا يوجد فرق بينه وبينهن، وحتى أى شيء يضايق والدته تتحدث معى لكى ألفت نظره إليه وأخبره بأن والدته وأخته هما خط أحمر فى حياته لا يمكن أن يتعرض لهما حتى لو بكلمة. وأوصيه أن يقبل يد ورجل والدته كما يرانى أفعل مع والدتى . كيف نعلم الفتاة من صغرها أن تحافظ على حقوقها؟
نعلمها أن تقول لا لأى شيء لا تريده، وأن تصمم على رأيها. وأعتقد أنه من الأخطاء التربوية الشائعة أنه يجب أن يقول الأبناء حاضر لأى شيء يريده الآباء. وإلا فإننا سنكون أمام إنسان ساذج يستحيى من أن يقول لا لأى شخص أو أى شيء بحجة الحياء.
يجب أن تبدأ كل امرأة بنفسها، وأن تتخلص من الخوف، فالخوف يشل إرادة الحياة والفوز بالحياة لذة ولن يفوز باللذات إلا كل مغامر. فلو كانت فى علاقة غير مريحة عليها ألا تخاف وتقول إنها لا تريد أن تكمل، أو أن تضع النقط على الحروف ولا تقدم سلسلة من التنازلات، لأن التنازلات لا تغير الإنسان أو تجعله يقدر، لكن سيشعر أن التنازل هو شيء طبيعى، وقدمت هذا فى مقال تحت عنوان «كفاية تفانى يا تهانى». وعليها بدلا عن ذلك اللجوء إلى أسلوب المقايضة، أى أن تفعل ما يريده مقابل أن يعطيها ما تريده هى أيضا فيصلا إلى حل يرضى الطرفين.
لا بد من ثورة على تقاليد المجتمع فمثلا ما المشكلة أن تصل المرأة إلى سن الثلاثين من دون زواج, فهى لم تجد الإنسان المناسب بعد. أو أن تكون مطلقة دون أن يكون هذا اللقب سُبة فى جبينها . إن مجتمعنا عنصرى فى إطلاق المصطلحات والتعبيرات، فالمرأة عانس والرجل أعزب فهو أعزب بإرادته وهى مجبرة أن تكون عانسا والمرأة تكون مطلقة والرجل أب أعزب فهى تعبيرات تبعث على الإحساس بالدونية فلماذا لا نقول منفصلة بدلا من مطلقة، ولماذا عندما تتزوج المطلقة تحصل على حقوق أقل، وحتى أهلها يعاملونها كأنها مريضة كوليرا.
للأسف التوجه العدائى للمرأة قاده عدد من كبار الكتاب أمثال: توفيق الحكيم - العقاد – أنيس منصور – أحمد رجب؟
من الأشياء المفجعة أن معظم الذين قادوا حركة التغيير للمرأة، لم يكونوا مؤمنين بالفكرة مثل هدى شعراوى التى أجبرت ابنها على طلاق زوجته، لأنها لم تكن من نفس المستوى الاجتماعى. وكاتب مثل العقاد وهو مثقف جدا كان كاره المرأة ولم يتزوج. وتوفيق الحكيم كانت معظم كتاباته ضد المرأة.
ودائما ما أقول إن مشكلة الرجال الذين يهينون زوجاتهم هى مشكلة أمهات، بمعنى أنه لو تمت تربيته من الأساس أنه وأخته سواسية ولو أخطأ فى حقها يعتذر لها، فإنه لن يستطيع إهانة أى امرأة بعد ذلك.