الإعلامى أشبه بحامل الراية فى الحرب يتلقى الضربات وهو ممسك بعلم بلاده وسائل التواصل أصبحت مصدرا للشائعات فى مصر
يعد الدكتور حسين أمين، أحد رواد العمل الإعلامى الفضائى فى مصر والمنطقة العربية، وهو يشغل حالياً منصب رئيس مركز أدهم للصحافة التليفزيونية والإلكترونية، وسبق له أن شغل عدة مناصب مهمة أبرزها رئيس قسم الصحافة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وعضوية اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وفى حديثه ل (الأهرام العربى) شدد على أهمية أن تقوم الدولة بتنظيم الإعلام، لأننا نعانى من الإرهاب، والأمن القومى له الأولوية، وهو أمر متبع فى الدول الكبرى مثل أمريكاوروسيا، مشيراً إلى أن الصحف الورقية ستختفى فى مصر عام 2030 بسبب ارتفاع التكلفة وأن المستقبل للصحافة الإلكترونية.. وإليكم نص الحوار :
كيف ترى خطوة تشكيل الهيئات الإعلامية؟
أعتقد أن إيجاد المجالس وتشكيلها برغم صعوبته أمر إيجابى يحسب للقائمين على الإعلام، وهى توليفة ليست سهلة، فتشكيل المجالس أمر صعب، وأن يعمل أعضاء المجالس معا بعد ذلك أصعب، ولا بد من وجود انسجام فى الآراء، ويتطلب الأمر وجود خبرة لدى أعضاء المجالس، وفى نفس الوقت القدرة على استشراف المستقبل فى مجال الإعلام، ولقد بدأنا فكرة إيجاد مجالس عام 1999 على أساس إيجاد تنظيم للإعلام، وتم الهجوم على الفكرة وقتها، والبعض يتصور حاليا أن الهيئة العليا للإعلام هى بمثابة وزارة للإعلام وهو تصور خاطئ، وأيضا لابد أن يلزم المجلس الأعلى كل مؤسسة إعلامية بوضع مدونة سلوك وكتاب إرشادات، فهذا جزء من عمله، وعليه بعدها مراجعة عمل تلك المؤسسات فى إطار مدونة السلوك لعلاج أى خروج عن تلك المدونة، وهو تنظيم جديد مختلف عن كل النظام القديم للإعلام .
هل يقتصر دور الهيئة العليا للإعلام على متابعة الأخطاء التى تحدث فى المسلسلات فى شهر رمضان فقط؟
هو جزء من عملها، وقد أملى الحدث السنوى شروطه على الهيئات، وزادت الفوضى فى بعض مسلسلات وبرامج رمضان وزاد الخروج عن الأكواد المهنية والأخلاقية، كما زاد أيضاً طغيان الإعلانات وزادت المحتويات التى لا تلائم الأطفال، لجميع القنوات حتى يتم تصحيح محتويات المسلسلات غير الملائمة لجميع الفئات العمرية، وأيضا طول الفقرة الإعلانية أمر غير مقبول، وكل الدول تنظم هذا الأمر، فلابد من احترام حرية وحقوق المشاهدة.
البعض يلجأ لمشاهدة المسلسلات على مواقع الإنترنت بدلا من التليفزيون للهروب من طول الفترات الإعلانية فهل سيؤثر هذا التوجه على سوق الإعلان فى التليفزيون؟
هذا سيحدث ولكن ليس الآن، لا يزال العديد من المشاهدين لا يستخدمون التابلت أو الكمبيوتر، وعندما تصبح الاتصالات كالكهرباء يصبح المنتهى هو الإنترنت، وسيحدث هذا فى خلال السنوات المقبلة، لكن حتى الآن ونظرا لوجود نسبة أمية وعدم قدرة على استخدام الكمبيوتر فسيستغرق الأمر 10 سنوات طبقا للأبحاث.
هل ترى أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت وسيلة إعلامية؟
وسائل التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك وتويتر، هى جزء من الخريطة أو المشهد الإعلامى سواء أردنا أم لم نرد، ولا نستطيع الاكتفاء برفضها، بل علينا التعامل معها، وأن نرى المرجعيات التى تساعدنا على التأثير فيها وجعلها إيجابية بنسبة أكبر من النسبة السلبية الموجودة حاليا، والسؤال هو هل نحن قادرون على هذا؟ وقد تعرضت دول أخرى لنفس الموقف الذى نحن فيه حاليا، ونحن نعرف أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت مصدرا أساسيا للشائعات حاليا فى مصر، ويمكن أن نرد على هذا الشائعات لكن يجب ألا نغفل التخوفات من أن مصر أصبحت تحوطها دول بها حروب أهلية أو تغيرات أساسية ولدينا نوع من التحفظ على ما يحدث بها.
وعلينا أن ننظر فى تجارب الآخرين مثل فرنساوأمريكا التى كان بها قانون (الباترويت أكت) ثم تحول لقانون المعلومات، ويختص بالتعامل إعلاميا عند حدوث عمليات إرهابية، ولا يتم ترك الأمور إعلاميا فى حالة حدوث انفجارات أو أحداث إرهابية، ولكن فى روسياوالصين وأوروبا وغيرها، فلا يتم الاستهتار بالأمن القومى، وهو الأولوية الأولى ثم يتم الحديث بعدها عن الحريات، وهناك تشويه للحقيقة حاليا والتظاهر كأنه لا يوجد خطر حول مصر بسبب اشتعال المنطقة والعمليات الإرهابية والحرب على الإرهاب، وهناك تأجج فى وسائل التواصل الاجتماعى لادعاءات وافتراءات، ولابد من أن يكون لدينا شباب واعٍ يتم استخدامه للرد على تلك الادعاءات على وسائل التواصل الاجتماعى، وهو ما فعلته الصين مثلا، والبعض يدعى المعرفة أو ينشر بدون قصد شائعات.
هناك حديث عن وجود كتائب إلكترونية تتبع جهات وتروج لأفكارها؟
ربما يكون هناك ولكنها ليست معممة، وأريد أن أوضح أن هناك فرقا بين التنظيم والرقابة، فالتنظيم هو وضع أسس مرجعية واضحة المعالم، أما الرقابة فهى التدخل فى المنتج نفسه بغرض سياسى أو غيره.
ما تأثير وسائل التواصل الاجتماعى حاليا على وسائل الإعلام التقليدية؟
تأثيرها حتى الآن إيجابى إذا نظرنا للأمر من منطلق استخدامات الإعلام التقليدى لوسائل التواصل، وهناك نوع من التعامل والتبادل بينهما، وهو أمر جيد، والإعلام التقليدى هو العمود الفقرى للمعلومات، ولا يزال الإعلام التقليدى هو الأساس للمعلومات، وهو الرابط الأساسى لمخاطبة وعى الجمهور فى المجمل وليس المطلق.
ربما الخدمة التى يقدمها الإعلام التقليدى ليست على المستوى الذى يريده الجمهور، ولهذا يلجأ لوسائل التواصل الاجتماعى؟
التطوير جزء من الحياة العملية لأى مؤسسة سواء صحفية أو طبية أو غيرها، هذا أمر مفروغ منه، لكن التطوير لن يحدث بمفرده، فلا بد من تدريب مستمر، وأحب أن أشبه الإعلاميين والصحفيين المطورين بأنهم مثل حاملى الراية فى الحروب، فحامل الراية لا يملك سلاحا ويقف أمامه جيش مسلح، وهو أول المتقدمين يحمل رايته أو علم بلاده، ويتلقى الضربات وهو ممسك برايته.
كيف ترى قرار حجب بعض المواقع الإعلامية أخيرا فى مصر؟
فى الإطار التنظيمى لكل دولة هناك حجب للمواقع وليس حجبا للحريات، وهى مسألة تنظيمية، ومصر تعانى حاليا من الإرهاب، وهو وضع يحتاج لتنظيم الإعلام، والدولة إذا استشعرت وجود خطر قد يشعل فتنة طائفية أو انقساما شديدا أو صراعات داخل المجتمع فعليها أن تتدخل، وبعض الدول تطبق نظام التحذيرات للمواقع كخطوة أولى ثم تبدأ فى حجبها وإغلاقها، هو نظام مطبق حتى فى أوروبا وأمريكا.
هل ترى أن الصحف الإلكترونية ستقضى أن على الصحف الورقية؟
أتمنى ذلك، فنحن لا ننتج الورق فى عصر الإنترنت، وكل القراء تقريبا قادرون على التفاعل مع الإنترنت، وما زالت المؤسسات الصحفية لم تتخذ الخطوات الإجرائية الكاملة للتحول إلى منصة تتعامل مع الإعلام كمنطلقات تفاعلية فى كل أنحاء العالم، وشراء الورق يكلف الدولة والمؤسسات الصحفية فى مصر مبالغ طائلة، والواقع يقول إن توزيع الصحف الورقية قل بدرجة ملحوظة، وبالتالى ستختفى فى المستقبل القريب .
لكن فى دول آسيوية مثلا ارتفعت نسب توزيع الصحف الورقية بعد تطوير الأداء الصحفى بها؟
قارة آسيا تصدر الورق لجميع أنحاء العالم، لكن المنطقة العربية تستورد الورق نظرا للطبيعة الجغرافية الصحراوية، وبالتالى فالورق مكلف وإصدار الصحف الورقية لم يعد أمرا اقتصاديا مفيدا، وحتى لو استطاعت الصحف زيادة التوزيع فستستمر فى الخسارة بسبب أسعار الورق والأحبار، فى حين أن العالم تغير وهناك صحف إلكترونية غير مكلفة، وصحف ورقية عديدة فى أمريكا تحولت إلى الصحافة الإلكترونية
إذن متى سيتم فى مصر مثلا انتهاء عصر الصحف الورقية؟
أتصور فى عام 2030 ستنتهى تقريبا الصحف الورقية فى مصر، وربما يتم ذلك بعدها بسنوات، والمهم أننى لا يجب أن أعوم ضد التيار، بل أطور الكوادر وأخذ مكانتى فى العالم كله فى الصحافة الإلكترونية.
هل انتهى منصب وزير الإعلام فى مصر؟
هناك مدرستان إحداهما ترى أن هذا المنصب مطلوب بشدة ليكون المنظم للمسائل بالنسبة للاتجاه العام فى البلد والتنسيق بين الهيئات حتى لا يحدث تضارب، ومدرسة أخرى ترى أنه لا احتياج لوزير الإعلام، والمهم أن يكون هناك تنسيق وتعاون بين الهيئات الإعلامية الثلاث، وتُمارس عملها بعمق.