التدخل الإيرانى فى اليمن لا يُقارن مطلقًا بمستواه فى سوريا لم يبدأ الصراع بين صالح والحوثيين بعد..وعوامل التقارب بينهما أكثر من أسباب التباعد
منذ شهور ونحن نقرأ عن نشوب خلاف بين الحوثيين والرئيس اليمنى المخلوع "على عبد الله صالح" ، فما حقيقة هذا الخلاف؟، وما الوضع فى اليمن؟ وإلى أين ستصل تلك الصراعات الدائرة؟.. كل هذا يحلله لنا د. معتز سلامة رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام.. فى الحوار التالي: بم تعلل عدم الاهتمام الدولى والعربى بأزمة اليمن؟ هذا يرجع لوجود قدر من الإجماع العربى حولها، خلاف الوضع فى سوريا التى تشهد خلافات عربية كثيرة جدًا مع دول الإقليم، ومع إيران، واليمن لها أهمية مركزية ومحورية كبيرة، فهى تقع جنوب المملكة العربية السعودية، ولها تأثير مباشر على الأمن القومى السعودي، وبالتالى، كل الدول العربية تتراجع إذا كان لها موقف معين صريح وواضح فلن تتصادم مع المملكة العربية السعودية من أجل ذلك، هناك توافق عربى – عربى فيما يتعلق باليمن عنه بما يتعلق بسوريا، أو عنه فيما يتعلق بليبيا مع العالم، أما بالنسبة لليمن فقد شاركت عدد من الدول العربية فى التحالف العربى باليمن، ومصر ضمن هذا التحالف مع دول الخليج كلها –تقريبًا- وبالتالى ليس هناك صراع عربى – عربى بشأن اليمن، حتى إذا كان هناك خلاف أو اختلاف فى وجهة النظر، لا يظهر كصراع فى مؤشرات عدائية أو اختلاف واضح مع المملكة العربية السعودية، وإنما يجرى تبادل وجهات النظر فى الأروقة المختلفة لصناعة القرار، ولكن لم يُطرح كقضية صراع فى المنطقة، حتى على المستوى الإقليمى التدخل الإيرانى فى اليمن لا يُقارن مطلقًا بمستوى التدخل الإيرانى فى سوريا، أيضًا فيما يتعلق بالتنازع الدولى على اليمن، لا يقارن بالتنازع الدولى حول سوريا. هل الفقر هو سبب عدم الاهتمام بالأزمة اليمنية؟ لا.. ليس الفقر سبب عدم الاهتمام كما ينبغى بالقضية اليمنية على المستوى العربى والدولي، سوريا أيضًا دولة فقيرة، وإذا كان اليمن فقيرًا فهو فى موقع إستراتيجى فريد، وقواعد «اللعبة» فى اليمن صعب أن تهتز، مصالح القوى العربية والإقليمية والدولية محددة وواضحة، وبالتالى كل الأطراف الإقليمية تحترم وجود طرف عربى سعودي، تحترم الوجود المصري، حدود إمكانية التدخل الروسى فى اليمن مختلف تمامًا عن إمكانية تدخله فى سوريا، اليمن ليس منطقة نفوذ لروسيا، لكن سوريا منطقة نفوذ لروسيا، وأيضًا منطقة نفوذ لإيران، وسيطرة الدول الغربية فى اليمن محدودة، فالولايات المتحدةالأمريكية كان لها نفوذ فى اليمن لسنوات طويلة فى الحرب ضد تنظيم القاعدة ، واليمن بلد عربى ينتمى للمصالح العربية أكثر. كيف ترى الخلاف بين «على عبد الله صالح» والحوثيين؟ الخلاف بين «على عبد الله صالح» والحوثيين لن يؤدى إلى صراع كبير بين الطرفين، لا تزال هناك عوامل تماسك بين صالح والحوثيين أكثر من عوامل الخلاف، فلديهما خلاف فى وجهات النظر، وربما يرغب أحدهما أن يزيح الآخر فى لحظة ما، لكن هذه اللحظة لم تأت بعد، قد تأتى حين يتمكن أحد الطرفين من إجراء تسوية منفردة مع المملكة العربية السعودية، إذا استطاعت السعودية أن تجذب الحوثيين سيصبح «على عبد الله صالح» مصدر صراع مع الحوثيين، فهنا يحدث الصراع بينهما، والعكس، أما الآن لم يبدأ الصراع بين صالح والحوثيين. ولن تشهد الأوضاع فى اليمن أيضًا تسوية سريعة، ربما تستمر الأوضاع، يخف الصراع فى لحظة ما، ثم يشتعل فى لحظة أخرى ليخفت من جديد، يصعب القول إننا على مشارف تسوية سلمية فى اليمن، أو أننا على مشارف حسم عسكري، فأطراف الصراع مازالت لديها القوة والإمكانية فى الاستمرار فى الصراع، وليس هناك حسم عسكرى حتى الآن، المناطق المركزية فى اليمن، التى يمكن التحالف العربى يدعى أو يقول إنه حقق فيها انتصارا، لا تزال حتى الآن تحت سيطرة الحوثيين وصالح، وهى صنعاء على وجه التحديد، وأيضًا مناطق الجنوب لا يعطى القول بأنها خرجت تمامًا، أو تمكن التحالف العربى أو تمكنت القوات الشرعية للرئيس الحالى «عبد ربه منصور هادي» من الاستيلاء عليها تمامًا، ولا يزال بها أعمال عنف وإرهاب، لم تستقر تمامًا بعد، وفى ظل هذه الأجواء لا يمكن أن يقال إن هناك حسما عسكريا على الأبواب، أو تسوية سلمية على الأقل. وما دور جامعة الدول العربية؟ بالنسبة لجامعة الدول العربية يُؤخذ عليها أنها ليست سريعة الإدراك فيما يتعلق باحتياجات أطراف الصراع اليمني، فى اعتقادى أن التحالف العربى والجانب الخليجى والمملكة العربية السعودية ربما فى حاجة الآن إلى موقف عربى أكبر لمبادرة عربية، فإذا طرحت جامعة الدول العربية مبادرة لحل الأزمة اليمنية تستطيع أن تتواصل مع جميع الأطراف، وأن تضعهم فى مسئوليتهم، بأن الصراع الممتد ستخسرون فيه الكثير، وسؤالهم: هل أنتم ترغبون فى إقامة علاقات مع إيران؟ أم تريدون أن تضمنوا «يمن» جديد عضوا فى مجلس التعاون الخليجي، المبادرة فى هذا الأمر، ممكن أن تكون قوية وتبحث من جامعة الدول العربية وتتواصل مع أطراف الصراع بشكل مباشر، بالتأكيد أن عبد الله صالح ليس هو الرئيس الخيالي، هو رئيس حكم اليمن 30 عامًا فهو رجل التسويات، رجل الدبلوماسية وإلى حد ما يفهم لغة المصالح جيدًا، لذلك فإن علامة الاستفهام الكبرى هى غياب مبادرة عربية محترمة تُقدم من خلال جامعة الدول العربية، ودول عربية كبرى مثل: مصر والجزائر وأطراف دولية، وهذا مهم جدًا. وهل ستجد هذه المبادرة صدى من الأطراف المختلفة؟ إذا كانت المبادرة موضوعية وجيدة بالطبع ستجد صدى واسعا للموافقة عليها وتنفيذها، وليس أفضل من الجامعة العربية. أعتقد أن أحمد أبو الغيط رئيس الجامعة رجل ذكى يحاول أن يفتح ثغرات جديدة فى الواقع العربى الفترة الأخيرة.